في الحلقتين السابقتين تحدثنا عن مظاهر ضعف الذات عند بعض الافراد ومدى حاجتهم الى مهارات توكيد الذات ليتخلص من الشخصية السلبية الضعيفة واكتساب مهارات وصفات الشخصية الايجابية او ما نستطيع تسميتها بالشخصية المغناطيسية.. وفي هذه الحلقة سنركز الحديث عن الشخصية المغناطيسية مقوماتها ومعرفة مدى استعدادنا لتغيير الصفات السلبية في طريق الوصول الى الشخصية المغناطيسية.. تعتبر قضية التفكير وأثره على صناعة واقع ومستقبل الإنسان من أهم واخطر القضايا التي ينبغي أن تحظى باهتمام كل إنسان يسعى إلى النجاح والتميز .. وقد تناولنا في حلقات سابقة مواضيع تتعلق بالشخصية الايجابية وكما سميناها الشخصية المغناطيسية التي تستطيع التأثير الايجابي في الآخرين.. ومن أهم مقومات هذه الشخصية هو التفكير الايجابي والتقدير العالي للنفس والاعتقاد الايجابي عن الذات..وفي مقابل هذا التفكير الايجابي يأتي التفكير السلبي الذي يصبغ حياة الإنسان بنظرة تشاؤمية يائسة تنعكس على سلوكياته مع نفسه والآخرين. وقد صنف الدكتور صالح الراشد في برنامجه التفكير الايجابي عشرة نماذج لما سماه بالتفكير المعوج . وفي الحلقة السابقة تناولنا خمسة من هذه النماذج ونواصل الحديث في هذه الحلقة عن بقية النماذج.. النموذج السادس: التضخيم في هذا النموذج يضخم الشخص مشاكله ونواقصه أو يقلل من امكاناته وميزاته، (أي ميزات؟!) هكذا قد يقول..فهو لا يعترف بأي مميزات له او صفات ايجابية لأنه فقط لا يرى سوى سلبياته ونواقصه فلا يرى من الكوب سوى الجزء الفارغ ويتعامى عن جزئه المملوء... ولعل هذا النموذج يظهر بوضوح عند الأشخاص الذين لديهم قناعات واعتقادات سلبية عن الذات . النموذج السابع : الحكم العاطفي في هذا النموذج يستنتج الشخص أن مشاعره السلبية تعكس حقائق الأمور فهو يربط دائما بين إحساسه وشعوره الداخلي وبين حقائق الواقع فمجرد وجود شعور داخلي سلبي لديه حول موقف معين فإنه يصدر حكما نهائيا على هذا الموقف بناء على شعوره وإحساسه السلبي. (أشعر بالذعر من ركوب الطائرة، لابد أن ركوب الطائرة خطر جداً) أو (أشعر بالذنب، لابد أني شخص سيئ) أو (أشعر بالغضب، هذا يثبت أني مظلوم) أو (أشعر باليأس، لابد إذاً أني يائس) أو (أشعر بالضيقة في الصدر، لابد أن تحصل مشكلة) هكذا بالحكم العاطفي، يربط بين مشاعره وبين حقائق الأمور. النموذج الثامن : الجمل الافتراضية في هذا النموذج يخبر الشخص نفسه بأن الأشياء (يفترض و لابد) أن تكون كما يتوقع أو يتأمل، فمثلا إذا قدم عرضا أو محاضرة لمجموعة من الناس فانه يقول لنفسه: (كان من المفترض أن لا أخطئ كل هذه الأخطاء)، هذا يجعله يتوقف عن التحدث أمام الناس لعدة أسابيع. (لابد) (من المفترض) (من الواجب) (يجب أن) ..... الخ، هذه الجمل وأمثالها تقود إلى الذنب والتأنيب، والجمل الافتراضية تقود أيضاً إلى الغضب والاستياء، البعض يستخدم الجمل الافتراضية من باب الدافع، مثل:( يجب ألا آكل هذه الحلويات) (المفروض أن أمتنع عن الإسراف في القهوة والشاي)، لكنها في الحقيقة لا تعمل، لأنها تجعل من الإنسان شخصاً عصبي المزاج وثائراً على فقدان حريته، لذا فهي تفشل. النموذج التاسع : التصنيف في هذا النموذج فان الشخص يقوم بالربط بين سلوكه وفشله وبين ذاته فيقوم بإلصاق صفة معينة بذاته نتيجة فشله في موقف معين ،فبدلاً من القول (لقد أخطأت) يرفق الشخص ملصقاً وتصنيفاً لذات فيقول (أنا خاسر فاشل)، قد يصنف نفسه (أحمق) أو (بليد)...الخ ، هذا النموذج معوج، لأنك لست ما تقوم به، ,وقد تحدثنا عن هذا الموضوع في فرضية السلوك ليس الشخص في حلقة سابقة.. هذه التصنيفات تقود إلى القلق والاستياء والغضب وضعف الثقة بالنفس، قد يلجأ صاحب هذا النوع من التفكير إلى تصنيف الناس أيضاً، فعندما يسيء له شخص فإنه يصنفه (هذا إنسان حقير) وعلى أثرها قد يعتقد الشخص أن المشكلة مع هذا الشخص أو ذاك، الحقيقة أنها معه هو في طريقة تفكيره، قد يصدر أصحاب هذا النوع من التفكير التصنيفات على مجموعة من الناس أو قبائل أو شعوب معينة ..الأمر الذي يزيدها صعوبة. النموذج العاشر: اللوم و التأنيب في هذا النموذج يجعل الشخص نفسه مسؤولاً عن أمور وحوادث هو لا يستطيع التحكم فيها، فلو أن امرأة من أصحاب هذا النوع من التفكير تلقت خبراً من المدرسة بأن ابنها يلاقي صعوبة في الدراسة، فإنها قد تلوم نفسها بأنها أم غير صالحة بدلاً من أن تبحث عن الأسباب أو العلاجات ، والتأنيب يقود إلى الخجل والشعور بالذنب. البعض يفعل العكس فهو يلوم الآخرين أو القدر أو الظروف على مشاكله، قد يقول الشخص: (السبب في أن زواجي لم ينجح، عنجهية عقلية زوجتي). لا تعجب إذا سمعت البعض يلوم الأسرة والمجتمع والدولة .. إلى آخر القائمة، لأنهم تسببوا في جر مشكلة مثل هذه له ..وقد شرحنا هذا الموضوع بالتفصيل في حلقة سابقة عند حديثنا عن فرضية أنا أتحكم بعقلي إذاً أنا مسئول عن أفعالي.. إن هذه النماذج العشرة للتفكير السلبي المعوج تحتاج منا إلى التوقف أمامها ومقارنتها بسلوكياتنا في الحياة اليومية لأنها تعمل على إحباط الإنسان وتعيقه عن تحقيق أهدافه وتجعله شخصية سلبية ومن الممكن أن يتطور الحال به إلى نوع من أنواع المرض النفسي. إشراقة (ليس الشديد بالصرعة..إنما الشديد من ملك نفسه عند الغضب ) ..حديث شريف خبير تدريب واستشاري اداري وأسري [email protected]