ما بعد تحرير حضرموت ليس كما قبله    غدر في الهضبة وحسم في وادي نحب.. النخبة الحضرمية تفشل كمين بن حبريش وتسحق معسكر تمرده    صرخة في وجه الطغيان: "آل قطران" ليسوا أرقاماً في سرداب النسيان!    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    أبو الغيط يجدد الموقف العربي الملتزم بوحدة اليمن ودعم الحكومة الشرعية    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    وطن الحزن.. حين يصير الألم هوية    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حريق يلتهم مستودع طاقة شمسية في المكلا    مصر: نتنياهو يعرقل المرحلة الثانية من اتفاق غزة    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    تحليل في بيانات الحزب الاشتراكي اليمني في الرياض وعدن    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    توتر جديد بين مرتزقة العدوان: اشتباكات مستمرة في حضرموت    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    صنعاء.. تشييع جثمان الشهيد يحيى صوفان في مديرية الطيال    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العربية هي أم اللغات!!
كشف أثري طمسته المؤامرة قرونا ً 2-2
نشر في الجمهورية يوم 22 - 12 - 2011

ثمة دلائل جديدة على أن اللغة العربية هي أول اللغات التي عرفتها شعوب العالم منذ القدم، فبعد سنوات من ليّ الحقائق وتزييفها تأتي الأبحاث والدراسات والكشوف الأثرية الحديثة لتؤكد أهمية لغة الضاد.
أسقط الفينيقيون الأوائل الخصائص الصوتية للألف والواو والياء واعتبروها فقط أحرفاً صامتة تعبر عن صورة إخراجها من الفم (صحوة – هيئة – مأسدة)، مكتفين باستعمالها أدوات لمد حركة الصوت عندما تلحق بحرف صامت آخر (زياد – سمير – خلود) ولم يتم إدخال الفتحة والضمة والكسرة والسكون وغيرها من أدوات الشد والمد والتنوين، على الكتابة إلا في زمن متأخر، بل كان استعمال هذه الأدوات الصوتية عند القدماء سماعية سماعيا فقط .
كذلك أسقط الفنيقيون بعض الحروف الصامتة غير المنطوق بها في العربية القديمة إلا نادرا كحرف (G) الذي كانت تستعمله تميم بديلا عن الجيم وما زال استعماله معتمدا في قسم من وادي النيل واليمن ، أو حرف (P) او (V) وغيرها ، لحصر حروف الأبجدية في 28 حرفا ثابتا ، وذلك لكون الرقم 28 يعبر عن ظواهر فلكية أو فيزيولوجية أو زمنية ذات أثر في نظام حياتهم وخصوصية معتقداتهم . فهو يطابق ايام الشهر القمري ودورة حيض المرأة ، ولو قسمناه على الرقم 4 عدد فصول السنة لحصلنا بذلك على الرقم 7 وهو عدد أيام الاسبوع، ويرمز الى البحار السبعة والسماوات السبع، وعجائب الدنيا السبع. . الخ.
ويرى فريق من العلماء أن ترتيب حروف الأبجدية على النظام المعروف لم يتم هكذا بعامل صدفة، بل كان ينطوي على غرض علمي فلكي أو غاية منفعية أو معتقد ديني. وفي طليعة الذين ذهبوا هذا المذهب سنة 1978 المستشرق الإيطالي الشهير آليسندرو بوزاني الذي تخصص في الفلكيات الشرقية العربية والفارسية والهندية. وهو يميل الى كون رموز الأبجدية العربية ذات علاقة بالظواهر الفلكية، وكون ترتيب حروفها على النحو المعتمد إنما وضع في الأساس لتحديد فصول السنة وطول النهار والليل أو قصرهما بحسب مدار الشمس والقمر ومسار الكواكب شتاءً وصيفاً. ويخلص بوزاني الى أن الأبجدية كانت شبه روزنامة ثابتة يستدل بها الملاحون في البحر والصاربون في الصحراء على الأحوال الجوية ويتحوطون لعناصر الطبيعة وتبدلاتها في المجاهل والمستصعبات.
هرباً من الطاعون
ويخطئ من يعتقد كذلك أن الفينيقيين وصلوا الى سوريا ولبنان وفلسطين بحراً. فقد كان ذلك أمراً مستصعباً في الألف الرابع أو الثالث قبل الميلاد. لأنهم لم يكونوا قد طوروا أساطيلهم البحرية بحيث يدورون دورة رأس الرجاء الصالح حول إفريقيا ليصلوا الى المتوسط، ولو حصل ذلك لكان في وسعهم أن يستوطنوا إسبانيا أو إيطاليا أو صقلية أو أي بقعة ملائمة في شمال إفريقيا. ولم يتجشّموا عناء الوصول الى البر الآسيوي في حوض المتوسط الشرقي حيث توطنوا سواحل الشام. لذلك يبدو أقرب الى منطق الأشياء أن تكون هجرتهم الى المتوسط الشرقي حصلت من طريق البرّ. ويرجح فريق من العلماء أن يكون وباء الطاعون الجارف هو الذي دفعهم الى الهجرة الكبرى في القرن الثامن والعشرين قبل الميلاد.
