أصدر الرئيس اللبناني ميشال سليمان فى بيروت أمس الخميس مرسوم استقالة حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري وطلب منها الاستمرار في تصريف الأعمال. وذكر بيان صادر عن مكتب الرئاسة أن هذا القرار اتخذ بعد أن فقدت الحكومة أكثر من ثلث أعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها. ويأتي قرار الرئيس اللبناني بعد استقالة 11 وزيراً، بينهم عشرة من فريق المعارضة من الحكومة، مما يعني أنها أصبحت بحكم المستقيلة بعد استقالة الثلث زائداً واحداً من وزرائها. وكانت المعارضة قد أمهلت الحريري حتى أمس كي يعلن عقد اجتماع طارىء لمجلس الوزراء بشأن المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال والده رفيق الحريري رغم أن رئيس الوزراء خارج البلاد. وجاءت هذه التطورات بعد إعلان سياسيين لبنانيين فشل المبادرة السورية - السعودية في التوصل إلى اتفاق للحد من التوتر بشأن المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال رفيق الحريري عام 2005م. وتسببت الخلافات في شل عمل حكومة الوحدة التي تشكلت قبل 14 شهراً، واجتمع مجلس الوزراء مرة واحدة فقط خلال الشهرين الماضيين. وتعليقاً على انهيار الحكومة قال البيت الأبيض إن انسحاب حزب الله من حكومة الوحدة الوطنية يظهر “خوفه الخاص وتصميمه على تقويض قدرة الحكومة على العمل”. وقد عبرت فرنسا وبريطانيا والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن دعمهم غير المشروط للمحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال الحريري. من جهته أعرب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن أسفه لانهيار الحكومة اللبنانية، وحذّر من خطر تدهور الأزمة السياسية في لبنان أكثر. وقال موسى للصحافيين في الدوحة: “لا أحد يرغب بعودة لبنان إلى المربع الأول”.. ودعا جميع الأطراف المعنية بالأزمة إلى العمل من أجل الوصول إلى توافق يساعد على تشكيل حكومة مستقرة في لبنان. كما أعربت تركيا عن أملها في أن يعيد حزب الله التفكير في الاستقالات، وعبّرت من خلال وزير خارجيتها أحمد داوود أوغلو عن تأييدها لجهود الوساطة السورية - السعودية. أما رئيس الوزراء, وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني فقال إن بلاده تدعم المبادرة السعودية السورية وتثق بجهود قائدي البلدين. وتنذر التطورات السياسية في لبنان بعد الإعلان عن استقالة حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري ب “أزمة مفتوحة” في ظل الانقسام الداخلي الحاد حول المحكمة الدولية والتداعيات المنتظرة للقرار الاتهامي في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وعدم تمكن المسعى السعودي - السوري من إيجاد مخرج للأزمة.. وحمل إعلان استقالة وزراء المعارضة اللبنانية من الحكومة في حين كان رئيس الوزراء سعد الحريري يجتمع مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن دلالات على عمق الأزمة السياسية بين فريقي الموالاة والمعارضة في لبنان ووصول الأمور إلى حائط مسدود. ومما لا شك فيه أن استقالة الحكومة سيكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني الداخلي بكافة جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية أصلاً في حين تبقى الآمال معقودة على تدخل عربي دولي وعلى عودة التواصل والحوار بين الأطراف اللبنانية للحد من انعكاسات الأزمة كي لا تخرج عن إطارها السياسي ولا تتخذ أبعاداً أمنية كان اتفاق الدوحة في 21 من شهر مايو العام 2008 قد وضع حداً لها. من جهة أخرى وبعد صدور مرسوم اعتبار حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري مستقيلة والطلب إليها تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة