هي مجموعة قصص وحكايات يحكيها شيخ علماء اليمن القاضي الفقيه محمد بن إسماعيل العمراني أعدها وحققها الدكتور محمد عبدالرحمن غنيم.. العنوان لكتاب أدبي مشوق ولطيف من تراثنا الأدبي العربي.. “الجمهورية” تنشر مجموعة القصص والحكايات التي حواها الكتاب لتعميم الفائدة والمتعة للقارئ. حكى القاضي محمد حفظه الله فقال: كان العلامة محمد بن اسماعيل الأمير الصنعاني من أكابر علماء اليمن في القرن الثاني عشر، وقد قصده طلاب العلم من شتى بقاع اليمن، وأصبح تلامذته علماء، وملأوا اليمن علماً وفضلاً، ومن هؤلاء العلامة ناصر بن الحسين المحبشي، فقد درس على الأمير في شهارة عدة سنوات في كتب الحديث والسنة النبوية وبعض مؤلفات الأمير، ثم عرض عليه القضاء فقبله، فأرسل شيخه العلامة الأمير إليه قصيدة لامه فيها على قبول القضاء وحذره من آفاته ومن الحجاب والكتاب والمظالم، فكانت قصيدة جامعة تناقلها الناس في دواوينهم وسارت بها الركبان، فكانت من أروع النصائح للقضاة. قال السيد الإمام محمد بن إسماعيل الأمير: قرأ علينا الشيخ العلامة ناصر بن الحسين المحبشي رحمه الله في شهارة سبع سنين في عدة فنون وأدرك مع تقوى وورع وحسن حال، ثم دخل صنعاء لعله في رجب سنة 1196ه وتولى بها القضاء فكرهت له ذالك لما علمناه من أقوال قضاة عصرنا وكان حاله قبل ذلك حال المعرضين عن الولايات والاتصال بالملوك، فكتبت إليه وقد بلغ الستين: ذبحت نفسك لكن لا بسكين كما رويناه عن طه ويس ذبحت نفسك والستون قد وردت عليك ماذا ترجى بعد ستين ذبحت نفسك يا لهفي عليك وقد كنا نعدك للتقوى وللدين أي الثلاثة تغدو في غداة غد إذ يجمع الله أهل الدين والدون فواحد في جنان الخلد مسكنه واثنان في النار دار الخزي والهون يأتي القيامة قد غلت يداه فكن يوم التغابن فيها غير مغبون فإن يكن عادلاً فكت وإن يكن للأخ رى ففي النار من أقران قارون فإن تقل أكرهونا كان ذا كذباً فنحن نعرف أحوال السلاطين وإن تقل حاجة مست فربتما فأين صبرك من حين إلى حين؟ والله وصى به في الذكر في سور كم في الحواميم والطواسين قد شد خير الورى في بطنه حجراً ولو أراد أتاه كل مخزون ما مات والله جوعاً عالم أبدا سل التواريخ عنه في الدواوين ليس القضاء مكسباً للرزق نعرفه كما عرفناه في أهل الدكاكين إلا لمن للرشا كفاه قد بسطت بسط اللصوص شباكاً للثعابين سل الهدى والغنى ممن خزائنه سبحانه بين حرف الكاف والنون وحيث قد صرت مذبوحاً فخذ نبذاً للنصح ما بين تخشين وتليين إياك إياك كتّاباً تخالهم إنساً وهم مثل إخوان الشياطين واحذر حجاباً وحجاباً إلى خدم ففهمهم أكل أموال المساكين وجانب الرشوة الملعون قابضها نصاً فسحقاً لأصحاب الملاعين وفي الرشا خفيات ويعلمها من كان ذا همة في الحفظ للدين واحذر قريناً تقل بئس القرين غداً كم حاكم بقرين السوء مقرون ولا تقل ذا أمين الشرع أرسله فكم وجدنا أميناً غير مأمون واحذر وكيلاً يريك الحق باطله يزفه بين تنميق وتحسين ولا تنفذ أحكاماً ومستند الأح كام رجماً بتبخيت وتخمين ولا تجعلن بيوت الله محكمة ولا تحلق من خلف الأساطين لتنظرن بين أقوام صراخهم صراخ ثكلى ولكن غير محزون لايستطيع المصلي من صراخهم يأتي بفرض ولا يأتي بمسنون وثمة أشياء ما بينتها لك في نظمي وتعرفها من غير تبيين إن عشت سوف ترى منها عجائبها إن كان قلبك حياً غير مفتون ومن يمت قلبه لا يهتدي أبداً لو جئته بصحيحات البراهين هذي النصائح إن كان القبول لها مهراً ظفرت غداً بالخرد العين ما لم ظفرت أنا بالفوز منفرداً بأجر نصحي يقيناً غير مظنون ثم الصلاة على المختار من مضر وآله السادة الغر الميامين ولما وصلت هذه القصيدة إلى العلامة المحبشي بكى وقال: أمر كتب على ناصر، وقد عاهدت الله أن لا أحيف ولا أميل، وكانت هذه النصيحة نصب عينيه حتى توفاه الله تعالى...!. وقد ذيل وقرظ هذه القصيدة الفريدة السيد العلامة عبد الله بن لطف الباري بقصيدة قال فيها: لقد نصحت فحققت النصيح فلا زالت أياديك تأتينا على حين لقد رأينا كلا الأمرين إنهما رأس الشرور بلا شك ولا مين رب الرياسة أن يعلو بكلمته ولايعارض في قول بتخشين ويرغب الناس في سير إليه فلا يرى مطاعاً سواه في الدواوين فمن يؤثر هذا الشأن كان على حال هوى في الهوى جهراً مع البين يحتاج يألف إخواناً ليقض بهم قيام جاه مدى الأيام في الحين ويغتدي لاحظاً ما لا ينفرهم في كل خوض يراهم بين عينين وفتح باب فضولات المعاش فلا يتم إلا برايات وتحسين هذان بابان لاينجو الفتى بعد إلا بطرحهما خلف الأساطين وانظر إلى حال من أبلى بحبهما تجده عبداً قريناً للسلاطين وقد أتت حجة فيها البيان لما قد قلت فاسمع صحيحاً من براهين في لفظها الحصر “ماذئبان” في أثر صحت أسانيده حقاً بتبيين وسورة القصص المتلو “آيتها” ما ينفي النوم عن جفن من العين ويلزم العبد إخلاصا لخالقه من داء نفس وأهواء الشياطين وفيه حصر لتلك الدار يجعلها عقيب ذم وتبكيت لقارون فيا مريداً لدار الخلد يسكنها فسر رويداً وكن عبداً لتحزين أو لا فسوف ترى نكساً لقلبك إن ساعدت نفسك فاخدعها بتليين واذكر وقوفك في يوم المعاد غداً وماترى من عظيم الأمر والهون واسأل من الرب هدياً من هدايته مديمة لصلاح الحال والدين ثم الصلاة على طه الأمين كما أحيا الشريعة والآل الميامين قلت :ومما يناسب ذلك ما ذكره الشوكاني في “ البدر الطالع” “2 - 161” في ترجمة السيد محمد الحسين الحوثي ثم الصنعاني قال: “.. ومن أحسن ما يحكى عنه أي الشوكاني لما ابتليت بالقضاء،كتب الشعراء إليّ تهاني،وهو كتب إليّ بتعزية في أبيات حسنة،وذكر فيها عجائب،فوقع لذلك عندي موقع عظيم..”.