في ظل ضغوط مجتمعية وتحركات شعبية.. متهم باغتيال المشهري يعلن تسليم نفسه والشرطة توضح    وفاة طالب متأثراً بإصابته أثناء اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    تعز.. الاعلان عن ضبط متهمين باغتيال المشهري دون الكشف عن اسماؤهم بالتزامن مع دعوات لتظاهرة حاشدة    منتخب اليمن للناشئين يفتتح مشواره الخليجي أمام قطر في الدوحة    المنتصر يبارك تتويج شعب حضرموت بكأس الجمهورية لكرة السلة    عطوان يصف تهديدات كاتس بالهذيان! ويتحدا ارسال دبابة واحدة الى صنعاء؟    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    السعودية تعلن عن دعم اقتصادي تنموي لليمن    شرطة تعز تعلن القبض على ثلاثة متورطين في جريمة اغتيال أفتهان المشهري    مساء الغد.. المنتخب الوطني للناشئين يواجه قطر في كأس الخليج    صلاح يتقدم على سلم ترتيب أفضل صانعي الأهداف في تاريخ البريميرليغ    شباب المعافر سطروا تاريخهم بقلم من ذهب..    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    توزيع 25 ألف وجبة غذائية للفقراء في مديرية الوحدة    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    عبدالله العليمي: الدعم السعودي الجديد للاقتصاد اليمني امتداد لمواقف المملكة الأصيلة    ضرورة مناصفة الانتقالي في اللجنة القانونية: لتأمين حقوق الجنوب    رئيس الإصلاح: لمسنا في تهاني ذكرى التأسيس دفء العلاقة مع القوى الوطنية    عرض كشفي مهيب في صنعاء بثورة 21 سبتمبر    "العفو الدولية": "الفيتو" الأمريكي السادس ضد غزة ضوء أخضر لاستمرار الإبادة    فعالية لأمن محافظة ذمار بالعيد أل11 لثورة 21 من سبتمبر    تعز.. خسائر فادحة يتسبب بها حريق الحوبان    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من 6 محافظات    وزير الخدمة يرأس اجتماعا للجان دمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة    هولوكست القرن 21    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    0محمد اليدومي والإصلاح.. الوجه اليمني لانتهازية الإخوان    بورصة مسقط تستأنف صعودها    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    بسبب الفوضى: تهريب نفط حضرموت إلى المهرة    البرازيل تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع " التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون"    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    محافظة الجوف: نهضة زراعية غير مسبوقة بفضل ثورة ال 21 من سبتمبر    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأضواء نت ينشر النص الكامل للقراءة التاريخية التحليلية لدور الإعلام في الثورة والوحدة للدكتور محمد عبد الجبار سلام استاذ الإعلام بجامعة صنعاء
نشر في الأضواء يوم 11 - 07 - 2010

دور الإعلام في الثورة والوحدة قراءة تاريخية تحليلية مقدمة: لاشك أن للصحافة اليمنية في تاريخ اليمن الحديث دورها الطليعي وألاساسي في مسيرة النضال الوطني ضد الإستعمار والإمامة ذلك أن الصحافة تعد أقدم الوسائل الإعلامية التي عرفتها أوروبا في القرن 16 للميلاد ، وقبل ذلك الوقت ظهرت المطبعة الحديثة في منتصف القرن الخامس عشر كمقدمة لظهور الصحافة الحديثة . وعلى مستوى اليمن فقد صدرت أول صحيفة باسم الوجود العثماني عام 1872م... ، فيما كان اصدارأول صحيفة يمنية باسم المملكة المتوكلية اليمنية عام 1926م، أما أول صحيفة يمنية صدرت في المهجرعام 1916م، وأول صحيفة أهلية وفي عدن عام 1940م كان إصدار أول صحيفة أهلية قامت بمقارعة الإمامة في الشمال والاستعمار في الجنوب. وفي مرحلة الأربعينيات صدرت صحف يومية وأسبوعية وشهرية سياسية واجتماعية وثقافية وفنية ومهنية وعمالية وجميعها كان لها دورها السياسي خاصة الصحف التابعة لحركة الأحرار والصحف الحزبية و العمالية وهي كثيرة وأغلبيتها كانت مؤيدة للحرية والمطالب السياسية والاجتماعية من النظام الإمامي والاستعمار البريطاني وهذا الدور اضطلعت به الصحف التي كانت تصدر في عدن أو في المهجر مثل صحيفة (السلام) التي كانت تصدر من كارديف البريطانية. أما في مرحلة الخمسينيات والستينيات فقد انقسمت الصحف إلى مؤيدة للاستعمار بصورة غير مباشرة وأخرى مطالبة بالتحرر من الإستعمار وإزالة الحكم الكهنوتي المتخلف الذي كان يمثل نظام القرون الوسطى وتدعو كخلاصة لهذا النضال وهدف رئيس وعام لتحقيق الوحدة الوطنية اليمنية وقيام جمهورية يمنية موحدة.