فإن الرئيس اللبناني ميشال سليمان سيتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لتحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد. من جانبه دعا الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن بن حمد العطية أمس الخميس القوى اللبنانية إلى تعزيز نهج الحوار والتجاوب مع المساعي الخيرة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية في هذا الشان. وأكد العطية في كلمة أمام جلسة “مداخلات الحكومات” في إطار منتدى المستقبل الذي افتتح رسمياً أمس في دولة قطر دعم المجلس للأمن والاستقرار في لبنان والوحدة الوطنية بين القوى السياسية اللبنانية استناداً إلى اتفاقيتي الطائفوالدوحة. وفي الشأن الفلسطيني انتقد العطية الدعوات العنصرية التي أطلقها القادة الاسرائيليون بشأن يهودية الدولة الاسرائيلية, محذراً من خطورة تداعيات هذه الدعوات على مستقبل وجود المسلمين والمسيحيين من أصحاب الأرض الأصليين داخل اسرائيل. واعتبر العطية أن هذه التهديدات تلغي حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتمثل تهديداً للأمن الاقليمي وتناقضاً صارخاً مع المزاعم بشأن ديمقراطية النظام السياسي في اسرائيل. وأعرب عن أمله في ان يولي المجتمع الدولي اهتماماً بدعم السلام والاستقرار في السودان بعد مرحلة الاستفتاء على مصير الجنوب حتى تبقى جسور التواصل والتفاهم بين الشمال والجنوب أياً كانت نتيجة الاستفتاء. ونبّه العطية في كلمته التي أوردتها وكالة الأنباء القطرية إلى خطورة ظاهرة تصاعد وتيرة الطائفية والمذهبية والعصبية القومية في منطقة الشرق الأوسط بشكل أصبح يهدد استقرار ووحدة العديد من الدول ويشكل خطراً على السلام الاقليمي خاصة أن هذه الظاهرة امتزجت بأعمال ارهابية دموية. وشدد على ان مواجهة هذه الظاهرة هي مسؤولية شاملة لا يمكن ان تضطلع بها الحكومات منفردة بل إنها مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني والحركات الفكرية والسياسية والمنتديات الثقافية وعلماء الدين ووسائل الإعلام من خلال طرح الفكر المتسامح. ودعا الدول الكبرى والأسرة الدولية إلى التحرك سريعاً لإحقاق الحقوق الفلسطينية المشروعة والسعي لإطفاء بؤر التوتر في منطقة الشرق الأوسط وحل الأزمات الاقليمية والدولية عبر الحوار باعتباره السبيل الأمثل لمعالجة الخلاف بين إيران والغرب حول الملف النووي الإيراني. من جهة أخرى بحث وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريرى فى اتصال هاتفى تطورات الأوضاع اللبنانية. وأوضح الناطق الرسمى باسم الخارجية المصرية السفير حسام زكي في تصريح له أمس ان أبوالغيط أكد للحريري خلال الاتصال تثمينه للمواقف البناءة التي اتخذها الحريري خلال الفترة الماضية لتجنيب لبنان مخاطر تأزيم الوضع فيه..وأشار إلى أن مصر مستمرة في دعمها جهوده المخلصة لخدمة لبنان في إطار الحفاظ على أسس الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية والاستقرار.. من جانب آخر أعلن الجيش اللبناني أمس الخميس عن استرداد مواطن اختطفته القوات الاسرائيلية من جنوب بلدة رميش الحدودية في الجنوب.. وقال بيان صادر عن مديرية التوجيه في الجيش أنه تم “استرداد المواطن “شربل طانيوس الخوري” الذي اختطفته ظهر أمس دورية تابعة للعدو الاسرائيلي جنوب بلدة رميش, حيث سلم عبر معبر الناقورة إلى قوات الأممالمتحدة الموقتة في لبنان والتي سلمته بدورها إلى الجيش اللبناني. وكان الجيش اللبناني قد ذكر في بيان الليلة الماضية أنه «في اعتداء واضح على أهالي المناطق الحدودية أقدمت دورية راجلة تابعة لقوات العدو الاسرائيلي على اجتياز السياج التقني جنوب بلدة رميش وخطف مواطن لبناني».