المثقف العربي يدرك تماماً أن القنوات الفضائية العربية بمجملها غير قادرة على إنتاج مسلسلات وبرامج عربية للأطفال وما يشاهده الأطفال العرب مستورد ومدبلج وهذا ينذر بوضع كارثي للأجيال القادمة. وللإجابة عن السؤال المطروح هل القنوات العربية قادرة على وضع برامج ومسلسلات عربية لتثقيف الطفل ووقايته من المعلومات والمواد التي تضر بتنشئته.. «صحيفة الجمهورية» تستطلع آراء عدد من المختصين والأكاديميين. تطوير مجتمع الطفولة الأستاذ عبدالوهاب محمد العاقل قال: الواقع أن القنوات الفضائية العربية عاجزة بمجملها عن إنتاج مسلسل واحد للأطفال وهناك في واقع الحال سيادة للأفلام المستوردة والواقع أن الأمر مفزع.. ففي اتفاقية حقوق الطفل العالمية نص يشدد على وقاية الطفل من المعلومات والمواد التي تضر بصالح الطفل ولو نحن طبقنا هذا النص على الحالة العربية لاكتشفنا أن الأطفال العرب في وضع كارثي.. إنهم أقرب مايكونون من حالة التحطيم المتعمد للذات والأجيال القادمة فلماذا لا نعمل على تطوير مجتمع الطفولة العربي عن طريق الكلمة والصورة والإعلام الحديث وهذه ضرورة ماسة لوجودها. مايشاهده الأطفال مستورد ويقول الأستاذ حسين قضة: فعلاً هناك قنوات تلفزيونية عربية كثيرة غير قادرة على إنتاج مسلسل أطفال وإن 59% مما يشاهده الأطفال العرب مستورد ومدبلج وموجه وإن الأطفال العرب معرضون لضخ هائل ببرامج ليست مناسبة لهم وبالتالي فإن 400ساعة تلفزيونية في السنة يشاهدها الطفل العربي هي في واقع الحال ليست له ولا ينبغي أن تكون له وبالتالي رغم إدراكي للتقصير الهائل في مجال إعلام الأطفال العرب فقد أدهشتني هذه المعلومات الصادمة. على صعيد اعلام الطفل استاذ حسين قضة ما المطلوب أن تعمله القنوات التلفزيونية العربية؟ المطلوب على صعيد إعلام الطفل هو أن ننتج برامج عربية خاصة بالأطفال والحديث هنا ليس عن برامج معقمة أو أفلام كارتون عن الصراع بين القط والفأر أو الأرنب والثعلب بل عن سلسلة متكاملة من البرامج حتى الحوارية التي تسمح للأطفال العرب ولأول مرة بالتعبير عن ذواتهم ومناقشة قضايا الصحة والسلامة والتكنولوجيا والرياضة والعلوم... الخ.. وحسب الاحصائيات التي يجري تداولها اليوم هناك 80مليون طفل عربي دون سن العاشرة و61مليون بين سن الحادية عشرة والسادسة عشرة أي إن هناك جمهوراً افتراضياً لأي قناة جيدة للأطفال حجمه 69مليون طفل. علاقة ثقافة الطفل العربي أستاذ عبدالوهاب تكرر طرح السؤال حول ما يعرفه الطفل العربي عن ثقافته ماتعليقك: حقيقة هناك دراسات ترى أن كل التقديرات تشير إلى أن علاقة ثقافة الطفل العربي بالثقافة العربية تشير إلى ماهو قليل وركيك وغير فعال فضلاً عن غياب التواصل بين الأطفال العرب والواقع أن على الأطفال العرب أن يتعرفوا على أنفسهم وعلى بعضهم فإذا كنا في طفولتنا ندرس طه حسين وإيليا أبوماضي وبطرس البستاني فإن على الجيل الجديد أن يدرس شعراءه وكتابه وأن يتبادل معارفه من علاقات فيما بين أطراف هذا الجيل. الثقافة المتصلة ترى هل سيتمكن الأطفال العرب من أن يتشكلوا كجسم متصل فيما بينهم رغم الفوارق في اللهجة؟ لابد من التفكير بالأمر على هذا النحو على الأطفال العرب ألاّ يكونوا يمنيين وحسب وسوريين وحسب ومغاربة وحسب عليهم أن ينالوا ثقافة متصلة تجعل منهم عرباً وأن يكون لقاؤهم مبنياً على هذه الرابطة فإذا كانت الأعراف الأوروبية العديدة واللغات المختلفة قد تمكنت من تجاوز كل أسباب الخلاف لتقيم أوروبا الموحدة فحري بنا نحن العرب ولدينا لغة واحدة وثقافة متصلة أن نواصل تشكلنا كأمة واحدة رغم كل المعوقات والمصاعب الرهيبة التي تعترض وجودنا المشترك. فالقناة العربية للأطفال جزء من مشروع يشكل أملاً كبيراً وهو بحاجة لجيل من المتفائلين الكبار كما هو بحاجة للأيدي الصغيرة والعيون اللامعة والعقول المتقدة لأطفالنا عمل كهذا هو ببساطة إجابة عن أسئلة بسيطة مثل هل نريد لأطفالنا أن يحترموا هويتهم؟ وثقافتهم وبالتالي أنفسهم وأهاليهم. الطفل يتطبع بما يسمع يقول الدكتور أيوب جرجيس العطية جامعة تعز: الواقع يشهد أن للإعلام أثراً في تشكيل ثقافة الكبار سلباً أو إيجاباً فكم من إنسانٍ قد تغيرت حالته نحو الأحسن بسبب برنامج أو مسلسل! وكم من إنسان طلق زوجته أو ارتكب جريمة بسبب مسلسل آخر ماكان يصح أن يعرض!. وأما ثقافة الصغار فالأمر أخطر لأن الطفل يتطبع بما يسمع ويرى شاء أم أبى وكنا نرى بعض الأطفال يخرجون إلى الشوارع يلاعب بعضهم بعضاً بالسيوف والخناجر بعد مشاهدة فيلم أو مسلسل دار فيه قتال.. كما أن بعض البرامج الجميلة والهادفة عرضت سابقاً ولاقت قبولاً وشيوعاً مثل افتح ياسمسم، مدينة القواعد، ومدينة المعلومات، وهي من إنتاج عربي مشترك وما تقدمه اليوم القنوات الفضائية مثل «جزيرة اطفال، هادي» Had ومواهب وافكار وطيور الجنة.. من برامج تثقيفية وترويحية للأطفال تسهم في توعية الطفل وتنشئته تنشئة سليمة نقية من مخاطر البرامج الهدامة في بعض القنوات. وإذا كانت بعض القنوات قد انتجت مسلسلاً ك«افتح ياسمسم» فإنها قادرة على أن تنتج أمثاله، لكنها تحتاج إلى تعاون المؤسسات الثقافية والتعليمية والاجتماعية إذن فالقنوات العربية تتمتع بقدرة وكفاية على انتاج برامج ومسلسلات وإن كانت مترجمة ثم تشكل بثقافة عربية إسلامية لتقدمه لأطفالنا لتثقيفهم ورعايتهم.. ونناشد القنوات العربية أن تقدم لنا ما يناسب حضارتنا ومبادئنا وأفكارنا، لاأن تقدم كل «ماهب ودب» فتعصف بمجتمعاتنا نحو الهاوية فنقول لهم: يا أصحاب القنوات، اتقوا الله فينا وفي أولادنا، إنما نحن في سفينة واحدة!