وقد كانت عدن بحكم النهج الليبرالي للاستعمار البريطاني قاعدة هامة للحركة الوطنية وملاذاً لكل اليمنيين حيث مثلت هذه المدينة الباسلة قاعدة للأفكار والاتجاهات الوطنية وللنظام الثوري والجمهوري لليمن وتشكيل الأحزاب والمنظمات الوطنية في شتى المجالات. وعندما انطلقت ثورة 26سبتمبر 1962م في صنعاء انتقل الثقل الوطني والثوري من عدن إلى صنعاء عاصمة الثورة والجمهورية اليمنية من خلال انتقال الآلاف من أبناء اليمن من عدن وحضرموت ومختلف المناطق اليمنية إلى صنعاء من أجل الدفاع عن الثورة والجمهورية من خلال انخراطهم في الحرس الوطني، وفي هذا المنعطف التاريخي والمفصلي في مسيرة النضال الوطني انقسمت وسائل الإعلام في عدن في مواقفها بين مناصر ومؤيد للثورة والجمهورية ومقلل من نجاح الثورة ومضخم للقوة الملكية ومشيد بالدول المعادية للثورة وللجمهورية العربية المتحدة. وبعد تحول صنعاء إلى مركز الثقل التي كانت تحتله عدن قبل قيام الثورة بدأت قوى الثورة في الجنوب تخطط وتعمل من صنعاء على تشكيل الجبهة القومية ثم جبهة التحرير وغيرها من الحركات الوطنية وقد سخرت إذاعة صنعاء برنامج وتعليقات للإشادة بالثورة الاكتوبرية في الجنوب كامتداد للثورة السبتمبرية في الشمال وخصصت الكثير من برامج إذاعة تعز للقضية ( الثورة في جنوب اليمن المحتل )... وهكذا استمرت الجهود الإعلامية والتحريضية في القيام بدورها الطليعي لإنجاح الثورة اليمنية باعتبار نجاحها بوابة مفضية لتحقيق الوحدة اليمنية. ومن خلال معرفتنا بتاريخ اليمن القديم فقد تبين لنا بأن الشعب اليمني طوال تاريخه القديم والوسيط والحديث والمعاصر قد ناضل ببسالة وقوة لا تلين في سبيل حريته ووحدته واستقلاله الوطني والحرص على صيانة سيادته على كل ترابه الوطني.. وقد ازداد تمسكه وقوة دفاعه في المرحلة المعاصرة باعتبار أن كل مفاهيم الحرية والسيادة والاستقلال أخذت أبعاداً ومعانٍ جديدة ومنها الوحدة الوطنية الشاملة للأراضي اليمنية المحددة وبدقة معالمها وخطوط حدودها المرسومة كما أخذت الوحدة الوطنية أبعاداً ديمقراطية بكل ما تعني من المشاركة الواسعة للشعب الممثل بالأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والمنظمات الاجتماعية والمهنية والتي شكلت إضافة جديدة للمناخ الديمقراطي وحرية الرأي والرأي الآخر والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات. وإذا كنا نريد أن نتطرق إلى المرحلة القديمة كتمهيد للوصول إلى المرحلة الحديثة من تاريخ اليمن التي أصبحت فيها وسائل الإعلام وبالذات الصحافة تلعب دوراً مهماً في بلورة أهداف الثورة باعتبارها ضرورة حتمية .. ولكن اللمحة التاريخية التي سنبدأ فيها البحث لإثبات حقيقة تاريخية وهي أن الوحدة الأزلية قدر ومصير للشعب اليمني أقره الواقع الجغرافي والسياسي والثقافي والاجتماعي والديني والمصير المشترك..ولقد شهد التاريخ اليمني الوحدة الوطنية مع ظهور كيانات صغيرة هنا أو هناك أما قضية التشطير فلم تعرفه اليمن إلا عند منتصف القرن الثامن عشر عندما أحتلت قوات الاحتلال الاستعماري البريطاني عدن عام 1839م ومد نفوذه إلى بقية المناطق الجنوبية فضلاً عن الوجود العثماني في بعض مناطق الشمال حتى امتداد وجوده إلى صنعاء 1872م .