عناصر الانتقالي تقتحم مخبزا خيريا وتختطف موظفا في العاصمة الموقتة عدن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    تقرير... مخطط الحرب واحتلال الجنوب سبق إعلان الوحدة    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. جرف وهدم عشرات المنازل في صنعاء    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    التعاون الدولي والنمو والطاقة.. انطلاق فعاليات منتدى دافوس في السعودية    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن نموذجاً
مشروعية وعمل البنوك الإسلامية
نشر في الجمهورية يوم 18 - 03 - 2012

نظم منتدى التجديد في الفكر الإسلامي”رؤية معاصرة” ندوة خاصة حول”مشروعية وعمل البنوك الإسلامية؟ اليمن نموذجاً”.. ولأن قضية البنوك الإسلامية جديرة بالنقاش، خاصة ما يتعلق ب”الربا” التي تقول إنها لاتتعامل معه ولأنه مرتبط بالبنوك والبنوك مرتبطة بالاقتصاد والاقتصاد مرتبط بالسياسة والاقتصاد والسياسة متلازمان فإن”الجمهورية” تنشر أوراق الندوة مع مداخلاتها للأهمية.
الورقة الأولى عبدالله القيسي .
البنوك الإسلامية خلفية تاريخية
في البداية هناك حقيقة مفادها أن الإخوان المسلمين إذا أقروا فكرة يحصل لها نوع من الإجماع, وهنا يكون من الصعوبة محاولة تفكيكها مرة أخرى .! وإذا وجد هناك بحث مخالف لتلك الفكرة يُودى مباشرة قبل أن يولد أو حتى بعد ولادته. وقضية البنوك من خلال النظر إلى تاريخها, أستطيع أن أقول إنها مرت بثلاث محطات, المحطة الأولى وهي مرحلة دخول البنوك في العالم الإسلامي في بداية القرن العشرين والبداية كانت في مصر، وكان في تلك الفترة لا يزال الإمام محمد عبده ورشيد رضا وقبل بداية القرن بقليل جمال الدين الأفغاني ، وتعد تلك الفترة من أنضج الفترات في الوطن العربي والعالم الإسلامي, وقد تعاملت مع البنوك بشكل إيجابي كونها شيئا جديدا لم يكن عند الآباء و هي طريقة جديدة في الاقتصاد, والتحول الذي حدث في الخمسينيات هو التأثر بالنظرية الاشتراكية بشكل كبير, والاشتراكية في مشروعها نقيض للفكر الرأسمالي, والبنوك هي نتاج فكر رأسمالي, وهنا بدأت تظهر بعض الآراء على أنها يعني البنوك ربوية, باعتبار التأثير الاشتراكي في المنطقة, وهنا انقسم العلماء إلى قسمين وأستطيع أن أقول إن محمد أبو زهرة كان يقود التيار بالتحريم للبنوك بحجة أنها ربوية, والإمام محمود شلتوت وعبد المنعم النمر يقود التيار الآخر الذي يرى فيها الجواز, إلى أن جاءت فترة السبعينيات وهي المحطة الثالثة, أنشئ أول بنك إسلامي في دبي, وكانت هناك بداية تشكل لنظرية عند بعض المفكرين القريبين من فكر الإخوان المسلمين وأنشئ هذا البنك وكان الداعم الرئيسي له هو يوسف ندى منسق العلاقات الدولية الخارجية لجماعة الإخوان المسلمين في الخارج, وعندما أنشئ هذا البنك كان الغرض منه هو الهروب من بعض القضايا التي يدور حولها بعض الإشكالات وكانت توصف بأنها ربوية, ومن هنا سميت بنوك إسلامية, ومع دخول وامتداد التيار السلفي القادم من نجد مع ثورة البترول بدأنا نسمع بالرأي الوحيد والإجماع حول قضية أن البنوك ربوية, والمتأمل يجد أن الظهور لهذه الفتاوى من بداية السبعينيات, وبدأنا نسمع أن الآراء التي تتحدث على أنها بنوك عادية أصبحت شاذة ومخالفة للإجماع, مثل رأي الطنطاوي والآن الشيخ على جمعة, وهذه الثلاث المراحل الكثير من الناس لا درك غالبية علماء الأمة والأزهر يرى في تعامل البنوك شيئا طبيعيا, وغياب هذا التفصيل والخلفية التاريخية جعل يوقع الكثير في وهم وهو مخالفة الإجماع, وهنا نطرح تساؤل إجماع من ومتى, هل إجماع بداية الظهور علماء الأمة يجيز تعامل البنوك إجماع الوسط كان هناك خلاف, والعجيب أن الناس لا تعرف أن فترة 1900- 1950م هي الفترة التي ما زلنا نعتمد عليها في الفكر حتى اليوم, وهي من أخصب الفترات خصوبة في الفكر الإسلامي, سواء على مستوى الفكر أو الثقافة أو الأدب أو الفن, ولو أن الأمة استمرت على ذلك الزخم وذلك النشاط وذلك الصعود في الفكر لكان وضع العالم العربي والإسلامي اليوم مختلفا بكثير عما هو الآن, واليوم أصبحنا نعاني ردة بحيث أصبح الكثير يحاول أن يقنع الناس بآراء محمد عبده ورشيد رضا, بعد أن كانت هي السائدة في تلك الفترة؛ ولذلك سنجد أن القامات الفكرية والأدبية كانت كلها وليدة تلك المرحلة, من مصطفى صادق الرافعي إلى عباس محمود العقاد إلى طه حسين إلى محمود شلتوت هذا بالنسبة للفكر, كما أن هناك قامات كبرى في كل المجالات الأخرى كلها كانت في تلك الفترة الذهبية إن جاز التعبير, والذي حصل بعد ظهور النفط الخليجي والسعودي بوجه خاص نشهد تحولا وتراجعا كبيرا في كل شيء.
