مثل المسرح الغنائي اليمني ظاهرة ناجحة في مسيرة الأدب اليمني عبر مراحله المختلفة وجسد بحق نقلة نوعية في أتون الزخم الأدبي منذ ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة 1962م والرابع عشر من اكتوبر الخالدة 1963م سيراً في المراحل القادمة في عهد تحقيق المنجز الوطني العظيم في الثاني والعشرين من مايو1990م حيث تمكن الأدباء والشعراء من الملامسة الحقيقية المؤثرة لجسد المسرح الغنائي وتفاعله في نفوس ووجدان الجماهير اليمنية وكانت تلك هي الملامح الناضجة في بلورة قدرات وإمكانات الشعراء اليمنيين في استمرارية العطاءات الأدبية والأداء الفاعل والاستغلال لإثراء تجربة المسرح الغنائي بزخات من العطاء الشعري. ويعتبر شاعرنا اليمني الكبير المرحوم/ حسين بن أبي بكر المحضار من المؤسسين الأوائل لتجربة المسرح الغنائي عبر لوحاته المسرحية الدرامية والغنائية وحذا حذوه شعراء آخرون على مستوى الاقليم اليمني من بينهم الشاعر اليمني الكبير عباس الديلمي وحسين محمد ناصر ومحفوظ صالح باحشوان وعلي سالم بامهدي. حيث قدم شاعرنا المحضار للمسرح الغنائي وآخرون عدداً من الأعمال الرائعة شكلت صوراً من الملامح والملاحم والعمل المسرحي الغنائي وجد طريقه إلى التغلغل في وجدان الجماهير اليمنية لما تضمنته هذه الأعمال من عطاء فكري بسيط للتعبير ووقع مؤثر في نفوس المشاهدين والمستمعين على حد سواء لما احتوته هذه الأعمال من موسيقى ولحن ومعنى ومضمون فكري وأدبي وثقافي يعالج قضايا الجماهير بصدق وواقعية. ومن هذه الأعمال الضحية والشموع العشر وفتاة ردفان والشهداء السبعة وعدد من اللوحات الغنائية الرائعة في ذكرى الوحدة اليمنية احتضنتها المحافظات على سبيل المثال لا الحصر لمع برق للشاعر اليمني الكبير عباس الديلمي واعراس الجذور لفناني وشعراء حضرموت في الذكرى الخامسة عشرة للوحدة اليمنية و شربة ماء للشاعر اليمني المرحوم محفوظ صالح باحشوان إضافة إلى العديد من اللوحات الغنائية لم يحضرني ذكرها هنا شهدتها عدد من المحافظات اليمنية عدن وأبين وإب والحديدة وتعز. وبلغة شعرية بسيطة مستمدة من الواقع اليمني وبقوالب فنية مثيرة وهذا ما ينبغي تقديم المزيد من هذه الأعمال وتجنيد الطاقات الابداعية والمسرحية لإثراء موسوعة أدبنا اليمني بعطاءات شعرية تجسد الانجازات العظيمة لشعبنا اليمني وثورته ووحدته على مدى السنين الماضية وحتى اليوم والعهد الوحدوي الميمون. الأمر الذي يتطلب من المعنيين في وزارة الثقافة ومكاتبها في المحافظات الاهتمام والرعاية ما يفوق قدرات وامكانيات الفرق الفنية والمسرحية بما يؤمن استمرارية العطاء الأدبي والأداء الفني والمسرحي والاخراج المسرحي ومن حيث أصالة اللحن وتطوير اللغة الشعرية والمستمدة من الواقع المحلي وما يمكن أن تتضمنه هذه الأعمال المسرحية من فكرة وحوار وحدث محلي وطني أو اجتماعي أو سياسي يصب في محيط الاهتمام بالتراث والموروث الشعبي وتحويله إلى طاقات وعطاءات مبدعة تخطها ريشة الشعراء بقالب شعري مقبول. وتظل المهمة الكبيرة تطال وزارة الثقافة ومكاتبها في عموم محافظات الجمهورية في تنشيط الفرق المسرحية وتطويرها ومدها بدماء مسرحية وقيادات مؤهلة لقيادة العمل المسرحي والعمل على توفير النصوص الغنائية والمسرحية وتحفيز المبدعين في تقديم انتاجهم من النصوص المسرحية واللوحات الغنائية لإثراء تجربة المسرح الغنائي بقدرات تسهم في تحسين أداء هذه الفرق المسرحية سواء في الغناء المسرحي أو التمثيل المسرحي والنصوص المسرحية التراجيدية والكوميدية لما يمثله المسرح من دور ريادي وثقافي ومدرسة قائمة بذاتها ولا سيما المسرح المدرسي الذي يعتبر هو النواة لرفد الفرق المسرحية بدماء مسرحية شابة تلعب الدور الهام في مسيرة عملنا المسرحي الذي ظل الفترة السابقة في ضمورمسرحي وصمت أتمنى ألا يطول كثيراً.