وفي هذه المرحلة كانت بداية التشطير لليمن والذي عمد باتفاق بين الإستعمار البريطاني والحكم العثماني 1914م وظل هذا التشطير حتى قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م . أما قبل ذلك فقد ظل النضال الوطني اليمني يسير في اتجاهين: اتجاه ضد كل قوى الإستعمار والاحتلال من جهة والعمل بكل قوة على توحيد الوطن اليمن وبناء حضارة يمنية مثل دولة سبأ، معين، حضرموت وأوسان وقامت الكثير من الدول القوية والشاملة على أرض اليمن منذ قبل الميلاد ولقد كان لظهور الحضارة اليمنية المبكرة ولقد كان لها التأثير البالغ على المستوى الداخلي والخارجي فعلى المستوى الخارجي اعتبرت الحضارة اليمنية هي الحضارة الثالثة على مستوى المنطقة بين الحضارة المصرية والعراقية... وعلى المستوى الداخلي فقد شرعت اليمن في تطوير الوسائل الزراعية وتطوير أساليب الري وبناء السدود وتجارة السلع المختلفة وتصدير الألبان والبخور والتنقل في الخارج والاستقرار في بعضها مما أكسب هذه الفئات المهاجرة نقل التطورات الحضارية والتأثيرات المتقدمة إلى ومن اليمن إلى تلك البلدان وفي مقدمتها شمال الجزيرة ومصر والعراق والشام وغيرها من مناطق العالم...وإلى جانب هذه التأثيرات البالغة فقد ساعد الموقع المتميز الجغرافي الذي مثل المنطلق الرئيسي في انتشار التجارة اليمنية إلى العالم وانطلاق اليمنيين إلى الخارج والتفاعل مع هذه الشعوب للتفاعل المتبادل من المعارف وغيرها ولهذا قامت الإنجازات الحضارية اليمنية وفي المقدمة بناء سد مأرب ونجاح التطورات التجارية في العالم ونجاح أساليب جديدة ومتطورة في المجال الزراعي وبالذات أساليب الري... إلا أن عوامل جديدة ظهرت بعد ذلك وهي عوامل عدم الاستقرار وحدوث الكثير من الكوارث منها الغزوات الخارجية وانهيار سد مأرب عام 447ق.م وقد واجه الشعب اليمني كل هذه الكوارث من خلال المقاومة والعمل الجاد لتوحيد اليمن وقيام دولة قوية لبناء حضارة للتواصل مع الحضارة القديمة ولتشكل الدرع القوي للدفاع عن اليمن من الغزو الخارجي الذي ظل يعاود محاولاته عندما تتعرض اليمن إلى التفتت والصراع الداخلي.. ويقول د. سيف علي مقبل في كتابه وحدة اليمن تاريخياً ( أستطاع ناشر أنعم الذي استطاع إخضاع المناطق والقبائل الواقعة تحت نفوذ دولة سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت حيث قام بإخضاع المناطق والقبائل الواقعة شمالاً وجنوباً أن الواقعة على الشريط الساحلي حتى ظفار شرقاً... وفي النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي صارت الدولة المركزية تعرف بدولة سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت وأعرابهم في الجبال والتهائم. وهذه الدولة في ذلك الوقت جسدت الوحدة الوطنية لكونها شملت المناطق اليمنية الواسعة وقد شهدت الوحدة الوطنية بغض النظر عن الأوضاع السياسية فيها وقد حكمت من قبل الخلافة الإسلامية وكذلك خلال الحكم العثماني.. وخلال تلك الفترة منذ القرن 19 الصراعات التي قامت بها الأئمة حيث أخذ هذا الصراع كل إمام تناصرة قبيلة ضد إمام أخر تناصرة قبيلة أخرى واستمرت هذه الصراعات حتى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م ضد الإمامة لأسرة حميد الدين وإلى الأبد دون رجعة باعتبار أن نظام الإمامة من أردى الأنظمة وكانت ثورة 26 سبتمبر 1962م أخر أئمة اليمن وإلى الأبد.. وهي مرحلة شهدت حكم القرون الوسطى الذي قسم بالتخلف ومسايدة الثالوث الرهيب وهو الجهل والمرض والفقر والذي اجتمع بأسرة بدون استثناء. وقد تجسدت ثورة 26 سبتمبر و14أكتوبر نتيجة لنضال شعبنا اليمني في العصر الحديث ضد الإستعمار البريطاني والوجود العثماني وكانت التضحية جسيمة على طريق صنع مستقبل لليمن ليعيد وحدته الوطنية وحضارته العريقة وقد كان هذا النضال الوطني مجسداً في التصدي لكل أنواع الغزاة والمستعمرين ومن جانب أخر كانت المقاومة للإستعمار البريطاني من قبل مختلف أبناء شعبنا اليمني من مختلف الفئات والمناطق ( 1839-1967م ) وكانت نهاية هذه المرحلة بانتهاء الوجود العثماني في اليمن بعد ما حل به في الحرب العالمية الأولى لعدة أسباب ومنها: 1. مقاومة قوى واطراف وطنية قوية في اليمن للوجود العثماني. 