يعد أكتوبر الشهر العالمي لسرطان الثدي الذي يعد الأكثر انتشاراً بين النساء في اليمن، وتشير الإحصائيات إلى أنه يحتل المرتبة الأولى من بينها، وفرصة القضاء على هذا المرض الخبيث تتمثل في الفحص المبكر بحسب الأطباء حتى لا يستفحل في الجسد.. صحيفة «الجمهورية» زارت مركز الأورام السرطانية بالعاصمة صنعاء مستطلعة تفاصيل هذا المرض وسبل الوقاية منه. في مركز الأورام السرطانية بالمستشفي الجمهوري بصنعاء كانت الحالات الإنسانية هي السائدة في هذا المركز، فجميع من يترددون على هذا المركز إما مصابين بمرض السرطان أو حاملين له، وفي القسم الخاص بالنساء تتزاحم النسوة المصابات بسرطان الثدي لتلقي الجرعات الكيميائية، وملامحهن المتألمة ممزوجة بالخوف من المجهول، فالسرطان يجعل الإنسان يحسب اللحظات المتبقية من حياته.. إنه الموت البطيء الذي يساق الإنسان إليه وهو يحدق فيه. يقول الدكتور محمد البكاري: إن هناك الكثير من حالات سرطان الثدي التي تداوم على الدواء في مركز الأورام السرطانية، كما توجد حالات لا تسمح حالتها المالية بمواصلة العلاج. نقص وعي زيادة فقر تقول منى علي قايد التي أصابها سرطان الثدي في نهاية العام 2006: بدأ الألم في أحد ثديي وكنت أعتقد أن الأمر طبيعي وعادي، كما أن حالتنا المالية منعتني من إجراء الفحص لمعرفة سبب ذلك الألم الذي ينتابني بين الحين والآخر، ومرّ عامان من الألم، إلى أن كان ذات يوم فلم أستطع التحمل فذهبت إلى الطبيب الذي أخفى عني الحالة المرضية حتى لا أتأثر نفسياً، لكن الأيام كشفت لي أنني مصابة بسرطان الثدي، وواظبت على الدواء إلى أن تم بتر أحد ثديي الذي توجد فيه الخلايا السرطانية، فاطمأننت إلى أنه تم استئصال الورم كلياً، وحمدت الله أنه جنبني السفر من الراهدة بمحافظة تعز إلى العاصمة صنعاء، حيث إن جرعات السرطان لا توجد سوى في مركز السرطان بالعاصمة صنعاء وتكلف كثيراً، خصوصاً وأن ظروفي المالية لا تسمح أن أدفع ثمن المواصلات وثمن الدواء وإعالة خمسة أولاد بلا معيل سواي، فوالدهم توفاه الله قبل سنوات. شقاء وألم وتستطرد منى في سياق حديثها المنهك بالقول: صحيح أن الوعي بخطورة مرض سرطان الثدي ضرورة لا بد للمرأة اليمنية أن تدركها، ولكن ما فائدة هذا الوعي إذا كانت الحالة المالية لبعض النساء متدنية بحيث أنها بالكاد تستطيع تدبير لقمة عيش أولادها، فلا شك أنها لن تذهب إلى مراكز الفحص أبداً، ومع اطمئناني الكبير بعد استئصال أحد ثديي إلا أنه وبعد مرور عامين عاد الألم من جديد بقوة ووجدت أولادي وعائلتي من حولي ينظرون إلي بإشفاق ويعاملونني برفق ومودة لم أعهدها، بل وصل الأمر ببعضهم إلى البكاء فأدركت أن المرض الخبيث قد عاد، وأن مرحلة شاقة من العناء والشقاء سترافقني، وهأناذا أعود إلى العلاج من جديد وربنا يشفي كل مريضة بسرطان الثدي، وإنني مدركة أنه لو قمت بالفحص في وقت مبكر لما أصابني هذا البلاء ولكن قدّر الله وما شاء فعل. حالات متأخرة الدكتور عفيف النابهي استشاري الأورام السرطانية بمركز الأورام السرطانية في المستشفى الجمهوري بصنعاء تحدث بالقول: للأسف الشديد فإن أغلب حالات سرطان الثدي في اليمن تأتي متأخرة نظراً لعدم ذهاب النسوة لمراكز الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي، وأذكر هنا بالتحديد أن في صنعاء يوجد مركز الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي في المؤسسة الوطنية في شارع صخر بصنعاء، وبالتالي فالمفروض على كل النساء اللاتي تعدت أعمارهن الأربعين عاماً أن يذهبن سنوياً لهذا المركز ليخضعن للأشعة الثديية وبالتالي يمكن إذا ما اكتشف عندهن السرطان، من الممكن فعلاً أن يؤدي إلى العلاج النهائي لهذا السرطان. خلل الجينات الوراثية أما الدكتور نديم محمد سعيد مدير مركز الأورام السرطانية فتحدث بالقول: هناك عوامل أخرى تؤدي إلى الإصابة بسرطان الثدي في اليمن وربما أهم عامل من هذه العوامل هو الخلل في الجينات الوراثية والذي نتوقع أنه يجب أن تكون هناك أو تقام دراسة على مستوى الخليج العربي واليمن والتي فيها نراجع بعض الإشكالات لبعض المشاكل التي لها علاقة بالوراثة والتي تؤدي إلى سرطان الثدي. تجوال مرعب كان التجول في مركز الأورام السرطانية تجولاً مرعباً وتلخصت خلال هذا التجول الكثير من العوامل الخطيرة التي تسبب سرطان الثدي منها: الوراثة والالتهابات الفيروسية ونوعية الأكل «الأكل كثير الدهون» والتعرض لإشعاعات معنية بنسبة كبيرة وعلى فترات طويلة وتناول بعض الأدوية والهرمونات والتعرض لبعض المواد الكيميائية لفترات طويلة.. وفي الأخير تبقى التوعية بخطورة سرطان الثدي على النساء ضرورة ملحة تتحملها الجهات ذات العلاقة.