نفى الجيش السوداني أمس حدوث تمرد وسط قواته بولاية (جنوب كردفان) المضطربة، منكراً في الوقت ذاته إسقاط طائرة تابعة له خلال الاشتباكات الدائرة هناك منذ الأسبوع الماضي. وقال الجيش في بيان له: إن الادعاء بأن هنالك تمرداً في بعض فصائل القوات المسلحة لا أساس له من الصحة، مؤكداً أن قواته متماسكة بشكل أسهم في إعادة الاستقرار للمنطقة. ورفض الجيش السوداني الاتهامات التي وجهتها له البعثة الدولية لحفظ السلام (يونميس) باستخدام القوة المفرطة في الرد على الهجوم الذي قامت به قوات الجيش الشعبي الجنوبي، معرباً عن استغرابه من انتقادات البعثة الأممية التي قال إنها صمتت عن إدانة البادىء بالعدوان ضد المواطنين العزل والمتسبب الحقيقي في ترويع المواطنين ونزوحهم.. وجاء في البيان أن موكب حاكم الولاية أحمد هارون تعرض لقصف عنيف في كمين نصبه أفراد الجيش الشعبي لاغتيال الحاكم في السادس في الشهر الحالي بجانب قيام أفراد من الجيش الشعبي بتفيذ اغتيالات لعدد من أبناء المنطقة المنتمين لحزب (المؤتمر الوطني) الحاكم في الشمال في عملية وصفها بالبربرية. وكانت أنباء راجت في الأوساط السودانية مؤخراً بشأن حدوث تمرد في صفوف الجيش من جانب الجنود المنتمين لمنطقة جبال النوبة بولاية (جنوب كردفان) المضطربة. وكانت منطقة جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان موطن كثير من المقاتلين الذين انحازوا ضد الخرطوم في الحرب الأهلية الماضية. ولايزال المقاتلون يشار إليهم على أنهم أعضاء في الجيش الشعبي لتحرير السودان (الجيش الجنوبي) رغم أن حكومة الجنوب تقول: إن تلك الميليشيا لم تعد جزءاً من جيشها. وتمثل ولاية جنوب كردفان أهمية للشمال لان بها أعلى حقول النفط إنتاجاً التي ستظل تحت سيطرة الخرطوم بعد الانفصال وسيؤول للجنوب نحو 75 في المئة من إنتاج السودان الذي يبلغ نصف مليون برميل يومياً.. وهددت الخرطوم بنزع سلاح الميليشيات في جنوب كردفان أو طردها من الولاية الحدودية مع جنوب السودان الذي يستعد لإعلان دولته الجديدة في التاسع من الشهر المقبل. من جانبه أعرب السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون عن القلق إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في ولاية جنوب (كردفان) ومناطق أبيي، حيث بدأ القتال قبل أسبوع، داعياً الأطراف المعنية إلى إظهار «إرادة سياسية تهدف إلى إحلال السلام في المنطقة». ودعا بان في البيان الذي أصدره مكتبه الصحفي الليلة الماضية جميع الأطراف المعنية إلى وقف الأعمال العدائية وتقديم تعاونها الكامل لبعثة الأممالمتحدة في السودان (يوناميد) والوكالات الإنسانية لمعالجة احتياجات الآلاف من المدنيين الذين فروا من ديارهم.. ورحب بالاجتماع الذي سيعقد بين الأطراف المتنازعة في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا لمناقشة الوضع في منطقة (ابيي) بالإضافة إلى جنوب (كردفان) والنيل الأزرق، فضلا ًعن غيرها من القضايا الأمنية ذات العلاقة. وحث السكرتير العام للأمم المتحدة الأحزاب السودانية على إظهار الإرادة السياسية والمرونة اللازمة للتوصل إلى اتفاقات من شأنها إحلال السلام في المنطقة. من جهة أخرى أكد رئيس مكتب جامعة الدول العربية في جنوب السودان السفير محمد منصف أمين حق جنوب السودان في الانضمام كعضو عامل وفاعل في جامعة الدول العربية. وقال أمين في تصريحات صحفية أمس: إن ميثاق الجامعة العربية يقر بانضمام جنوب السودان إليها، مبيناً أن الميثاق ينص على أن أية دولة عربية تنقسم إلى قسمين فإن القسمين ينضمان إلى الجامعة العربية بحكم الميثاق..وأضاف: إن هناك ترحيباً من قيادات حكومة جنوب السودان بالانضمام إلى جامعة الدول العربية، مؤكداً ان العلاقات بين الأمانة العامة للجامعة العربية وحكومة جنوب السودان سوف تستمر. وذكر أن هناك مشاريع تنموية كثيرة خاصة بجنوب السودان تم توزيعها على الدول العربية لتنفيذها في أقاليم الجنوب في ضوء المشاريع التي قدمتها الحكومة في المؤتمر الأول لتنمية الجنوب الذي عقد في (جوبا) في فبراير 2010. وبين أنه كان من المفترض عقد مؤتمر (جوبا 2) لتنمية جنوب السودان في مملكة البحرين خلال الفترة الماضية إلا أنه تم تأجيله بسبب الأحداث الأخيرة في المملكة، مؤكداً عقد المؤتمر قريباً لاستكمال دعم جهود التنمية والاستثمار في جنوب السودان تحت رعاية الجامعة العربية. وقال: إن هناك عدداً من مذكرات التفاهم تم توقيعها أخيراً بين شركات عربية وأخرى مصرية لتنفيذ مشروعات تنموية واستثمارية في جنوب السودان، وتم تقديم دراسات الجدوى خاصة بها إلى حكومة جنوب السودان لدراستها. وأضاف: إن هناك تعاوناً وثيقاً بين الجامعة العربية وحكومة جنوب السودان لتعزيز عملية التنمية في الجنوب، مبيناً في هذا الإطار أنه تم يوم الخميس الماضي تخريج 20 مهندساً من مهندسي وزارة الإسكان في حكومة الجنوب الذين تلقوا دورة تدريبية في إطار التعاون المبرم بين المقاولين العرب والأمانة العامة للجامعة العربية. يذكر أن الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان الذي جرى بين التاسع وال 15 من يناير الماضي هو جزء من اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة السودانية في (نيفاشا) في عام 2005 مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، ووضع حد لنحو 21 عاماً من الحرب الأهلية في البلاد.