وبالعودة إلى موضوع البنوك, عندما نحاول أن ندرس هذه القضية بشكل موضوعي يتطلب منا ذلك التأصيل تلك المفاهيم والعودة إلى القرآن الكريم؛ فندرس الربا في القرآن الكريم حتى نتعرف ما هو الربا الذي نزل به التحريم والوعيد الشديد, ثم نرى بعد ذلك هل ما قصده الشارع الحكيم هو ما تمارسه البنوك أو لا .؟
والمتأمل في آيات القرآن سيجد شكلا بسيطا أن الربا هو المقصود به ربا النسيئة, وهنا علينا أن نعود إلى صورة الربا في الجاهلية لنرى تلك الصورة التي نزل القرآن يحذر منها ويطلب منهم التوقف عن ممارسة ذلك الصنف مما يسمى ربا, في الصورة الأولى كان هناك فقير محتاج, وغني لديه مال, الغني يقرض المسكين من أجل الحاجة والاستهلاك وليس من أجل التجارة وهذا التفريق مهم, كون هناك خلط بين المعنيين بين الاستهلاك وبين التجارة, فالفقير يستهلك ذلك المال وتنتهي الفترة المحددة لإعادة ذلك القرض وهو لا يقدر على السداد فيطيل المدة ويزيد الربح وهو ما يحدث عنه بالمضاعفة، وهنا لفظ المضاعفة قد تكون 100 %وقد تكون 200 % أو هكذا نفهم من كلمة مضاعفة, وهكذا يزيد كل فترة 300 % , وهنا نتخيل النتيجة عندما لا يقوى على السداد كيف تكبر المشكلات وتتعقد, وفي القانون الروماني إذا كان هناك دين كبير للدائن ولا يقوى الدائن على سداده يستعبد المدين لفترة محددة, وتخيلوا شخصا حرا بسبب القرض وبسبب أنه لا يقوى على السداد يتحول إلى عبد, وربما كانت هذه هي إحدى الأساليب للاستعباد في تلك الفترة, كما أن لها أبوابا كبيرة , هذه الصورة القوي مقابل الضعيف, لو ننزلها على قضية البنوك نجد أن تلك الصورة لا تتناسب مع حالة البنوك, فالبنك والشخص المستقرض من البنك أقوياء أو لا يوجد شخص قوي وشخص ضعيف , فالشخص الذي يضع ماله في البنك لا نقدر على أن نصفه بالضعيف , كما أنه لا يوجد بنك ضعيف، كل البنوك قوية والطرفان مستفيد وفيه ربح, والقضية على أساس أنها ربا, نجد أن فرسان الربا على مدار التاريخ هم اليهود؛ فاليهود هم من صدروا الربا إلى أوروبا، وفي بحثي حول البنوك نجد أن تاريخها يعود إلى 200عام فقط, وربما أن مسرحية تاجر البندقية التي ذكرها شكسبير تحكي قصة اليهود وتعاملهم الربوي, والمسرحية تحكي قصة ذلك اليهودي الذي طلب من أحد المقترضين منه أن يعطيه بدل ماله قطعة لحم من يده, ورفع أمره إلى القاضي فقال القاضي لليهودي على أن تقطع تأخذ القطعة دون أن يكون هناك أي أثر للدم كون الشرط الذي وضعته لم يتضمن أخص القطعة مع خروج الدم, وهنا توقف اليهودي, وهنا بدأت في أوربا تأسيس بنوك, كان الأساس هو القضاء ومواجهة الربا لدى اليهود؛ كونهم أصحاب رؤوس أموال كبيرة, وبالعودة إلى البنوك لا نجد الاستغلال الذي تحدث عنه القرآن، من كون المضاعفة إلى شخص قوي وشخص ضعيف, كما أننا في بحثنا نظرنا إلى الحديث “ كل قرض جر منفعة فهو حرام أو ربا “ والغريب أن الإمام الشوكاني يصف الحديث بأنه ضعيف, والأغرب أن يتحول هذا الحديث الضعيف إلى قاعدة, وهذه المشكلة ليست الأولى, فهناك أحاديث ضعيفة ولكنها تؤسس لقواعد بحيث يختفي الحديث وتبقى القاعدة, والمثير أنه بعد إرساء القاعدة لا تقوى على أن تقول إنها قاعدة ضعيفة, والقاعدة أقوى .! وقد سمعنا من يقول مع أن الحديث الذي قامت عليه هذه القاعدة ضعيف إلا أنه أصبح قاعدة عند المسلمين, ومن هنا نجد الكثير اليوم من ينظر في المال وضيع مسألة الاستغلال, وقد لاحظنا اليوم وهذا من العجيب أن هناك قضايا فيها استغلال متوحش ومع ذلك لا ينظر لها على أنها من الربا المحرم, مثل الاستغلال الذي يجري في المدارس الأهلية “أستاذ بعشرين ألفا ومناطق بعشرة آلاف, وعندما يغيب أو يطالب بالزيادة يؤتى بأستاذ آخر مباشرة, ومن هنا فإن الاستغلال هو صلب الربا, ومن هنا نقرر أن الربا في القرآن الكريم لا ينطبق على البنوك الحالية.
