نيمار يوجه رسالة إلى أنشيلوتي بعد ثنائيته في الدوري البرازيلي    إب.. جريمة قتل مروعة أسفرت عن سقوط سبعة ضحايا    الدكتور الترب يعزي اللواء معمر هراش في وفاة والده    تهديدات ترامب للهند تهوي بأسعار النفط    عملية جديدة في عمق الكيان وبيان مهم 9 صباحا    «سيدات النصر» .. لياقة وسرعات    57 مليونا تفصل «روشن» عن دخول نادي الدوريات المليارية    الصحة العالمية: غزة على شفا انهيار صحي ومجاعة شاملة    اختفاء قيادي في حزب البعث وسط ظروف غامضة في صنعاء    مودريتش: بطولات الريال لم تخمد حماسي    اليمنيون.. أسياد البحر والجو في زمن الخنوع العربي    حمدان: العدو الصهيوني يتحمل مسؤولية حياة أسراه    البنك المركزي يعلن موعد واماكن الصرف للمرتبات    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    توجيه الرئيس الزُبيدي بتكريم أوائل الثانوية.. تقدير واحتفاء جنوبي بالعلم والتفوق    الحكومة تجدد تأكيدها: الحوثيون حوّلوا المساعدات الدولية إلى أداة تمويل لحربهم    في لقاء موسع بالحديدة: العلامة مفتاح يدعو للاستعداد لموسم الامطار    القَطَا و الغراب    البنك المركزي يوقف تراخيص أربع شركات صرافة لمخالفتها الأنظمة    غضب جنوبي يتصاعد ضد احتكار هائل سعيد ونهب مقدرات ما بعد الحرب    التفتيش القضائي يقر نزولا لمتابعة القضايا المتعثرة    جهود خليجية للإفراج عن بحارة محتجزين في صنعاء    غدا الثلاثاء .. انطلاق المعسكر الإعدادي لمنتخب الناشئين    اتحاد إب يتعادل إيجابيا مع أهلي تعز في ختام الأسبوع الأول في بطولة بيسان الكروية الأولى    الحديدة: فريق طبي يقوم بعمل معجزة لاعادة جمجمة تهشمت للحياة .. صور    تعليق العمل في المجمع القضائي بتعز احتجاجًا على اعتداء عسكريين    عدن.. البنك المركزي يوقف تراخيص أربع كيانات مصرفية    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    الجماعي يطلع على سير أداء اللجنة المشتركة واللجان البرلمانية الدائمة    ميسي يغيب عن الملاعب لمدة غير محددة نتيجة إصابة عضلية    تضامن حضرموت يتعاقد رسميا مع المدرب السعودي بندر باصريح    "صهاريج عدن" على قائمة التراث العربي المعماري بقرار من الألكسو    "حاشد" صوتكم لا خصمكم    الحزام الأمني بالعاصمة عدن يضبط ثلاثة متهمين بممارسة السحر والعبث بالآثار عدن    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا غرق قارب مهاجرين باليمن    الحديدة.. احتجاجات غاضبة في مديرية المراوعة عقب مقتل مواطن برصاص قيادي حوثي    تقرير حقوقي يوثق 5618 انتهاكا ارتكبتها مليشيات الحوثي الإرهابية بحق النساء    حضرموت التاريخ إلى الوراء    سلطة التكنولوجيا هي الاولى    تدشين فعاليات وانشطة الاحتفاء بالمولد النبوي بذمار    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يعزي في وفاة المخرج الإذاعي سعيد شمسان    الأرصاد الجوية تحذّر من أمطار رعدية في عدة محافظات    رئيس جامعة إب يتفقد سير الأداء بكلية العلوم التطبيقية والتربوية والكلية النوعية بالنادرة والسدة    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    