من المفيد جداً أن نستفيد من هذه التجارب المجموعة هنا وأن نسعى لأخذ ما يفيدنا منها وما يحمينا في مواجهة الأصعب خاصة وأن أمور حياتنا مليئة بالمتاعب. فيما يلي عرضاً مقتضباً لكتاب «كيف تمسك بزمام القوة» ل«روبرت غرين» محاولاً اختزال ثلاثة آلاف عام من التاريخ الإنساني بقصص منتقاة عن كيفية اكتساب المرء للقوة، أو تفهمه لها من مختلف جوانبها أو حماية نفسه من عصفها وتسلطها أو الحفاظ عليها وممارستها بحكمة وتعقل، أو تحييدها لاتقاء شرها, وتطل هذه القصص على التجربة الإنسانية من أزمنة وأمكنة مختلفة تمتد من اليابان إلى البيرو، ومن بداية تدوين التاريخ إلى أيامنا هذه وفيها دروس سلبية أو إيجابية يجمع بينها عنصر التشويق من جهة وتطبيقات في الحياة العملية على أرض الواقع من جهة أخرى، سواء أحبها المرء أو كرهها ذلك أنها تصوير لما حدث، وليس لما كان ينبغي أن يحدث.. ووصف للبشر كما هم بالفعل وليس كما يتمنى المرء أن يكونوا عليه.. إن أغلب هذه القواعد (القوانين) توفر فهماً عميقاً لاستراتيجيات يتبعها الآخرون، وتوفر لك طرائق كي تتجنبها أو تتعايش معها، سواء أكنت في عملك أم تنظر في علاقاتك مع الآخرين، أو كنت تسير على الطريق أو تستمع إلى نشرة أخبار المساء إنك ستجد تطبيقاً لهذه القواعد: لا تشرق أبداً أكثر من السيد اجعل أولئك الذين فوقك يشعرون دائماً بتفوقهم بشكل مريح وفي رغبتك لإرضائهم وإثارة إعجابهم لا تذهب أبعد من اللازم في إظهار مواهبك.. وإلا فقد تحقق العكس أي تثير الخوف وانعدام الآمن, اجعل سادتك يظهرون ألمع مما هم وستصل إلى قمم السلطة. لا تضع ثقة أكثر من اللازم في الأصدقاء وتعلّم كيف تستخدم الأعداء كن حذراً من الأصدقاء!! فسوف يخونونك على نحو أسرع، لأنهم يستفزون بسهولة إلى الحسد كما أنهم يفسدون ويصبحون طغاة.. ولكن استأجر عدواً وستجد أنه يصبح أكثر ولاء من صديق، لأن عليه أن يثبت الكثير. والواقع أن لديك ما تخافه من الأصدقاء أكثر من الأعداء. فإن لم يكن لديك أعداء فأوجد طريقة لكسب الأعداء. اخفِ نواياك ابق الناس في حالة عدم توازن وفي الظلام بعدم الكشف عن الغرض من وراء أعمالك، لأنهم إن لم يكن لديهم أي مؤشر على نواياك فلن يستطيعوا تهيئة دفاع.. دعهم يقطعون مسافة بعيدة عبر الطريق الخاطئ، وطوقهم بكمية كافية من الدخان بحيث يكون الأوان قد فات عندما يدركون مقاصدك. قل دائماً أقل مما هو ضروري عندما تحاول أن تثير إعجاب الناس بالكلمات، فإنك تصبح عادياً ومبتذلاً أكثر كلما زاد ما تقوله، فتقل قدرتك على السيطرة على الأمور. وحتى عندما تقول شيئاً تافهاً فإنه سيبدو أصيلاً إذا جعلته غامضاً ومفتوحاً مثل لغز أبي الهول.. وذو السلطة والنفوذ يثيرون إعجاب الناس ورهبتهم بقلة ما يتفوهون به.. وكلما كثر كلامك زاد احتمال تفوهك بحماقة. يتوقف الكثير على سمعتك، فحافظ عليها بحياتك السمعة هي حجر أساس السلطة وعن طريق السمعة وحدها تستطيع أن ترهب وتفوز، غير أنك إذا انزلقت فستصبح مكشوفاً وعرضة للهجوم من كل جانب. فاجعل سمعتك منيعة تستعصي على الهجوم وكن يقظاً على الدوام إزاء الهجمات المحتملة، وأحبطها قبل وقوعها. وفي غضون ذلك تعلم كيف تدمر أعداءك بفتح ثغرات في سمعتهم، ثم قف جانباً واترك الرأي العام يشنقهم. اكسب لفت الأنظار بكل ثمن كل شيء يحكم عليه بمظهره، وما هو خفي لا يساوي شيئاً فلا تترك نفسك تضيع وسط الحشد إذن أو يدفنك النسيان، بل ابرز وكن لافتاً للأنظار بكل ثمن واجعل نفسك مغناطيس اهتمام بظهورك أكبر وأسطع ألوان أكثر. اجعل الآخرين يقومون بالعمل نيابة عنك ولكن احصل على الفضل دائماً استخدم حكمة الآخرين، ومعرفتهم، وعملهم البدني الأساسي، لتقدم قضيتك أنت لأن هذه المساعدة لن تقتصر على توفير زمن وطاقة نفيسين، بل ستعطيك هالة شبه قدسية من الكفاءة والسرعة وفي آخر الأمر ينسى الناس مساعديك ويتذكرونك أنت.. فلا تعمل قط بنفسك ما يستطيع الآخرون عمله لك. اجعل الآخرين يأتون إليك، استعمل طعماً عند الضرورة عندما ترغم الآخرين على التصرف تكون أنت المسيطر. ومن الأفضل دائماً أن تجعل خصمك يأتي إليك، متخلياً عن خططه الخاصة أثناء مجيئه.. أغره بمكاسب خرافية، ثم شنّ هجومك إذ إنك تملك الأوراق. اكسب من خلال أعمالك وليس من خلال النقاش أبداً إن أي انتصار خاطف تظن أنك حققته عن طريق النقاش إنما هو في الحقيقة انتصار بيروسي باهظ الثمن جداً، إذ إن الغضب والضغينة اللذين تثيرهما أقوى وأبقى من أي تغيير سريع ومؤقت في الرأي وإن من الأقوى لك بكثير أن تجعل الآخرين يتفقون معك من خلال أعمالك دون أن تقول كلمة واحدة.. اعط المثل العملي وليس التفسير الكلامي. العدوى.. تجنب التعيس وسيئ الحظ قد تموت من تعاسة شخص آخر، فالحالات العاطفية معدية كالأمراض وقد تشعر بأنك تساعد الغريق، ولكنك تجعل بكارثة تحيق بك أنت. فذو الحظ السيئ يجلبون الكارثة على أنفسهم أحياناً وسيجلبونها عليك أيضاً. فارتبط بالسعداء والمحظوظين بدلاً من هؤلاء.