فوجئَتْ والدتي عندما قرأت الرسالة التي وجدتها في حقيبة أختي المدرسية ، كانت رسالة من .. مازن .. زميل أختي في المدرسة . يحدِّثها مازن عن حبه وعن أمله في الزواج منها ، ويرسم في نهاية رسالته قلباً صغيراً .. أحمر اللون ، قلوب الحب دائماً حمراء ولكن قلب مازن كان داخله اسم أختي دعد مكتوباً بعناية وبخط صغير وكأنه نقش.. شعرت بالمرارة تخنق والدتي فقد كانت صدمتها عنيفة جدا لا لأن أختي تلقت الرسالة بل لأنها أخفتها عن الوالدة وهي التي علمتنا الصدق واعتبارها صديقة لنا . هل يفيد هنا أن أقول: إن دعد في الصف الثامن ومتفوقة في دراستها ولا تحب الخروج من المنزل كعادةِ الفتيات ، لكنها تقف هذه الأيام كثيراً أمام المرآة تسرِّح شعرها وتزينه بالشرائط الملونة . باعتبارها أختي الوحيدة وأنام معها في نفس الغرفة فقد كنت أراقب تحركاتها وأستغرب وأسال نفسي: هل سأفعل مثلها عندما أصبح في الصف الثامن ؟ أمامي عامان لأرتاح الآن من عناء الأسئلة . تصورت وجه أمي وصراخ أختي عندما ستواجهها بالحقائق ، لابد أنها سوف تصفعها بشدة ، رغم أن أمي تكره الضرب ولم تلجأ إليه في تربيتنا مطلقا ، لكن دهشتي كانت كبيرة عندما أعادت أمي الرسالة إلى مكانها وتجاوزت الموضوع وكأنه لم يكن . مساءً اختفيت لأستحم وعندما خرجت وجدت دعد وأمي جالستين ، كانت أمي تحدث دعد عن الزواج وأنه من المبكر جدا التفكير في تلك الأمور وقالت والدتي: إن الزواج سنة الحياة ولابد وأن تتزوج جميع الفتيات ، غير أنه لا يمكن لفتاة صغيرة مازالت تتعلم أن تفكر بهذا الأمر ، ما يجب أن تفكر فيه أولاً هو أن تنهي تعليمها الجامعي ، وعلى الله بعد ذلك مسألة الزواج . وقالت أمي أيضا لدعد: إن عليها الاهتمام بدراستها وتفوقها وتحصيلها العلمي لتصبح قدوة لأولادها في المستقبل . دعد اعتذرت لوالدتي بخجل وقبَّلت يدها طالبة الصفح لأنها اخفت عنها تلك الرسالة ، أما أنا فقد فكرت في شيئين. الأول .. ماذا تقول والدة مازن له إذا ضبطته متلبساً برسالة من دعد ؟ والثاني .. أين سأخبئ رسائلي حينما أصبح في الصف الثامن وأبدأ في تزيين شعري بالشرائط الملونة .