بقية الموضوع أتركه للتعقيب بعد ذلك, وأضع بعض الأسئلة.
-هل هناك فرق بين القرض والدين, والسبب أن الآيات التي تقرأ في قوله “وأقرضوا الله قرضاً حسناً “ يعتبرها المفسرون الصدقة, وهنا هل القرض الذي تعطيه من أجل الاستهلاك والدين هو المال الذي تعطيه من أجل التجارة, حيث إن هناك فرقا, وهنا نقرر أن المال الذي تقرضه شخصا آخر من أجل التجارة وتأخذ عليه نسبة بسيطة لا إشكال عليه ولا يعد من الربا كون الاستغلال قد انتفى .؟
-النقطة الثانية منذ وقت كان هناك قرض بالذهب والفضة, والحالة النقدية مستقرة والحالة اليوم, فإذا أخذت مال اليوم بمقدار 50ألف ريال, لفترة عام مثلاً تقريباً فستجد أن الدولار قد ارتفع مقابلها وإعادتك له بنفس القيمة 50ألف ريال تكون في الحقيقة ناقصة, بسبب أن العملة غير مستقرة, كون الله تعالى يقول “فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون “ ومن هنا نقرر أن الشخص الذي يقرض مالا لآخر عليه أن يحسبه بالدولار ويعيده بمقارنة الدولار, وبغير هذه الطريقة يعد ظلما للشخص المقرض, ومن هنا إذا كان هناك زيادة في المبلغ لا يعد ذلك من الربا وإنما قيمة العملة الحقيقية, فله هنا القرض يعني القرض الحسن بدون فائدة.
- المداخلة الأولى: فهد سلطان .
- في البداية لفظ الربا ورد في القرآن الكريم ثماني مرات أو مواضع في البقرة وآل عمران والنسا والروم.
-آية تتحدث عن تعامل اليهود كما هي آية النساء, وموضع يحكي عن تعامل الجاهلية وثلاث عن المسلمين عند نزول القرآن بقيت آيتان فقط في آل عمران وفي الروم وهي التي تخاطب المسلمين إلى قيام الساعة, ومشكلة البنوك الإسلامية اليوم والمدافعين عنها أنهم يقولون إن الفرق بين الربا وغير الربا شعرة, وعندما تمعن التأمل في هذه التعامل المسمى إسلاميا لن تجده سوى حيلة فقط, والفارق في تفاصيل شكلية وليست نوعية, البنك العادي يسلم لك فلوسا ويفرضك نسبة والبنك المسمى "إسلامي" يسلم لك سلعة ويفرض عليها نسبة ربما نفس النسبة وفي بعض البنوك نسبة أكثر من البنك العادي, وفي حقيقة الأمر عندما نتأمل الآيات ونستحضر التاريخ سنجد أن الاستغلال هو قصد التحريم وليس ما يسوق اليوم على أنها الزيادة بالصورة المثيرة للضحك الآن, قضية أخرى ذكرها الأخ عبد الله في ورقته وتم تجاهلها وهي الفرق بين العمل التجاري والقرض الاستهلاكي, وهذا التفريق مبني على مفهوم الاستغلال, فالشخص الذي هو بحاجة إلى مال لغرض شخصي يدعو القرآن إلى أن يكون قرضا حسنا, دون أن تأخذ زيادة, والقرض الخاص بعمل تجاري هنا لايمنع بل المنفعة والمصلحة بين الطرفين أن يكون هناك نسبة ترضي الطرفين مقابل بقاء المال عند الشخص بحيث يغيب الاستغلال, وهنا نقول أين الحرام في ذلك والمصلحة تتجلى في أعلى صنوفها!؟
-النقطة الثانية وهو عندما تفتش في الآراء والاجتهادات التي تحرم الفائدة وتعامل البنوك بنوا تلك الاجتهادات على قواعد عدة منها قاعدة سد الذرائع, وحديث كما ذكره الأخ عبد الله أنه ضعيف وقد ورد بأكثر من رواية وكلها ضعيفة, مشكلة المحرمين أنهم يتعاملون مع قضايا كثيرة في الحياة اليوم على مبدأ نسخ ولصق, فأي قضية معاصرة اليوم نقوم نبحث بحادثة مشابهة حصلت في الزمن الغابر في القرن السابع ونسقط ذلك الحكم عليها, وكم من قضايا مخجلة وكم من اجتهادات هذا حالها أعاقت زحف الإسلام بحجة أن القرن الأول أو ما يسمى بالقرون المفضلة هي النموذج الصحيح لكل الأزمنة القادمة بعد ذلك تحت مقولة صحيحة “ تسوق خطأ وتمارس خطأ “ لا يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها “ العجيب أن مسألة البنوك اليوم فيها موظفون ومقترضون ورؤوس أموال متعددة وصاحب المال ليس هو المتحكم بالمال يعني هناك صورة جديدة مختلفة عن الصورة التي كانت في الجاهلية, وحتى على اعتبار صحة الحديث الضعيف فإن وضع البنوك اليوم يختلف كثيراً عن تلك المناسبة التي ورد فيها الحديث, وعلينا اليوم أن نضبط هذه القضية ليست حديثا ضعيفا أو قاعدة بنيت على حديث ضعيف, بل نعتمد على فقه المقاصد, وبكلمة مختصرة الاستغلال أن يكون هناك شخص مضطر وهناك شخص يستغل هذه الضرورة ولا يقدرها بشكل صحيح.
