يصادف المرء في حياته الكثير من الأشخاص، ويتعرف عليهم بشكل شبه يومي غير أن قلة هم الذين يهزّون وجدانه من الداخل، ويضعون بصمتهم المتميزة في فكره وقناعاته ونظرته للحياة والناس من حوله؛ لأنهم باختصار يقدمون الأسوة الحسنة ونموذج الاقتداء الإيجابي لمن يستطيع أن يسبر أغوار شخصياتهم ويقترب من عظمتهم وإنسانياتهم، وكان من هؤلاء القلة النادرة الأخ محمد الصيفي، الذي مثل تعرفي عليه واقترابي منه إضافة نوعية في حياتي بما يمتلكه من قيم وسجايا ورؤية عميقة وفكر رصين وما استقرأت في سيرته من عصامية وكفاح وفي تجربته من نجاح على المستوى المهني والشخصي. بدأت علاقتي بالأخ محمد الصيفي مصادفة في إحدى المناسبات، ثم بدأ تواصلي معه دون ان تتيسر لي فرصة الجلوس معه سوى مرتين حاولت خلالهما الاقتراب من الرجل أكثر والولوج إلى عالمه الخاص بقوة، وشعرت أن عليّ مسئولية أخلاقية كبيرة في تقديم هذه الشخصية إلى الآخرين لتعميم القيم الفاضلة في المجتمع وتسليط الضوء على مثل هؤلاء الرجال الزاهدين عن السمعة وتلميع ذواتهم على حساب القيم والمبادىء. كان أول ما ظهر لي في هذا الصديق الرائع هو عشقه للرياضة وانتماؤه الوجداني والروحي لنادي الصقر الرياضي والثقافي في تعز، وهو العشق الذي جعله على تماس يومي مباشر مع كل أخبار الصقر وفعالياته؛ يفرح لانتصاراته، ويحزن لهزائمه، وبين هذا وذاك يقف طويلاً عن حدث أو جديد يتعلق بالنادي ليقرأ ويحلل برؤيته الثاقبة المسيرة الصقراوية في لحظات الزهو والانكسار معاً؛ لذلك كان من الطبيعي أن أتحمس للاقتراب منه أكثر وتبادل الرأي والحديث معه حول ما يتعلق بالصقر ويهم الكرة اليمنية بشكل عام باعتبار وحدة الهم والانتماء الوجداني الذي يعيشه كلانا لهذه القلعة الرياضية الكبيرة. صحيح أن جماهير الصقر كثيرون ومنتشرون في مختلف محافظات الجمهورية، والمعجبون بتجربته لا حصر لهم، غير أن الصيفي كان متميزاً في عشقه الصقراوي، فهو لم ينتم إليه لمجرد الحماس، ولا لما يمثله من رقم صعب في الرياضة اليمنية، كما لم يكن انتماء مناطقياً أو تأثراً بموقف عابر؛ لكنه عشق واعٍ نابع من إيمانه بقيمة التجربة الرياضية التي أرسهاها نادي الصقر خلال العقود الأخيرة والتي ينظر إليها هذا الصقراوي العاشق بإكبار واحترام، ويعدها الأنموذج المتكامل والأجدر بالاحتذاء من قبل كافة الأندية والمعنيين بالشأن الرياضي في بلادنا من أجل إحداث نهضة رياضية حقيقة وتنمية مستدامة. فالصقر - بحسب الصيفي - يمتلك قيادة نادرة ممثلة بشخص الأستاذ شوفي أحمد هائل سعيد، رئيس النادي ونائبه الأستاذ رياض الحروي، وهي قيادة تتميز بعشقها الحقيقي للنادي وتمتلك رؤية استراتيجية للتطوير والنمو، وتنطلق من فكر مؤسسي يهتم بكافة المجالات على مستوى البنى التحتية والمنشآت وتنمية الكفاءات الرياضية والإدارية والفنية والتمسك بخيار التحديث والتجدد والاهتمام ببناء الهوية المؤسسية للنادي، وتكريس القيم والمبادىء والأخلاق الرياضية في علاقته بالأندية الأخرى والمجتمع من حوله. بعيداً عن الصقر وقريباً من الصيفي الإنسان ورجل الأعمال الناجح، فالأخ محمد الصيفي صراف معروف، وله نشاطه الواسع في صنعاء وعدد من المحافظات، بدأ طموحه من الصفر، وبنى نفسه بعصامية ومثابرة في نشاط استثماري مرتفع المخاطر ومعقد التحديات، بالنسبة للبيئة اليمنية على الأقل، التي من النادر أن تشهد فيها أسعار العملة استقراراً نسبياً قبل أن تعاود اضطرابها بصورة تجعل من العاملين في هذا المجال عرضة للمفاجآت وغير قادرين على رسم برامج وخطط واضحة لإدارة نشاطهم وتنميته، ومع ذلك تمكن الصيفي من تحقيق النجاح بذكائه التجاري الفطري وقدرته على إدارة التحديات والأزمات والسيطرة على المفاجآت الطارئة. يتميز الصيفي كرجل أعمال بالكرم والتواضع خصوصاً مع عماله الذين ينتمون إليه بقوة لما تتجسد في شخصيته من قيم وسجايا حميدة وروح طموحة قادرة على العطاء، واهتمامه بهم وحسن معاملته لهم، وحرصه على تناول طعامه معهم بشكل مستمر، كما أن الصيفي كإنسان يترك لدى من يتعرف عليه أو يقترب منه أثراً بالغاً بحسن معشره والبشاشة البادية على وجه وبساطته وسماحته في التعامل مع الآخرين وتفاعله مع من حوله وتجسيد معاني الصدق والأمانة والشفافية في معاملاته التجارية مع الغير ومع العملاء والزبائن. ذلكم هو باختصار الأخ والصديق العزيز محمد الصيفي، العاشق الصقراوي ورجل الأعمال العصامي الناجح والأنموذج الإنساني الفاضل.. فله ولأمثاله من صفوة الرجال كل التحية والتقدير، وكل الحب والاحترام مني ومن كل أصدقائه ومحبيه وعماله وكل جماهير الصقر، وعاشق الكرة اليمنية.