على امتداد مسيرة نضال شعبنا اليمني وتطلعاً لإنجاز النصر الوحدوي العظيم..أكدت الأحداث بخواتمها وبعظيم إنجازها في الثاني والعشرين من مايو 1990م ..أن جماهير الثورة الوحدوية كانت على صواب ,وكان أعداء الوحدة على خطأ ,كانت الجماهير واثقة من بلوغ نصرها الوحدوي ,رغم كل جبال الإحباط وتخوم الشك والتشكيك التي وقف عليها من لاتلتقي الوحدة مع مصالحهم الأنانية وعلاقاتهم الانعزالية الضيقة ..ورغم كل ظواهر التضاد مع أماني الجماهير ومطامحها ظلت الجماهير على عهدها, تحترق شوقاً وتحث الخطى نضالاً صوب التحقيق الواعي لهدفها المجيد.. ولم تكن تبني الثقة بالنصر على ضوء معطيات يقينها الثوري بخطأ واقع التشطير وعدم سلامة ومشروعية معطياته وحسب... وإنما أيضاً بوعيها وثقتها أن هذا الواقع بالإمكان تقويمه وتصحيحه متى ما تمت مواجهته بعمل ثوري جاد لا يقع في محاذير الصخب الذي تشغله عن الفعل وتطويره ولا يقف أمام أول تحد قد يجابهه .ورغم كل التحديات التي جابهتها وحاولت تيئيسها من حلمها وهدفها الكبير فقد ظلت على عهدها .بينما نجد الكثير, الكثير.. ممن ناصبوا الوحدةالعداء, سراً وعلانية وترصدوا أنصارها في كل طريق..قد مضوا دون أثر ..وذلك بحد ذاته كان دليل نصر للوحدة...إرادة وحقيقة ونصراً للجماهير التي ماتخلت عن الوحدة ولم تذعن لمن أرادوا لها والوحدة معاً الدخول في متاهات النسيان وصحارى المزايدة والدجل . ومما اعتور مسار النضال صوب الوحدة ما عمد إليه البعض في بعض الفترات حيث راحوا يطلقون ويبثون شعارات ومسميات استعمارية انفصالية مشبوهة ,وحاولوا نسبها لإرادة الجماهير..فسقطت المسميات وأسقطت من علق بها. فنغمات الجنوب العربي ,التي أطلقت في بعض فترات التحرير ..لم تكن حباً في العرب ولا تشبباً في العروبة.. وإنما تحايلاً وتآمراً على الوحدة اليمنية, بتجاوز الحقيقة التاريخية للجنوب كشطر من الوطن اليمني الواحد يستحيل فصله ..وهي مجرد مثال على ما سلف ..مثلها مثل بعض المعطيات الشعارية الواهمة التي واكبت بعض فترات الجزر والتقلص في مسيرة الثورة السبتمبرية ..والتي حاول البعض فيها تمرير بعض السياسات التي رأت أو صور لها أن نضال شعبنا في جنوب الوطن لطرد المستعمر البريطاني يجب ألاّ يمثل بالنسبة لثورة سبتمبر محور الاهتمام الأساسي .. تلك وغيرها من المحاولات عجزت عن امتلاك إمكانيات التحول إلى واقع كما عجز أصحابها عن البقاء والاستمرار محسوبين على الثورة وممسكين بزمامها..ومثلها كذلك شتى الإحباطات التي اعتورت المسيرة استهدافاً لتعطيل استراتيجية عملها الوحدوي الذي لا مناص منه .. إذن البعد الجماهيري..كان - وحتى انتصر ..وسيظل لتتواصل الاستمرارية المتطورة لهذا الغد - بعداً أساسياً لعملية الوحدة وهو ما منحها قدرة التحقق الموضوعي الكامل ..فقد كان من البداهة أن يجد البعض قدرته على العيش بما يتفق وكل مصالحه في ظل مناخات التشطير..أما جماهير الشعب فلا تجد موقعها الصحيح ,ومكانتها الصحيحة وقدراتها الصحيحة إلا في ظل اليمن الواحد الصحيح الذي لاينكسر ..وهكذا وبتأمل صادق لمضامين ومنطلقات ومحركات المسيرة الوحدوية حتى نصرها المجيد في الثاني والعشرين من مايو 1990م كانت الجماهير هي زاد الوحدة وقوة دفعها ولم يكن بوسع أحد أن يحقق هذا الإنجاز لولا حيوية الوجود الجماهيري الوحدوي الواعي.. إن الأمانة تقتضي أن نؤكد حقيقة أن الجماهير هي صانعة الوحدة ,وهي ضمانة قوتها وحيويتها المتجددة ..لأنها رأت في الوحدةخيارها القدري العظيم, الذي لاتفريط فيه ولا مساومة فيه حياة القوة وقوة الحياة ,وبه تتأكد كل المضامين الحقيقية لاستقلالية الوطن وسيادته ,وبه ترسى اللبنات الواعدة لصرح الوحدة العربية المنشودة ..كمخرج لكل الأمة العربية من واقع الفرقة والشتات .. فمباركة هذه الجماهير ..وهي تحتفي بعيدها الوحدوي العظيم ..وطوبى لها وقد وفت وظلت على عهدها في الوفاء للوحدة ..طوبى لها وقد جعل الله على يديها ..قدرة التبديد لقتامات الواقع العربي المجزأ والتبشير بمهرجان الشروق العظيم ,في زمن عصيب ورديء صارت فيه الوحدة لدى البعض تهمة يتعرض أصحابها لإجراءات الظلم والقهر والتنكيل.