الكثيري يترأس لقاءً موسعًا بقيادات انتقالي حضرموت للتحضير لفعالية سيئون الكبرى    لملس يبحث في فرنسا فرص الاستثمار في ميناء عدن    الكثيري يبحث مع وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية صالح محمود سُبل تعزيز التنسيق وتطوير الأداء بحضرموت    لقاء قبلي مسلح في "سحار" بصعدة لاعلان النفير والجهوزية    ترتيبات لإقامة بطولة كأس الشركات الأولى لكرة القدم السباعية    الرئيس الإيراني يوجّه بحذف أربعة أصفار من الريال    ظهور "غير اخلاقي" بقناة للمرتزق طارق عفاش يثير عاصفة جدل    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع شبكة تحويلات مالية    المنتخب الوطني للناشئين يفوز على قيرغيزستان بهدفين في تصفيات كأس اسيا    اجتماع بصنعاء يقر عددا من المعالجات لأوضاع قطاع الملبوسات    جرحى تعز يواصلون احتجاجاتهم للمطالبة بالعلاج وصرف مستحقاتهم المتأخرة    5 شهداء بغارة صهيونية استهدفت سيارة في مدينة غزة    إب .. اندلاع اشتباك بين مجموعتين مسلحتين إثر محاولة ابتزاز مغترب    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات ودرجات الحرارة الصغرى أدنى من معدلاتها    منتخب الناشئين يستهل تصفيات آسيا 2026 بفوز ثمين على قرغيزستان    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 22 نوفمبر/تشرين ثاني 2025    قراءة تحليلية لنص "فرار وقت صلاة المغرب" ل"أحمد سيف حاشد"    الدوحة تفتتح مهرجانها السينمائي بفيلم فلسطيني مؤثر    الكاتب والمثقف والصحفي القدير الأستاذ أحمد عبدالرحمن    العليمي يلتهم أهم وأكبر قطاعات نفط شبوة وحضرموت (وثائق)    بورصة مسقط تتراجع وتفقد مستوى ال 5700 نقطة    صهيونيّ يتحدّى الجولاني: احتفال واحد لفلسطين يكفي لفضحكم    قتل وتجنيد واعتداء.. اللجنة الوطنية توثّق تعرض 5,700 طفلا لانتهاكات جسيمة    وزير الصحة يوجه برفع مستوى التأهب الوطني لمواجهة فيروس "ماربورغ"    فليك: يامال ورافينيا استعادا الجاهزية.. والحمى تبعد راشفورد    قائمة مرشحي الكرة الذهبية 2026 تكشف مفاجآت مبكرة    مصر تعتمد مركبة بديلة عن "التوك توك" في المناطق الشعبية    سيدات الجيش المغربي يتوجن بلقب دوري الأبطال    حديقة عدن مول تتحول إلى مساحة وعي... فعالية توعوية لكسر الصمت حول مرض الصرع    وزارة النفط: مرحلة سوداء صنعت الانهيار في الجنوب (وثيقة)    مركز عين الإنسانية يدين جريمة الجيش السعودي بحق المواطنين في صعدة    طائرة شباب القطن تحلق فوق سيئون وتتأهل إلى نهائي البطولة التنشيطية الثانية لأندية حضرموت الوادي والصحراء    اسبوع مجاني لمرضى السكري بصنعاء    بن بريك بين النزاهة ومستنقع السياسة: نصيحة من قلب بدوي شبواني    طنين الأذن واضطرابات النوم.. حلقة مفرغة يكشفها العلم    كاتب أمريكي: الهجمات الصاروخية اليمنية على منشآت بقيق كافية لعدم الوثوق بالإدارة الأمريكية    الترب :اليمن مع السلام ولا يمكن أن يكون لقمة سائغة في يد السعودي    تسوية بلا شركاء: الانتقالي يكشف تناقض القوى اليمنية    إرث الزنداني والترابي.. عودة التكفير إلى الواجهة العربية    انهيار داخلي يقترب.. تحقيقات ووثائق غربية تتوقع زوال إسرائيل خلال عقود    الأنثى المبدعة بين التقييم الجنساني والانتقاد الذكوري .. المظاهر، والنتائج، والآفاق    مونديال الناشئين قطر2025 .. ايطاليا إلى المربع الذهبي    الدكتور عبدالله العليمي يزور منتدى باصره الثقافي ويشيد بمسيرته العلمية والسياسية    «ليالي الفنون الخالدة» تعيد الغناء بالفصحى    اكتشاف تابوت روماني محفوظ منذ 1700 عام    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    استهداف دورية عسكرية بعبوة ناسفة في شبوة    أهم مفاتيح السعادة    تحطم مقاتلة هندية خلال عرض جوي بمعرض دبي للطيران    ميزان الخصومة    الأسعار في الجنوب ترتفع مجددًا رغم تحسن العملة وسط إجراءات حكومية لا تعكس واقع السوق    يمن شباب تدين لغة التحريض من سلطة تعز والنقابة تدعو لوقف الزج بالأجهزة الأمنية بقضايا نشر    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    اختتام جمعية المنتجين ومركز سند دورة في تمكين المرأة اقتصاديًا    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة الثوابت في قصيدة النثر 4-5

إن كل ما كنت أناقشه تتم إضاءته من خلال صيغة الجمع “الأخاديد”.orniere ففي صيغة الإفراد كانت الكلمة ستغدو ذات معنى أخلاقي واستعاري: عادات سيئة، وكسادا أخلاقيا(5). أما في صيغة الجمع فإنها واقع آثار العجلات على الطريق. هذه الحقيقة المرئية والملموسة هي حقيقة عن الغياب: إنها الآثار التي يخلفها العبور السريع خلفه، واللمحة الخاطفة للسباق إنما يقوم بها المتفرج الذي تخلفه وراء ظهرها.
