أكد أدباء وفنانون يمنيون أن اليمن خسرت برحيل الفنان الكبير محمد قاسم الاخفش علماً من أعلام الأغنية اليمنية ورائداً في إحياء التراث الغنائي اليمني وفقد بأفوله قامة فنية إبداعية قل أن تتكرر. وأشاروا إلى أن الفنان الأخفش رفد خلال مسيرته الفنية المكتبة اليمنية بالكثير من الأغاني الوطنية والعاطفية شكلت مدرسة غنائية ذات خصوصية تؤكد عبقرية صاحبها وديمومة منجزها. وأكدوا في أحاديث لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن المسيرة الفنية للفنان الأخفش الذي رحل اليوم بعد صراع مرير مع المرض عن عمر ناهز ال64 عاماً شاهدة على الأثر الذي سجله في سفر الأغنية اليمنية واللحن الأصيل حتى بات واحداً من أعلام وعمالقة الفن اليمني ورمزاً من رموز اللون الصنعاني الأصيل. يؤكد الشاعر الكبير عباس الديلمي أن اليمن خسر رائداً من رواد إحياء التراث الغنائي اليمني ، وقال “الاخفش هو الفنان الشامل الذي قام بدوره على اكمل وجه فهو أول من غنى للقطاع الطلابي والمزارع والمدافعين عن الثورة والعمال في المصانع . وتابع الديلمي رئيس قطاع إذاعة صنعاء البرنامج العام “ واستطاع الأخفش ان يجلي الغبار عن موروثنا الفلكلوري وقدمه بشكل جميل للساحة العربية بدليل ان بعض الاعمال الغنائية التي طورها وجددها إنتشرت على الساحة العربية”. واشار الى رصيد الفنان في مجال الأعمال الإستعراضية ومنها “هيا نغني للمواسم” ، لافتا إلى أن الفنان لم يكن أنانياً في ابداعه وانما قدم الكثير من الالحان للكثير من الفنانين الشباب”. ويستطرد الديلمي “ لايسعني في هذه المناسبة ألا أن أقول أرجو أن لا يظلم الفنان ميتاً كما ظلم حياً وإن كان من عاداتنا ان نكرم الأموات ارجو ان لا تغفل الجهات المعنية عما يجب ان نفي به لهذا الفنان الذي اعطانا كل ما يملك وبقي ان اقول إن كان للعود ملك هو فريد الأطرش فالاخفش احد امراء العود في الوطن العربي “. الشاعر الكبير حسن الشرفي يقول “عرفت الفنان الكبير محمد قاسم الأخفش عن قرب وزرته الى بيته ثلاث مرات أولها في عام1997م، وكنت أشعر حينها بأن الأخفش شخص قريب من النفس، وعندما زرته كبر في نفسي أكثر، وتوالت الزيارة به مرتين تقريباً، ومن ثم بقي التواصل هاتفياً”. وأضاف “ وجدت الأخفش الفنان والمبدع الراقي المحبوب وبفنه الرفيع يدخل الى القلب دون إستئذان سواء في الأغنية أو الأنشودة أو حتى ألحانه التي قدمها كثيرون من المبدعين الشباب”. واكد الشرفي أنه بدأ يتعلق بالفنان الأخفش من خلال أغنيته” ألا جينا نحيكم ونسمر معاكم” ومن ثم جاءت أغنيته الرائعة بعنوان “ ألا جس نبض الوتر ياسمير” ، معتبراً رحيل الفنان الأخفش يمثل فراغاً كبيراً كونه أحد سته مبدعين يمنيين كبار من أبناء جيله أمثال “ السنيدار، الحارثي، أيوب،أبوبكر سالم، المرشدي”. ولفت الى أن الأخفش كان يتحدث بمرارة عن بعض الفنانين الشباب معرباً عن خوفه من أن يشوهوا وجه التراث الغنائي الأصيل، كما كان يدعوهم الى التجديد ولكن بدون التنكر للتراث الأصيل. واعتبر الشاعر والكاتب عبد العزيز شايف الفنان الأخفش أحد أعلام الغناء والفن اليمني الذي تميز بالقدرة على العزف الجيد والشامل، وعده احد العازفين المتميزين على مستوى الجزيرة العربية والخليج. وقال شايف “كان الأخفش متواضعاً في