2. الهزيمة التي حلت بالإمبراطورية الإسلامية العثمانية في الحرب العالمية الأولى. 3. قيام الاتجاه العلماني والدستوري للأتراك الذي من خلاله قامت أثناء ذلك حكومة الأتراك العلمانية وسقوط الإمبراطورية الإسلامية الأمر الذي جعل قوات العثمانية تستدعي الإمام يحيى بن حميد الدين من الجبال لإستلام الحكم في المناطق الشمالية خاصة وهو الذي وقع مع العثمانيين اتفاقية دعان عام 1911م وقد تضمنت تلك الاتفاقية سيئة السمعة والصيت التي تضمنت أن يقوم الإمام يحيى رئيس محكمة تختص بالمذهب الزيدي فحسب.. وعندما استلم الإمام الحكم أخذ يدير السلطة بعقلية رئيس المحكمة كان يجتمع بالمواطنين بعد صلاة الجمعة لحل قضاياهم بصورة فقهية وبحسب العادة المتبعة في تلك المرحلة... واستعان ببعض العناصر العثمانية التي ظلت في اليمن والتي كانت تعارض نظام الحكم الدستوري العلماني في بلادهم وأخذ يستشيرهم في كثير من الأمور التي كان عادة لايعمل بها بدليل أن الإمام يحيى فشل في إدارة الدولة ووصل إلى طريق مسدود حتى كانت مرحلة الثلاثينيات والأربعينيات ساد الواقع اليمني معارضة شديدة خاصة في عدن التي كانت تشهد قوة المعارضة والتي كانت للصحافة اليمنية دور رئيس في بلورة المعارضة حتى أصبحت المعارضة اليمنية شمالاً وجنوباً تتسم بالرؤية الواحدة للوحدة الوطنية من خلال العمل على طرد الإستعمار البريطاني وسقوط النظام الإمامي في الشمال.. وقد ساد مرحلة الأربعينيات والخمسينيات في عدن بالذات نشاط سياسي وثقافي واسع النطاق من خلال ظهور أكثر من خمسة عشر حزب سياسي وعشرات من الصحف ومنها الصحف الوحدوية لحزب الأحرار والصحف العمالية وخاصة قيام الجبهة الوطنية المتحدة التي قامت على الوحدة الوطنية اليمنية في برامجها وشعاراتها المحددة وهذا الإجماع الوحدوي تمثل في مقاطعة انتخابات المجلس التشريعي عام 1955م .حين أصرت السلطات البريطانية على عدم اشتراك أبناء الشمال في هذه الإنتخابات والسماح لأبناء الكمنولث البريطاني المتواجدون في عدن بحسب الإتفاق الذي وقعته بريطانيا مع الإمام يحيى عام 1934م والذي حدد حكم الإمام بالشمال والإنجليز لعدن والمحميات وقد أسفرت نتائج المقاطعة فوق السبعين في المائة وهي تدل على إكتساح التمسك العميق بالوحدة الوطنية.. وقد واجه الإستعمار البريطاني معارضة المطالبة بالإستقلال الفوري عبر قوى الشعب اليمني ومنظماته الوطنية وأحزابه السياسية الوطنية منها سواء التي كانت كما شهد الحكم الإمامي الكثير من محاولات الإنقلابات أو العمليات التي استهدفت اغتيال الإمام يحيى وأحمد بعد ذلك: كان أول إنقلاب عام 1948م والذي نجح ثم تم التغلب عليه خلال ثلاثة أسابيع.. انقلاب تعز عام 1955م وانتفاضة حاشد الذي ذهب ضحيته قيادة حاشد ومحاولة اغتيال في نفس العام سعيد ابليس.. ومحاولة اغتيال الإمام أحمد عام 1961م في مستشفى العلفي الذي أطلق عليه اسم قائد المحاولة. وقد تناولت الصحافة اليمنية في عدن هذه المحاولات ضد حكم الإمامة في الشمال بالكثير من التحليل والتفسير والشرح والمقارنة ومن ضمن تلك المحاولات التي قامت بها الصحف من مفارقة بين انقلاب عام 1948م في صنعاء والمحاولة التي قام بها الثلايا بقيادة الأمير عبدالله عام
1955م وقد نشرت الصحف التالية أسلوب المقارنة ومنها: - تقول صحيفة فتاة الجزيرة صاحبها محمد علي لقمان التي صدرت في يناير عام 1940م في عددها الصادر عام 1955م: 1. لم يقم الجيش بدوره في 1948م وقام بدورة في الثورة 1955م. 2. كان الجيش متفرجاً والشعب مقاتلاً عام 1948م وصار الشعب متفرجاً والجيش مقاتلاً عام 1955م. 3. كانت ثورة 1948م بين الشعب والملك وكانت ثورة 1955م بين العائلة المالكة التي يتنافس أفرادها على الملك. 4. كان إمام ثورة 1948م يجهل العالم الخارجي وإمام ثورة 1955 يعرف الخارج . 