موضوع المعاملات البنكية، موضوع شائك, وهي لا تقتصر على مشكلة الربا فقط, وبعض هذه المشكلات تمنعها الفطرة حتى ولو لم يوجد شرع يحرمها بصورة صريحة, عندنا مشكلة أولى مثلاً وهي التضخم وهذه طرحها الدكتور مصطفى محمود, حيث كانت المشكلة لدى البنوك ليس الربا وإنما مشكلة التضخم, وضرب مثالا “ أنت تودع 100ألف ريال, وتسحبها بعد فترة 000, 120ريال, لكن قيمتها الحقيقية لم تعد 100ألف ريال، بل أصبحت 90ألف ريال, فالنقد صحيح أنه ارتفع إلى 120 ولكن القيمة الفعلية أصبحت 90بدلاً من 100, فإذا كان هناك منع أو تحريم فتكون هنا في هذه القضية، وهنا مكمن الظلم, وهناك مواضيع أخرى وإن كان الأولى أن يتولى هذا الحديث شخص متخصص, وهنا على ضوء ما نسمع, نسمع أشياء أغرب ما يكون, شخص يريد تأسيس , ذهب ليأخذ أصول مال, أموالا كثيرة بحيث كان مطلوبا منه إيجاد ضمانة, من بنك ثان, فيأخذ أموال المودعين لديه ويودعها في بنك وراح على ضوئها يطلب من بنك ثان قروضا, وبدأ بالقروض الجديدة يضع له أسهما في البنك الذي قام بتأسيسه واشتغل بمال الناس لصالحه, دون وجود أي شبهة أو إشكال, من الناحية القانونية, وهي لعبة احتراف من بنك إلى آخر , بعد ذلك يقوم بأخذ الفلوس التي أودعها في البنك الأول ليسدد به البنك الثاني , وهذا هو نوع من الاحتيال الواضح, وهو ما يطلق عليه بعض الكتاب فقه الحيل, وهناك قصة أن مدير بنك كان أحد أولاده يريد أن يتاجر , فنصحه بأن يوجد الأموال التي بحوزته بالريال اليمني ثم يسحب بالدولار , الفارق هو أن الإيداع باليمني يحصل على 20 % فارق عملة , وعندما يسحب بالدولار يخسر فقط 5 % وهنا يكسب 15 % دون أن يمارس أي عمل أو جهد, وهذه تجارة بالورق وهذا نوع من الاحتيال والفساد الاقتصادي, على حساب المجتمع, ومن هنا فإذا كان هناك من سيئة في البنوك فهي تهميش الاقتصاد الحقيقي, فالذي كان يحذر منه بيل كندي في مطلع الثمانينيات في كتابه حيث يتنبأ بسقوط الرأسمالية كونها تشتغل على الاقتصاد الورقي, فهناك أرقام وأسهم وشغل ورق وفلوس تأتي بفلوس ولكن لا يوجد اقتصاد حقيقي، فلا يوجد عملة تدور بين الناس, بحيث يكسب الناس وينتج شيء عيني , فهذه المعاملة سريعة الكسب بشكل عجيب وتتكاثر رؤوس أموال لأناس لم يمارسوا التجارة بشكل صحيح ولم يتعبوا في تحصيل هذا المال وتبدأ هنا قضية خطيرة وهي الفوارق الطبقية بين الناس وهذا مزعج بالنسبة للناس, وهذا ما يجعل أولئك الأشخاص يتحكمون بالقرار السياسي من بعيد , ويتحكمون بالمجتمع من غير أي جهد أو تعب حقيقي, والمشكلات هنا كثيرة تحتاج إلى بحث وأخذ وعطاء وعلينا أولاً قبل هذا الحديث أن ننجز نظريات في المعرفة ونظريات في الاقتصاد , فننجز ذلك بشكل كامل , ثم بعد ذلك ندخل ونحن نقول هذا يناسب وهذا لا يناسب , المحاولات في إيجاد نظرية ما زالت يتيمة ومتواضعة.