تعاملاته مع زملائه، عاشقاً لفنه الذي كان يتملكه في كل لحظة”. ونوه بإبداعه وقدرته على الجمع بين الأصالة والتراث، والفن المعاصر فغنى لكثير من كبار الشعراء أمثال مطهر الإرياني، عباس الديلمي، عباس المطاع وغيرهم. واضاف شايف” شخصياً كتبت له أغنية طلبها مني على لحن كان قد وضعه مسبقاً، اقول في مطلعها “سرب الحمام غنا حتى شجاني، بأجمل الألحان والمعاني، غنى لشهر الحب والأماني، فرددت كل القلوب أغاني”، وقد اشتهرت هذه الأغنية بإسم عمال في المصانع. وتابع شايف “الأخفش فنان أكاديمي حيث تلقى دراسته العليا في المعهد العالي بالقاهرة وتلقى دورة تدريبية فنية في الكويت وله مدرسته الخاصة في الالحان ويتميز بأنه يبحث عن مطربين لألحانه كما تميز بالتواضع الجم والتزامه بالعمل في مكتبة الإذاعة والتنسيق بإذاعة صنعاء. كما اعتبر الأديب والفنان جابر علي أحمد الفنان الأخفش حالة إبداعية فريدة ، يقول جابر”عندما يمسك الأخفش الريشة يتناثر النغم الجميل من كيانه المتدفق جمالاً، وعندما استمع الى الحانه ينتابني إحساس خاص لأن العالم ما زال يشي بأشيائه القيمة. واضاف جابر مدير المركز الوطني للتوثيق الموسيقي “ الأخفش صديق عزيز وكم سعدت بمجالسته واستمتعت بألحانه لما تحمله من عذوبة وبيان الموسيقى ما يأسر القلوب ويطوف بالأحلام الى حيث المحراب الحقيقي للفن”. وأكد أن وفاة الفنان الكبير محمد قاسم الأخفش سيترك فراغاً كبيراً في الساحة الفنية ، مشيراً إلى ان فنه رغم بساطته الظاهرية الإ ان كوامنه مليئة بالجواهر الموسيقية. ونوه بقدرة وملكة الأخفش العجيبة في صياغة عالم نغمي خاص، مؤكداً بأن هذه القدرة لا يتمتع بها كثيرون من ممارسي الغناء. ويقول الفنان أيوب طارش: “ إن الفنان الاخفش وان غيبه الموت فقد خلده فنه وابداعه فقد كان له فنه والحانه وبصماته في الغناء اليمني ما جعله فناناً مبدعاً ومتميزاً واحببناه واحببنا لونه واغانيه وقد اعطى الكثير خلال مسيرته الفنية المتميزة”. وأضاف “ أعجبت بالفنان الأخفش وبتميزه وكنت أتمنى ان يجمعني به عمل فني ما دفعني إلى التغني في احدى المناسبات باغنيته المشهورة “ألا جينا نحييكم ونسمر معاكم” . ويشير الفنان عبدالباسط الحارثي إلى ان الأخفش كان من اوائل من تغنى بالثورة والجمهورية ومن افضل ملحني اليمن وتغنى للعامل والمغترب والوطن والمزارع من خلال اغانيه المختلفة مثل “ دقت طبول مسيرتي ، يا أهل الوطن يازراع ، الا جينا نحييكم ونسمر معاكم “والكثير من الاغاني والالحان المتميزة. وأكد الحارثي ان الفنان الأخفش أثرى الساحة الفنية بالكثير من الاغاني والألحان التي تغنى بها العديد من الفنانين الشباب. ويقول الشاعر والكاتب صلاح محمد المقداد: “استطاع الفنان المبدع محمد قاسم الأخفش أن يفرض إبداع لحنه وفنه بنفسه، إذ رسمت أعماله الفنية والغنائية والإبداعية طابعا خاصاً في أذهان المتلقي والمتذوق لفنه المميز من خلال الأداء الراقي لحنا وغناء”. وأضاف صلاح “ فمن أول وهلة تسمع الأغنية تعرف انها للأخفش، إن لم تحدد إسم الأغنية ذاتها، ومن أشهر اغانيه التي غنتها الاجيال الا جينا نحييكم ، أول العشقة سمر يتبع سمر، وغيرها من الاغاني التراثية الصنعانية الجميلة التي جعلته مميزًا، ويمثل نسيجاً متفرداً في مجال الطرب والغناء.