كثيرة هي تلك القصص الطريفة التي دائماً مانسمعها من التراث وتحكيها لنا الجدات ونحن مازلنا صغاراً وأصداء قهقهاتنا تملأ المكان وكل يوم حكاية ترويها لنا الجدة مع اصرارنا على طلب المزيد، لكن غالباً ما تمر الأزمان تاركة وراءها تفاصيل واستنتاجات تظل تحكي للأجيال المتعاقبة تبيان حياة الأولين وتجسد لهم صوراً من واقع تلك الحياة .. علّهم يأخذون شيئاً من تجاربهم أو يستقون حكمة من حكم الأمم السابقة يذكرونها كلّما استنسخت الأيام والدهور بعضاً من الصور القديمة تتشابه مع واقعهم المعاش في ذكرى معينة أو حدث ما كون «الشيء بالشيء يذكر!!». وإذا كانت الأمم تتفاخر بموروثها أدبياً كان أم دينياً أم اجتماعياً ، فإن لأمتنا الإسلامية عامة واليمنية على وجه الخصوص تراثاً خاصاً بشهر رمضان المبارك يتذاكرونه كلما أقبل عليهم هذا الشهر الفضيل. وهذا التراث يجمع بين طيّاته مجموعة من القصص والحكايات والأساطير الساخرة التي تصب جميعها في مقالب ضاحكة تسعد لسماعها القلوب والآذان !! ومع أننا في هذه الأيام المباركات نعيش لحظات مباركة في شهر كريم مبارك فقد حاولنا أن نستحضر بعضاً من ذلك التراث «المخزون» في الذاكرة. للقطط فجعتان من المعروف أن في كثير من البيوت في مجتمعنا تعيش قطط أليفة تربى في تلك البيوت ، تأكل من فضلات أكلهم ، وتمارس حياتها بشكل طبيعي ، وفي هذا الشأن يحكى أن للقط فجعتين : فجعة في أول أيام شهر رمضان المبارك حيث يأتي القط كعادته في وقت الغداء ليأكل ماكتب له أن يأكل فيلقى أصحاب المنزل نياماً والجو هادئاً تماماً «لاطبيخ ولا نفيخ» ليعلم في اليوم الثاني بأنه رمضان قد قدم ويبدأ في ممارسة حياته الجديدة في رمضان ويستمر على ماهو عليه حتى عشية أول أيام العيد المبارك، ليتلقى الفجعة الثانية وينام ومعدته خاوية من الجوع ليعلم في اليوم الثاني أن الفطر قد عاد مجدداً ويبدأ حياة جديدة، وهذه الأسطورة تتذاكرها الأجيال كلّما هلّ هلال رمضان أو قدوم عيده!! ودفت مرتين !! وفي حكاية أخرى يحكى أن رجلاً قد دعاه صديقه لتناول طعام الإفطار والعشاء عنده ، فلبى دعوة صديقه ، وحضر المأدبة وكان حريصاً على عدم الإكثار من الأكل حتى يبقى هناك متسعٌ في البطن للعشاء ولكنه لم يعلم أن تلك المأدبة ضمت الوجبتين معاً، ليعلم بذلك بعد انصراف المدعوين ، فرجع إلى زوجته غضباناً يشكو الجوع ، فاستغربت زوجته بأمر جوعه متساءلة: ألم تأكل حتى تشبع في العزومة ؟ فأخبرها بالأمر ، فضحكت وقالت له: احذر في المرة المقبلة، حتى إذا كانت الدعوة الثانية له عند صديق آخر ، حضر وفي ذهنه ما جرى له في المرة الأولى ، فأكل أكلاً كثيراً حتى شبع تماماً ، ثم ذهب المدعوون للصلاة ليعودوا بعد ذلك لتناول العشاء فضحك الرجل وقال : ودفت مرتين !!. يومٌ من الصيام بقليل من الملح !! في كثير من الأمور يحاول الصغار تقليد الكبار ومحاكاتهم في كل ما يفعلونه ، وفي شهر رمضان المبارك يسعى الصغار إلى أن يصوموا نهار رمضان كما يفعل الكبار تماماً ، ولما كان الكبار يعلمون مشقة ذلك على صغارهم فقد اختلقوا لهم سبباً يوهمهم ويقنعونهم به في الرواية فإن الكبار قد أقنعوا الصغار أنه من أكل من الطعام ثم شرب ثم تناول حبات قليلة من الملح فكأنما صام وله ما للصائمين تماماً !! خُرافة !! وفي رواية أخرى يطغى عليها الضحك في المبالغة في توافه وخرافات ، فقد روي أن رجلاً سمع أن ليلة القدر تنزل إلى الأرض في حاجة بيضاء شديدة البياض والنور فقد ظل في ليلة القدر يترقب الرزق الذي يحصل منها كما سمع ، وكانت أمه تبيع اللبن وقد جمعته في قربة كبيرة ، إلاّ أن قطاً في تلك الليلة قد سكب اللبن من القربة على الأرض فشاهد الرجل ذلك اللبن ولم يحسبه أنه لبن أمه فسارع في جلب ثوبه الأبيض الجديد وغطى عليه حتى لا يضيع منه !!