حذّرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية من احتمال امتداد أزمة الدين الأوروبية من اليونان وإيرلندا والبرتغال إلى اقتصادي إيطاليا واسبانيا الأكبر في منطقة اليورو، وقالت إن هذا الاحتمال ينذر بكارثة قد تمتد آثارها إلى الاقتصاد العالمي. واستشهدت الصحيفة برفع المضاربين أمس لأسعار الفائدة على السندات السيادية لإسبانيا إلى أعلى مستوى خلال 14 عاماً، مما أدى إلى هبوط كبير في أسواق الأسهم في لندن وفرانكفورت وباريس وميلانو ومدريد. وقالت إن وضع الفائدة على السندات الإيطالية والإسبانية أصبح في مستويات عليا خطيرة تزيد عن 6 % وتصل أحياناً إلى 7 %، وهو المستوى الذي أدّى في النهاية إلى طلب اليونان وإيرلندا والبرتغال الاستعانة بخطط إنقاذ أوروبية. وأشارت الصحيفة إلى أن القلق انصب أمس على وضع إيطاليا - سابع أكبر اقتصاد في العالم - التي سيكون من الصعب إنقاذها بسبب كبر حجم اقتصادها، وسيحتاج الأمر إلى إجراءات جذرية جديدة من قبل الزعماء الأوروبيين والبنك المركزي الأوروبي لدرء أزمة كبيرة. وقد امتدت التعاملات المحمومة أمس لتطال سندات بلجيكا وحتى فرنسا، مع تزايد القلق إزاء وضع اليورو وكيفية حمايته. ويزداد القلق مع صدور أرقام تفيد بأن اقتصادات منطقة اليورو تسير ببطء شديد بينما تخفض الدول فيها من إنفاقها وتطبق سياسات تقشف لتخفيف أعباء ديونها. في نفس الوقت يحذّر اقتصاديون من أن هذه الإجراءات قد تضر أيضاً بالانتعاش الاقتصادي الضعيف للولايات المتحدة على الجانب الآخر من الأطلسي. وسارع أمس رئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلسكوني إلى إلقاء خطاب أمام البرلمان يرفض فيه الدعوات التي تطالبه بالاستقالة، ويحذّر بأن المضاربين يرتكبون خطأ عندما يراهنون على الاقتصاد الإيطالي. ولم يعلن برلسكوني أية خطط تقشف جديدة، في تحدٍ للأسواق، وطالب في نفس الوقت بحفز النمو الاقتصادي لبلاده كأفضل وسيلة لتحسين الوضع الاقتصادي. ورغم اتفاق دول اليورو على تقديم حزمة ثانية لإنقاذ اليونان فإن من غير المتوقع أن تكفي الأموال التي تم الالتزام بها من قبل الاقتصادات الكبرى في المنطقة، لدرء أزمة في إيطاليا أو إسبانيا، فضلاً عن عدم وجود تفاصيل لخطة بهذا الخصوص ستنتظر بالتأكيد موافقة العواصم الأوروبية وتتعرض للسيناريو السياسي الذي دار في واشنطن لمنع أزمة رفع سقف الاستدانة. وقالت «واشنطن بوست» إن المحللين يخشون آثاراً خطيرة على الاقتصاد العالمي وحتى أزمة مالية عالمية جديدة في حال استفحال الأزمة الأوروبية. فأزمة ديون كبيرة في إيطاليا وإسبانيا ستؤثر على البنوك الكبرى في أوروبا، وقد تؤدي إلى تجفيف مصادر القروض في المؤسسات المالية في العالم مثلما حدث خلال الأزمة المالية العالمية التي بدأت في الولاياتالمتحدة عام 2008. فالبنوك الأميركية وصناديق الاستثمار أكثر انكشافاً على الديون الإيطالية والإسبانية منها على اليونانية، على سبيل المثال. فالبنوك الأميركية بالرغم من أن قروضها للبنوك الإيطالية والإسبانية لا تزيد عن 36.7 مليار دولار و47.1 مليار على التوالي، فإن مجمل ما تتحمله من قروض عبر المشتقات والعقود المالية الأخرى يصل إلى 232 ملياراً و131 ملياراً.