منذ عدة سنوات والحكومة تعمل جاهدة على تمويل مشاريع تنموية لتطوير البنية التحتية، وخاصة في المناطق النائية وفي نفس الوقت تهيئ الأجواء لخلق فرص عمل وإتاحة الفرصة لتشغيل أكبر قدر من الأيدي العاملة والأولوية لأبناء المناطق المستهدفة بهذه المشاريع، وهي خطوة إيجابية لمحاصرة رقعة الفقر وتقليص نسبة البطالة. الصندوق الاجتماعي للتنمية إحدى ركائز شبكة الضمان الاجتماعي التي أنشئت لهذا الغرض، وإليه أسند الدور الأبرز في تنفيذ برنامج العمالة، ويبدو أن هناك نجاحات ملموسة في هذا المجال. الأجر مقابل العمل وللاقتراب أكثر من هذا البرنامج وماهيته وما تحقق منه التقينا خالد زيد عمران مدير الصندوق الاجتماعي فرع ذمارالبيضاء الذي بدأنا بجولة تعريفية عن هذا المشروع حيث قال: هو برنامج ينفذه الصندوق الاجتماعي عن طريق مشاريع الأشغال كثيفة العمالة للتخفيف من معاناة الفقراء والمتأثرين بالأزمة باتباع مبدأ الأجر مقابل العمل ويلعب المجتمع دوراً هاماً في المراحل المختلفة لتنفيذ مشاريع البرنامج ابتداءً بالمشاركة أثناء مرحلة دراسات الاستهداف وتحديد مجالات التدخل حيث يساهم المجتمع في توفير البيانات التي تساعد على تعميم التدخلات وتحديد نوعيتها وأهميتها بالنسبة لهذا المجتمع والتي تتوافق بالطبع مع أهداف ومعايير واشتراطات البرنامج، كما يساهم المجتمع في الإشراف على التنفيذ من خلال لجنة منسقي المشروع والتي تتكون من منسق أو أكثر بحسب حجم المشروع ويتمثل دورها في كونها قناة تواصل بين المجتمع والمشروع وتوفير العمالة والمشاركة في مراقبة التنفيذ وصرف مستحقات العمال. فرص عمل مؤقتة وأضاف عمران: ومما سبق يتضح لنا أن أهداف البرنامج تتشكل في عنصرية وتخفيف معاناة الأسر المتأثرة بالأزمة الغذائية عبر خلق فرص عمل مؤقتة وفق مبدأ الأجر مقابل العمل. ثانياً استثمار فرص العمل التي يوفرها البرنامج في تنفيذ مشاريع مفيدة لخدمة المجتمعات المستهدفة أينما كانت. قضايا تؤخذ بعين الاعتبار هل هناك قضايا تؤخذ بعين الاعتبار من قبلكم خلال تنفيذ البرنامج؟ بالتأكيد فالنساء في أي مجتمع عنصر رئيسي في التنمية وجزء من هذه الشريحة هن ربات أسر ومسئولات عن الإنفاق؛ لذا يهتم البرنامج بمشاركة المرأة ومناقشة ذلك مع المستفيدين في وقت مبكر وتمكينهن من فرص العمل المتاحة من خلال ابتكار أعمال تتناسب مع قدراتهم وتتلاءم مع ظروفهن الاجتماعية وعادات وتقاليد المجتمعات المحلية؛ لذا نتعامل بمرونة في نوعية العقود التي تعمل بموجبها النساء حيث يتم التعاقد معهم بنظام الساعة الذي يتيح لهن العمل في الأوقات التي تناسبهن مع مراعاة الأجر الذي يحصلن عليه. كما أن البرنامج لا يقصر اهتمامه على شريحة الفساد، بل يعمل على توفير فرص عمل لبعض الفئات الخاصة مثل المعاقين ذوي الإعاقات البسيطة وكبار السن وإسناد أنشطة وأعمال تتلاءم مع قدراتهم وطاقاتهم الإنتاجية. تعاطي القات ويستطرد مدير فرع الصندوق الاجتماعي للتنمية: كما أن تعاطي القات يعتبر إشكالية وندرك الخطر المحتمل لاستخدام جزء من المبالغ التي تحصل عليها العمالة المستفيدة من شراء القات، وللحد من هذه الميول المتوقعة اتبعنا عدة خطوات: دراسة نمط الإنفاق القائم في المنطقة المستفيدة بما في ذلك الإنفاق على القات. مراقبة أوجه الإنفاق أثناء تنفيذ المشروع. توجيه لفت نظر للعامل المتعاطي للقات، ثم إنذاره قبل الاستبعاد النهائي من العمل في المشروع، وقد أثبتت هذه الإجراءات فعاليتها في الإقناع عن تعاطي القات وشرائه. الأثر الإيجابي للمشاريع من خلال قراءتكم ومتابعتكم لتنفيذ تلك المشاريع ماهي الآثار الإيجابية التي انعكست على المجتمعات المستهدفة؟ هناك الكثير من الإيجابيات التي لمسها المجتمع قبل أن نلمسها نحن ومن أهمها: تشجيع الأيدي العاملة وخلق فرص عمل كبيرة، حيث وصلت نسبة استحقاق العمالة من المشاريع التي نفذها البرنامج 70 % من قيمة المشروع. تحفيز المجتمع على التعاون والعمل الجماعي حيث أكدت معظم المجتمعات قدرتها واستعدادها التام لتنفيذ مشاريع مماثلة في مناطقهم. أكسب البرنامج أبناء المناطق المستهدفة مهارات مختلفة مثل البناء، قطع الأحجار، الرصف، الصب، التلييس وغيرها. الحد من تفاقم الديون التي أثقلت كاهل تلك المجتمعات. الحد من بيع الثروة الحيوانية. تحسين الوضع الصحي للأسر حيث استطاعت بعض الأسر توفير الأدوية الضرورية “علاج الأطفال، الأمهات، تحسن في المظهر العام، وخاصة الأطفال تحسين الوضع المعيشي، حيث تمكن عدد من هؤلاء من شراء بعض الكماليات “الفرش، البطانيات، الملابس وأدوات المطبخ .. الخ”. تنفيذ المشاريع في حد ذاتها وفر على الأهالي أكبر المعاناة في جلب المياه وتأهيل الطرق واستصلاح الأراضي الزراعية أسهم البرنامج في إشراك النساء في العمل لدى المشروع، ومن ثم سد احتياجات الأسر اللاتي تعيلهن النساء، وقد عبر عن ارتياحهن في العمل بما يتناسب مع قدراتهن ووقتهن، وهناك إقبال كبير من قبلهن على العمل في مشاريع مماثلة. تمكن عدد من المشاركين من شراء “كمبريشات” موتور وغيرها لتحسين مصدر دخل الأسرة. استفادت بعض الأسر من شراء مواد بناء لإكمال بيوتها. استفادت بعض الأسر في شراء الثروة الحيوانية “خروف، بقرة”. أنواع المشاريع ماهي المشاريع وأنواعها التي يمولها الصندوق في هذا المجال؟ هناك العديد من التدخلات وأغلبها زراعية وكلها تعتمد وفق معايير اختيار المشاريع في لوائح هذا البرنامج ومن هذه التدخلات: تأهيل المدرجات الزراعية حماية الأراضي الزراعية حماية قنوات الري الزراعية استصلاح الأراضي الزراعية، ويقصد بالأراضي الزراعية الأرض القابلة للزراعة والتي منع زراعتها عائق ما.. كالطمر أو الجرف جراء السيول أو الأرض البور التي تحتاج إلى تأهيل أو الأرض المزروعة التي تحتاج إلى تقريب مصادر المياه؛ ولتنفيذ ذلك يحب أن تكون الأرض محل التدخل في إطار منطقة مزروعة ألا تكون قد هجرت لأكثر من “5” سنوات، وألا تكون مجاورة لأراضي مزروعة “قات”، وأن لا يقل عدد الحائزين “ملاك ومستأجرون” عن 70 % من إجمالي المجتمع المستهدف وأن لا يقل إجمالي حيازات المتأثرين والراغبين في العمل 70 % من إجمالي الأراضي المستفيدة، وأن يكون التدخل حلاً نهائياً لأسباب عدم زراعة الأرض. إزالة الأشجار الضارة التي تمثل مشكلة حقيقية للمجتمع، وأن تكون محتلة لمساحات مهمة، وأن يوجد استعداد محلي لإزالتها، ولا يترتب على هذه الإزالة أثر بيئي سلبي. زراعة أشجار لحماية القرى والأراضي الزراعية والطرق من زحف الرمال. تحسين وحماية الطرق الريفية القائمة على ألا يزيد طول الطريق عن 5 كم. رصف الأسواق الريفية العامة، ويشترط ألا تكون مخصصة لبيع القات. رصف ساحات حراج الأسماك وتحسينها. حماية مصادر مياه الشرب “ آبار سطحية، عيون” حصاد مياه الأمطار “برك، خزانات طبيعية، خزانات حجرية. حفر الآبار اليدوية السطحية مع الملحقات ويشترط أن تكون للاستخدام العام مع توفير شروط السلامة اللازمة عند إجراء الدراسات الفنية. مع العلم أن البرنامج يستوعب إمكانية خلق مجالات تدخل ابتكارية أخرى من الميدان شريطة ألا يتعارض مع المعايير والشروط الواردة في الآلية. كلفة المشاريع المالية - ممكن أن تعطونا فكرة عن كلفة المشاريع سواءً المنجزة أو التي لاتزال قيد التنفيذ؟ لقد بلغ عدد مشاريع المرحلة الأولى والتي استهدفت 5 مديريات هي وصاب العالي وصاب السافل عتمة جبل الشرق وجميعها في محافظة ذمار، إضافة إلى مديرية ناطع بمحافظة البيضاء.. 27 مشروعاً وعدد المكونات 51 بكلفة إجمالية 749 مليونا و 463 ألفا و 412ريالا حيث بلغت كلفة مستحقات العمالة 529 مليونا و 445 ألفا و 741 ريالا أي إن نسبة كلفة العمالة من كلفة المشروع 70 % تقريباً وهي نسبة عالية بالتأكيد علماً أن عدد العزل التي شملتها هذه المشاريع 26 عزلة والقرى 149 قرية، فيما عدد الأسر المستهدفة 3802 وعدد السكان 27910 نسمة وقد توزعت هذه المشاريع ما بين طرق، حصادة مياه، حواجز، حاجز ترابي، استصلاح أراض زراعية، وحماية ضفاف الوديان وقنوات ري. فيما وصل عدد مشاريع المرحلة الثانية 20 مشروعاً ضمت 37 مكونا بكلفة 489 مليونا و 713 ألفا و383 ريالا وصلت منها كلفة مستحقات العمالة 317 مليونا و661 ألفا و583 ريالا أي إن نسبة كلفة العمالة من كلفة المشروع 64 %. انطباعات المستفيدين لقد عبر العديد من أفراد المجتمعات عن امتنانهم واستفادتهم النوعية من هذه المشاريع وطالبوا بتكثيف مثل هذه الأنشطة والأعمال في مناطقهم والتي غيرت نمط حياتهم واستطاعوا تسديد ديونهم وتوفير احتياجات ومتطلبات أسرهم. كنت مدينا لتاجر يقول علي أحمد ثابت حجيرة من أهالي منطقة المقنزعة بمديرية عتمة: قبل دخول هذه المشاريع إلى المنطقة كانت حالتي ما يعلم بها إلا الله وكنت مدينا لتاجر في السوق، وعندما جاء البرنامج عملت في المشروع عاملا غير ماهر في حقيقة الأمر؛ ولأن المشروع في القرية والمال منها فقد حققنا أرباحا واستفدنا أشياء كثيرة مثل شراء مصاريف ضرورية “بر، سكر، زيت، أرز” وتوفير العلاج للأطفال والحمدلله اشتريت لي دراجة نارية حلت لي الكثير من المشاكل وتحسنت ظروفي المعيشية. ظروف قاسية أما ربة الأسرة/ زكية سعد علي معوضة قرية اللتام، فتؤكد قائلة: كانت حالتي وظروفي مناسبة، وكنت أشتغل عند الناس في الزراعة بأجر 250 ريالا في اليوم والعمل غير متوفر دائماً، لكن بعدما اشتغلت في هذا المشروع تحسنت ظروفي أحسن من السابق نحمده ونشكره؛ لأني وفرت لأسرتي حاجات كثيرة من الفلوس التي استلمتها وصرفتها في شراء القمح والسكر، والفول، وشراء العلاج والحمدلله ساعدتني كثيرا في توفير المصاريف وفي إجراء عملية الزائدة لابنتي. كنت أتغرب بعيداً عن الأولاد فيما يقول فارع عبده علي صالح الأجراف مديرية وصاب السافل: كنت في السابق أتغرب بعيداً عن الأولاد الذين كانوا متضررين من الفاقة والاحتياج فأحياناً أجد عملا في المدينة وأحياناً أظل أشهرا لا أجد عملا فأنا لا أملك خبرة عمل وأعمل "شاقيا" وبعد دخول البرنامج للمنطقة تغيرت حياتي حيث أصبحت أمارس عملي جوار أطفالي وأطعمهم واستطعت أن أوفر لهم الكسوة.. ولا أخفيكم أن اللحمة لم نكن نعرفها إلا في العيد، أما الآن فقد أصبحنا نأكل الدجاج ثلاث مرات في الأسبوع، وأعدت ولدي إلى المدرسة بعد إخراجه منها لشدة الفقر وعدم مقدرتي على تلبية طلباته. الزوجة تساهم في علاج زوجها في حين يؤكد مطلق عثمان ثابت بني علي وصاب السافل، أنه مريض بالملاريا المزمنة وعملت زوجته “خزامة فارع ثابت في المشروع لمدة شهر وأخذ الفلوس وذهب إلى صنعاء للعلاج مشيراً إلى أن عمل زوجته حسن معيشتهم فقد كانوا يعتمدون على وجبة واحدة، أما الآن فقد تعددت وجباتهم واستطاعوا توفير احتياجات المنزل، وتمنى أن يشارك مع زوجته في أي مشروع قريب في القرية.