أخطأ وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي حين تجاوز القوانين المعمول بها في القضاء ووجّه سفارة اليمن بالرياض بتنفيذ حكم قضائي ابتدائي لم يزل مطعوناً فيه أمام المحكمة الاستئنافية في قضية مشروع التعليم عن بعد بين جامعة صنعاء والدكتور محمد عبد الحميد الكندي. القربي الذي تجاوز الجهات القضائية المخولة بتنفيذ أحكام القضاء وجّه بتاريخ 21 /12 /2011م ورقم (12 /7 /502) سفارة اليمن بالرياض بتنفيذ حكم محكمة الأموال العامة الابتدائية بناءً على خطاب من جامعة صنعاء برقم 80 وتاريخ 18/ 12/ 2011م. هذا الخطأ المخالف للقوانين والأعراف القضائية تبعه خطأ آخر ارتكبه رئيس جامعة صنعاء الدكتور خالد طميم حين خاطب مباشرة بتاريخ 22/ 1/ 2012م ومذكرة رقم (241) قنصل عام الجمهورية اليمنية في جدة مطالباً إياه بتنفيذ ذات الحكم. وحملت المذكرتان خطاباً واحداً ومضمونا واحداً نصه “نرجو منكم تنفيذ الحكم القضائي والتحفظ فوراً على مكتب التعليم عن بعد التابع لجامعة صنعاء .. والحفاظ على محتوياتهما من أثاث ووثائق ومنع المدان وموظفيه من الدخول إلى المكتبين أو إخراج أي شيء منهما ومنعهم من مزاولة أي نشاط يخص التعليم عن بعد وتسليم المكتبين بكامل محتوياتهما للجنة الجامعة الواصلة إليكم بهذا الشأن” وهو أمر يوحي وكأن هاتين المذكرتين تم صياغتهما من قبل شخص واحد. مذكرة رئيس جامعة صنعاء لم تكتف بتجاوزها للقوانين القضائية بل استخفت بتوجيهات النائب العام للجمهورية بوقف التنفيذ حيث جاءت بعد توجيه سابق من قبل النائب العام الدكتور علي الأعوش بتاريخ 3/ 1/ 2012م وجه فيه محامي عام الأموال العامة بالتوجيه بتأجيل التنفيذ حتى يصبح الحكم نهائي طالما وهو طاعن بالاستئناف وهو ما يثير كثير تساؤلات لمعرفة أسباب إصرار جامعة صنعاء على تنفيذ الحكم الابتدائي بهذه الطريقة. سفارة اليمن بالرياض وقنصليتها بجدة قامتا بتنفيذ التوجيهات المخالفة ونفذتا مضمون المذكرتين نصاً وحرفاً ، الأمر الذي أدى إلى تدخل وزارة شئون المغتربين في القضية وخاطبت النائب العام للجمهورية بمذكرة رقم (46/ص) وتاريخ 27/2/2012م طالبته فيها بالتوجيه بما يكفل تأجيل التنفيذ وفقاً لتوجيهاته السابقة حتى صدور حكم نهائي بات. ووفقاً لما أورده عبد المؤمن إسماعيل الكندي الوكيل المفوض بمتابعة القضية عن الدكتور محمد عبد الحميد الكندي فإن محامي عام الأموال العامة سعيد العاقل لم يتجاوب مع توجيهات النائب العام بخصوص وقف تنفيذ الحكم الابتدائي ولم يقم بما يتوجب عليه كمحامٍ عام للأموال العامة ولم يتخذ أي إجراءات من شأنها أن تكفل تنفيذ احترام القوانين المعمول بها في القضاء حيث قام بوضع توجيهات النائب العام في أحد أدراج مكتبه وطلب منهم مغادرة المكتب. وكانت محكمة الأموال العامة الابتدائية برئاسة القاضي عبد الحفيظ الحبيشي قد أصدرت حكماً ابتدائياً بتاريخ 17/ 9/ 2011م قضى بإلزام الدكتور محمد الكندي بدفع الرسوم الدراسية والأساسية والإضافية عن نظام التعليم عن بعد البالغة حسب منطوق الحكم (25.296.210 ريال سعودي) وسجنه لمدة عامين وحرمانه من الحصول على امتياز