أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور حرص اليمن على تأمين كافة الإمكانيات التي تزيد من قدرة العمالة اليمنية على المنافسة سواء عبر برامج التأهيل والتدريب النوعية أم من خلال تجويد مخرجات التعليم الفني والمهني. وقال رئيس الوزراء خلال افتتاحه أمس في صنعاء ورشة العمل الإقليمية حول تنقل الأيدي العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي التي تنظمها وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع منظمة العمل العربية والمنظمة الدولية للهجرة: «إن الحكومة أعدت مؤخراً بالتعاون مع شركة ماكينزي الدولية رؤية منهجية جديدة لتعزيز مخرجات مؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني بما ينسجم ومتطلبات سوق العمل المحلي والخليجي». وأضاف: «إن تلك الرؤية تتضمن تحديد الخطوات الكفيلة بتحقيق التواجد المبرمج والمتنامي لحجم العمالة اليمنية في سوق العمل الخليجي للأعوام العشرة القادمة، مع الأخذ بعين الاعتبار الدور الحيوي لمؤسسات القطاع الخاص في هذا الجانب». مؤكداً أن الجمهورية اليمنية تعبّر عن تقديرها العالي لذلك المستوى من الالتزام تجاه قضية العمالة اليمنية في الأسواق الخليجية والذي عبّر عنه قادة دول مجلس التعاون في القمم الدورية التي يعقدونها. وأشار إلى أن ذلك يدل على الحرص المشترك على توفير كافة العوامل التي من شأنها أن تعمق في أسس العلاقة الأخوية بين اليمن وجيرانه في الجزيرة والخليج وتأمين قاعدة صلبة من المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة بين دولنا. وقال الدكتور مجور: «إن اليمن يفخر بالمشوار الذي قطعه في مسار الشراكة مع أشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي في المستويات السياسية والاقتصادية وفي مسيرة التكامل التي جعلت اليمن حاضراً في الكثير في مؤسسات التعاون المشترك». وأضاف: «إننا اليوم حريصون على تعظيم المنافع المشتركة، حيث تنظر الحكومة اليمنية إلى قضية استيعاب العمالة اليمنية في سوق الخليج كأحد أهم هذه المصالح المشتركة، وأنه في الوقت الذي يمثل فيه اليمن سوقاً واعداً تتخلق فيه مصالح هامة لأشقائنا الخليجيين، فإن إدماج العمالة اليمنية في الأسواق الخليجية ينبغي ان تمثل أولوية مشتركة». مؤكداً أن هذا النوع من المصالح المشتركة هي التي تخلق أساساً مشتركاً للعيش في منطقتنا قوامها السلام والاسقرار والرخاء الاقتصادي. وأكد الدكتور مجور أهمية تطوير عملية تبادل المعلومات والبيانات والبرامج والمناهج التعليمية والتدريبية بين الجهات المعنية في اليمن والمؤسسات المشرفة على تدريب وإعداد الكوادر الفنية والمهنية في دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديد المعايير والمهارات المهنية التي تعكس احتياجات سوق العمل ومتطلباته، ووضع أسس ومعايير موحدة للمستويات المختلفة لبرامج التعليم التدريبي، وتعميم البرامج المشتركة. وتابع رئيس الوزراء قائلاً: «إنه لمن حسن الطالع أن تنعقد هذه الورشة في أجواء مناسبة اقليمية خاصة هي انعقاد بطولة خليجي 20 الرياضية التي تمثل تعبيراً قوياً على مسيرة التكامل والتعاون المشتركة بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي». مشيراً إلى أن هذه البطولة ذات البعد الرياضي تحمل دلالات قوية على عزمنا المشترك من أجل خلق فرص أفضل لعلاقات أخوية قوية ومتينة بين بلداننا، فضلاً عن تجسيد القيم المشتركة بين أقطارنا وشعوبنا، كما أنها تعبّر عن تطلعنا جميعاً إلى حياة أفضل وإلى ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقتنا. ورحب رئيس الوزراء بالمشاركين في هذه الورشة من الأشقاء والأصدقاء، ناقلاً إليهم تحيات فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية وتمنياته لها بالنجاح والخروج بنتائج تخدم الجهود المبذولة لتعزيز تواجد العمالة اليمنية الماهرة والكفؤة في