5. حوصر الإمام المعزول عام 1955م بينما قتل الإمام عام 1948م. 6. تولى قائد الجيش منصب الحاكم في العاصمة الثانية تعز عام 1955م.. بينما تولى الإمام منصب الحاكم العام في العاصمة الأولى صنعاء في 1948م. كما ذهبت صحيفة النهضة بالتعليق والذي أخذت الصحيفة تصور فيه الإمام أحمد بأنه أسطورة حية في أذهان الناس وقالت: بأنه ثعلب ماكر عندما تظاهر بالمرض وأخذ يستسلم حتى تمكن من الخروج من قصره شاهراً سيفه مخترقاً الحصار المفروض حوله وبه مدافع الجيش ثم أخذ الإمام بعد ذلك يطوف في شوارع تعز والإنقلابيون يتقهقرون ويولون الأدبار ويعود الإمام إلى قصره وكأن شيئاً لم يحدث؟؟ - وصحيفة الجنوب العربي قالت: لقد كانت الدلائل تشير إلى أن شيئاً جديداً سيحدث وكان من المؤكد. - وتقول القلم العدني التي صدرت عام 1954م بقلم محمد لقمان بعد أن تحولت فتاة الجزيرة إلى يومية عام 1953م: أ‌. ان الإمام أحمد يلجأ إلى حجة بعد مقتل والده وقد لجأ ولده محمد البدر إلى حجة 1955م. ب‌. أيد علماء صنعاء مبايعة ابن الوزير على إمامة اليمن عام 1948م وكذا أيدوا مبايعة سيف الإسلام عبدالله على إمامة اليمن عام 1955م أخاه عبدالله عام 1955م. ت‌. أيد سيف الإسلام الحسن عبدالله ابن الوزير وبايعه عام 1948م وأيد عبدالله عام 1955م. ث‌. اتحد جميع سيوف الإسلام على تأييد الإمام أحمد ضد ابن الوزير عام 1948م وأتحدوا أيضاً على تأييد سيف الإسلام عبدالله بعد انقلاب عام 1955م. ج‌. دعا الأئمة في المساجد بالنصر لأبن الوزير بعد انقلاب عام 1948 ودعوا لنصرة سيف الإسلام عبدالله بعد انقلاب 1955م. ح‌. اتفقت الثورتان في انهما داميتان. ثم تستطرد الصحيفة القلم العدني: 1. لم يقم الجيش بدورة في 1948م وقام بدورة في ثورة عام 1955م. 2. كان الجيش متفرجاً والشعب مقاتلاً عام 1948م وصار الشعب متفرجاً والجيش مقاتلاً عام 1955م. 3. كانت ثورة 1948م بين الشعب والملك وكانت ثورة 1955م بين العائلة المالكة التي يتنافس أفرادها على الملك. 4. كان إمام ثورة 1948م يجهل العالم الخارجي وإمام ثورة 1955م يعرف الخارج كله. 5. حوصر الإمام المعزول عام 1955م بينما قتل الإمام عام 1948م. 6. تولى قائد الجيش منصب الحاكم العام في العاصمة الثانية تعز عام 1955م بينما تولى الإمام منصب الحاكم العام في العاصمة الأولى صنعاء في 1948م. هذه الآراء المعبرة عن الصحف الصادرة في عدن عام 1955م بعد انقلاب عام 1955م الذي نفذه الثلايا ومعه محمد قائد سيف كعسكريين لصالح الإمام الجديد عبدالله بن يحيى حميد الدين الذي سرعان ما انتكست الثورة وعاد الإمام إلى العرش لكن كانت آراء الأحرار معارضة لهذا الإنقلاب باعتباره تغيير أمام بأخر باعتبار أن شعار الجمهورية هو الأساس بل لم يعد ممكناً ترميم النظام الإمامي وإدخال الإصلاحات من داخله ، ومطلوب أو مطالب في الجنوب بإدخال الإصلاحات وقيام الحكم الذاتي بل أصبحت المطالب على مستوى اليمن كلها مطالب جذرية وأصبح النظام الجمهوري هو مطلب الشعب على أساس الوحدة اليمنية وأن أي جزء سواءً كان في الشمال أو الجنوب يتم تحريره يكون قاعدة لتحرير الجزء الثاني وهذا ما وجدناه في ثورة 26 سبتمبر 1962م في صنعاء أصبحت منطلقاً لتحرير الجنوب ولهذا بعد قيام الثورة بعام واحد قامت ثورة 14 أكتوبر 1963م. ولهذا كان الإتحاد الوطني ضمن مفهوم حركة التحرر الوطني كرد طبيعي لما يسعى الإستعمار القيام به من إجراءات من شأنها تعميق انفصال الجنوب عن الشمال من خلال سيطرته على الجنوب لخدمة مصالحه العسكرية والسياسية والاقتصادية وذلك من خلال: 1. تقوية قاعدته العسكرية لما تمثله عدن من موقع إستراتيجي هام. 2. بناء البنية التحتية لمنطقة عدن لتستوعب حركة الترنسيت لبضائع مصانعه إلى المنطقة الخليجية وشرق أفريقيا وغيرها. 3. أخذت السلطات البريطانية تسن القوانين والأنظمه مثل قانون العمل والمطبوعات..الخ. 4. بناء إتحاد الجنوب العربي كقوة محلية ورديف للقوات البريطانية. 