من هنا فإن العنوان، بصورة أولية، يوحي فعليا بالتوتر الشعري للنص: فالأخاديد المحفورة على الطريق تعد سبيلا للإفصاح عن الحضور المتخفي للمركبات التي هي - حرفيا - قد مرت. إنها طريقة معكوسة للتصوير، عن طريق وسيط: آثار العجلات المخلفة على الطريق، الطبيعة التخيلية لهذا الاستعراض، والطبيعة الفانتازية لهذه الرؤية. وبذلك فإن الخاصية الشعرية للنص غير منفصلة عن اتحاد فريد بين سمات شكلية وسمات ثابتة. قد تكون ثوابت للنظم أو العروض، ولكنها هنا خاصة بهذا النص لأنها تعتمد كلية على مغزاه.
شاهدي الأخير سيكون من
نص كلوديل Connaissance de I Est (معرفة الشرق):
من أحد الأسنان، غالبا التي ألقيت خطأ في مكان ما، من بين تلك التي بذرها كادموس في حرث طيبة، ولد صبار رهيب. جلبته الشمس، جندي المشاة هذا، من أرض ضارية. إن له قلب السيوف، مزهر بزنار أخضر بحري. إنه حارس القفار، بلون البحر والدرع، يبسط في كل مكان الصفائح الشوكية لمناشيره المهولة. ولزمن طويل سوف يظل ينشر مسحاته، صفا وراء صف، إلى أن - عندما يصير مزهرا - يموت. إلى أن يطفر العضو الزهري من قلبه مثل صار ، ومثل شمعدان، ومثل الراية المغروزة في قلب آخر فيلق على ساحة النزال.
إن موضوع القصيدة هنا هو الصبار.aloe ولأقل مباشرة إن عالم النباتات سوف ي صدم من تسمية هذا النوع من الصبار.aloe فكلوديل يستخدم التسمية الخطأ: فهو بالتأكيد يقصد الصبار الأمريكي (6) agave، ولكن استخدامه هذا خطأ شائع جدا. وسان جون بيرس يقوم بالخطأ العكسي، إذ يطلق على الصبار الفعلي aloe اسم الصبار الأمريكي.agave وعلى كل حال، فإن كلوديل وأغلب قرائه يتصورن الصبار aloe بوصفه نباتا ضخما، وأشد ضراوة بكثير من الصبار المألوف cactus الذي تصوره كتب النباتات مثل السيف. ويمكننا أن نرى كيف من السهل الانتقال من تصوير لنبات إلى صورة بطل مدجج بالسلاح من رأسه حتى قدميه. إن سيمون دي بوفوار تدرك أن الصبار aloe ليس هو نوع الصبار الأمريكي، بيد أنها تتوصل إلى نفس الصورة الضارية للصبار التي توصل إليها كلوديل: ففي Mandarins تتحدث عن الصبار قائلة “الذي يطعن الأرض”.
لذلك، فإنه ليس مستغربا أن يستحضر الصبار أسطورة كادموس في ذهن كلوديل. ففي الأسطورة اليونانية كادموس هو الأب المؤسس لطيبة، بعد قتله للتنين يبذر أسنانه في الحقول. وقد تم استدعاء هذه الأسطورة كذلك في قصيدة نرفال(Delfica) : والكهف، المشؤوم على الزوار الغافلين، حيث ترقد البذور القديمة للتنين المهزوم”. من تلك الأسنان التي بذرها كادموس، كما تبذر حبوب القمح في الحياض، يطلع محاربون مسلحون. ذلك كل ما يحتاجه كلوديل ليكون صورة كائن ولد فعلياً من بذرة - الصبار - ذلك الذي أنعمت عليه الطبيعة بالسيوف. إننا هنا أمام مزج رائع لتصوير دقيق: الفانتازي الميثولوجي، وصورة استعارية من عالم النبات.
