يحتفل الشعب السوري اليوم السبت بالعيد الوطني الرابع والستين لرحيل آخر جندي فرنسي وبريطاني عن سورية في هذا اليوم من عام 1946. وقد مثل النضال السوري من أجل تحقيق الاستقلال وإجلاء المستعمر حلقة مشرفة من تاريخ سوريا، ووضعت معركة ميسلون الخالدة بقيادة وزير دفاع سوريا الشهيد يوسف العظمة في 24 يوليو 1920م، اول حلقة في سلسلة المعارك التي تحولت الى ثورات عمت سوريا بأكملها لتشكل ثورة كبرى ادت الى جلاء المستعمر. وإلى جانب الثورة المسلحة كان النضال الشعبي عبر الاضرابات المستمرة في المدن السورية أشهرها الإضراب الستيني احتجاجاً على سجن الزعماء الوطنيين ونفيهم، وتشكيل اللجان الشعبية وتوقيع العرائض والبيانات الرافضة للانتداب الأجنبي.. وقد شارك في هذه المسيرة عدد كبير من الشخصيات السورية اهمهم الشيخ هاشم الأتاسي, شكري القوتلي, سعد الله الجابري, سلطان باشا الأطرش وزيد وصياح الأطرش, عقلة القطامي, الشيخ صالح العلي، وغيرهم من مختلف المناطق والمحافظات السورية. ويأتي الاحتفال بالذكرى الرابعة والستين بعيد الجلاء وقد حققت سوريا العديد من المكاسب الرائدة والإصلاحات الجوهرية خلال أكثر من نصف قرن بفضل الإرادة السياسية الثابتة لفخامة الرئيس بشار الأسد، والمرتكزة على رؤية إصلاحية متكاملة وشاملة في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ففي المجال السياسي اكتسبت سورية أهميتها من نهجها الوطني والقومي إضافة إلى استراتيجيتها السياسية القائمة على البعد القومي في مواجهة التحديات الكبيرة التي تستهدف الأمة العربية انطلاقاً من أن المنجزات العربية القطرية مهما كانت لا تغني عن الفوائد الكبيرة للتعاون العربي في جميع المجالات. كما أكسبت الرؤية المنفتحة لسورية القدرة على مواكبة التطورات وإقامة علاقات وثيقة مع دول العالم والتي أثمرت مواقف دولية عريضة داعمة للحقوق العربية ومكنت سورية من امتلاك دورها الجيوسياسي المتناسب مع أهمية موقعها الاستراتيجي عربياً وإقليمياً. وحرصت سورية طوال العقود الماضية رغم كل الضغوط والإغراءات على التشبث بمواقفها وتسمية الأمور بمسمياتها متبنية مبدأ التضامن العربي وحشد الطاقات بجميع أشكالها وفي جميع الأوقات للحفاظ على الحقوق العربية وتحرير الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها الجولان السوري وفلسطين. وتنطلق رؤية سورية في التعامل مع القضايا القومية من اعتبار ان القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة والتعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي برؤية شمولية تأخذ بالحسبان الخلفية التاريخية والعوامل المتعددة المؤثرة إضافة إلى الخلل القائم في موازين القوى بين أطراف الصراع واحترام الخصوصية الوطنية ومقومات السيادة لكل الدول العربية إضافة إلى الانفتاح على المجتمع الدولي والدعوة إلى الحوار الهادف والبناء والتعاون لإرساء أسس الاستقرار والسلام العادل والشامل في هذه المنطقة المهمة من العالم. وفي المجال الاقتصادي شهد الاقتصاد السوري في السنوات الماضية تطورات اقتصادية وتنموية وبشرية مهمة حققت نقلة نوعية في توجهات الاقتصاد وتعزيز قدراته بمساهمة جميع شرائح المجتمع في بنائه على أسس وقواعد سليمة، وواصل تطوره وإنجازاته الكبرى في عهد الرئيس بشار الأسد، لاستكمال مشروع البناء الاقتصادي النهضوي الشامل. واتخذت سورية منذ بداية السبعينيات نهجاً ثابتاً واستراتيجياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بإرساء قواعد التعددية الاقتصادية التي تهدف إلى إفساح المجال أمام القطاع الخاص ليؤدي دوره في بناء عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب القطاع العام. ومن أهم القوانين والتشريعات التي صدرت لتهيئة الإطار القانوني المنظم لعملية التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي قانون المصارف الخاصة وقانون مجلس النقد والتسليف وقانون مكافحة غسيل الأموال وقانون السرية المصرفية وقانون هيئة الأوراق والأسواق المالية ومرسوم سوق الأوراق المالية وقانون السماح بإحداث شركات تأمين خاصة وقانون حماية الإنتاج الوطني من الممارسات الضارة في التجارة الدولية وتعديل قانون الاستثمار وقانون التجارة وقانون الشركات. وتشير الإحصائيات إلى بلوغ عدد المشاريع في القطاع الصناعي خلال العام 2008م، 124 مشروعا بكلفة 1908685 مليون ليرة منها 111 مشروعا خارج المدن الصناعية و13 مشروعاً داخلها في حين احتل قطاع النقل المرتبة الثانية في عدد المشاريع التي بلغ عددها 55 مشروعا بكلفة استثمارية 6782 مليون ليرة، فيما بلغت تكاليف مشروع النقل الجوي الوحيد 485 مليون ليرة، ووصل عدد المشاريع الزراعية إلى 28 مشروعاً بكلفة استثمارية بلغت 5875 مليون ليرة سورية منها 6 مشاريع للإنتاج الزراعي و22 مشروعا لتربية وتسمين المواشي والحيوانات. وفي مجال الاستثمارات، اقر مجلس الوزراء قانون الاستثمار الجديد، الذي يمنح ضمانات ومزايا للمستثمرين بهدف تطوير البيئة الاستثمارية وجذب الاستثمارات الاجنبية وتحفيز الاستثمارات المحلية من خلال تطوير التشريعات القانونية وتلافى الثغرات التى توضحت من خلال التطبيق العملي للقانون السابق.. وقد بلغ عدد المشاريع الاستثمارية الأجنبية خلال العام الماضي 41 مشروعاً بلغت تكاليفها 392989 مليون ليرة سورية. وتجاوز عدد الشركات المساهمة في سورية 350 شركة منها 65 شركة عامة وأكثر من300 شركة مساهمة فيما بلغ عدد الشركات محدودة المسؤولية نحو 1500 شركة تقدر رؤوس أموالها الاسمية بنحو 500 مليار ليرة. وفي المجال الاجتماعي حققت سورية تحولات كبيرة تركزت بشكل أساسي على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين ورفع معدلات النمو حسب أولوياتها الوطنية. وانطلاقاً من أن بناء الإنسان هو الهدف الأسمى كانت مجانية التعليم وتطوير المناهج الدراسية في ضوء مبادىء السياسة التربوية في سورية إضافة إلى الاهتمام بالتعليم العالي عبر إحداث فروع جديدة للجامعات الرسمية وافتتاح الجامعات الخاصة التي بلغ عددها 13 جامعة لتكون رديفاً للتعليم العالي في إعداد الطاقات البشرية اللازمة لمتطلبات التنمية والتحويل. وبلغ عدد الطلاب المقبولين في الجامعات والمعاهد الحكومية للعام الدراسي 2009-2008 حوالي107 آلاف طالب وطالبة إضافة إلى 17 ألف طالب وطالبة في التعليم المفتوح و7500 طالب في الجامعات الخاصة ليصبح عدد المقبولين في هذا العام في التعليم العالي 132884 طالباً.