ومع أنهم أقاموا علائق جيدة مع مصر الفرعونية ابتداء من الألف الثالث ق.م. إلا أن الآفاق البحرية التي اقتحموها باتجاه الغرب حيث أنشأوا المدن العامرة والمواقع العسكرية والتجارية المميزة في أوروبا وشمال إفريقيا لم تصرف أنظارهم عن الداخل السوري حيث بسطوا نفوذهم الى تدمر، وأقاموا تحالفاً مع دمشق وامتدادات سلطتها في البلقاء وحوران، فاتحين أمام قوافلهم الطرق البرية المأمونة لتوفير اتصال دائم مع موطنهم الأصلي في الخليج ونجد، وبقي التواصل على خير ما يرام بين المقيمين هناك في الخليج والمستوطنين في مدن فينيقيا عبر طريقين. إحداهما بريّة مباشرة، والأخرى برمائية تتجه براً الى العقبة، ثم تجتاز البحر الأحمر الى المحيط الهندي ومنه الى الخليج العربي. هذا الى أن قامت إمبراطورية الفينيقيين البحرية الكبرى في الغرب، وباتت قوافلهم تجوب المحيط الأطلسي وتنتقل عبر رأس الرجاء الصالح الى جنوب الجزيرة العربية ثم تجتاز مضيق هرمز الى بلاد المنشأ.
ويقول الرحالة والبحاثة الإغريقي سترابون في “موسوعته الجغرافية الكبرى” نقلاً عن أمير البحر نياركون قائد أسطول الإسكندر المقدوني، أن الملاحين الفينيقيين هم الذين كانوا “يرشدون السفن اليونانية في بحار ديلمون لمعرفتهم الدقيقة بخصائصها”.
الأبجدية والألفبائية
ولعل أكثر ما يثبت لنا أن الفينيقيين حملوا معهم الأبجدية العربية الأصلية من ديارهم الأولى في الخليج العربي الى لبنان وسورية وفلسطين ولوحات الحروب المحفورة على الحجر وبعض نواويس الملوك في جبيل وصور وأوغاريت ورأس شمرا، وهي تعتمد نظام (أبجد هوّز) دون نظام (الألف باء) الذي اعتمد في اللغات اللاتينية وانتقل منها الى العربية المعاصرة في زمن متأخر. ولكن هذه الأبجدية المكتشفة خلال عشرينيات القرن الماضي تتألف من 22 حرفاً بدلاً من 28، وقد سقطت منها أحرف (ثخذ وضظغ). واتضح لنا بعد جهد جهيد في تمحيص الاحتمالات الممكنة لسقوط هذه الأحرف الستة. أن الفينيقيين أسقطوا هذه الأحرف بأنفسهم لانها كانت بدوية الجرس عسيرة اللفظ غير ملائمة لتداول الشعوب البحرية التي علموها أبجديتهم وتعاملوا معها في الحوضين الشرقي والغربي للبحر المتوسط، فضلاً عن كونها لا ترد إلا نادراً في اللغات التي تنطق بها تلك الشعوب، وهي مستصعبة الأداء في النطق ثقيلة على أسماع الأمم التي اكتسبت لدانة الحياة البحرية ولم تألف خشونة الصحراء، ولا بد هنا من لفت القارىء الى النموذج البياني للحروف الفينيقية كما اكتشفت بترتيبها الأبجدي العربي، وهو ترتيب يختلف تماماً عن ترتيب (ألف، باء، سين، دال، الخ...)، الذي اعتمد في الكتابات اللاتينية المقتبسة من الكتابة الفينيقية الأصلية، وقد أثبتنا هذا المخطط البياني في موضع آخر من هذه المقالة.
يضاف الى ذلك أن الكتابة بالحروف الفينيقية كانت تتم من اليمين الى اليسار وذلك على مثال الكتابة العربية التي احتفظت بهذه الظاهرة الى اليوم. ولم تكن الحروف العربية القديمة نفسها موصولة في الأساس إلا جزئياً، وقد تمّ وصلها كلياً بعد أن جمع الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) المصحف الشريف وتبيّنت مستصعبات قراءته، وذلك تسهيلاً لمهمة المقرئين في التجويد. كما أضيفت الى الحروف نقطها اللازمة في اللفظ للحؤول دون أي التباس، وروّدت بالحركات الصوتية وغيرها من الأدوات لتفادي العثرات النحوية واللحن والإقواء.
ونشير في ختام هذه الدراسة الشاقة والمتشعبة الى أنه كان لبعض الأجانب المغرضين ولا يزال، حضور تخريبي في الكشوف الأثرية الشرقية، خصوصاً في عملية البحث طيلة القرنين الماضيين عن آثار فينيقيا، وقد عملت أصابعهم الخفية على طمس العديد من المعالم الأثرية اللبنانية والفلسطينية والسورية التي تؤكد أن بعض نصوص التوراة سرقت من ملاحم جلجامس وأوغاريت وأن مدينة بيبلوس (جبيل) فرضت اسماه على تلك التوراة التي عثر في رأس شمرا على كتابات قديمة تؤكد بما لا يقبل التأويل أن “نشيد الأناشيد” مقتبس منها. كذلك تسلل الحاقدون على العرب الى آثار ديلمون، وكثيراً ما أوحوا باطلاً في يومياتهم بأن آثار الخليج والحجازوتهامة والعسيرين واليمن الجنوبي عائدة الى العبرانيين، وهو تشويه لمنابع الحضارات القديمة في جزيرة العرب تتيح لهم محاولة الاستيلاء على تلك المناطق في يوم من الأيام زاعمين أنها ملك لأجدادهم كما فعلوا في اغتصاب فلسطين.
هذا يصرف النظر عما نهبوه من كنوز أثرية خلال احتلالهم فلسطين منذ العام 1948 واجتياحهم لبنان سنة 1982، وقد حاولوا دائماً أن يثبتوا بأي وسيلة أن الفينيقيين شعب لا علاقة له بالعروبة من قريب أو بعيد، للانتقاص من فضل الأمة العربية على الحضارة وطمس معالم التفوق التي سجلها العرب في ميادين العلوم والنظم الاجتماعية منذ الجاهلية الأولى وفي عصور متقدمة قبل ظهور الإسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.