تعتبر الشخصية الايجابية القادرة على تحقيق أهدافها والتأثير في الآخرين مطلبا ملحا وهدفا ساميا لكل من يسعى الى النجاح والتميز .. وقد تحدثنا في حلقات سابقة عن هذه الشخصية بشيء من التفصيل, وتعرفنا على مواصفات هذه الشخصية ومقوماتها وارتباطها بالتفكير الايجابي وضرورة التخلص من القناعات والأفكار السلبية. وفي الحلقة الماضية تحدثنا عن تطبيق مهم من تطبيقات الوصول للايجابية وهو التحلي بالكلام الطيب وما له من أثر في شخصية الإنسان.. وفي هذه الحلقة بقية التطبيقات العملية التي تساعد على أن يصبح الإنسان ايجابياً وهذه التطبيقات ذكرها الدكتور صلاح الراشد في برنامجه الرائع والمتميز التفكير الايجابي وهو المرجع الرئيسي لهذه المادة.التطبيق الرابع:- التفريق بين الفعل والفاعل يعتبر هذا التطبيق من اهم واخطر التطبيقات الموصلة الى الايجابية والذي يعني التفريق بين الفعل الذي يفعله الانسان وبين الانسان نفسه ..وقد ذكر الدكتور صلاح الراشد قاعدة مهمة يجب الالتزام بها لتحقيق هذا التطبيق .. فعندما يخطئ شخص ما فالواجب ان تقول اذا كان ولا بد ان تقول (هذا الفعل خطأ) ولا تقول للشخص انت غلطان او انت مخطئ..وافضل من ذلك ان تقول هذا الفعل في مثل هذا الموقع خطأ ...وأفضل من هذا وذاك ان تقول هذا الفعل فمثل هذا الموقع غير صحيح ...والافضل ان تقول هذا الفعل في مثل هذا الموقع قد لا يكون صحيحاً .... وهذا يعني اننا في الوقت الذي نرفض الافعال الخاطئة وغير المقبولة فاننا قد نقبل الاشخاص انفسهم. وتبرز خطورة هذا الموضوع في تربية الابناء... فبسبب خطأ يقترفه الطفل نطلق عليه الصفات السيئة مثل انت غبي انت لاتفهم او انت عنيد وغيرها من الالفاظ . وهذه الالفاظ تعمل على مستوى القناعات وياخذها الطفل حرفيا ويقتنع بهذه الصفة فيعتبر نفسه كما وصفه الوالدان ثم يتصرف بناء على هذه القناعة فمن تصفه بالكذاب سوف يكون كذلك وهكذا. وقد تحدثنا عن هذا المبدأ في حلقة سابقة بالتفصيل عند حديثنا عن فرضية السلوك ليس الشخص. التطبيق الخامس : التحدث مع الذات بايجابية بعض الدراسات تشير الى أن الانسان يتحدث مع نفسه حوالي خمسة آلاف كلمة في اليوم ( 80 - 90 % من هذه الكلمات رسائل سلبية ).. وهنا تكمن الخطورة ,,حيث ان مايقوله الانسان لنفسه له بالغ الاثر على نفسيته ,فكما ترى المدرسة الادراكية المعرفية في علم النفس أن الذي يفكر فيه الانسان هو الذي يحدد سلوكه وتصرفاته وبالتالي يحدد مصيره.. وهنا يجب ان ينتبه الانسان لما يقوله لنفسه وللطريقة التي يتعامل بها مع نفسه ,فمن يتكلم مع نفسه بطريقه سلبية فمن الطبيعي ان ينعكس ذلك على تصرفاته وتكون تصرفات سلبية وبعيدة عن الايجابية ..وهناك بعض الملاحظات التي ذكرها الدكتور صلاح الراشد في موضوع الحديث مع الذات: 1 - انتبه للالفاظ التي تتعرض للذات مثل انا غبي او ضعيف او قلق او فاشل وسيئ الحظ وغيرها والتي تعمل على مستوى الذات ولها تاثير سلبي قوي على الانسان. 2 - تعامل مع الالفاظ الايجابية التي تتناول الذات مثل انا قوي انا طموح انا متميز وكلمة انا هنا هي كلمة ذهبية واستخدمها بكثرة مع ذاتك وليس امام الاخرين بل استخدم مع الاخرين الكلمة الذهبية وهي (انت) انت ذكي وانت متميز وغيرها. 3 - انتبه للالفاظ الدائمة (انا دائما - لا يمكن ابدا - مستحيل - لم ولن..وغيرها) وهذه الالفاظ لاتترك مجالاً للتعديل والتغيير وقد تحدثنا في حلقة سابقة عن خطورة هذه الالفاظ. 4 - ممكن استخدام الالفاظ الابدية في حالة التأكد من الشيء او في الحالات الايجابية مثل (الله دائما معنا أو لم ولن يأتي مثل محمد أو العدل دائما ينتصر ...وهكذا). 5 -الحذر من التعميمات السلبية والانتباه من الصيغة السلبية في الحديث وهذه تحدثنا عنها بالتفصيل في حلقة سابقة. مبدأ اسلامي ان الاسلام يحثنا على الانصاف في التعامل مع الاخرين وعدم تعميم السلبيات عليهم ولنا في قصة حاطب ابن ابي بلتعه خير شاهد كما رأينا في حلقة سابقة في كيفية التفريق بين الفعل والفاعل فالنبي صلى الله عليه وسلم كان ينتقد الافعال ولا يتعرض للاشخاص فيقول مابال اقوام يفعلون كذا وكذا بل كان يمدح الفاعل حتى لو اراد ان يذم الفعل فيقول نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل...نعم الرجل ثمامة بن أثال لو قصر ثوبه ..وغيرها. اما الحديث الايجابي مع الذات فهناك الكثير من التوجيهات النبوية التي توجه المسلم للثقة بالله والاعتزاز بنفسة وبدينة وهذا ما وضحناه في حلقة سابقة من هذه السلسة.