ما أصعب هذه الحياة دون ذخيرة ومعدات وأدوات تعيننا عليها،نعم تعيننا على هذه الحياة التي نحن بصددها، من منا لا توجد لديه مشاكل؟ من منا لا يعترف أن هناك مشاكل تحيطه من كل جانب، وتحول بينه وبين الحياة ليست الحياة التي نحن بصددها؟ بل حياة أخرى لطالما تمنى كل فرد أن تكون هي حياته هي مستقبله، نعم الحياة ذو المغنى الجميل التي هي في مخيلتنا وفي أذهاننا، ترى كيف تصل إليها، ومن أين تأتي هذه الحياة ؟كيف نخوض غمارها باستمتاع ؟بل كيف نصل إلى مفتاح هذه الحياة؟! وأنا أقول إذا تأمل كل شخص حياته وبحث عن هذا المفتاح فسيجده؟! لأنه لا غنى لأي فرد عنه، إنه الصبر !! الصبر الذي يولد الرضا في الحياة ولا استغراب في ذلك ولعله أغلى من الحياة نفسها فهو يعتبر كمقوي عام للحياة وداعماً أساسياً لها فالصبر والحياة مفردتان لا غنى لأحدهما عن الآخر فلا توجد حياة بدون صبر ولا صبر بدون حياة، وكما قال صلى الله عليه وسلم “ومن يستصبر يصبره الله وما أعطى أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر” وقوله أيضاً صلى الله عليه وسلم “الصبر ضياء” فلا يمكن للإنسان أن يعيش بتوازن دون أن يتخذ من الصبر منهجاً له فرحابة الأرض كلها تضيق به إذ لم يتسلح بهذا السلاح، وكما قال شُريح القاضي “إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عز وجل عليها أربع مرات أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي وأحمده إذ رزقني الصبر عليها وأحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجوه فيه من الثواب وأحمده إذ لم يجعلها في ديني”. ويقول الفيلسوف اليوناني “أفلاطون” “الشدائد تًصلح من النفس بمقدار ما تفسد من العيش والشرف يُفسد من النفس بمقدار ما يُصلح من العيش”. وقال أحد الحكماء:”عواقب الأمور تتشابه في الغيوب،فرب محبوب في مكروه، ومكروه في محبوب،وكم من مغبوط بنعمة هي داؤه، ومحروم من داء هو شفاؤه”. وعلى الإنسان أن يدرك أنه وبمقدار منزلته في هذه الحياة يكون الابتلاء أو الاختبار فنلاحظ أنه كلما كان الإنسان ذو قيمة ومكانة في المجتمع كان بحاجة إلى ذخيرة الصبر أكثر لمواجهة المصاعب والأزمات التي قد تحصل له، ولنا في سير الأنبياء والصالحين العبرة في ذلك، وكما قيل لا يوجد بطل دون جروح وعلى عكس الإنسان العادي فهو أقل ما يكون بحاجة إلى الصبر فابتلاءته قليلة وعطاءه قليل، فيجب على الإنسان أن يتخذ من الصبر فلسفة له في هذه الحياة وأنا أدرك أنه من الصعب على الإنسان أن يستسلم للصبر ويتخلق بخلقه، بل هو بحاجة إلى ممارسة هذا الخلق العظيم فالصبر يبدأ من تدريب النفس على ضبط انفعالاتها ومن ثم ممارسة هذا الضبط في الحياة حتى يصير خلقاً له وسمة من سماته.