5. بناء المدن السكنية لتستوعب ضباط وجنود القاعدة البريطانية الأمر الذي ولد حركة عمالية واسعة بدأت بنقابة واحدة عام 1951م وخلال خمس سنوات قام مؤتمر عدن للنقابات من 25 نقابة عام 1956م الأمر الذي ولد الكثير من الحراك في مجال المظاهرات اليومية والإضرابات المستمرة.. وكان توحيد الحركة الوطنية اليمنية الأثر المعنوي والمادي أثره على الحركة الوطنية والعمالية والأدبية مما وسع من الكثير من المنظمات والأحزاب الجديدة في عدن ومن الصحف والمجلات والأنشطة ضمن إطارات الأندية والجمعيات الإجتماعية وجميعها كانت تصب في تعميق الحركة السياسية الموحدة واهم القوى السياسية التي وحدت النضال اليمني هو قيام الجبهة الوطنية المتحدة في 16 أكتوبر عام 1955م والتي ضمت الكثير من الفئات من نقابيين وعماليين وقد حملت الأهداف التي نشرتها صحيفة البعث الناطقة بأسمها وكانت الأهداف: 1. الإيمان بالوحدة اليمنية والوحدة العربية. 2. إقامة وحدة اليمن الكبرى على أساس شعب في إطار جمهورية ديمقراطية مستقلة. الأمر الذي كان لقيام أول تنظيم وحدوي يمني أثر بالغ على مسيرة الحركة الطلابية حيث أعلنت رابطة طلاب اليمن في القاهرة في تأييد والانخراط في هذه الجبهة الوطنية من جانب آخر أخذت الأحزاب والصحف والمجلات والمنظمات السياسية تأخذ أبعاد وأشكال جديدة حيث انقسمت هذه التشكيلات على بعضها: 1. الأقلية تطالب الحكم و استمرار الانقسام اليمني إلى الجنوب والشمال. 2. الأغلبية مع الوحدة اليمنية ووحدة الحركة السياسية والتصدي للحكم الإمامي في الشمال والعمل على تحرير الجنوب من الإستعمار وقيام الوحدة اليمنية بعد ذلك. واستمر نضال اليمن الحديث والمعاصر كإمتداد نضال الشعب اليمني منذ القدم وظلت الوحدة اليمنية هي أساس وقاعدة النضال باعتبارها القاعدة الجوهرية أما الانفصال فهو الاستثناء ومن هذا المنطلق ظلت واحدية الثورة اليمنية ووحدة نضال الشعب اليمني بكل فئاتهم وأحزابهم ومنظماتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية وبكل تشكيلاتهم العسكرية والمقاومة ضد الإمامة والاستعمار وأكبر دليل على ذلك تمثل في تلك الأمواج البشرية التي تدفقت إلى صنعاء بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م من مهاجرهم في أفريقيا وأوروبا والخليج وانتقال اليمنيين من مختلف المناطق إلى صنعاء وكان الإنتماء السياسي والفكري مختلف بحكم مختلف مهاجرهم ومشاربهم إلا أن أهداف الثورة والنقمة على النظام الإمامي كان موحدا للجميع ومن هذا المنطلق تم مقاومة الإمامة وانتصار الثورة من جهة وبناء الإقتصاد المحدود والبنية التحتية من المؤسسات المختلفة وخاصة الوزارات وغيرها باعتبار أن الإمامة لم تترك شيئاً غير الثالوث الرهيب الجوع والمرض والجهل ، أقول أن ثورة 26 سبتمبر قد وفرت الروح المعنوية لكل اليمنيين وعادت للجميع قوة الإرادة وممارسة الحرية وصيانة الكرامة الشخصية والوطنية الأمر الذي دفع اليمنيين لمواصلة النضال لاستكمال واحدية الثورة على طريق تحرير الجزء اليمني في الجنوب من الإستعمار البريطاني من خلال ثورة عسكرية شاملة وقوية وعظيمة الأمر الذي جعل الفدائيين يحاصرون القوات البريطانية بقاعدتها الجوية والبرية في مدينة عدن لثلاثة أيام كرد فعل لنكسة 5 يوليو في مصر عام 1967م وهذا الموقف يؤكد شموخ وعزة وقوة الثورة اليمنية مع وجود فارق القوة التي تتمثل بالقاعدة العسكرية الضخمة في عدن وما يملكه الفدائيين من أسلحة خفيفة.. هذه القوة استمدت قوتها من توجه الثورة اليمنية الوحدة والتوجه الثوري الواضح والجذري منذ أرهاصات الحركة الوطنية في عدن حتى تفجرت ثورة 26 سبتمبر 1962م وانطلاق ثورة 14 أكتوبر من جبال ردفان حتى شملت الثورة كل المناطق اليمنية. وبعد ثورة 26 سبتمبر ومن اليوم التي تم وقف الصحف الصفراء التي كانت تصدر في عهد الإمام وإصدار صحف جديدة باسم الثورة وباسم الجمهورية وصحيفة الأخبار والتي أخذت الصحف الناطقة باسم الثورة النهج الأيدلوجي للثورة وبمفهومها السياسي والإجتماعي والثقافي والإقتصادي كما تفاعلت الإذاعة التي كانت تبث خلال حكم الإمامة ثلاثة أيام من ساعتين إلى ستة عشر ساعة بعد الثورة يومياً لتبث الحماس وإيقاظ المشاعر الثورية من خلال الأناشيد والأشعار والتعليق