صنعاء – سبأ – تقرير- يحيى عسكران قطعت المرأة اليمنية منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو1990م شوطاً كبيراً في الحياة العامة ومسيرة العمل والبناء الوطني والمشاركة المجتمعية وإدماجها في عملية التنمية ونيلها بعض المكاسب والحقوق في مختلف المجالات. فقد أولت حكومة الوحدة المباركة المرأة اهتماماً كبيراً، حيث تم إنشاء المجلس الأعلى واللجنة الوطنية للمرأة كمؤسسة حكومية تعنى بشؤون المرأة اليمنية وقضاياها، إلى جانب المنظمات والاتحادات والجمعيات النسوية المهتمة بشأنها ومناصرتها ودعمها في مختلف مرافق العمل والإنتاج. وسعت الدولة من خلال جميع أجهزتها إلى دعم المرأة وتمكينها من مواقع صنع القرار، انطلاقاً من أهمية الدور الذي تضطلع به في عملية البناء والتنمية المجتمعية. ففي مجال التعليم وإدماج المرأة تم معالجة الاختلالات القائمة في التعليم عبر تنفيذ خطط التنمية لرفع نسبة التحاق الفتيات في مختلف المراحل، وتمكينهن من بناء قدراتهن ثقافياً ومهنياً. وأوضحت الإحصائيات الرسمية أن عدد الطالبات الملتحقات بمرحلة التعليم الأساسي ارتفع من 648 ألفاً و338 طالبة عام 1990 - 1991م إلى مليون و970 ألفاً و795 طالبة خلال العام 2010 - 2011م بزيادة مليون و322 ألفاً و457 طالبة وبنسبة زيادة 204 بالمائة، في حين ارتفع معدل الالتحاق الإجمالي للطالبات من كافة الأعمار من 28 بالمئة عام 1990 - 1991م إلى 75 بالمئة عام 2010 - 2011م. فيما ارتفع عدد المعلمات إلى 51 ألفاً و875 معلمة بنسبة 26 بالمائة من إجمالي عدد الكادر التعليمي للذكور والإناث البالغ عددهم 203 آلاف و27 معلماً ومعلمة خلال العام 2009 - 2010م. وبخصوص التعليم الفني والمهني بينت الإحصائيات الرسمية أن عدد الفتيات الملتحقات بالمعاهد الفنية والتقنية ارتفع خلال السنوات العشر الأخيرة من 321 طالبة إلى ثلاثة آلاف و300 طالبة، ما يعكس الوعي المجتمعي بأهمية التحاق الفتيات بالتعليم الفني والتدريب المهني. واستطاعت المرأة اليمنية أن تتبوأ مناصب أكاديمية في الجامعات اليمنية ومركزي دراسات المرأة في جامعتي صنعاء وعدن، حيث وصل عدد أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية من الإناث إلى 731 بنسبة 16 بالمئة حسب آخر إحصائية حكومية لوضع المرأة في اليمن عام 2009م. في حين ارتفع معدل التحاق الفتيات بالمنح الخارجية في الدراسات العليا بالجامعات العربية في مختلف التخصصات في نهاية 2009م إلى 39 طالبة مقارنة ب 262 من الذكور. وأعطت الحكومة اهتماماً خاصاً بالرعاية الصحية للمرأة, حيث تم تنفيذ مشاريع وخدمات صحية في أمانة العاصمة وعموم المحافظات أهمها برنامج الصحة الأولية للأمهات والأطفال والصحة الإنجابية؛ بهدف خفض مؤشرات وفيات الأمهات والأطفال. ونتج عن هذه الإجراءات رفع الوعي المجتمعي للأمهات لإجراء الولادة تحت إشراف كوادر صحية بلغت في نهاية 2009م حوالي 36 بالمائة، في حين بلغت نسبة النساء الحوامل اللاتي حصلن على رعاية أثناء الحمل 47 في المائة. وفي مجال الصحة الإنجابية توقّع تقرير اللجنة الوطنية للمرأة أن ترتفع نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة إلى 7 ر51 بالمائة بحلول 2015م نظراً لزيادة توفير الخدمات الأساسية وزيادة الوعي المجتمعي بقضايا الصحة الإنجابية لاسيما أن وسائل تنظيم الأسرة لاقت قبولاً واسعاً من شرائح المجتمع, وارتفعت نسبة استخدامها في الحضر بنهاية 2008 م إلى 3ر42 بالمائة والريف 1ر21 في المائة. وتواصلت جهود الدولة اليمنية الحديثة في ظل الوحدة المباركة في تنفيذ برامج الرعاية والاهتمام بالمرأة من خلال إنشاء شبكة الأمان الاجتماعي منتصف التسعينيات لتوفير الحماية الاجتماعية ووضع آليات توفير الخدمات الاجتماعية والاقتصادية وبرنامج وطني لتنمية المجتمعات المحلية عموماً والمرأة بشكل خاص، والتي تستفيد منها بنسبة 47 بالمائة من إجمالي عدد الحالات التي يقدّمها الصندوق كمعونة مادية لهم، إضافة إلى توجيهات رئيس الجمهورية مؤخراً لإيجاد 500 حالة ضمان اجتماعي. وتكللت تلك الجهود أيضاً في إنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية لدعم برامج الأنشطة المدرّة للدخل والتمويل الأصغر بما يمكّن المرأة من الاستفادة منها في مشاريع صغيرة مدرّة للدخل، ومنحها أولوية الحماية الاجتماعية وتوفير فرص العمل والضمان الاجتماعي للمرأة. واستفادت المرأة من برامج الصندوق الاجتماعي للتنمية عام 2009م ما يقارب مليوناً و985 ألفاً و630 مستفيدة في مجالات التعليم والمياه والبيئة والصحة وذوي الاحتياجات الخاصة والتدخل المتكامل والزراعة والطرق والتدريب والدعم المؤسسي والمنشآت الصغيرة والأصغر وخدمات الأعمال ومواجهة آثار ارتفاع أسعار الغذاء. فيما تم إنشاء مجلس سيدات الأعمال في اليمن الذي يضم أكثر من 300 سيدة أعمال يمتلكن مشاريع اقتصادية متنوعة لمساندة المرأة في القيام بدورها المنشود في تطوير النشاط الاقتصادي والإنتاجي. كما حظيت المرأة اليمنية باهتمام كبير في مجال العمل السياسي، وكان لها حضور مباشر في الساحة السياسية والإعلامية في التعبير عن حقها ورأيها ومشاركتها سياسياً كمرشّحة وناخبة وعضوة في الأحزاب والجمعيات المختلفة. وتبوأت المرأة مواقع ومناصب عالية في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وشغلت حقائب وزارية في حكومات متعاقبة وقيادات عليا في الوزارات والمؤسسات وسفيرة وممثلة للسلك الدبلوماسي، وعضوات في مجلس النواب والشورى والمجالس المحلية، إضافة إلى ممثلات في المنظمات الدولية، والسلك القضائي والأمني وغيرها. كما تمكّنت المرأة من الولوج إلى العمل السياسي, وتم استيعابها في عضوية الأحزاب والتنظيمات السياسية واللجان المركزية والعامة والدائمة ودوائر صنع القرار والهيئات القيادية الحزبية بنسب متفاوتة، حيث بلغ عدد النساء اللاتي يتولين مراكز في قيادات الأحزاب اليمنية 259 امرأة من إجمالي 12 ألفاً و975 امرأة في كافة الأحزاب بنهاية 2009م. واحتل المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) المرتبة الأولى من حيث حجم مشاركة المرأة في المواقع القيادية بنسبة 15 في المائة في اللجنة العامة و11 بالمائة في اللجنة الدائمة، يليه الحزب