محمد باقر الصدر له كتاب يسمى اقتصادنا على غرار كتاب فلسفتنا , وهو لم يقم سوى أن جمع الاقتصاد الشيوعي والرأسمالي وبعد ذلك يقارن بين الطرفين فيظهر الخطأ عند الطرفين ويأخذ بشيء مما عند الرأسمالي وتجد أن ما قدمه هو النظرية الرأسمالية ولكن بصورة “ملتحية “ كما يسميها البعض ساخراً الرأس مالية الملتحية “ فماركس كان أعدل من الكل حيث كان عنده شيء كبير من العدالة , فهو وجد أن هناك اقتصادا ناتجا عن الإقطاع, واقتصاد رأس مالي, في اقتصاد متوقع اشتراكي, لكن اقتصاد الشرق غريب بالنسبة لديه , وأطلق عليه تسمية مؤقتة “ الاقتصاد الريعي “ وأقول إن الجانب الأخلاقي هو الذي لصالح الإنسان وهو من سوف ينصف الإنسان, النظرية الأخلاقية سوف تساعدنا كثيراً
المداخلة الرابعة: علاء سلطان السامعي
موظف في أحد البنوك الحكومية لأربع سنوات”مهندس الحوالات الخارجية”.
- مداخلتي سوف تبدأ من حيث انتهى الإخوة حول مسألة القرض في البنوك وتعاملاتها, والحقيقة التي لا يعرفها الكثير هي أن تعاملات البنوك فيما يخص القروض لا تساوي ما يمارسه البنك من معاملات أخرى 10 % , كما أن القروض الحقيقية ليست سوى للتجار الكبار فقط بمعنى قرض، والبنوك نفسها تتهرب من القروض كونها معرضة لكثير من المشاكل مع الناس, وقبل الخوض في التفاصيل علينا أن نفهم ما هي المهمات التي يقوم بها البنك .!
-أغلب نشاطات البنوك أن يقدم لك خدمات وهي في حقيقة الأمر يبيعها بيعا لك, مثلاً فتح اعتماد وترسل مبلغ عشرة ملايين دولار عبر باخرة من الخارج, فالبنك قدم لك خدمة للتعامل مع الخارج حسب علاقات البنك وحساباته المتعددة مع بنوك في الخارج ويقوم البنك بتسديد الديون التي على الشخص في الخارج, وفي الأخير 90 % من أنشطة البنوك التجارية تعد تقديم خدمات وهي لكبار التجار في البلد, وهكذا أغلب تعاملات البنوك تدور في هذا الفلك في تعاملاته, وبالتالي مسألة القرض كما أوضح قبل قليل أنه لا يساوي 10 % من أنشطة البنوك , وكما أن نسبة التعامل مع الفقراء وذوي الدخل المحدود ضئيل في اليمن فإن هناك دولا في الخارج لا تتعامل معهم بالكامل, البنك الفرنسي قبل عشر سنوات عندما قلص نشاطه في اليمن بعد أن كان قد وصل العدد إلى 25 ألف حساب يمني وقام بتقليصها إلى ألف حساب فقط, فهو لا يحتاج إلى ذلك الكم الكبير من الحسابات, وحاول أن يستهدف شريحة خاصة وهم التجار الكبار فقط, وعندما سئل البنك لماذا هذا التصرف الجديد “يرد عليك بأنه يريد أن يقلص مشاكل البنك مع الفئة الصغيرة ويريد العمل مع الفئة الكبيرة كون الأرباح فيها واضحة والمشاكل فيها قليلة “ فعشرة إلى عشرين شخص من الكبار في تعاملاتهم مع البنك لفترة محدودة سوف تغطي تكاليف البنك بشكل جيد مقارنة بغيرهم .!
فالبنك يستفيد من الكبار من عدة نواح تبدأ من فتح الاعتماد إلى الحوالات أضف إلى الضمانات التي يقدمها البنك للتجار في الخارج ويأخذ على ذلك مقابل , ومن هنا علينا أن نركز على أنشطة البنك ؟ ما هو البنك قبل ذلك؟ فمن الخطأ أن نحصر البنك بأنه مكان للقروض .!
وعلى موضوع القرض أنا في بنك لم أستطع أن أحصل على قرض.
- نبيل البكيري:
تجربة مدير إدارة العلاقات الخارجية في أحد البنوك اليمنية لمدة عام كامل!وهذه التجربة للمدة القصيرة ربما أنها تغنيني عن دراسة عشر سنوات عن البنوك, فقد لاحظت عن قرب طريقة وآلية البنك, فالبنك عبارة عن شركة متعددة الأذرع لها اتصالات خارجية كبيرة متعددة مع رأس مال خارجي من شركات إلى مصانع إلى بنوك ..الخ .