الملتهب بالمشاعر الفياضة كما شكلت الصحف يقظة في صفوف الشباب الذي يمتلك نوع من التعليم وقد بلورة هذه الصحف أهداف الثورة اليمنية بكل أبعادها المؤثرة. • القضاء على كل بقايا الحكم الأمامي لحساب المنظومة الأيدلوجية للثورة اليمنية. • العمل على إحياء الشريعة الإسلامية الصحيحة على أنقاظ تلك الخرافات والخزعبلات التي كانت سائدة في ظل الحكم الإمامي. • العمل على تنظيم الشعب في صفوف تنظيم سياسي موحد يشارك في عملية البناء الثوري للتصدي لقوى الأمامية وبقايا التخلف. • بناء جيش قوي وثوري وبناء المجتمع الجديد في المجالات والإصلاحات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإقتصادية والإجتماعية.. الخ. • تشجيع الإستثمار الوطني واستغلال الكوادر اليمنية التي كانت في المهجر.. وقد لعبت وسائل الإعلام الجديدة دوراً مهماً ومؤثراً في التحريض وتشكيل رأي عام سريع مما نتج عنه تجاوب كل جماهير الشعب اليمني من كل مكان سواء على مستوى المهاجرين أو على مستوى الداخل نحو الانخراط في الحرس الوطني للتصدي لفلول الإمامة من كل مناطق اليمن كل من عدن وخمر وتعز والحديدة وإب وردفان ويافع وحجة والبيضاء وحضرموت ورداع ولحج والحجرية وأبين وذمار..الخ. وكان هذا الإندفاع الصادق والجارف والذي يتحلى بطموح وتطلع نحو التقدم والرقي من أجل التعويض من التخلف الشامل والعميق الذي ورثناه من الحكم الإمامي المباد. وكان ذلك الإندفاع الشعبي اليمني يدل دلاله واضحة على عمق النضال الوطني الذي كان ضارب أطنابه في اعماق التاريخ اليمني القديم والحديث والمعاصر على طريق الوحدة الوطنية وقيام دولة مركزية قوية تعمل على الحفاظ كسيادة واستقلال وتقدم واستقرار اليمن وهو التوجه الوطني الذي قادته الحركة الوطنية اليمنية التي ضحت في سبيل ذلك كل ما تملك من قدرات وإمكانيات في سبيل مصلحة اليمن دون تردد ولم نقرأ أو نسمع عن هذا التراجع الذي يحدث الآن من التنازل عن القيم والمثل الوطنية من قبل البعض من الناس مهما كانت قيمهم وتوجهاتهم السياسية لأن الرأي العام السائد في الماضي والحاضر لم يسمح لمثل هؤلاء أن يعبروا عن نواياهم السيئة على الأقل وليس كما هو الآن من مظاهر التبجح والعنف عن نواياهم في الإنفصال وتفتيت الوحدة الوطنية وضرب انجازات الحركة الوطنية وتضحياتهم الغالية في سبيل الثورة والوحدة أن مثل هذه الأصوات التي طفحت إلى السطح والتي تهدف إلى الكسب المادي من خلال المقاولات والمساومات بقضايا الوطن ووحدته وسيادته واستقلاله والذي ظهر الآن ولهذا فإننا ونحن نقرأ ونسمع عن تلك التضحيات الغالية والبطولات الأسطورية التي كان يقوم بها الآباء والأجداد من أجل الوطن اليمني ومن هذه البطولات تحققت الوحدة والثورة اليمنية سبتمبر و أكتوبر ومنها انطلق الشعب اليمني كالسيل الجارف من أجل تحقيق المنجزات على طريق التقدم والرقي إلا أن أعداء الشعب وتقدمه وهم من يبحث عم مصالحه وعن ذاته على حساب الوطن الذي يلطخون فيه اللوحة الجميلة والعظيمة التي رسمتها القيادة والشعب يوم 22 مايو عام 1990م التي تحققت في وقت أخذت الكثير من الشعوب تتمزق وتتناحر فأخذت اليمن تتوحد وتعيد مجد وتقدم اليمن ونهضة الثورة اليمنية ومن المؤسف فقد برزت اليوم الشوائب والأشواك التي زرعتها القوى المتآمرة في طريق استكمال مسيرة الوحدة الهادفة إلى بناء حضارة يمنية معاصرة
بمساهمة كل قوى الشعب عبر النهج الديمقراطي وحرية الرأي والرأي الأخر والتداول السلمي للسلطة من خلال النهج الديمقراطي الذي رادف قيام الجمهورية اليمنية والذي أتاح للجميع التعبير عن أرائهم بكل حرية ومنح الكثير من الرخص لإصدار الصحف وهو منجز عظيم للوحدة الوطنية التي لم نشاهده طوال الحكم الشمولي في ظل التشطير وكان في ظل الإستعمار البريطاني ومنذ الأربعينيات والخمسينيات والستينيات قد تمكنت الصحف أن تمارس في عدن وفي ظل الحكم ألإمامي الذي أغلق الباب على كل شيء وفي مقدمتها الصحافة حريتها وحرية الرأي والرأي الآخر لمختلف