الاشتراكي اليمني في المرتبة الثانية بنسبة 14 في المائة في المكتب السياسي و5 بالمائة في اللجنة المركزية, والتجمع اليمني للإصلاح ثالثاً بنسبة 3 ر6 بالمائة في الأمانة العامة و4 في المائة بمجلس شورى الإصلاح، وأخيراً التنظيم الوحدوي الناصري بنسبة 7ر6 بالمائة في الأمانة العامة و8ر9 في المائة في اللجنة المركزية. ودعماً لوصول النساء إلى قبة البرلمان جاءت مبادرة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح, رئيس الجمهورية، التي تقدّم بها إلى الأحزاب والتنظيمات السياسية لتفعيل مشاركة المرأة بما لا يقل عن 15 بالمائة من مقاعد البرلمان، والتي لاتزال محل نقاش بين الأحزاب حتى الآن. وكان عدد النساء اللاتي ترشّحن في الانتخابات المحلية لعام 2006م 133 مرشحة بنسبة 70 ر0 في المائة, وعدد الفائزات 38 مرشحة بنسبة 6 في المائة, وعدد من أدلين بأصواتهن 485 ألفاً و355 امرأة بنسبة 18ر42 في المائة. كما انتهجت الدولة سياسات مكنت المرأة من الالتحاق بالسلطة القضائية وقضاء الأحداث عبر فتح المعهد العالي للقضاء أبوابه أمام المرأة لأول مرة منذ إنشائه وإخضاعها لنفس الشروط مثل شقيقها الرجل وبنفس القدر لاختبارات القبول دون تفرقة، وتم قبول 24 امرأة منهن خمس فتيات ضمن الدفعة 15 وثلاث ضمن الدفعة 16 وثلاث ضمن الدفعة 17 وست ضمن الدفعة 18 وسبع ضمن الدفعة 19 خلال الخمس السنوات الأخيرة. وفي هذا الصدد تم تعيين قاضيتين “عضوتين في المحكمة العليا للجمهورية” لأول مرة في تاريخ القضاء اليمني، وإنشاء دائرة في وزارة العدل تعنى بشؤون المرأة والطفل وحقوق الإنسان، وتعيين عدد من النساء العاملات في مناصب بالوزارة والمحاكم. وفي المجال الأمني منحت الفتيات فرصة العمل في سلك الشرطة من خلال انخراط ثلاث دفع متتالية تم تدريبهن في مدرسة الشرطة خلال فترات زمنية متفاوتة من مختلف محافظات الجمهورية. كما تم إنشاء الإدارة العامة لشؤون المرأة والأحداث في وزارة الداخلية تعنى بالمرأة اليمنية المنتسبة للشرطة تحت ما يسمّى “الشرطة النسائية” مهمتها القيام بدورها الشرطوي النسوي في المطارات والمؤسسات الحكومية. وتحصلت الشرطيات اليمنيات على الحقوق الوظيفية وفقاً للدستور والقانون من خلال الترقيات والتعيينات المستحقة وفقاً للأنظمة والقوانين. ولحماية المرأة اليمنية من أية ممارسات عنف قد ترتكب ضدها عملت الحكومة من خلال وزارة الصحة بالتعاون مع اللجنة الوطنية للمرأة والمنظمات المختصة بشؤون المرأة، منذ عام 2000م عدّة مؤتمرات وحلقات نقاشية ودراسية هدفت إلى توعية المجتمع بمخاطر العنف ضد المرأة وختان الإناث والآثار السلبية التي تنعكس على المجتمع والأسرة. واستطاعت اللجنة الوطنية للمرأة إنجاز عدد من المهام الخاصة بالمرأة تتعلق بإصدار قرارات من مجلس الوزراء بإنشاء قطاع تعليم وتدريب الفتاة بوزارة التعليم الفني والتدريب المهني، والموافقة على توصيات اللجنة الدولية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وكذا إصدار تعميم إلى جميع المحافظات بتمثيل رئيسات فروع اللجنة للمرأة في اجتماعات المجلس التنفيذي بالمحافظات.