لو سألت البر والفاجر والمؤمن والكافر والصغير والكبير والذكر والأنثى والغني والفقير والمأمور والأمير.. لو سألت الكل. ماذا تريد؟ ولأي شيء تهدف ؟ وماهي غايتك؟ وما أمنيتك لقالوا جميعاً نطلب السعادة، أما المؤمن فيهدف إلى سعادة الدنيا والآخرة. والكافر يطلب سعادة الدنيا وحدها لأنه لا يؤمن بالآخرة. فالناس كل الناس يسعون وينصبون ويكدون ويجتهدون لهدف واحد وهو الوصول إلى السعادة فمن يسعى لجمع المال من حلال أو حرام يهدف إلى الوصول إلى السعادة ومن يلهث خلف الشهوات البهيمية يهدف إلى الوصول إلى السعادة ومن يسعى للشهرة والجاه والسلطان يهدف إلى الوصول إلى السعادة. كما أن من يؤمن بالله ويعمل صالحاً يطلب السعادة ولكن اين هي السعادة لو كانت السعادة في المال لكان قارون أسعد الناس؟! ولو كانت السعادة في الجاه والمنصب لكان فرعون أسعد الناس. ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد وتقوى الله نعم الزاد ذخراً وعندالله للأتقى مزيد نعم والله لا طريق للسعادة إلا في الإيمان والعبادة قال الله تعالى : “ من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون” النحل : 97.. قال ابن القيم رحمه الله – فهذا خبر أصدق الصادقين ومخبره عن أهله عين اليقين – بل حق اليقين. ولابد لكل من عمل صالحاً أن يحييه حياة طيبة بحسن إيمانه وعمله. فإلى كل عاقل يبحث عن السعادة مهما بحثت عنها فلن تجدها في المال والرفاهية ولن تجدها في الجمال والموضة.. ولن تجدها في الشهرة والمنصب وقد جرب الكثير طريق المال والشهرة بحثاً عن السعادة ثم نادوا جميعاً : “لا سعادة إلا في الإيمان والعبادة” وقد أحسن شيخ الإسلام حيث قال : “ من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية “. والأدلة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء والصالحين واعترافات الكفار بما يحصل لهم وتجارب الذين كانوا في ضلال وشقاء قبل الإسلام ثم منّ الله عليهم بالهداية فوجدوا السعادة في الإيمان والعبادة. الأدلة كثيرة إضافة إلى الآية السابقة : قال الله تعالى “ يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون”. وقال سبحانه : “ فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا. قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى”. وقال النبي صلى الله عليه وسلم “ ثلاث من كن فيه فقد وجد حلاوة الإيمان : ان يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره ان يعود في الكفر كما يكره ان يقذف في النار” متفق عليه. وقال أيضاً “ ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد رسولاً “ رواه مسلم فلما خلقت القلوب لتوحيد علام الغيوب وغفار الذنوب كانت سعادتها في توحيد الله عزوجل وإذا خلا القلب من محبة الله وعبادته صار أشقى من العين العمياء، والأذن الصماء، واليد الشلاء. والجسد الميت. فكما ان السماوات والأرض لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا فكذلك قلوب العباد لو كان فيها غير الله عز وجل لفسدت فساداً لا صلاح بعده حتى ترجع إلى ربها وتنيب إليه.