وأتفق مع الأخ علاء حول 10 % من الأنشطة التي يمارسها البنك فيما يخص القروض, وهنا نضع سؤالا ندخل به إلى الموضوع وهو ما الذي يستفيد منه البنك, والإجابة بصورة واضحة أقول إن الآية التي تقول “كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم “ طبقت معكوسة تماماً عندنا في اليمن.
فالبنوك أصبحت محاضن مالية يستفيد منها فقط الأغنياء, وأعرف أن هناك شبابا موظفين صغارا في البنك وكانوا حريصين, وحاولوا على الحصول على قروض بسيطة من البنك الذي يعدهم أحد الموظفين فيه فلم يستطيعوا ذلك والسبب أنهم لا يملكون ضمانات, أو أن شروط الحصول على قرض تعد تعجيزية في حقهم, ما يجعلهم لا يقدرون على الحصول على أي قرض يمكن أن يحسن الدخل أو يحل لهم كثير من المشكلات المالية التي يواجهننا في معيشتهم .
وستجد في نفس البنك عميلا هو نفسه صاحب بنك كبير في اليمن وله حوالات وصفقات من الخارج بالملايين, ومثله تجار آخرون, يقدم لهم تسهيلات كبيرة , ومن هنا نستطيع أن نقول بكل ثقة إن البنوك هي مكان للأغنياء فقط.!!
وتنطبق المقولة التي قالها جمال البنا “ البنوك أخذت أموال الفقراء ليستفيد منها الأغنياء” وهذا صحيح جداً . ومن هنا تحولت البنوك وكل ما فيها وما يمارس دولة بين الأغنياء فقط.
بالنسبة لما ذكره الأخ فهد سلطان حول الربح المخفف والربح غير المخفف, هل هذا يعد فارقا بين البنوك الإسلامية والبنوك المسماة ربوية كما يقال؟
نظرياً البنك العادي (ربوي ) يعطيك القرض دون أن يسأل عن ماذا تريد أن تعمل بهذا المبلغ ( القرض) والبنك الإسلامي يسأل, ويشبه سؤال البنك هنا مثل “جحى عندما سئل عن أذنه أجاب بيده اليمنى على الأذن التي في الجهة اليسرى “ فالبنك الإسلامي يحدد لك ماذا تريد ويأخذ أرباحا عليها وهي لا تعدو أن تكون مغالطة وكبيرة جداً في نفس الوقت ..!
ولو أعدناها إلى قاعدة الضرر والنفع أو أعدناها للعمل على قاعدة الفقه الإسلامي في تعريف الربا, فهي موجودة تماما, فهناك تسمى ربا وهنا تسمى مرابحة, وهنا نسأل ما هو الفارق!؟
ستجد أنها في أشياء تفصيلية وجزئيه فقط, فأنت تحدد السلعة ثم يأتي البنك يأخذها ويبيعها لك ويعمل له نسبة زيادة عن سعرها في السوق, وعندما نتأمل في الموضوع بشكل أدق سنجد أن البنوك ذات المسمى الإسلامي انطلقت من منظور سياسي أكثر منه منظور فقهي .!
وهذا الذي يجب أن نفهمه تماماً, فلو عدنا إلى السبعينيات وبداية الإنشاء لهذه البنوك كان هناك صراع هويات بين الإسلام السياسي والإسلام الرسمي, فالبنوك تعد الشكل الجديد للدولة, والإسلاميون هنا حتى يكون لهم موقف مغاير أدخلوا مسألة تفاصيل في البنوك الإسلامية, وهنا نطرح سؤالا هل هناك نظرية حقيقية مكتملة فيما يخص النظرية الاقتصادية!؟
الإجابة لا يوجد .!
ومن يقول إن هناك نظرية اقتصادية إسلامية متكاملة فهو يمارس الكذب والخداع والتضليل.
وهنا هل البنوك أصبحت واقعا لا فكاك عنه ولا نقدر على التعامل معها!؟
فعلاً .
العالم اليوم فيما يخص عمل البنوك يصاب بالذهول, فلا يوجد صفقة صغيرة أو كبيرة ووصل الحد إلى الأشياء العادية والتي تدخل اليمن كل ذلك يمر عبر البنك, بل حتى الملخاخ يمر عبر البنك.
فالبنوك أصبحت مسألة رئيسية في المجتمع والدول لا يمكن الاستغناء عنها, وهنا نقول كيف يجب أن تتحول من شكلها المتوحش “شبكة ارستقراطية “ إلى بنك يستفيد منه الصغير والجائع والمعتر والقانع.
فبقاء هذه البنوك على هذه الصورة لا يعدو أن يكون تكريسا لهذا التوحش الرأسمالي.
