صنعاء سبأ تقرير: درهم السفياني تشهد أسواق الفواكه والخضار في اليمن هذه الأيام تدفق كميات كبيرة من ثمار المانجو في مؤشر يثير توقعات ومخاوف المزارعين بتعرض محاصيلهم من هذه الفاكهة للكساد وعدم تحقيق أرباح مجزية تمكنهم من تغطية تكاليف الإنتاج. وفيما يحتل المانجو الصدارة ضمن قائمة الفواكه الأكثر تدفقاً للسوق المحلية في الموسم الحالي فإن سعر الكيلوجرام الواحد من هذه الثمار يتراوح ما بين 150 200 ريال و300 ريال لأجود أنواع المانجو وهي أسعار منخفضة مقارنة بأسعار الفواكه الأخرى. ونتيجة لذلك فإن المستفيد الأكبر هم وسطاء البيع مقارنة بهامش الربح القليل الذي يحصل عليه مزارعو المانجو. وهو ما يؤكده عبدالله الفقيه أحد مزارعي المانجو في مزارع الجر بمحافظة حجة بقوله: إنتاجنا لهذا العام لا بأس به لكننا نتخوف من الكميات الكبيرة التى تورد للأسواق المحلية في ذروة الموسم، حيث إن سعر المانجو ينخفض ويصل سعر سلة المانجو الجيد إلى نحو 1500 2000 ريال وبسبب ذلك فإنه لا يمكننا الحصول على أرباح مجزية رغم أن أشجار المانجو تثمر مرة واحدة في العام. وقال الفقيه: إن وسطاء البيع هم من يحققون أرباحاً كبيرة نتيجة شرائهم الثمار من المزارع بأثمان بخسة وإن بيع الثمار في السوق المحلية لا تشجع المزارعين على الإطلاق. ويرجع متخصصون واقتصاديون سبب انخفاض أسعار ثمار المانجو إلى عوامل تتعلق بموسم جني الثمار وتدفقها بكميات كبيرة إلى الأسواق المحلية وكذا استعجال المزارعين وتسابقهم على جني الثمار واعتمادهم على استخدام طرق تسرع من عملية النضج للثمرة كتعريضها للحرارة أو استخدام مادة الكربون وغيرها مما يترتب عليه تدنٍ في جودة الثمار ومذاقها وبالتالي تقل قيمتها الشرائية. ويتوقع هؤلاء زيادة التدفق من ثمار المانجو إلى السوق المحلية لاسيما وأن صادرات هذه الثمار للخارج قد تنخفض بشكل كبير نتيجة للأوضاع التى تمر بها البلاد هذه الأيام. ووفقاً للدكتور علي القاسمي أستاذ مساعد بكلية الزراعة جامعة صنعاء فإن استعجال المزارعين في جني الثمار مبكراً أصبح عقبة أمام الترويج لسمعة ومزايا ثمار المانجو اليمني ويشوه صورتها ويفقد شعبية كبيرة من المستهلكين، كما أن تسابق المزارعين واستعجالهم في ضخ ما أمكنهم من الثمار إلى الأسواق وما يقوم به البعض من استخدام منضجات أحد الأسباب الرئيسية المؤثرة سلباً على مذاق وجودة الثمرة وقيمتها الشرائية والغذائية. وطالب القاسمي وزارة الزراعة والري بأن تقوم بدورها في هذا الجانب وتكثيف أنشطة الإرشاد الزراعي وتوعية المزارعين بالنتائج السلبية والأضرار الناجمة عند جني الثمار قبل النضج وتأثير ذلك على إنتاجية الشجرة في الأعوام القادمة. واعتبر القاسمي أن التسويق الزراعي لثمار المانجو ما زال يعاني معوقات عديدة أهمها انخفاض الكفاءة التسويقية وبطء تطوير النظام التسويقي مما يحد من مقدرته على مواكبة التطورات والمتغيرات الاقتصادية العالمية والإقليمية والمحلية بما فيها التطورات الحاصلة في مجال المواصفات والمقاييس بسبب عدم كفاية وكفاءة البنى التحتية والخدمات التسويقية المساندة ومعلومات السوق. ولفت إلى أهمية تعزيز دور الهيئة العامة للبحوث الزراعية في التوصل الى التقنيات البحثية وإيجاد أصناف جديدة من المانجو ذات جودة وإنتاجية عالية وتعميمها على المزارعين، لأن توفير الأصناف وتعددها عامل مهم يساعد على التطعيم الخلطي بين الأصناف من أجل زيادة الانتاج، كما يجب إيجاد أصناف مقاومة للآفات والتملح باعتبار التملح مشكلة أساسية تواجهها زراعة المانجو في معظم المناطق اليمنية. ودعا القاسمي البحوث الزراعية إلى إنتاج أصناف جيدة من أشجار المانجو بحيث تنتج الثمار على فترات متباعدة من صنف لآخر لاستمرارية تدفق ثمار المانجو إلى السوق لمدة أطول قدر الإمكان وبما يتيح فرصة أكبر للمزارع ومساعدته في تعويض الخسائر المتوقعة التي قد يتعرض لها في بداية الموسم أو في نهايته.. بدوره مدير إدارة المحاصيل بوزارة الزراعة والري المهندس علي ناجي الصيادي يعزو أسباب الكساد الذي تتعرض له ثمار المانجو في الأسواق المحلية إلى العشوائية في تسويق الثمار وعدم وجود آلية تسويقية مناسبة لتلك الثمار، الأمر الذي يجعل المزارع عرضة لخسائر اقتصادية كبيرة تجعله يتجه نحو زراعة محاصيل أخرى تكون أكثر ربحية. وأشار المهندس الصيادي إلى أن معظم مزارعي المانجو اتجهوا في السنوات الأخيرة الماضية إلى زراعة أصناف عشوائية ورديئة لا تفي بالغرض المطلوب لتحقيق العائدات الربحية مثل صنف السوداني وذلك نتيجة لقصور في دور البحوث الزراعية في التوصل إلى تقنيات حديثة وأصناف ذات إنتاجية عالية. وتوقع الصيادي انخفاض سعر ثمار المانجو المعروضة في السوق المحلية إلى أقل مستوى لها نتيجة لزيادة المعروض مقارنة بالطلب.. داعياً الاتحاد التعاوني الزراعي ووزارة الزراعة والري إلى التنسيق والتعاون لتكثيف الجهود وتشجيع صادرات ثمار المانجو إلى الخارج وتوفير التسهيلات بما يساعد المزارعين على تحقيق عائدات ربحية مناسبة. وقدرت دراسة حديثة أعدتها الإدارة العامة للتسويق والتجارة الزراعية بوزارة الزراعة والري على ثمار المانجو في كل من عدن وتعز وصنعاء أوضحت أن نسبة الفاقد في تلك الثمار وصلت إلى 1ر22 بالمائة، 11ر14 بالمائة، 11ر61 بالمائة للأسواق الثلاثة على التوالي. وأوصت الدراسة باتباع طريقة القطف السليمة والابتعاد عن التعبئة الزائدة للثمار في العبوات أو السلال، كما يفضل قبل التعبئة إجراء عملية فرز للثمار المعابة بالأضرار الميكانيكية والأمراض والحشرات. وطبقاً لبيانات الإحصاء الزراعي فإن إنتاجية اليمن من ثمار المانجو بلغت العام الماضي 400 ألف و978 طناً مقارنة ب404 آلاف و573 طناً في العام الذي سبقه، فيما بلغت المساحة المزروعة بأشجار المانجو 25 ألفاً و914 هكتاراً مقارنة ب25 ألفاً و818 هكتاراً خلال نفس الفترة من العام الذي سبقه. وتعد ثمار المانجو من أجود أنواع الفاكهة ويمتاز المانجو اليمني بمذاق رائع وفريد ويحظى بإقبال واسع من قبل المستهلك في عدد من الدول العربية والأجنبية، وتتركز زراعة المانجو في معظم الأودية والمناطق الزراعية في المحافظات اليمنية وتحتل محافظة الحديدة المرتبة الأولى من حيث إنتاجية وزراعة المانجو تليها محافظة حجة التى تحوز على مساحات واسعة مزروعة بالمانجو لاسيما في مزارع منطقة الجر الشهيرة والمعروفة.