دول المجلس. وعبّر عن الشكر والتقدير لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل ومنظمة العمل العربية والمنظمة الدولية للهجرة على الجهود التي بذلت للإعداد والتحضير لهذه الورشة وكذا للأشقاء الخليجيين على حرصهم للمشاركة في هذه الفعالية الهامة. من جهتها أوضحت وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل الدكتورة أمة الرزاق حمّد في كلمتها أن هذه الفعالية تكتسب أهمية خاصة كونها تجسد شراكة نوعية محلية وإقليمية ودولية. وأشارت إلى أن انعقاد هذه الورشة يأتي في ظل آثار وتداعيات مثّلت تحديات عالمية كبيرة واجهت قضايا التشغيل والبطالة التي ضاعفت من حدتها الأزمات العالمية الاقتصادية، وألقت بظلالها القاتمة على القوى العاملة في الدول النامية والدول المتقدمة على حد سواء مما أدى إلى تضييق فرص العمل الجديدة أمام الشباب. وقالت: «إن معظم الدول العربية تعاني تزايد معدلات البطالة التي أصبحت تشكل خطورة على أمن واستقرار المنطقة، وهذا ما يستدعي تكامل الجهود في إطار العمل العربي المشترك، لإيجاد آليات فاعلة للتنسيق والتعاون في إطار يوائم بين العرض والطلب على القوى العاملة في ضوء احتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية». وأشارت حمّد إلى أن منظمة العمل العربية قامت بجهود ملموسة لإدراج موضوع التشغيل والبطالة على جدول أعمال القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي انعقدت في الكويت مطلع العام 2009م. مبينة أنه من ضمن قرارات القمة القرار الخاص بالبرنامج المتكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة في الدول العربية، الذي أوكلت تنفيذه إلى منظمة العمل العربية بالتعاون مع الجهات المعنية في الدول العربية، واعتماد الفترة من (2010-2020) عقداً عربياً للتشغيل وخفض البطالة، ودعم التنمية البشرية والتدريب بالإضافة إلى تيسير تنقل الأيدي العاملة العربية بين الدول الأعضاء. وقالت: إن علاقات اليمن مع دول مجلس التعاون الخليجي شهدت تطوراً متنامياً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية تسير بحسب الخطط والرؤى بما يهدف إلى التنسيق والتعاون الذي يحقق التكامل الاقتصادي بين اليمن ودول المجلس. لافتة إلى أن مسيرة العمل المشترك حققت نتائج إيجابية من خلال اللجان المشتركة، والزيارات المتبادلة وحضور الندوات والفعاليات، والاجتماعات الدورية السنوية. وأضافت: إن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تتمتع بالعضوية الكاملة في إطار مجلس وزراء العمل ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية ضمن أربع مؤسسات رسمية. ودعت المشاركين في الورشة إلى التفاعل الجاد وإثراء محاور الورشة، وأوراق العمل التي تتناول تنقل الأيدي العاملة من وجهة نظر قطرية، وتجارب دول مستقبلة للعمالة، بالإضافة إلى دور وكالات التوظيف في تسهيل تنقل الأيدي العاملة وتجارب شخصية ناجحة، وستظهر نتائج هذه الشراكة في التقرير الختامي الذي سنعمل بإذن الله معاً كشركاء لمتابعة تنفيذه. من جانبه أوضح مدير عام منظمة العمل العربية أحمد محمد لقمان أن اليمن كان دائماً في طليعة العمل العربي المشترك منذ بداياته الأولى، بل وهو من مؤسسي هذا العمل ضمن سبع بلدان كانت تمتلك السيادة الكاملة في ذلك الوقت. لافتاً إلى أن تعاون منظمة العمل العربية ومنظمة الهجرة الدولية ووزارة الشئون الاجتماعية والعمل ووزارة التعليم الفني في اليمن أمر مميز. وقال: إن اليمن اليوم مختبر لكل قضايا الهجرة والتنقل، فهو يصدّر العمالة لكنه يستقبلها، وهو يتحمل تبعات الهجرة غير الشرعية واللجوء بصبر، مغلباً العوامل الإنسانية على غيرها، ويبذل جهداً ليوازن بعدل بين متطلبات الأمن والاستقرار وطائفة كبيرة من حقوق الإنسان، ويتطلع إلى فرص أفضل للتنقل الموقت لأبنائه إلى بلدان المنطقة التي ننتمي إليها. ولفت إلى