مناقشة الإعداد والتجهيز لإحياء فعاليات ذكرى المولد في إب    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    السقلدي: تحسن قيمة الريال اليمني فضيخة مدوية للمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة    عدن .. البنك المركزي يحدد سقف الحوالات الشخصية    في السريالية الإخوانية الإسرائيلية    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    إعلان قضائي    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأشكال اللغوية والفنية والميثولوجية... مفتاح لفهم الطبيعة الإنسانية
نشر في الجمهورية يوم 14 - 05 - 2011

«المدلول الواسع الذي نعطيه للفظ رمز، هو الذي منحه إليه «كاسيرر» في «فلسفته عن الأشكال الرمزية»، يعني بنيات التجربة الإنسانية المتوفرة على قانون ثقافي والقادرة على ربط أعضاء الجماعة فيما بينهم والذين يعترفون بهذه الرموز كقواعد لسلوكهم.»لقد شكل مفهوم اللاوعي الجماعي الأساس الذي قامت عليه الكثير من الدراسات النقدية والأنتروبولوجية التي ذهبت تبحث عن الأنماط الأولى الناتجة عن الفطرة الخالصة كمقياس لتحديد قيمة الأعمال الإبداعية وخلودها، ولكن ثمة فرق بين فرويد الذي ينسب إلي الرمز محتوى يتعلق بالجنس الطفولي المحرم وإلى المكبوت المكتسب في حياة الفرد ويونغ الذي ينسب الرمز إلى الذكريات الشخصية التي تعود بالفرد إلى الماضي السحيق مما يقرب بحوثه من الأنثربولوجيا وتاريخ المعتقدات.
اذا عدنا الآن الى المجدد البنيوي جان لاكان فاننا ننتبه الى أنه استعمل مدلول كلمة رمزي كأحد العناصر الثلاثة الأساسية التي يمكن التمييز بينها في مجال الدراسات النفسية إضافة إلى مدلول الواقعي والخيالي، فمدلول كلمة “رمزي “Symbolique” حسب لاكان “يدل على تلك الظواهر التي يتناولها التحليل النفسي باعتبارها أبنية لغوية”، فإذا كان فرويد قد أكد على العلاقة الرابطة بين الرمز وما يدل عليه مهما كانت الطبيعة المركبة لهذه الروابط، فإن لاكان اهتم ببناء النسق الرمزي بالدرجة الأولى، لتأتي الصلة بالمرموز سواء عن طريق التشبيه أو المماثلة وهي مشبعة بالعنصر الخيالي.
لقد كشف التحليل النفسي عن العلاقة الموجودة بين عمليات الترميز الأدبي وترميز الأحلام وأن الرمزية ليست خاصية من خواص الأحلام فحسب، بل من خواص التفكير اللا شعوري برمت، كما أن الاعتماد على تقنية التداعي الحر كوسيلة للكشف عن طبيعة الرموز مكن من تدعيم الأبحاث التي يقيمها علم النفس في مجال الذاكرة والتلقي... ومن الواضح مجال تحليل الخطاب الأدبي قد استقى الكثير من مقارباته من الكشوفات التجريبية لتقنيات التحليل النفسي خاصة عند المدرسة البنيوية التي تعتمد على الأشكال اللغوية كأساس للتحليل والتفسير، ومن جهة ثانية فإن التيار الرمزي بات يرى أن الصور التي يملكها الإنسان وتمنح الأشياء درجة الوجود لا تمثل الحقائق الا بشكل نسبي وعلى نحو ذاتي وفردي، ومن هذا المنطلق إن عنصر العودة إلى الذات الإنسانية أصبح مبررا في الأبحاث التي اهتمت باللا شعور بوصفه تعبيرا عن الجانب المترسب من النفس ورغباتها المكبوتة وعقدها الدفينة.