الفئات وكانت هذه الممارسة البريطانية في عدن قد كانت الصحف منقسمة بين اتجاهين اتجاه وطني تحرري يدافع عن الوحدة والثورة والتحرر والتقدم واتجاه رجعي متخلف يحاول باستياء ومن خلال مبررات تكاد أن تكون لها ملامح في الواقع يدافع عن الأمر الواقع والاحتفاظ به – إلا أننا لم نشاهد هذه المواقف في صحافة اليوم التي تنادي بتفتيت وتقسيم اليمن وبعودة الإمامة والأمراء والسلاطين بكل صراحة وبصوت عالً وواضح وبدون خجل من تضحيات الشعب اليمني طوال تاريخه القديم والحديث والمعاصر وهذه المفارقة الغريبة التي تحدث هي مؤشر على التحدي الكبير الذي نواجهه والذي يجب على الجيل الجديد في المقدمة ثم على الجميع التصدي لهذا التحدي عبر الصحف وكل وسائل الاتصال والإعلام عبر الندوات والحوار الواسع الذي لا بد أن يظهر عبر الأجيال المختلفة على طريق التصدي للاستعمار الأجنبي وقيام حكم وطني على أساس ونهج الوحدة الوطنية كأساس ومنطلق للتقدم والرقي للشعب اليمني وتجديد حضارته العظيمة خاتمة :لقد اقتصرت قراءتنا التاريخية التحليلية على دور الإعلام في مسيرة نضال الشعب اليمني في ظل هيمنت الاستعمار والإمامة واللذان شكلا حافزاً للقوى الوطنية على مستوى ما كان يعرف بشطري اليمن لتعميق واحدية النضال اليمني حتى قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وكان الخطاب الإعلامي متفاعلاً سلباً وايجاباً مع واحدية الثورة اليمنية :غير أن هنالك مرحلة بالغة الأهمية والتعقيد لم أتطرق أليها بالتوسع المطلوب لاغنائها وإثرائها وإبراز ملامحها وتداعياتها ومواقف الإعلام مما شهدته من تحولات ومتغيرات تشمل مرحلة السبعينيات وحتى اليوم وهي مرحلة تتطلب وقفة عميقة بل ووقفات نوعية لسبر أغوارها خاصة ما عانته اليمن بعد انتصار الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر. ففي بداية مرحلة السبعينات التي تعددت فيها مراكز القوى على المستوى المحلي و المحيط الإقليمي كل تدعي صواب مواقفها حتى عام 1978م حيث شهد تحولاً مهماً تمثل في انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح من قبل مجلس الشعب التأسيسي رئيساً للجمهورية العربية اليمنية وهذه المرحلة مثلت بداية نحو التحولات لبناء وحدة اليمن على أساس ديمقراطي تمثلت خطوتها الأولى بتشكيل لجنة الحوار الوطني والتي ضمت في عضويتها مختلف ألوان الطيف السياسي على مستوى الشمال ..فيما بدا الحوار على مستوى القيادات في الجنوب على أسس واحدية الثورة اليمنية كتحول كبير في الأداء السياسي يكاد يكون مخالفاً لم ساد من حوارات قبل هذه المرحلة .لقد تواصلت الحوارات على مستوى الشمال والجنوب بصفة مباشرة وغير مباشرة وهو سجل كبير حافل بالإحداث والمتغيرات والتحولات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي كان فيه الإعلام لاعباً رئيسياً ومؤثراً وهو ما يجب التوقف عنده برؤية تحليله تقويمية خاصة وان هذه المرحلة برز فيها النفس الوحدوي بصورة كبيرة وتأصلت فيها أهداف الثورة اليمنية في أعماق الوجدان الجمعي لليمنيين وهو ما سوف نتناوله بإسهاب وتوسع ضمن البرنامج الفكري الثقافي لمركز منارات في الأسابيع القادمة لإعطائه ما يستحق من التوضيح وإبراز دلالاته الفكرية والسياسية وتأثيره المباشر وغير المباشر في صناعة الإحداث في العقود الأربعة المنصرمة من الزمن لاستخلاص ما سوف يشكل منطلقات علمية وطنية نستلهم منها التعاطي الايجابي مجمل التحولات بما فيه المشهد الإعلامي الراهن ونستشرف في ضوءها ملامح وأفاق المستقبل ببعديه الاستراتيجي والمنظور ذلك أن التحولات التي شهدها اليمن ما قبل إعادة تحقيق الوحدة وما بعدها يشكل الإعلام فيها سجلاً مرجعياً بالغ الأهمية والدلالة ليس لإعادة قراءة مراحل تاريخ الثورة اليمنية فحسب بل بهدف التعاطي الواعي مع أهمية دور الأعلام ومكانه في صناعة الأحداث وتحديد المواقف . أ.د/محمد عبدالجبار سلام أستاذ الإعلام - جامعة صنعاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.