في الثلث الأخير من شهر رمضان الكريم من كل عام تتحول أنظار الناس واهتماماتهم من احتياجات الشهر المبارك ولوازمه إلى التركيز على متطلبات العيد ومستلزماته، وهي عملية ديناميكية تلقائية يفرضها واقع الحال، ولهذا التحول عقبات وصعوبات تحول ووصول غالبية الناس إلى مبتغاهم وبخاصة من ذوي الدخل المحدود- الذين لا يستطيعون اقتناء الملابس والحاجيات المناسبة لأولادهم وأسرهم وتتمثل هذه الصعوبات في وضع الأسعار الملتهبة التي طغت على أسواق الملابس بأنواعها وتشير حركة البيع والشراء التي حاولنا استقصاءها إلى أن استفسار المستهلكين عن أسعار الملابس وملحقاتها هي الأكثر بروزاً في مقابل عملية شراء أقل وبنسبة 15-1 وهي مفارقة عجيبة تؤكد ضعف القدرة الشرائية عند المستهلك في ظل الأسعار التي طرأت إثر ارتفاع قيمة العملة الأجنبية «الدولار» أمام الريال اليمني. ولم يجد الناس بداً من محاولة تفادي هذه الموجه العاتية واللجوء على البسطات والباعة المتجولين كون، المفهوم العام أن هذه البضاعة التي تتناثر على الأرصفة ومداخل الأسواق بطريقة عشوائية هي الأقل سعراً بغض النظر عن جودة الصناعة فالمهم عند رب الأسرة في هذه الحالة إدخال السرور على محيا أولاده حتى يمر العيد وأيامه بسلام، لكن أجمل ما في هذا المشهد العيدي أنه على الرغم من هذه المرارة إلا أن الابتسامة لا تكاد تفارق الوجوه المتطلعة إلى غدٍ أفضل ومشرق. “الجمهورية” ألقت نظرة على أوضاع السوق فتابعونا: “ التفاهم ” في خضم الحركة النشطة التي يشهدها شارع المعارض الرئيسي المجاور للمركز الثقافي لمدينة ذمار من المارة والمتسوقين التقينا بشكل عشوائي أحد الأشخاص الذي بدت عليه علامات القلق من خلال نظراته غير المستقرة إلى واجهات المعارض ،وبعد التعارف معه طلبنا إليه تسجيل انطباعه لدينا قال: محمد علي القيرحي ...موظف في السلطة المحلية لقد ارتفعت أسعار الملابس بشكل جنوني لا يصدق فالبضاعة التي كانت في السنة الماضية بألف أو الف وخمس أصبحت اليوم بثلاثة آلاف وأكثر، وعلى هذا فقس ولا حيلة لدينا وبما أننا استلمنا مرتباتنا متأخرين وفي نهاية شهر رمضان الذي يعتبر ظيقاً نحاول مراجلة”صاحب المعرض على السعر لكنهم لا يتفهمون ويصرون على أسعارهم التي هي في معظمها ارتجالية وأنا مضطر للشراء فلديّ 7 أولاد ذكور وإناث وكل منهم يريد الأحسن والأفضل وهذه طبيعة الأطفال، المهم أن المبلغ الذي بحوزتي لا يفي بالغرض بالرغم من أنني تجاهلت دفع ما عليّ من دين للبقالة والصيدلية وفواتير الماء والكهرباء، وأنا أفكر حالياً بالذهاب إلى البسطات والفرشات التي تملأ ذمار على الأقل سنجد هناك بضاعة سعرها أقل ولو بنسبة معينة إذا ما قسناها بأسعار المعارض الكبيرة. الأسعار خارج إرادتنا - وعلى ناصية نفس الشارع مرينا على أحد محلات بيع الملابس وبعد الأخذ والرد مع الأخ عبدالله محمد الأكوع صاحب المعرض أوضح لنا أن الأسعار من وجهة نظره مناسبة، صحيح أن هناك زيادة في الأسعار لكنها ليست كبيرة وإذا كان متضررين من الأسعار فالمشكلة ليست من أصحاب المعارض بل على العكس فنحن ضحية مثل المستهلكين تماماً، فعندما اشتري بسعر لأبد أن أبيع بالمثل وصدقني أن ارتفاع الأسعار لا تصب في صالحنا أبداً فنحن نريد أن نبيع، بسعر زهيد لأننا سنستفيد %100 على العكس من حالة الكساد، فحركة البيع والشراء هذا العام ضعيفة جداً وأكثر المتسوقين يدخلون المحل للتفرج على البضاعة والاستفسار عن أسعارها ثم يقفل راجعاً ويخرج مثلما دخل ولا يشتري إلا القليل مثلاً أنا أبيع لشخص واحد من بين عشرة أو خمسة عشر إذا ما الفائدة. أين الإكرامية - أما الأخ محمد عبدالله الشامي مدرس انجليزي بمدرسة عقبة الثانوية بذمار فيعلق قائلاً: إذا نظرنا إلى المرتب اليتيم الذي صرف لنا فأنا اؤكد لكم أنني لم استطع توفير احتياجات أولادي وإخواني من الملابس في ظل هذه الأسعار وسأفضل أنا وهم المكوث داخل المنزل . الأطفال يقدرون الوضع - دعتنا نظراته المصوبة إلينا طوال الوقت من الاقتراب من الطفل علاء ناصر المعلي” تلميذ في السادس الأساسي وسألنا ماذا تفعل هنا قال: جئت بصحبة والدي لشراء ملابس فقلت له: إذاً لابد أن تعود إلى البيت وقد ضمنت الملبس، فأجاب بهدوء وكلمات بريئة صادقة أنا أريد من والدي أن يعطيني ما يستطيع، لأن الملابس غالية وشهر رمضان أخذ مّنا الكثير من الزلط “النقود” ولو يشتري لي وإخواني من البسطة فكلها بضاعة جديدة لكنها رخيصة. تخلصنا من هذا الهم قبل رمضان - عبدالوهاب أحمد الوصابي يعمل موقص للأحجار يقول: والله إن حالة الناس صعبة جداً فبعد رمضان الكريم الذي يأتي برزقه وستر من أرحم الراحمين، لأن حاجاته كثيرة تأتي متطلبات العيد وما أدراك ما متطلبات العيد وبالذات الإنسان الذي لديه أولاد كثير، أما بالنسبة لي أنا فالحمد لله أقوم بشراء ملابس عيد الفطر قبل رمضان في شعبان أو رجب وأركز عليها أكثر من رمضان لأن رمضان مقدور عليه ممكن أن تستغني عن بعض الأكلات والإسراف فما أحد يدري ما بداخل المنازل أما العيد فهو ظاهر لكل الناس لذلك فإن شراء للملابس كل عام تكون قبل رمضان فقد استوعبت منذ زمن هذه الضرورة، ولهذا تجدني مرتاح أكثر من غيري وأنصح الغلابا مثلي أن يحذوا حذوي،حتى لا يصلوا إلى هذا الموصل مع العلم أننا اشترينا الملابس بأسعار غالية بعد ارتفاع الدولار. لا مشكلة لدينا - أما المهندس حسين فيقول: الأسعار فعلاً ارتفعت وأثقلت كاهل الناس لكن وضعي ميسور والحمد لله فلديّ ولدين طفل وطفلة فقط إضافة إلى أن زوجتي تمل مدرسة بمرتب لكن حالتنا حالة نادرة لأن أغلب الأسر يعولها فرد واحد وقد يكون عامل بينما داخل بيته درزينة من الأولاد والبنات.