وتِلكُم الأيام تقذفنا نحو سواحل الغيابْ وفي المساء الأزليّ دونما إيابْ تأخذنا الأيام ! فهل ولو ليومْ يمكننا حط الرحال فوق هامة العصور؟!
أهمس : يا بحيرة !! طوى الزمان صفحة العام وقُرْبَ موجة الهوى التي عشقنا فلتنظري ! فهاأنا أجيء بائساً وحيداً أجلس فوق صخرةٍ لطالما رأيتِها جالسةً عليها ..
تحت الصخور هكذا كنت تشقين سكون الصمت بالخرير وهكذا كنت على صدورها الغلاظ ترتمين وكانت الرياح ترمي زبداً من موجك العتيّ هكذا على ساقي حبيبتي الجميلتين ..
هل تذكرين ذات مساء كان قاربٌ يسير في سكون ونائمين دونما نومٍ عليه كنّا تحت السماوات وفوق الموج لم يصلنا سوى لحون الموجة الناعشة الرخية وضجة المجدّفين ههنا وهم يوقّعون في أمواجك المنسجمهْ ؟!.
وفجأة ... من عالم تجهله الأرض هوى غناء من ساحل الفتونْ فرّت إلى مسمعها أصداء ويشرئب الموج يصغي ... ذلك الصوت الذي أُحِبّه من ظله تجَوهَرالهباء
يادهر .. قف ، رويدك يالحظة الغرام يا يتيمة الساعاتِ كوني فرصة الهناء بادخار أجمل الملذات لأجمل الأيامِ .. والآتي من الدهور
في زحمة الآلام هاهم تعساء الأرض يستجدونك يادهر كالسيل تدفق واجرف الأيام والمآسي لا تُبق منها ناهشاً وانس جميع السعداء ...
لكنّ حزني عبثاً يهز هذا الغافل الأصمّ مازال يفلت مني ويفرّ وقتي الشَموس أصيح : يا ليل تمهّل إن فجراً مّا هناك سوف ينحرالظلامْ
فلننهب العشق إذن .. ولنسرق الحب من الحمامة الدهريةالهاربهْ فليس للإنسان مرفأٌ وليس للزمان ساحلٌ نحن نمرّ مسرعينَ والزمان يجري ..
ياأيهذا الزمن الحاسد هل لساعة اللقاء أن تمحو أيام الشقاء عنا؟! وعن هوانا حين يسقينا الهوى سعادةً بلا حساب؟! وهل لنا على الأقل أن نخلّد الأثرْ ؟! ماذا ! انقضت إلى الأبد؟! ماذا ! انمَّحت ساعاتنا تلك؟! ودهرنا سطّرها .. ودهرنا محاها ألا يعيدها لنا الذي محا وسطّرْ؟!
ماضٍ .. عدمْ .. آتٍ .. أزلْ يومٌ وأمسٌ لجج سحيقة ماذا تُراكم تفعلون بالتي ابتلعتُم؟! تكلّموا ... هل ستعيدون لنا هذي التي خطفتم؟!
أيتها البحيرةْ .. أيتها الصخور .. أيتها الكهوف .. أيتها الغابات .. أنتنّ من أبقى عليكن وحافظ الزمان وجدّد الشباب فيكنّ ليحفظ الحياة احفظن في هذا المساء واحفظي أيتهاالطبيعة الغناء على الأقلِّ ... الذاكرة !! أيتها البحيرة الجميلة .. لتستفق ذكرانا في منظر السكون والعواصف العتيّه في ضحكة التلال والصنوبر الداجي وفي وحشيّةالصخور في تمتمات الحب حول موجة شرودة في نسمة راعشة مرّت بأصداء ضفافك المكَرْكِرة في النجم ذي الجبين ذي الفضة ضاء سطحك البهيّ باللآلئ المسترخية
أيتها البحيره فلتشهدي ولتشهد الريح إذا تنهدت والقصب الفارغ والعطر اللطيف .. كلُّ ما نرى وما نسمع أو نشمّ ليشهدالجميع بأن ذكرانا ظلال الحب والبحيرة ....