على الرغم من أن الرمزية قد ارتبطت أساسا بالعلم والأسطورة والتجربة الدينية والمعرفة التاريخية والتصوف و بفنون الأدب ومدارسه باعتبارها نهجا في التعبير ورؤية فنية للواقع، إلا أنها قد امتدت إلى مجال الفلسفة أيضا لتصبح مجالا من مجالات التفلسف وأداة للتعبير عن رؤية الفيلسوف للواقع. وجاءت الرمزية للفلسفة لتحررها من وظيفة التحليل المنطقي للتصورات الرئيسية المستخدمة في لغة الحديث الانساني عاديا كان أم علميا. ولتضع حدا للصراع القائم بين أصحاب النزعة العلمية التحليلية وأصحاب الاتجاهات الكلاسيكية خصوصا وأن الرمز مفهوم يعبر عن مناطق مختلفة من النشاط الفكري الانساني كالمنطق واللغة والفن والدين والأسطورة.
في هذا الموضوع يقول ريكور:قوة الرمزية الكونية تكمن في العلاقة غير العشوائية بين السماء المرئية والنظام غير المرئي الذي تجليه. فهي تتكلم عن الحكيم والعادل وعن الواسع والمنظم، عن وساطة القدرة التماثلية لمعناه الأولي. وهذا هو امتلاء الرمز بالتعارض مع فراغ العلامات. [8].إن إدخال الرمز إلى الفلسفة المعاصرة قد فتح لها آفاقاً جديدة لم تعهدها الاتجاهات الوضعية وكان ذلك على يد كل من أرنست كاسرر وسوزان لانجر وشالز موريس دون أن ننسى بول ريكور وكلود ليفي ستروس وميشيل فوكو وكل الذين اهتموا بمسألة الرمز في دراسة العديد من الظواهر الإنسانية مثل اللغة والقرابة والنسب والزواج.” لكن كيف انتقل الاهتمام بالرمز من دائرة المعرفة إلى دائرة الحضارة؟
الرمزية :من نظرية المعرفة إلى فلسفة الحضارة
“إذا كان كاسيرر قد قدم لنا في مؤلفه الكبير “فلسفة الأشكال الرمزية عوالم اللغة والأسطورة والعلم فانه في كتاب مقال عن الإنسان يقدم عالمي الفن والتاريخ وكل منهما يقدم لنا نوعية جديدة من المعرفة، فالفن يقدم لنا معرفة بالأشكال الخالصة للواقع والتاريخ يقدم لنا معرفة بالأحداث الماضية. ومن هنا أصبحت لدينا معرفة أسطورية ومعرفة لغوية ومعرفة جمالية ومعرفة تاريخية..” [9]
ما يمكن الانتباه إليه أيضا أن التواصل بين الأنا والآخر وبين ثقافة معينة وثقافة أخرى يمر حتما عبر وساطة الأنظمة الرمزية ولكن استعمال الرموز ليس أمرا مستحدثا بل قديم قدم التواصل بين البشر ويتجاوز دائرة اللغة إلى الصورة والأسطورة والدين والفن والعلم والتقنية.
غير أن الجديد في دائرة الثقافة والعلم هو نشأة قطاع معين يبني موضوعه بالاعتماد على التناول العلمي للرموز ويعتبر الرمزية فرعا لا غنى عنه من الفروع التي تنقسم إليها الفلسفة المعاصرة في إطار عزمها على تخطي الإطار العلموي الوضعي والشروع في بدء جديد أكثر انفتاحا واندماجية.
“لقد حاولت الفلسفة الرمزية التي تزعمها أرنست كاسيرر في كتابه “فلسفة الأشكال الرمزية” أن تجد في الرمز مفتاحا لفهم طبيعة الإنسان من خلال اهتمامها بالأشكال اللغوية والفنية والميثولوجية التي تمثل وسيطا رمزيا يواجه به الإنسان الكون وما حوله، لتضحي هذه الأشكال عبر السنين نتاج تفاعل بين عالم الإنسان وعالم الواقع.
