أليس من المضحك والمبكي معاً ان تتوج أزمات شحة الوقود والماء والكهرباء بشحة وانعدام أرخص مافي الكون وأخفه وزناً إنه “الهواء” المعبأ في اسطوانات أكسجين ولا يركز هذا التحقيق على شحته في جميع المرافق الصحية بل في مرفق حساس ووحيد من نوعه في محافظة تعز، حيث يتشبث ماتبقى من المستشفى اليمني السويدي للأمومة والطفولة بتعز لتوصد أبوابه أمام المواليد “الخدج” لا ليعودوا مجدداً إلى بطون أمهاتهم لاستنشاق الأكسجين بل ليموتوا على هامش الأزمة التي صارت شماعة للموت من كل صوب وحدب من المألوف في مرافقنا الصحية الحكومية أن لا تجد حال وصولك إلى إحداها حقنة إسعافية أو خيط جراحة أو قربة دم، إذ لا تنعدم حيلنا في شرائها من خارج هذا المرفق أو ذاك وأحياناً من “داخله” ! لكن هذه الأزمة وحال الانفلات المتعاظم هذه الأيام فاجأنا بمالم نألفه ويستحيل على المريض جلبه من خارج المرفق وإن تحدى أحدنا المستحيل وجلب المعدوم من خارج المرفق فثمة دقائق فاصلة بين حياة المريض ووفاته تهدر في مشوار البحث عن اسطوانة أكسجين من خارج المستشفى اليمني السويدي للأمومة والطفولة بمدينة تعز. النقطة الرابعة حتى الثمانينيات كنا نطلق عليه “النقطة الرابع” وقد أنشئ منذ مطلع ثورة سبتمبر بكوادر أجنبية رحلوا تدريجياً تاركين ما أمكن من خبراتهم إلى كوادرنا اليمنية من أطباء وممرضين وممرضات واليوم غالبية أطبائه ال«33» ممن يشهد لهم بالكفاءة هم خريجو أرقى كليات الطب في العالم غير أن الدكتور/ عبداللطيف مجلي مدير عام المستشفى أكد حاجة المرفق إلى أكثر من ضعف العدد وإلى أربعة أضعاف كادره التمريضي البالغ “95” ممرضاً وممرضته. حاولت أن استدرج الدكتور مجلي إلى الكشف عن ملف “استقطاع مساحة المبنى الملاصق لمرفقه” من مساحة مستشفى الأطفال الوحيد في محافظة تعز غير أن مدير عام المستشفى رأى تأجيل ذلك مكتفياً بكبت طموحاته وزملائه في المستشفى حيال تعثر توسعه أو حتى استرداد المرفق لكامل مساحته وإخفاء حزمة أوامر رسمية قضت بذلك دون جدوى ملتمساً مما تمر به البلاد من أعاصير - عذراً في تأجيل تنفيذ المعنيين بوعودهم للمستشفى بتوفير الكادر كما أشرنا إليه. صرخة إن جل ما استصرخ به صحيفتنا الدكتور مجلي خلال زيارتنا للمرفق تمثل في طلب وزارة الصحة إلزام الشركة المتعهدة بتوفير اسطوانات الأكسجين إلى المستشفيات الحكومية بجلب الحصص الشهرية المقررة للمستشفى اليمني السويدي بتعز للأمومة والطفولة لما لاسطوانات الأكسجين من أهمية وضرورة في إنقاذ أرواح المواليد “الخدج” ليتنفسوا الأكسجين في حاضنات المستشفى البالغة “18”. مسألة حياة أو موت حيث يقول الدكتور/ عبداللطيف مجلي في هذا الشأن : قد نصبر على حرمان مرفقنا من لوازم أخرى وقد يعذرنا المواطن خاصة في هذه الأيام - على تقصير في النظافة أو شحة الأدوية المجانية الإسعافية إذا ماحدثت - لكن يستحيل أن نعذر أنفسنا و يعذرنا أحد إذا ما تسببنا في إزهاق أرواح الأطفال الوافدين يومياً على “حاضنات” المستشفى جراء نفاد الأكسجين عنها لأن المسألة لا تحتمل التقصير فلسنا في دكان لتوصد أبوابنا عن المرضى إنها مسألة حياة أو موت لا سيما ونحن ندرك واحدية توفير حاضنات المواليد الجدد