عبد القوي حسان:
أشعر بصعوبة عند الحديث حول هذا الموضوع, وأنا قناعتي أنه لا يوجد بنوك إسلامية, والمصطلح أتفق مع طرح الأستاذ نبيل حول السبعينيات والصراع حول الهوية!
بنك إسلامي – مستشفى إسلامي – أدب إسلامي, بل مما وجد من بعض قيادات الحركات الإسلامية من ينقد وبشدة هذا المصطلحات والتي لا تزال قائمة رغم أن الصراع قد انتهى!
في موضوع عمل البنوك اتفق مع الإخوة حول النسبة 10 % ولكن بنفس الوقت لا ينبغي أن نظلم البنوك فلديها مشاريع استثمارية وإن كانت بسيطة, يعني أنها ليست صناعية ولا إنتاجية, وهي بصورة أوضح استثمارات عادية, ولها إدارات مستقلة حسب معرفتي بأحد البنوك.
ومن هنا فهذه الاستثمارات لا تساهم بصورة كبيرة في رفد الاقتصاد الوطني بسبب أنها غير إنتاجية أو صناعية.
والفرق بين البنك الإسلامي وغير الإسلامي فرق مضحك جداً جداً ..!
حتى فلسفة عمل البنوك الإسلامية بعض العلماء أجازها والبعض حرمها, وكلامي هنا حول البنوك الإسلامية فقط, وتعود الفكرة إلى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول “ نهى رسول الله عن بيعتين في بيعة “
فقضية القرض, عندما تذهب إلى البنك من أجل الإقراض يقول لك ابحث عن السيارة, فيشتري البنك السيارة من صاحبها, ثم يبيعها عليك, هنا حصل بيعتان والبيعة في الأخير واحدة .!
هذا الحديث الأئمة الأربعة مختلفون على فريقين, فهناك اثنان من الفقهاء الحديث عندهم صحيح والآخرون الحديث عندهم ضعيف .!
فهو عند الفريق الأول حلال والفريق الثاني حرام, هذا الخلاف موجود وقد عرفته في مدينة تعز , وأن البنوك الإسلامية تضحك على الناس والغريب أن عبد العزيز بن باز له فتوى بإباحة مثل هذه البنوك , وقد أخذها على اعتبار أن فيها منفعة من الطرفين.
وليس كما ذكر الأخ عبد الله من طرفين الأول غني والثاني فقير كما كان في حال الجاهلية, الأمر الآخر الصورة هنا مختلفة عما كان في الجاهلية, اليوم أنا أصبحت أقرض البنك , والصورة هنا عكسية , كنت من قبل أقترض, أنا اليوم أقرض البنك, والبنك يستثمرها ويعطينا فوائد ذلك.
كذلك قول الله “ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ... إلا أن تكون تجارة حاضرة عن تراض “ وأنا أفهمها أنها في الصالح العام وفي أي زاوية, كما أن التأكيد على الفارق الوحيد ربما إن صح التعبير وإن كان في الواقع غير موجود ومثل ما قال الأخ عصام وهي قضية الأخلاق في البنوك الإسلامية, وهذه القيمة التي لو فعلت لكان هناك شيء من التميز , ومع ذلك لا يوجد شيء من هذه القضية والسبب يعود, لجهل كبير بالمفهوم القرآني . فالله يقول “ وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة “ وهذا بنص القرآن, بينما البنوك الإسلامية لا تتعامل وفق هذه الآية, يشمل ذلك البنوك غير الإسلامية كذلك, مجرد أن يتأخر التسديد, اتصال بالضامن والقسم, وتفاصيل يعرفها من كان له تعامل مع مثل هذه البنوك, ومن هنا فنظرة إلى ميسرة في حالة الاعسار لا أثر لها هنا وليست موجودة, ومن هنا أظن أن الحركات الإسلامية والله أعلم أنها سوف تقبل في البنوك بشكل عام كونها متداخلة بشكل كبير, ومن الصعوبة الفصل بينهما بشكل كبير .