لقد أورد كاسيرر جملة من المعطيات الأساسية تبرز اللغة في صورة أوسع من أنها مجرد أداة للتواصل، فاللغة خاصة الشفوية منها، تتقاسم مع سلسلة من الأنظمة التي تشكل في مجموعها أجزاء هامة من كون الإنسان.وهذه الأنظمة تتمثل في الخرافة والدين والعلم والتاريخ، فبهذه الوحدات استطاع الإنسان من التعبير عن الواقع الطبيعي المادي بلغة الواقع الاجتماعي البشري ومن ثم صرح كاسيرر “أن الإنسان حيوان رمزي في لغاته وأساطيره وديانته وعلومه وفنونه. فما أوجه القرابة والغرابة بين المقاربة اللسانية السيمائية للرمز والمقاربة الثقافية لكاسرر؟
من المعلوم أن فيرديناند دي سوسير في كتابه محاضرات في اللسانيات العامة في محاولته لتعريف الدليل اللغوي ذكر مفهوم الرمز ولو بطريقة عرضية ، فتحدث عن العلاقة الاعتباطية التي تربط الدال بالمدلول، كأن لا يحمل الدال “شجرة” على سبيل المثال أي صفة تحيل على مدلولها، وأن ما يبرر هذه التسمية هو مجرد الاصطلاح.
ثم أشار في موضع آخر إلى نوع آخر من الدلائل سماها الدلائل الطبيعية، أي تلك التي يحيل مدلولها على مدلول ثان بشكل طبيعي كدلالة الميزان على العدل ويؤكد سوسير في هذا الاطار علىأن المدلول اللغوي هنا يضطلع بالوظيفة الرمزية لاسيما وأن “الرمز يتميز بكونه ليس دائما اعتباطيا تماما، فهو ليس خاويا، بل نجد فيه شيئا طفيفا من الربط بين الدال والمدلول، فلا يمكن أن نعوض رمز العدالة بما اتفق من الأشياء الأخرى” [10]..
بعد ذلك منح الناقد والسيمايائي تودوروف الرمز مدلولا شاملا يتضمن كل أشكال المجاز بحيث يكون للكلمة مدلول آخر غير معناها المعجمي، فكلمة لهيب مثلا إذا وظفت توظيفا استعاريا قد ترمز إلى الحب، ثم يعلل تودوروف بأن العلاقة في صلب الرمز بين الرامز والمرموز ليست ضرورية، إذ إن الرامز وأحيانا المرموز يوجد أحدهما مستقلا عن الآخر، ولهذا السّبب “فإن العلاقة لا يمكنها إلا أن تكون سببية، وإلا فليس هناك ما يبرر” وقد برهن تودوروف على عدم وجود علاقة مشابهة واضحة بين الرامز والمرموز أحيانا عند الرومانسيين، وفي اختصاصات مختلفة كالأنتروبولوجيا وعلم الاجتماع والتحليل النفسي والألسنية والسيمياء.
هذا الاحتفاء بالرمز غزى جميع الدوائر بما في ذلك الأدب الذي انضم الى حقل الدراسات السيميائية، ولم يبق بمعزل عما يجري من نقاش حول الرمزية ، وهذا ما أدى الى ظهور سيمياء الأدب التي أصبحت تَعتبر الخطابات بمختلف أنواعها كأنظمة رمزية تنتج المعنى و تصوغ عالم الثقافة.
على خلاف ذلك تشير جوليا كريستيفا الى أن الرمز لا يشبه الموضوع الذي يرمز إليه وأن “الفضاءين “الرامز والمرموز” منفصلان وغير قابلين للاتصال”، وترى أن وظيفة الرمز في بعده العمودي وظيفة حصر، أما في بعده الأفقي فتكمن وظيفته في الإفلات من المفارقة، فالفكر الأسطوري الذي يدور في حلقة الرمز يتجلى في الملحمة والحكايات الشعبية، يشتغل في وحدات حصر بالمقارنة مع الكونيات المرموزة كالبطولة والشجاعة والنبل والخيانة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.