إن شراسة الصبار يعززها نعته ب “صبار رهيب” فهو يضفي على الموصوف دلالة القوة لكونه مخيفا، ومكتسبا قوة إضافية مجاز ce hoplite التي تعني “جندي المشاة اليوناني المدجج بالسلاح”، ولأن حرف (h) غير منطوق في الكلمة الفرنسية فكان لابد لأداء النطق أن يكتب cet hoplite، بيد أن كلوديل في الغالب يوظف الصيغة المخالفة للقاعدة؛ إنه يغازل اللغة اليونانية. ففي اللغة اليونانية ثمة تلفظ أساسي يدل عليه أداء صوتي يسمى التلفظ الأجش rough breathing، على العكس من عدم النطق أو غير الملفوظ.smooth breathing هذا التلفظ المنطوق في اليونانية يقابله حرفيا في الفرنسية حرف (h) الاستهلالي. ولكن هذا الحرف (h) ليس منطوقا دائما، وفي حالة كلمة hoplit فإنه ليس منطوقا. وبجعله منطوقا يخلق كلوديل أثرا صوتيا يستثير شيئا موجعا. إن تسمية طريقة في النطق بالتنفس (breathing) أمر شاذ: فهو يذهب بالسمة الإنسانية في “التنفس” إلى مدى أبعد عند نعتها بكونها رقيقا smooth أو أجشا rough، ولعب على الكلمات يغدو ملائما. وبفضل التناص مع اليونانية، تبدو (ce hoplite) وكأنها تجسد وحشية الجندي البربرية. هذه الوحشية تتصاعد مع المجاز “أرض ضارية” (sol feroce)، الذي يجعل الشمس هي المولدة لوحشية الجندي المفرطة.
إن كلمة “قلب” في “قلب السيوف” مؤلفة من تركيب لفظي من ثلاثة عناصر؛ وهذا التركيب وحده كان كافيا لإثبات أن لغة النص لغة شعرية. ولكن النثر الشعري يمكن أن يتحقق خارج النوع الأدبي الذي يشغلنا هنا. إن ما لا يزال يتحتم إثباته هو كون شعرية الأجزاء المكونة للنص متصلة بخاتمته. في غضون ذلك فلنرى ما الذي يتألف منه هذا التكوين المركب. إن كلمة “قلب” Coeur تحمل معاني مختلفة في سياقات ثلاثة: السياق الإنساني، والنباتي، وفي سياق ذلك النبات الشوكي على وجه التحديد. وقد رأينا على المستوى الإنساني أن الصبار كان مشابها للمحارب اليوناني. وعلى مستوى النبات يمثل اللب، قلب الشجرة؛ فمجاز الإزهار قد ارتبط بصلات استعارية تؤنسنه “قلب”، “عضو” عاكسة حيوية الشجرة. وفي نهاية الأمر فإن كلمة “قلب” تعمل على مستوى يتوسط ما بين النباتي والإنساني، ناتج عن اللعب بالكلمات في صيغة “قلب [النبات] الشوكي” التي ينبغي أن ترد على الذهن لأن كلمة “الشوكي” واردة في النص. فقلب النبات الشوكي ليس فقط هو اللب لثمرته اللذيذة، بل إنه كذلك استعارة للقلب الإنساني المتقلب. إنني لا أزعم أن كلوديل يحاول جعلنا نعتقد في صبار من نوع ما يتسم بالقسوة؛ بما يعني القلوب الغادرة القاسية تجاه محبيها. فهذا أمر سخيف. ولكنني أزعم أن كلا من الصلتين الحرفية والاستعارية بين كلمتي “قلب” و “شوكي” تجعل من الممكن لكلمة “شوكي” أن تعزز وتحفز كلمة “قلب” لتمنح “القلب” واقعية وحياة تدعمان تشخيص وتجسيد “المحارب اليوناني” . hoplite
إن الغرض الموضوع للنص هو تكوين صورة المحارب اعتمادا على أية ذريعة، ولو من دون أدنى قدر من احتمالية الصدق. وهذا الهدف المحدد صارخ الوضوح في مسألة “لون البحر والدرع”. فلون البحر في الحقيقة تم تحفيزه دلاليا من خلال الوصف “الأخضر البحري”. فالأخضر القاتم هو لون أوراق الصبار: والقاموس يعرف هذا اللون بأنه لون البحر. بيد أن “لون الدرع” لا وجود له مع ذلك اللون، وله فقط تحقق شكلي: في إطار الجناس الاستهلالي alliteration، حتى لو كان جناسا صوتيا، بين البحر (de mer) والدرع damure لا يصاغ لشيء سوى الرغبة في عمل سيمترية.symmetry ومن الجدير بالذكر أن هذا الفراغ داخل الجملة، الذي استهل بإغواء السجع والتكرار، تم ملؤه تلقائيا بكناية الجندي: فارتداؤه الدرع يكرر على المستوى الأسلوبي ما كان النص يكرره منذ البداية: أن الصبار يشبه محاربا رهيبا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.