على مرفقنا لأنه الوحيد في محافظة تكتظ بنحو “3” ملايين نسمة لا يجد مواليدها ال«خدج» سوى مرفقنا لإنقاذ أرواحهم الغضة. وكيل يشكي لوكيل وعن مساعي إدارة المستشفى لتصعيد أزمة توقف حصص الأكسجين عنها أوضح الدكتور/ عبداللطيف مجلي مدير عام المستشفى أنه رفع بذلك إلى الأخ/ محمد الهياجم وكيل محافظة تعز الذي قام بدوره في التواصل مع الدكتور غازي إسماعيل وكيل وزارة الصحة لقطاع الطب العلاجي حيث شكر الأخير - لوكيل المحافظة من تنصل واستهتار الشركة المتعهدة بتوفير الأكسجين للمستشفيات وهكذا تمخض تصعيد المشكلة المطلوب حلها إلى مخاض مضحك أن وكيل الصحة لم يأت بالحل بل أضاف إلى شكوى الدكتور مجلي شكواه هو الآخر بذات الشركة إلى وكيل محافظة تعز. مرض المركزية سألنا الدكتور / عبداللطيف مجلي عن إمكانية شراء المستشفى لاسطوانات الغاز من ميزانيته الخاصة فأجاب : عن أي ميزانية نتحدث وعن أي إيراد نعول عليه إذا كان رسوم الحاضنة لدينا في اليوم الواحد فقط ألف ريال فيما يتحصل المستشفى الخاص الوحيد في تعز نظير ذلك أربعين ألف ريال في اليوم الواحد. ويستطرد الدكتور مجلي : رفعت مراراً على الوزارة حلاً لا لهذه المشكلة فحسب بل لمشاكل سالفة متصلة بالعجز يتلخص في إعطائنا نقداً حصتنا مقابل شراء اسطوانات الأكسجين مثلاً أو ماسواها من لوازم تشغيلية لكن اللوائح المركزية دائماً تحول دون أن يتحمل كل مرفق مسئولية تدابيره التشغيلية وهذا مايشعرنا بالإحباط وما يدفعنا بإلقاء المسئولية على الوزارة في مثل هكذا تقصير وما يترتب عليه. حرمان متواصل يطلق الدكتور مجلي تنهيده معجونة بالسخرية والألم قائلاً : لم نعجز ولم نبخل عن الشكوى ليشاطرنا إياها من نشكو إليه لينتزع حقنا من المشكو عليه وهي الشركة تلك التي لم نعلم حتى ما اسمها أو من صاحبها الوحيد من نتعامل معه شهرياً السائق الوحيد الموزع في الجمهورية لاسطوانات الأكسجين فتجدنا منذ بداية الأزمة كلما نتصل به قال : عادنا في ذمار أو في مأرب أو أو أو.. وإذا ما استفحلت الأزمة منذ منتصفها وجدناه يتعلل بانعدام وقود النقل لكننا وفرنا له برميلين في عز أزمة الديزل عن طريق مدير أمن المحافظة لكن بدون جدوى ماتزال الأعذار تتوالى لحرمان حصة مرفقنا الحساس من الهواء. مسئولية وزارة الصحة وفي الأخير يلقي الدكتور/عبداللطيف مجلي مدير عام المستشفى اليمني السويدي للأمومة والطفولة بتعز بكامل اللائمة على وزارة الصحة وكل المعنيين بضمان مقومات إنقاذ الأرواح في مرفق وحيد لحديثي الولادة في تعز لا يحتمل حد قوله المزيد من الضيم والتهميش في مبناه وعجز كادره ونفقاته التشغيلية التي قد يصبر عليها من يعمل في المستشفى أو من يستشفي فيه لكن مالا يسكت عنه ذلك المنعدم للرائحة واللون الأكسجين الفيصل بين الحياة والموت من غاب لأشهر عن النقطة الرابع أو المستشفى السويدي للأمومة والطفولة بتعز. وإن تمنى مديره العام الدكتور/ عبداللطيف مجلي أن لا يصل الأمر إلى تنفيذ تهديده للمعنيين بصد أبواب المستشفى أمام الخدج الوافدين إليه حتى لا ترفع عليه ومرفقه دعاوى قضائية بالتسبب بقتل من يصلون ولا يجدون الأكسجين الكافي لحياتهم فلنصرخ جميعنا : لا تقتلوا أطفالنا في نقطة تعز !