تسوّل هكذا.. قبل أن تنبت في عينيه غابات الأمنيات المهترئة كالقدم سحبت كفه على طول الشوارع.. رغم طفولته الطارئة، توزع على النصب التذكارية المنبثقة من الأرقة الحمراء زهور القذارة والتبجح.. وتلطخ المآذن والوجوه العابرة بالفقر والفجيعة. وبعد يومه الشاق على كل الكائنات الأثرية التي يمر فوقها يفترش عيونه الملطخة بالكراهية، والإنكسار ويتدثر علبة الصفيح المدفون تحتها نبضات ولعنات، وشتائم الذاهبين إلى المساجد لأداء المناسك الدالة على الوحدانية! برودة عندما نسمع خشخشة الأوراق المالية على سريره الموغل في القدم والترف.. فكر في الذبيحة التي يجب أن يهبها.. شكراً لهذه النعم التي أفناها ولم يفن. راود نفسه “الكبرى جميلة، الوسطى ناعمة، ولكن الصغرى شهية الملامح.. لكنها غير ناضجة لابد أن تكون لاذعة النكهة.. وأنا أحب الألم”. ولكنه عندما لمسها.. احترقت.. فبهت. وراح يتأمل كفه.. لماذا احترقت؟؟!! أسبل عينيه وراح يتحسس ركبتيه المتهالكتين.. ففزع من برودة كفه الحارقة.