إهداء:- إلى كل القلوب الميتة, إنذار بضرورة السداد قبل فصل النبض فتح باب منزله بسرعة, سيتأخر على عمله, تعثر بظرف كتب عليه(فاتورة), تساءل: - بهذه السرعة, من شهر فقط سكنا هذا البيت, لحقوا يعملوا فواتير, لكن مرتبي أصحاب هذه الجهة, وضعوها في ظرف أنيق!! وضع الظرف في زاوية من حقيبته, وهو يردد:- - بعدين.. بعدين أقرأها. ذهب إلى عمله, عاد متأخراً, كاد أن ينسى ذلك الظرف, إن لم يكن نسيه فعلاً, إلا أنه اصطدم به نظره فجأة, وهو يفتش في حقيبته عن أوراق المشروع الجديد: - لنر, كم الحساب؟! فتح الظرف, كانت الورقة مرتبة بخط بسيط منكسر:- فاتورة عمر المؤسسة العامة للحياة فاتورة(شهور وسنوات العذاب) اسم المشترك/خائن المشاعر والتضحية والوفاء. رقم المشترك/الأول والأخير. المتأخرات المدفوعات كل شيء لاشيء المبلغ المطلوب/عمرك وعمري الذي ضيعته معك. بعد هذه الفاتورة الكبيرة خطت: - هل قرأت الفاتورة كم هي غالية؟ متى؟ وكيف؟ ومن أين لك أن تسددها, حتى لاينقطع عنك عمري ودمي الذي وهبته لك؟! كيف تعيش معها؟! هل تفعل لك ماكنت أفعل؟! هل تفكر معك, وتبكي قبلك, وتضحك من أجلك؟! هل تمسح الأرض قبل أن تمشي عليها, ولاتنام قبل أن تنام؟! هل تعلمت القراءة والكتابة لأجلك؟! هل قصت لك جديلة من شعرها, ووضعتها لك في تلك التحفة في مكتبك, وصنعت لك منها فرشاة الألوان, التي كنت ترسم بها ضريحها ؟ هل تصلي في الليل, وتصوم النهار لتدعو لك أن تعيش وتبتسم وتفرح؟! هل اقتطعت لك جزءاً من كبدها, لتزرعها في كبدك التي التهمتها الخمر؟! أتدري أن دمك الآن الذي تتنفس به وأنت معها هو لي؟ تذكر أنك تخونني بدمي, ولي ميراث بجسدك, كيف لك أن تعيده أو تقتلعه؟! يومها كنت على استعداد أن أهبك كل قطعة بجسدي, أولها نبضات قلبي التي كنت تدوسها كل يوم بقدميك المتسختين بنجاسة روحك, وتذكر بعدها أنك رميتني لأني وهبتك الحياة التي لاتستحقها. وبعدها, أتذكر كم صفعتني, هل تصفعها كما كنت تصفعني؟ هل تلعنها وتركلها, وتلعن أهلها, وتسرق مالها, هل تخونها بمالها ودمها؟ صمت, ذهب:- أيعقل أنك مازلت حية؟! أين؟ وكيف؟! وعاد لتلك الورقة:- وأكبر عيوبها, ماهي أكبر عيوبها في نظرك؟! أهي كأكبر عيوبي التي قلت لي يوماً: أنها سبب في خرابك وفشلك؟ أما زال غفراني وتسامحي هما خطيئتي؟ وكما قلت مهما فعلت سأعود وتغفرين لي, وكنت على حق. ألا تظن هي أنك ستبيعها وترميها؟! تذكر, أنك تأكل وتشرب وتخونني بمالي الذي صنعته لك, من عملي وكدي وتضحياتي, وأنت بين المرض والفقر والذل واللهو, وكبدي التي بسببها ينبض قلبك, ملكي أنا. أتدري؟! أشكرك لأنك ألقيتني إلى الشارع في منتصف الليل, لأني مريضة لأني وهبتك كبدي, فلم أعد أصلح للاستخدام الآدمي, لأن فعلتك علمتني أن الشارع وكلابه أرحم بكثير من بني البشر الذين يشبهونك, فلو وهبت أحد الكلاب جزءاً من كبدي لقدسني مدى الحياة, ولبكى علي بعد مماتي. قاطعه صوت حانق متعجرف:- ماذا تقرأ؟ هل أصبحت مثقفاً؟!! قم, قم واشتر لنا غداء من المطعم, هيا. لم يعرها اهتماماً وعاد يقرأ: فيا أيها المعتوه الخائن الذي لم ير الفجر في عيني يوماً, ولم يسمع نبضات قلب عشقه يوماً, يشرفني الموت بعيداً عن نذالتك وحمقك وخيانتك. سلّم عليها, واحكِ لها عن أسطورة بني البشر كانت لك كل شيء, وكنت لها لاشيء, علها تشكرني أني وهبتها مالي ودمي وصحتي وكبدي في صورة إنسان, وحذرها من حبها وتسامحها معك. إلى اللقاء بين يدي الحبيب الأول الذي يسمع ويرى كل شيء.. هناك ستدفع فاتورة كل شيء عنده. ربما سأسامحك يومها.. أتدري لم؟! لأن ما عند الله خير وأبقى.. فشكراً لك, فبسببك سأدخل الجنة, لذلك إن احتجت مرة أخرى لما تبقى من كبدي أو قلبي أو كلية من كليتي فلا تتردد فأنا أطمح للفردوس الأعلى ولاسبيل له غيرك وأمثالك مما أقدر عليه, فلا تتردد. صعق قلبه, تناثرت أشلاء ندمه وحسرته, بكى بحرقة كطفل صغير تاه عن أمه بين الزحام, حينها ارتفع صوتها:- هيا يابطل, هيا جهز العشاء الذي سأتسمم به معك, كل شيء في الثلاجة, ثم لماذا لم تحضرماطلبته منك؟ ويل لك, والله لن تبقى في البيت لحظة, أصلاً خسارة فيك حياتي معك, هيا.