كثيرة هي تلك المواد التي تثير الحساسية لدى الإنسان، منها على سبيل المثال حبوب اللقاح وشعر الخيل والريش وشعر القطط والكلاب، بالإضافة إلى العديد من الأغذية.. الحساسية في حقيقة الأمر ترتبط أساساً بالمناعة، وعند دخول مواد غريبة إلى جسم الإنسان تقابل برد فعل مضاد لها بسبب إنتاجه مضادات جسمية تبطل عمل تلك المواد، لكن هذه المضادات الجسمية موجودة فقط في تيار الدم. كما أن أية مادة غريبة تلامس الجسم وتكون بعيدة عن تيار الدم من الممكن كذلك أن تسبب الحساسية، فعندما تصيب الجلد يظهر فيه طفح جلدي، أو يصبح متورماً، أو يبدو على شكل أكزيما «نوع من الأمراض الجلدية»، وإذا ما أصابت الجهاز التنفسي تظهر على شكل حمى القش أو الربو. أما إذا أصابت الجهاز الهضمي فتبدو منه علامات الرفض على شكل تقيوء وإسهال أو مغص.. علاوة على ذلك أن الحساسية في الغالب وراثية فالمرء المصاب بها يوجد من بين أفراد عائلته من يشكو منها أيضاً. بالتالي سنتناول في موضوعنا هذا نوعاً واحداً من الحساسية، وهو النوع الناجم عن تناول الأغذية فقط. الأغذية المسببة للحساسية تشيع الحساسية ضد الأغذية بين الأطفال كما أنها موجودة بين الكبار، وأكثر الأغذية التي تسهم في التسبب في الحساسية لدى الأطفال البيض والحليب والقمح، ربما لأنها من أهم وأكثر الأغذية التي تعطى لهم. غير أن هناك ميلاً طبيعياً لاختفاء هذه الحساسية بعد سن الخامسة، بينما تظهر أنواع أخرى من الحساسية كالتي تسببها حبوب اللقاح والغبار وشعر الحيوانات. وطويلة هي قائمة الأغذية التي تسبب الحساسية، فبالإضافة إلى الحليب والبيض والقمح تشمل أيضاً أنواعاً عدة من اللحوم والمكسرات والخضروات والفواكه كالسمك، الموز، الجزر، الفراولة، الجوز، البندق، الطماطم، البطاطا، البازلاء، الثوم، البصل، البرتقال، الشوكولاته ...إلخ. كما أن التعب والقلق والاكتئاب وأحياناً فترات الطمث عند السيدات وكذا الإصابة بالبرد عوامل مجتمعة قد تقلل من مقدرة الإنسان على مقاومة الحساسية. وكثيراً ما يعتقد أن البروتين في الغذاء سبب هذه الحساسية، وربما يكون هذا صحيحاً ولا ينطبق إلا على أنواع محددة من الأغذية كالبيض مثلاً، إذ من المعروف أن بروتين البيض له حجم جزيء صغير ربما لدرجة تمكنه من دخول تيار الدم دون اكتمال هضمه مما ينتج عنه الحساسية.. ومع ذلك نلحظ كثيراً وجود حالات حساسية ناتجة عن مواد فقيرة جداً بالبروتين ما يثبت أنه ليس البروتين وحده سبباً في هذا الداء، بل إن هناك مواد أخرى من الممكن أن تكون ذات أثر كبير في التسبب بالحساسية. كشف أسبابها من الصعوبة بمكان معرفة نوع الغذاء الذي يسبب الحساسية عند احتواء غذاء من يعاني منها على صنوف كثيرة ومتنوعة من المأكولات.. كما قد تظهر علامات الحساسية لدى المرء أحياناً ضد غذاء معين في يوم من الأيام ولا تظهر في اليوم الذي يليه؛ وقد يكون المرء حساساً لأكل الخضروات وهي نيئة بينما لا تؤثر عليه بعد طبخها. وغالباً ما تجري اختبارات الحساسية على الجلد بعد كشطه ووضع تركيبات مركزة من المواد المثيرة للحساسية عليه، فهي تعطي فكرة جيدة عن حساسية الفرد ضد هذه المواد مثل حبوب اللقاح، الريش، الغبار.. لكن الأمر يختلف في حالات الحساسية ضد الأغذية، فهذا النمط من الفحوصات لا يعطي معلومات موثوقة يمكن الاعتماد عليها. ومن ثم ينصح دائماً أن يجرى فحص الحساسية مرتين لأنها قد لا تظهر من المرة الأولى. نصائح عامة يتعين على المرء عند ظهور الحساسية الناجمة عن تناول بعض الأطعمة عدم التهاون والإهمال حتى لا تتفاقم الحالة لديه، وأن يأخذ في الاعتبار ما يلي: بمجرد التأكد من وجود حساسية لنوع من الغذاء لزم عليه الابتعاد عن تناوله لفترة من الوقت على الأقل، فمهما يكن الغذاء مهماً سواءً في قيمته الغذائية أو لتوفره وتكرار استعماله مثل البيض والحليب، لا يمكن للمرء العودة لأكله، إلا بعد مضي بضع سنوات مشوباً بحذر، فلربما عاودت الحساسية بالظهور مرة أخرى. لابد للمريض الذي يشكو من الحساسية وعلى علم بالمواد المسببة للحساسية لديه أن يخبر الطبيب عنها حتى لا يتعرض لمضاعفات خطيرة من الممكن أن تكون مميتة إذا ما وصفت له أدوية تحتوي على مواد مسببة أو مهيجة للحساسية. يجب التأكيد على أهمية تناول المأكولات المثيرة للحساسية طالما أننا لا نعاني منها، فالمادة المسببة للحساسية عند فرد لا يعني أنها ستسبب الحساسية لدى الآخرين، بل إن الامتناع التام عن تناول بعض الأغذية الهامة كالحليب والبيض والسمك من قبل من لا يشكون من الحساسية لهذه الأطعمة قد يلحقون بأنفسهم الضرر، ويقود بهم إلى الإصابة ببعض الأمراض الناشئة عن النقص الغذائي. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان.