يعتبر القرن الحادي والعشرين ويتبعه النصف الثاني من القرن العشرين نقطة انطلاقة كبيرة في مجال التفوق والموهبة، حيث أخذ مفهوم التفوق والإبداع في التوسع، وصاحب ذلك توسعاً في مجالات اكتشاف الموهوبين وأساليب وأنواع الخدمات التي تقدم لرعايتهم، ولم تعد الموهبة محصورة بالذكاء وحده، بل أصبحت شاملة لأي أداء متميز في أي مجال من مجالات الحياة. وإن التفكير الإبداعي الذي يقود أي تقدم علمي لأي حضارة لابد أن يأتي نتاجاً لحراك يعي مدى الاهتمام بقدراته الكامنة وثرواته البشرية القادرة على النهوض والتجديد الفكري الأصيل، وإنه متى أدركنا هذا المعنى وسعينا وراءه فإننا نبني مستقبل أمتنا التقدمي على كافة الأصعدة، وإننا إذا شملنا الموهوبين بالرعاية الممكنة المتاحةوفق إمكانياتنا أفضل من ألاّ نقدم أي شيء، وذلك في سبيل النهوض بمواهبهم إلى أرقى مراتب التفكير العليا، والمتمثلة في الإبداع والإشراف الذهني...وفي سبيل ذلك كان لزاماً التوعية بأهمية إدراك هذه الشريحة من قبل مجتمعنا المحيط بدءاً بالأسرة ومروراً بالتربويين والمتخصصين والقياديين وأصحاب القرار واكتنافهم بالمتابعة والتطوير. أهداف رعاية واكتشاف الإبداع وفي ضوء ذلك كان من أبرز الأهداف التي تسعى إليها المجتمعات في الوقت الحاضر بالنسبة لرعاية واكتشاف المتفوقين والموهوبين تضمن التعرف المبكر على حالات الموهبة والتفوق، والتشخيص المتكامل المتضمن لجوانب الشخصية الموهوبة المختلفة، ووضع برامج رفيعة المستوى داخل المدرسة أو المجتمع في مجال تشخيص واكتشاف ورعاية وتعليم المتفوقين والموهوبين، وتحقيق جهود تعاونية يشترك فيها المسئولون من أجل الاكتشاف الجيد وتقديم الرعاية السليمة. الإعلام التربوي ومن هنا تتجلى أهمية الدور الذي يناط بالإعلام التربوي، وذلك وفق مسلمات الدور الإعلامي الصحيح وشروط الرسالة الإعلامية والتربوية الناجحة، فنحن اليوم بحاجة إلى إعلام تربوي قادر على الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة وتطويعها لخدمة الفعل التربوي. والإعلام «علم وفن في آن واحد» فهو علم له أسسه ومنطلقاته الفكرية؛ لأنه يستند إلى مناهج البحث العلمي في إطاره النظري والتطبيقي، وهو فن؛ لأنه يهدف إلى التعبير عن الأفكار وتجسيدها في صور بلاغية وفنية متنوعة بحسب المواهب والقدرات الإبداعية لرجل الإعلام. أهداف الإعلام التربوي من أهداف الإعلام التربوي التي تصب في موضوعنا أنه يساهم في تحقيق سياسة التعليم، ويعمل على تنمية الاتجاهات السلوكية البناءة وتلمس مشكلات المجتمع والعمل على بث الوعي التربوي تجاهها، والاستفادة من الرؤى العلمية، والقيام بالبحوث وتشجيعها، والاهتمام بعناصر العملية التعليمية (المعلم - الطالب - ولي الأمر)، والتواصل مع المجتمع وتزويده بالمعلومات التربوية والتعليمية التي تحقق المسئولية الجماعية للعمل التربوي. إن المفهوم العلمي للإعلام عموماً اليوم قد اتسع حتى شمل كل أسلوب من أساليب جمع ونقل المعلومات والأفكار، طالما أحدث ذلك تفاعلاً ومشاركة من طرف آخر متلقٍ، فالإعلام التربوي مطالب بمتابعة سلوكيات الطلاب داخل المدرسة وفي المجتمع، يؤكد لهم القيام والحفاظ على المدرسة ومعناها...والإعلام التربوي له دور مهم في رعاية الموهوبين فلابد أن يلم الإعلام التربوي بجميع النواحي المحيطة بالموهبة والتوعية بها وبمتطلباتها وخصائصها السلوكية والنفسية والتعرف على حاجات الموهوبين ومساعدتهم على التكيف مع مجتمعاتهم من خلال الاكتشاف والتعزيز والمتابعة وإبرازهم ونتاجاتهم للمجتمع، وذلك كي نضمن التغيير نحو الأفضل، فالإعلام والتعليم يتفق كلاهما من حيث الهدف وهو تغيير سلوك الفرد. عوامل اكتشاف الموهبة ولابد أن نشير هنا إلى أهم الكوادر التي تتحمل المسئولية المباشرة، والذي يلعب الإعلام التربوي دوراً مهماً في تفعيلهم نحو الهدف الأول، وهو الاكتشاف ثم الرعاية للموهوبين: - الأسرة : للأسرة الدور الأول في تهيئة الموهوبين. - المدرسة : تلعب الدور الأكبر في التقدير الدقيق والقياس لقدرات ومواهب الطلاب وميولهم بموضوعية وعبر الأنشطة المختلفة. - المعلمون : من خلال ملاحظة الأسئلة الذكية والاستفسارات الكثيرة من بعض الطلاب والتي تنم عن تفكير منظم لحل المشكلات مع الملاحظة المباشرة من المعلمين لهؤلاء الطلاب الموهوبين من خلال الفعاليات والأنشطة التي يقوم بها هؤلاء الطلاب ودرجات التحصيل الدراسي ونظم الامتحانات ومحتواها العلمي القائم على الفهم والذكاء. بالإضافة إلى مشرفي النشاط المدرسي بمكاتب التربية والمدارس، والمتخصصين بالأنشطة والموجهين والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين كعوامل لاكتشاف الموهوبين والمبدعين.