من الدولة وإلغاء الاتفاق المبرم بين جامعة صنعاء وبينه بخصوص التعليم عن بعد بالمملكة العربية السعودية. وبتاريخ 19/ 9/ 2011م قدم الدكتور الكندي عبر وكيله المفوض عبد المؤمن اسماعيل الكندي طعنه بالحكم الذي اعتبره جائراً لدى محكمة الأموال العامة الاستئنافية وما زالت القضية منظورة هناك حتى اللحظة. قانونيون اعتبروا صدور الحكم جائراً كونه صدر من محكمة ليست محل اختصاص للنظر في القضية كونها قضية مدنية يجب أن تقدم أمام المحكمة المختصة وهو رأي تعززه مذكرة قانونية بالرأي قدمها عضو نيابة الأموال العامة خالد يحيى الشهاري بتاريخ 25/ 4/ 2010م بعد دراسته لملف القضية. هذه المذكرة بعد أن أوردت حيثيات وأسباب كثيرة في أكثر من 12 صفحة واستندت الى نصوص المواد (42، 218) من القانون رقم 13 لسنة 94م اجراءات جزائية ونصوص المواد (250،255،263) من التعليمات العامة وإلى نص المادة (897) من القانون المدني وإلى قرار النائب العام رقم (240) لسنة 2001م بشأن إنشاء نيابة الأموال العامة وتحديد اختصاصاتها فقد خلصت المذكرة إلى التقرير بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية نهائياً لعدم الجريمة ونسخ صورة من ملف القضية وإرساله إلى وزارة الشئون القانونية لتقوم بتقديم الدعوى المدنية أمام المحكمة المختصة (غرب الأمانة). ويرجع المحامي كمال المقدم أسباب بطلان الحكم إلى استناده على أن الكندي المحكوم عليه موظف عام في حين هو مستثمر في المشروع وممثل له بصفته الشخصية وفقاً للعقد المبرم بينه وبين جامعة صنعاء بشأن إنشاء هذا المشروع. ويرى أن جميع الأعمال التي أوردها القاضي مصدر الحكم متعللاً بها على إثبات صفة الموظف العام تجاه الكندي غير صحيح الاستدلال بها كون القاضي من أهمل الاطلاع على بنود العقد الأساسي وملحقاته وما تلاه من محاضر بين الطرفين المستأنف والجامعة وربما يكون قد تغافل عن ذلك بقصدٍ أو بغير قصدٍ حيث إن الجامعة هي من تتولى جميع الأمور الأكاديمية وبإشرافها المباشر وفقاً لبنود العقد الأساسي ( البند 8 ,9 ,10 , 13 ) وكذلك المحضر المؤرخ 4 / 12 / 2004م وما جاء في العقد والملحقات والمحاضر الموقعة بين الطرفين والمرفقة. ويقول: إذا كانت قائمة أدلة الإثبات المعدة من قبل النيابة العامة قد أشير فيها إلى أن مبالغ الرسوم المستحقة لجامعة صنعاء (11,678,668 ) أحدى عشر مليوناً وستمائة وثمانية وسبعين ألفاً وستمائة وثمانية وستين ريالاً سعودياً وفقاً لما جاء في التقرير المرفوع من قبل خالد الثور مدير الحسابات وحسين شملان مدير عام الشئون المالية المكلفين من قبل رئيس جامعة صنعاء للسفر إلى المملكة العربية السعودية لإعداد تقرير بهذا الخصوص. ويضيف أن التقرير يوضح أن الكندي دفع (2,830,340) مليونين وثمانمائة وثلاثين ألفاً وثلاثمائة وأربعين ريالاً سعودياً, في حين أن الحكم قضى بمبالغ مالية قدرها (25,296,210) ريال سعودي أي أكثر من المبلغ الذي يمثل حصة جامعة صنعاء بزيادة قدرها (16,447,882) ريالاً سعودياً وهو ما يخالف نص المادة ( 365 ) إ.ج التي تشير إلى عدم تجاوز حدود ما تم الادعاء به في قرار الاتهام.