• .. كنت اٌطفي الشمعة الرابعة عندما كان «أبو محمد» يرفع الدرع الأغلى في تاريخ عميد أندية تعز «الأهلي» , عشت موسم الجنون ذلك ولا تستغربوا إن قلت أني أتذكر عطاءات أصحاب الغلالات الحمر الذين كانوا ماكينات عمالقة لا تهدأ , كان والدي يأخذني كلما لعب الأهلاوية وكأنه عيد الأعياد , إنه الزمن الجميل الذي لا يزال عبقه الطيب عالقاً في الأذهان ولن يجود الزمن بمثل نجومه المتلألئة. • .. كان «الأهلي» عظيماً ولا يزال , ولكن في عصر الكبار القاضي , حبيش , بن ثابت , المحويتي , بن غالب , بن ناجي , نجاد , طه والقائمة تطول , من الصعب الفوز بالظهور وأخذ مكان مع الفريق الأول وظل ذلك حلماً يراود الجميع حتى ولو باللعب مع الفريق الرديف , هذه القاعدة كسرها «أبو محمد» عندما استطاع في بداياته المتوهجة كلون الفانلة الحمراء اقتحام مجرة النجوم ليحجز لنفسه موقعاً أساسياً لا يمكن التخلي عنه لثوان. • .. الظهور الساحر لم يقتصر على كرة القدم , بل كان «أبو محمد» يتميز بموهبة فذة في لعبة أنيقة أخرى سجل من خلالها إنجازاً لكرة الطاولة اليمنية بقيادته لمنتخب السعيدة لتقلد ميداليات التتويج في بطولة الخليج والجزيرة العربية , لاعب متعدد المواهب امتلك بداخله جينات رياضي يعطي بلا حدود وبإخلاص . • .. مع «الأهلي» برز بقوة كمهاجم صريح وهداف أيضاً وصانع ألعاب ويحسب له إجادته اللعب في عدة مراكز إضافة إلى تميزه بالمهارة والسرعة , ليس ذلك فحسب بل كان مشاغباً إيجابياً بذكاء لمصلحة المجموعة , الكابتن نبيل مكرم المدرب الحالي ولاعب الصقر سابقاً حدثني ذات مرة أن الفرق كانت قبل أن تبحث عن حلول للنجاة من هزيمة محققة أمام المارد الأهلاوي تفكر بجدية بالكيفية التي تعرقل فيها نحلته اللاسعة «أبو محمد» كان مؤثراً جداً وله حضور فاعل أليس أهلاوياً . • .. في الزمن الجميل ظل ساطعاً بين بقية النجوم حتى وهو يلعب مع أندية أخرى كان فيها العقل المفكر والأخ الكبير وحتى مع المنتخب , وكرياضي طامح ظل «أبو محمد» يتعاطى مع الحياة بواقعية ويرسم لنفسه خارطة طريق لمسئول ناجح لا تهمه مصلحته قدر ما يشغله هم خدمة وطنه الكبير . • .. قلة من الرياضيين استطاعوا نقل تفوقهم في عالم المستديرة إلى كراسي المسئولية بنجاح يتساوى أو يفوق ما سبق وقدموه , ولعل الكابتن «عبدالعظيم القدسي» الذي أعنيه في سطوري التي لا توفيه حقه واحد من أولئك , لقد بدأ مشواره بهدوء ونجح في جذب الأنظار إليه كلاعب والآن يتألق كمسئول وهو يدير أكبر مكاتب البريد في الجمهورية بريد عدن الجميلة . • .. في مدة قصيرة وكأنها تمريرة بينية نجح « القدسي» واُعتبر مثالاً حياً للشاب الطامح والناجح الذي لم يخذل نفسه أو ينكسر بسهولة متعذراً بالزمن والواقع , فهو يثبت الآن أنه الرجل المناسب في المكان المناسب وإن كنت أراه في مناصب أعلى لأنه أهل للثقة وقادر على تقديم الكثير في أي عمل يناط إليه أياً كان بسهولة ودقة وسرعة. • .. أتذكر الياباني «تاكيو اوساهيرا» احد رموز الثورة الصناعية في بلاد الشمس الذي استطاع أن يصنع ذاته عندما حَوّل الفكرة التي حلّقت في خياله من خلال عزيمته إلى هدف يراه بعينيه و يخطو إليه يوماً بعد أخر وهو يرفع شعار : إذا كان الناس يعملون ثمان ساعات في اليوم سأعمل تسع ساعات : ثمان ساعات لنفسي ولأولادي و الساعة التاسعة من أجل اليابان .. وهو شعار رفعه «القدسي» ولكنه يختلف عن «أوساهيرا» لأنه رفع من حصة بلاده ساعات وساعات وربما بذل روحه وهو يتابع عمله عن كثب وياله من إخلاص . • .. من النادر جداً أن يتحدث الناس عن مسئول بعينه ويتفقون على حسن صنيعه وجودة ما يقدمه في عمله درجة تفوق الإتقان , في الحافلات والمكاتب هناك في عدن يتحدثون بإعجاب عن «القدسي» وطريقته السلسة في جعل مكتب البريد أحد انجح المكاتب الحكومية وعن التسهيلات التي ابتكرها لخدمة الجميع ومنهم المتقاعدين بالذات بما يصب في صالحهم , شاهدت بعيني وسمعت بأذني ولم أشعر بالدهشة أبداً لأنه «القدسي» . • .. «محمد» يلتمس طريق والده بظهوره الدائم مع المنتخبات الوطنية السنية واللعب بغلالة حمراء أيضاً لعميد أخر هو التلال عميد أندية الجزيرة النادي العريق الذي يذوب فيه «القدسي» الأب حباً و لا يستطيع إخفاء ذلك الهيام كلما ذكر أحدهم اسم أسود صيرة , ومع التلال الذي يتولى فيه «القدسي» منصب نائب رئيس مجلس الإدارة نحن على موعد جديد وقريب مع بطولات قادمة بذات اللون الذي يعشقه نجمنا الذي يزداد سطوعاً مع مرور الأيام . • .. «عبدالعظيم القدسي» أعتقد أني لم أوفيك حقك في سطور متواضعة فأنت تستحق الكثير لأنك تجبرنا دوماً على احترام ما قدمته وتقدمه بمهارة رائعة في ملعب الحياة التي تستحق فيها شارة القيادة بجدارة يا صانع السعادة . [email protected]