كما هو معروف بأن العلم نور والجهل ظلام، وأن هذه الحكمة لم تأتِ بمحض الصدفة ولكنها جاءت لكي تطبع في كل الأذهان بأن على كل إنسان أن يكون على قدر كبير من العلم والمعرفة والثقافة وكل ذلك يأتي عبر أشياء عدة منها التعليم ومطالعة الفرد للكتب المختلفة بما تحوي من موضوعات متعددة متنوعة، وليس من الضروري أن يكون قارئ الكتاب على قدر كبير من العلم ولكن هناك أشخاص لديهم شغف كبير في اقتناء الكتب وقراءتها وتكون بالنسبة لهم متعة بل إدمان يصعب علاجه.. وبما أن حديثنا عن الكتب فلا بد من أن تكون لنا وقفة مع إحدى وأهم المكتبات الشهيرة التي نفتح أبوابها لعدد كبير من الطلاب والقراء عامةً تزامناً مع اليوم العالمي للمكتبات ال10 من مارس، كان لنا عدد من الأحاديث مع أصحاب الشأن حول هذا الموضوع.. حيث كان لنا لقاء مع الأستاذة نعمة أحمد غابري مديرة المكتبة الوطنية بعدن، حيث سعدت بهذا اللقاء لإتاحة الفرصة لكي تطلعنا على المكتبة كيف كانت وكيف أصبحت وما مدى حب الطلاب واهتمامهم بالاطلاع على الكتب.. وقالت: إننا نسعى جاهدين بأن نوفر كل ما يطلبه الزوار من هذه المكتبة حتى يتمكنوا من تثقيف أنفسهم وتغذية عقولهم بالكتب العلمية والثقافية التاريخية!.. وغيرها من الكتب التي تقدمها المكتبة لجميع الأفراد لمختلف الشرائح في المجتمع. للكتاب منافسون وتحدثت عن أهمية الكتاب سواءً كان قديماً أو حديثاً وقالت: إن الكتاب كان له إقبال كبير من جميع الفئات ولكن كان ذلك قبل ظهور الإنترنت والتقدم التكنولوجي الملحوظ وأصبح الآن الكتاب الالكتروني طاغياً على كل شيء فأصبح الكثيرون يلجأون إلى الانترنت والكتب الالكترونية. وتضيف: كما أن القنوات الفضائية جذبت كثيراً من الناس وأصبح الإقبال على الكتاب ضعيفاً لكن أكثر الرواد على المكتبة هم من الطلاب وبحسب آخر إحصائية قبل خمسة أعوام تقريباً فقد بلغ عدد الطلاب للاطلاع على الكتب نحو 115000 سنوياً، فهناك دوافع وأسباب لقدوم هذا الكم الهائل منهم وذلك بسبب الأبحاث التي تطلب منهم في المدارس هناك مجموعات منهم أدمنوا الاطلاع والقراءة وأصبح ملاذهم الوحيد هو الكتاب والمكتبة. وتستطرد: غير أن هذا العدد بدأ بالتراجع في السنوات الأخيرة، نظراً لانتشار ثقافة الفضائيات، والهوس الموجود تجاه مواقع التواصل الاجتماعية الشهيرة التي بدأت تطغي على الثقافة التقليدية المتمثلة في الكتب، وهذا شيء يحتم علينا كمكتبة تقليدية من تطوير خدماتنا وإدخال خدمات الكترونية تواكب العصر وتوفر الوقت على الطلاب والباحثين، وهو ما تم بالفعل. القراءة غذاء الروح أما الطالب محمد حسن عبده طالب ثانوي في ثانوية البنيان قسم علمي وصف قراءة الكتب والمجلات بالنسبة له كغذاء للروح فهو متعلق جداً بقراءة الكتب لأنها جعلت منه إنساناً مثقفاً وواعياً على الرغم من صغر سنه إلا أنه يمتلك اللباقة بسرعة البديهة والتصرف بحكمة مع الآخرين حسب قوله ويستطيع الخروج من المواقف الصعبة ويرجع كل ذلك إلى مطالعته المستمرة للكتب الكثيرة والمختلفة سواء كانت علمية أو دينية أو ثقافية أو متنوعة. وأضاف: إن تواجد المكتبة الوطنية وباقي المكتبات التي توفر لنا كطلاب العديد من الكتب المختلفة في شتى المجالات تسهم في صناعة أجيال مثقفة ومتعلمة لا تهاب ظلمات الجهل وتستطيع بسلاح العلم محاربة كل أعداء العلم والتقدم. خير جليس الطالب وضاح جعفر الشلالي ثانوية البيحاني قال: إن الكتاب صديقه الصدوق الذي لا يستطيع الابتعاد عنه، وقال: لا أنكر أني لم أكن متعلقاً بمطالعة الكتب بشكل كبير ولكن الفضل يعود إلى الأبحاث المدرسية والتكليفات التي تطلب منا كطلاب ومع استمراري في اطلاعي على الكتب العلمية بدأت أتطرق للعديد منها، الأمر الذي يشعرني باللذة والمتعة عند مطالعة الكتب، ومن هنا أتقدم بدعوة عامة لكل زملائي بأن يهتموا بمطالعة الكتب الثقافية ولا يحصروا أنفسهم بالكتب المدرسية فقط كي يستطيعوا مواكبة التقدم العلمي في وقتنا الراهن. في حب التقنية الحديثة الباحثة في مجال الماجستير تيسير عبدالوهاب المقبلي تشير إلى إن ثقافة اليوم تفرض على الباحثين والمواكبين للثقافة العصرية استخدام التكنولوجية وأدواتها المتمثلة في الانترنت وأدواته كالمحمول والكمبيوتر المكتبي و(الآي باد) وغيرها. وتعلل تيسير الباحثة في كلية الآداب بعدن: كل هذه التقنيات الحالية تساعد الباحثين بل وحتى الطلاب على اختصار الوقت والجهد وتوفير عناء البحث في أمهات الكتب التي توفرت بمجرد ضغطة زر على مواقع البحث العالمية. غير أنها استطردت بقولها: ولا يعني الإقبال على الفضائيات والانترنت الاتجاه نحو الجوانب السيئة، بالعكس، فالفضائيات والانترنت تزدحم بكل ما هو مفيد وجيد في مجال العلوم والتقنية وتطوير الذات والثقافة العامة والمعرفة الشاملة، فهذه الخدمات التي أكرمنا بها العلم الحديث عالم افتراضي مليء بكل ما هو جميل، ويبقى للكتاب والمكتبات التقليدية قدسيتها وتاريخها الذي خدمت من خلاله البشرية. ميزات وعيوب وائل ياسين عبدالمؤمن طالب في كلية الآداب قسم إعلام يقول: ليس من الضروري أن تحوي المكتبات كتباً ورقية، ففي عالم الانترنت هناك مصطلح أو مفهوم يعبر عن المكتبة الاكترونية، وهو نظام شبيه بالمكتبة التقليدية. ويضيف: غير أن المكتبة الإلكترونية لها ميزاتها وحسناتها، مثل القدرة على حفظ ونسخ مئات بل آلاف الكتب في ذاكرة صغيرة لا تزيد عن حجم الإبهام، وفي المقابل تحتاج المكتبات التقليدية إلى مساحات كبيرة لاحتواء الكتب والمراجع، بالإضافة إلى سهولة البحث في المكتبة الإلكترونية التي تبحث بالحرف أو الكلمة، فيما يتعذر ذلك ويصعب جداً في المكتبة الورقية.. ويشير وائل إلى أن المكتبة الإلكترونية لها عيوبها أيضاً مثل عدم الركون لبقائها بسبب إمكانية حذفها الكترونياً ببساطة، على عكس المكتبات الورقية التي تمثل إراثاً وتأريخاً يمكن بقاؤه آلاف السنين والرجوع إليها كوثائق ومستندات. حسن الاستثمار من المؤكد أن عصر اليوم هو عصر التقنية والتطور التكنولوجي، بحيث أصبح الكمبيوتر الشخصي بحجم الكف، ويقارع الكتاب بل والكتيبات التي كانت تتميز بسهولة حملها وتنقلها، لكن من الجميل أن تظل الثقافة والاطلاع والمعرفة هي الصفة الطاغية التي يجب أن تلازمنا في كل مكان، كان معنا كتاب أو كمبيوتر شخصي أو غيره، كما أنه من الجميل استثمار هذه التقنية في العلم وتثقيف الذات وتطويرها واكتساب المعارف لأن هذه الأشياء كانت الهدف من وجود الكتب والمكتبات التي يحتفل العالم في العاشر من مارس من كل عام بيومها العالمي.