نعم إنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن .. الشهر المبارك الذي فيه ليلة خير من ألف شهر .. شهر العبادة و شهر الصيام .. ليس بمقدورنا أن نعوض هذا الشهر المبارك بأي شهر آخر حتى لو قمنا الليل و صمنا التطوع و صلينا النوافل فلن تضاهي العبادة في هذا الشهر المبارك ففيه تضاعف الأجور.. فعندما يقترب شهر رمضان يظل التفكير مسيطراً على أغلب الأسر في الإعداد له و استقباله أفضل استقبال و لكن هذا الاستقبال ليس استقبالاً روحياً .. و عزيمة و إرادة على ترك المعاصي و على جعل رمضان فرصة للاستغفار عن جميع الذنوب و عدم الرجوع إلى المعاصي .. بل على النقيض تماماً فنجد الأسواق تزدحم لشراء مستلزمات رمضان من طعام وشراب و غيرها من المستلزمات .. و عندما تبدأ هذه الأيام المباركة ..ينقلب اليوم ويصبح النهار ليلاً و الليل نهاراً فتنام أغلب الأسر إلى الظهر و عندما تصحو تبدأ بطهي الطعام إلى قبيل أذان المغرب بثوانٍ ..الوقت الذي يجب أن يكرس للعبادة يذهب كله في طهي الطعام .. و مما يبعث الأسى في النفوس أن الطعام الذي يُطهى يكفي لأضعاف الأسر .. فقلةٌ قليلة هو ذلك الذي يؤكل بينما يرمى بأكثر من النصف للقمامة .. فهل أتى رمضان لنطهو ثم نأكل و نشرب .. و هل أن الأكل سوف يختفي من الأسواق طيلة أيام الشهر المبارك حتى نبدأ بشرائه من شعبان .. و هل أن الناس يصومون عن الطعام و الشراب و الأكلات المتنوعة طيلة أشهر السنة حتى يأتي رمضان فيكرسون له كل هذه الأطعمة و الأشربة و هل الأسعار تنخفض عند شراء مستلزمات رمضان حتى نظل نشكو من ارتفاعها و نصرف أضعاف أضعافها في هذا الشهر ؟ إن قضاء هذا الشهر الكريم بين الأكل و الشرب و مشاهدة التلفاز لهي كارثةٌ تسوقنا إلى الابتعاد كل البعد عن هذا الدين الحنيف الذي فيه الصيام ركنٌ من أركان الإسلام .. إن صيام الضمير عن فعل المحرمات و صيام اللسان عن قول المنكرات و صيام الجوارح عن فعل ما يجرح الصيام شروط مرتبطة بصيامنا عن الطعام و الشراب ارتباطاً تاماً. و الإسراف في الطعام يسوق إلى الفقر وانتشار الأمراض و تفجر المشكلات بين الأسر مما يؤدي إلى ابتعادنا عن الغاية العظمى التي وجد من أجلها هذا الشهر الكريم . و مما يزيد الطين بله هو حال كثير من الشباب في هذا الشهر المبارك حيث نجدهم يقضون نهار رمضان كاملاً في النوم و يصحون قبيل أذان المغرب بثوانٍ و السؤال الذي يطرح نفسه الآن و يتعطش للإجابة .. متى يصلون الصلوات الخمس ؟ و هل يقبل صيامهم من غير صلاة ؟ ليس أفضل للمرء و لا أفضل لدينه و لا أسلم لآخرته من أن يكرس جهده و يكثف عبادته في هذا الشهر الكريم .. في هذه الأيام المباركة .. فلندع الطعام و الشراب لمن هم على غرارها و لنترك التقليد الأعمى فشهر رمضان هو شهر العبادات و التقرب بالطاعات و التصدق على المحتاجين ..