تحدث خطيب جامع أم الخير بشارع التحلية في جدة الشيخ صالح بن محمد الجبري في خطبة الجمعة يوم أمس والتي استغرقت 30 دقيقة عن الحب لله عز وجل وللرسول عليه الصلاة والسلام، فقال الحب الرباني هو بلسم وشفاء، وهو معجزة الحياة الدنيا، ومعجزة النفس الإنسانية، ومعجزة التغيير والتبديل، فأي إنسان منا لم يرتبط بربه ارتباط حب، لم يرتبط برسوله ارتباط حب، ولم يرتبط بالمسلمين ارتباط حب، فإنه يشقى ويشقي غيره، ويعيش محرومًا ويموت محرومًا، ويحول حياته وحياة المجتمع إلى حياة جافة قاسية، تافهة، ضائعة. فالحب الرباني هو أساس السعادة في الدنيا والآخرة، لهذا كان سلفنا الصالح يعيشون هذه المحبة بكل معانيها، فهذا مالك بن دينار خرج على الناس مرة في صلاة الاستسقاء ودعا الناس وهو معهم فلم يمطروا، وفي مرة كان بجوار مالك عبد أسود، يقول وهو يرفع يديه ربي أسألك بحبك لي أن تسقينا، وظل العبد يكررها فنظرنا فإذا بالسماء غيم وإذا المطر ينزل على الناس وهم في صلاتهم، يقول مالك فأخذت بيد العبد وقلت له: تقول له ربي بحبك لي وما يدريك أن ربك يحبك فقال: لقد عرفت شيئًا وغابت عنك أشياء، أنا أحبه وما أحببته إلا لأنه يحبني فلولا سبق حبه لي ما أحببته ألم تقرأ قول الله تعالى: «فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» فقدم حبه على حبهم له فقال مالك أنصفتني وأنصفت نفسك. وقال الجبري أما الإخلاص في الحب للمؤمنين وهو أيضًا من أعظم العبادات ويقول نبينا في ذلك (من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله) وقال (إن من الإيمان أن يحب الرجل رجلًا لا يحبه إلا لله تعالى من غير مال أعطاه فذلك الإيمان). وحب المؤمن يمنع التعالي والاستكبار واللغو والهمز والسخرية بالمسلمين والاحتقار، والغش والظلم والاعتداء، ويجعلك تؤثر كل مسلم على نفسك، فإن لم تستطع عاملته بما تحب أن يعاملك به هذا هو الإيمان لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير) صحيح الجامع. إن الذين يعيشون في النكد، ويعيشون في البغض، ويحاولون دائمًا إيجاد الفرقة والخصام والشقاق والنزاع واحتقار الآخرين، هؤلاء ليسوا محبين لله، وليسوا صادقين في الإيمان لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا...».