تعتمد الهندسة النفسية او مايسمى ( بالبرمجة اللغوية العصبية NLP) على عدد من الفرضيات والتي سبق و تناولنا عدداً منها في حلقات سابقة.... والتي تتكامل فيما بينها لتؤلف منهجية في التفكير تساعد الفرد على اعادة صياغة وبرمجة العقل بطريقة ايجابية تساعده على النجاح في تحقيق اهدافه في سبيل الوصول الى الامتياز البشري . هل سمعت أخي القارئ يوما شخص يقول جملة من هذه الجمل : - أنا كان من الممكن أن أكون أفضل ، لولا الظروف.. - الظروف كانت أقوى مني.. - أصلا أنا ظروفي سيئة.. من المؤكد انك سمعت جملة من هذه الجمل او قد تكون قلتها بنفسك ذات مرة. تخيل قائل هذه العبارة .. هل تتخيله سعيداً وناجحاً في حياته؟ هل تتخيله مبتسماً ومتحمساً وهو يقولها؟؟ من المؤكد لا.. ..اذن السؤال الاهم هو : هل تعتقد أن نجاح الإنسان وسعادته لها علاقة بالظروف؟؟ الاجابة على هذا السؤال تقودنا الى الحديث عن الفرضية الخامسه من افتراضات الهندسة النفسية وهي (أنا أتحكم في عقلي إذن أنا مسؤول عن نتائج أفعالي) ويقصد بهذه الفرضية أن كل إنسان مسؤول مسؤوليه كاملة عن حياته وتصرفاته وليس الآخرين فهو صاحب القرار وهو صاحب الارادة ، فلا يلوم الاخرين على سلوكياته وتصرفاته ، بل يتحمل مسؤولية حياته ويفكر في الحلول للتحديات التي تواجهه . فمعرفة الانسان وتقبله لهذا المبدأ واستعداده لتحمل مسؤوليته في الحياة ستجعله قادرا على توجيه قدراته وامكانياته الشخصية حول حياة أفضل وأكثر سعادة مما يسهل له بلوغ أهدافه. إن في قصصهم لعبرة · الكولونيل “سانرز”..ا خترع مادة تضاف للدجاج فيصبح طعمه أكثر لذة.... وأراد أن يسوق هذه المادة ولكنه فشل.. حاول ان يقنع المطاعم بهذه المادة ويبيعها لهم.. لكن الجميع رفض.. الظروف لم تكن في صالحه لأنه جرب ان يعرض بضاعته على 1008 مطاعم!!! وكلهم رفضوا.. لكن بإصراره وتعلمه من تجاربه.. استطاع في النهاية ان يسوّق اختراعه.. وكان مقدراً له إن ينتشر في جميع أنحاء العالم.... ولعلنا جميعا سمعنا عن دجاج كنتاكي.. ·”توماس أديسون” مخترع المصباح الكهربائي.. على الرغم من انه طرد من المدرسة وهو صغير وعمل بائعاً للجرائد على القطارات لكن ارادته وعزيمته كانت اكبر ... وكانت فكرة المصباح الكهربائي تسيطرعلى تفكيره وحاول ان يحققها.. حاول مرارا وتكرارا وكانت كل الظروف تسير على غير ما يتمنى حتى أنه اجرى999 تجربة وكلها لم تنجح وكان يلاقي اللوم من الآخرين على إصراره رغم الفشل لكنه لم يجعل الظروف سببا لقتل حلمه الكبير الذي تحقق اخيرا وانار لنا حياتنا بمصباحه الكهربائي.. ”بيل جيتس” أغنى أغنياء العالم.. الظروف كانت صعبة في بداية حياته وواجه الفشل أكثر من مرة وفشل في دراسته في جامعة هارفارد..ولو انه استسلم للظروف, لم نكن الان نستفيد من اجهزة الكمبيوتر التي انتجتها شركته ميكروسوف! كما رأينا في القصص السابقة وغيرها الكثير...أن الظروف ليست من يقرر نجاح او فشل الإنسان وإنما إرادته عزيمته وإصراره ولذلك ان حصل مالا يتمناه فلا يرمي اللوم على غيره من الشماعات (كالأسرة- المجتمع-الظروف المادية-أوضاع البلاد-الحظ...الخ) . والتي يعلق عليها أخطاءه بل عليه أن يتحمل المسؤولية بشجاعة ويواجه مشكلاته ويبحث عن حلول لأنه مسئول عن نتائج افعاله. وقديما قالوا ( إذا أشرت الى الآخرين بأصبع فلا تنس انك تشير إلى نفسك بثلاثة اصابع). منهج اسلامي ان الفكرة التي يقوم عليها هذا الافتراض والمتمثلة بتحمل الانسان تبعات ونتائج سلوكه واعماله تتفق تماما مع مبادئ الاسلام وقواعد الشريعة الاسلامية والتي تنظر الى الانسان ككائن مكلف له الاختيار الكامل في كل اقواله وافعاله يقول الله عز وجل: (بل الانسان على نفسه بصيرة)... (القيامة14-15) ، (كل امرئ بما كسب رهين)... [الطور:21] ولعل في قصة آدم عليه السلام مع ابليس والتي اوردها القرآن الكريم لخير مثال لما تقصده هذه الفرضية من الاعتراف بالاخطاء وتحمل المسؤولية وعدم لوم الآخرين ... وهنا نجد موقفين متناقضين ، فهذا موقف آدم .... عصى ربه واكل من الشجرة التي نهي عنها لكنه تحمل المسؤولية الكاملة واعترف بخطئه ومعه حواء واعادوا السبب الى انفسهم وليس الى أي شيء آخر ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ). [الأعراف:23]. أما ابليس والذي عصى ربه بعدم السجود وتسبب بفعله في ان يطرد من الجنة فقد تهرب من تحمل مسؤولية فعله وأعاد سبب طرده افتراء وبكل وقاحة الى الله عزو وجل (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ.) [الأعراف:16] ولذلك فان هذا الموقف الشيطاني يؤدي بالانسان الى آفة نفسية خطيرة وهي ( تبرئة الذات و اتهام الآخر). وهي سبب لعجز وفشل الكثيرين وقعودهم عن تحقيق احلامهم. اشراقة (الانسان بصورة عامة غير مدين سوى بالقليل لما ولد به...فالانسان هو محصلة مايعمله لنفسه ). (الكسندر جراهام بيل). * خبير تدريب واستشاري إداري وأسري [email protected]