أن اليمن جزء مكون أصيل من نسيج المنطقة، وأن الظروف مواتية تماماً للتجاوز نهائياً عن أية آثار أبطأت تنقل العمالة بين اليمن وشقيقاتها دول الخليج العربية الأخرى. وأكد أن تجربة تنقل العمالة اليمنية إلى البلدان المجاورة الشقيقة حققت النفع المشترك والأمان والنماء لجميع الأطراف، وأسهمت في وقت مبكر في بناء هياكل الدول المستقلة حديثاً التي سرعان ما تمكنت في تطوير الأنشطة الاقتصادية والتجارية فيها. وقال: إن وجدان الشعب اليمني العظيم يكتنز خبرة ثمينة في التعاون مع الشعوب في الشرق والغرب.. إذ يسهم بكده وعمله المتواصل في تحقيق نفع مشترك يتناغم مع الأنماط الثقافية السائدة في بلدان الاستقبال. وأعرب لقمان عن أمل كبير بأن يصل المشاركون في الورشة إلى التأكيد على قيام تعاون منظم بين اليمن والبلدان العربية الخليجية الأخرى في مجال تنقل العمالة بينها، وإقرار لجنة مشتركة دائمة تعنى باقتراح السياسات ووضع البرامج المساعدة على تنقل ناجح للعمالة يعضد نسيج شعوبها ويدعم التنمية الآمنة فيها. من جانبه أشار مدير عام المنظمة الدولية للهجرة وليم سوينج إلى أن هناك نحو15 مليون شخص أجنبي يعيشون في ست دول أعضاء مجلس التعاون العربي بحسب بيانات الأممالمتحدة. لافتاً إلى أن هناك مؤشرات كثيرة تؤكد أن بلدان الخليج العربي ستستمر في احتياجاتها للقوى العاملة الوطنية والعالمية بأعداد متزايدة بمختلف مستويات المهارة والخبرة. وقال: إن اليمن البلد الذي يعتبر منذ القدم منشئاً للعمالة يواجه عدة تحديات تنموية أهمها تحدي النمو السكاني الذي تغلب عليه فئة الشباب، وتتوقع الأممالمتحدة أن يصل سكان اليمن في العام 2050 إلى 60 مليون نسمة سيكون منهم 26 مليون نسمة تحت سن 24 سنة. وأشار إلى أن التحدي الآخر هو زيادة نمو المدن، حيث من المتوقع أن يعيش نحو 60 بالمائة من اليمنيين في العام 2050 في المدن بدلاً عن الريف.. وهذا يعد أعلى معدلات النمو الحضري في المنطقة العربية كاملة. وأكد سوينج أن القوى العاملة اليمنية هي مورد سيكون مفيداً بصورة كبيرة لبلدان مجلس التعاون الخليجي وكذلك لليمن من خلال التعاون في تعزيز حركة العمال. وقال: إن منظمة الهجرة الدولية تلعب دوراً رئيساً في مساعدة دول مجلس التعاون الخليجية ومنظمة العمل العربية واليمن. مشيراً إلى أن هناك رغبة لدى جميع الأطراف لإيجاد شراكة أوثق بين بلدان مجلس التعاون واليمن، حيث ستلعب منظمة الهجرة دوراً فاعلاً في مجال حوار السياسة الإقليمية حول حركة العمالة والتنمية. إلى ذلك بدأت أمس أعمال ورشة العمل الإقليمية حول تنقل العمالة اليمنية إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تنظمها وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع منظمة العمل العربية والمنظمة الدولية للهجرية ومشاركة أطراف العمل الثلاثة في اليمن (الحكومة، والاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية، والاتحاد العام لنقابات عمال اليمن). حيث عرضت الجلسة الأولى من الورشة تنقل العمالة اليمنية بين الواقع والمأمول، والتي رأسها وزير التعليم الفني والتدريب المهني إبراهيم عمر حجري الاستراتيجية اليمنية لتسهيل تنقل العمالة, وورقة العمالة اليمنية ومتطلبات تأهيلها لسوق العمل الخليجي، إضافة إلى دراسة حالة جمهورية مصر في التصدي للهجرة غير النظامية، وعرض لأولية التشغيل ومكافحة البطالة من منظور الحكومة اليمنية.. وتناولت جلسة العمل الثانية التي رأسها مدير عام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشئون الاجتماعية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سالم المهيري تنقل العمالة من وجهة نظر دول الاستقبال، كما تناولت الجلسة التجارب القطرية لممثلي دول مجلس التعاون الخليجي. وحظيت الورشة بحضور كثيف للوزراء المختصين وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي في بلادنا.