بشار عبد الرحمن “ مدرب “:
أعتقد أنه في موضوع البنوك التقليدية , والبنوك الإسلامية، ليس سوى شباك أو نافذة في بنك عادي, وهي لا تعدو أن تكون بيعا وشراء لا تختلف عن البنوك التقليدية إلا في تفاصيل وجزئيات بسيطة فقط , والعلماء إلى اليوم لم يحددوا لنا نظرية محددة اقتصادية تنطلق من رؤية إسلامية, بحيث نقول إن هذه نظرية إسلامية مستقلة جاء بها المسلمون وممارسة البنوك الإسلامية تعكس هذه النظرية. أضف إلى أن البنوك في حقيقتها هي جاءت لتقدم خدمات للمجتمع, وما تمارسه تلك البنوك خارج السياق تماماً سواء على مستوى الفرد أو المجتمع أو الدولة بالمفهوم الواسع, كما أن البنوك الإسلامية تضع 10 % نسبة البنك المركزي وتحصل على فوائد من ذلك المبلغ, وهناك التضخم والانكماش وهو ما يسمى بعملية التوازن النقدي للعملة, متى ما أريد من الناس أن تنهض أعمل تقليصا للاحتياطي, ما يساعد البنوك على إقراض المجتمع ونهضتهم , وغياب كامل للمشاريع الاقتصادية وإعطاء قروض ميسرة بدون فوائد , عندنا للاسف مرابحة , شراء سلعة والشخص يبيع السلعة , فيأخذها من البنك 130ألفا ويأخذها الشخص ليبيعها 90ألف ريال , كونه محتاجا لفلوس , ومن هنا أتفق مع الإخوة الذين أشاروا إلى غياب كامل وواضح للقيمة الأخلاقية في البنوك في التعامل مع الناس, كما أن البنوك اليوم من له علاقة يستطيع أن يحصل على ما يشاء ومن يفتقد إلى تلك العلاقة لا يستطيع أن يحصل على شيء , وهذا متواجد في البنوك الإسلامية. كذلك ينعكس هذا الغياب الأخلاقي مثلاً يأتي شخص كبير وتاجر يقدم له كل التسهيلات ولا تحتاج معاملاته بضعة دقائق، بينما يأتي شخص عادي وتوضع أمامه عراقيل ويحتاج إلى أيام, وهذه ليست مبالغة ربما أن البعض منكم يدرك ذلك وخاصة أولئك الذين قالوا إنهم يعملون في بنوك إسلامية, ومن هنا نطالب بأن يكون هناك نظرية إسلامية واضحة المعالم.
علاء سلطان السامعي: ,
حول النظرية الاقتصادية الإسلامية.. شخصياً أسست نظام الحوالات الخارجية في كاك بنك, ثم في كاك الإسلامي, نفس القنوات ونفس النظام دون أي اختلاف فكيف هذا إسلامي وهذا تقليدي والنظام واحد , ومن الطرائف أن أحد المدراء في بنك كاك الإسلامي طرح له نفس السؤال ما هو الفرق وما هي الخدمة التي تختلف عن كاك بنك , فقال المسألة هي أن الناس يثقون بأي مسمى إسلامي فكان كاك الإسلامي , بل سيكون هناك عملاء أكثر , وهذا ما كان بالضبط, والقضية هي حيلة من أولها إلى آخرها ,ولا أريد أن أقول إن البنوك في اليمن هي عبارة عن دكان, فمهمة البنك هي رفع والمساهمة بشكل فاعل في رفد اقتصاد الوطن، فأين المشاريع الإنتاجية والاستثمارات الكبيرة التي تقوم بها البنوك الإسلامية في اليمن؟
كما أن البنوك لها إسهام في الجانب الاقتصادي والزراعي فأين هي مشاريعها في هذا الجانب!؟
وحتى بنك سبأ عندما عمل تلك الشقق والمدن السكنية هي في الحقيقة للأغنياء فقط, تخيل شقة بخمسة عشر مليون ريال وتقسيط لمدة خمس سنوات, من يستطيع أن يدفع هذا التقسيط سوى الأغنياء وبالتالي لا مكان هنا لصغار الناس أمام هذه المشاريع!
وفي نقطة هامة لا يعرفها الكثير, مفادها أن هناك بنوكا ولا أقول إسلامية ولكن بنوك تأخذ ودائع من الناس وتذهب بها إلى البحرين لمدة شهر أو عام كامل ثم تأخذ أرباحها وتعود وهكذا، بل هناك بنوك تودع في البحرين أموالا وتأخذ أرباحها بالشهر وتوزعها هي نفسها هنا بالعام, والباقي يأخذها البنك، فأين النشاط الاستثماري!؟ وعن لماذا دولة البحرين تحديدا؛ لأنها تعتبر سوق الأموال المالية في الشرق الأوسط الشيء الثاني أن البحرين لا تستثمر في أسواقها, بل في الأسواق الخارجية الأمريكية والأوروبية, الشيء الثالث أن دولة البحرين لها ضمانات في كل بنوك العالم وبالتالي كل البنوك العربية والإسلامية تتعامل معها, وهي تأخذ نسبة بسيطة من الأرباح فقط , وغالبية تلك المشاريع تكون الأرباح 100 % كون المشاريع هناك تقوم على خبراء ودراسة دقيقة, وتأخذ البنوك نسبة كبيرة من هذه الأرباح لتوزعها بنسب لا تتعدى 20 % باسم البنك .!
وبتأمل بسيط نجد أن هذه الأموال المستثمرة أو المتاجر بها لا تخدم المصالح العربية بقدر ما تخدم المصالح الغربية التي تتواجد فيها حركة صحيحة لاقتصاد السوق , ومن هنا لا تمارس البنوك المحلية أي نشاط تجاري بمعنى تجاري داخل البلاد يعود هذا العمل لصالح البلد بالكامل , وما يجري على البنوك التقليدية يجري على البنوك الإسلامية.
كما أن هناك نقطة هامة أحب أن تطلعوا عليها وهي قضية الأرباح , فالبنك المركزي يفرض فرضاً على البنوك من خلال الودائع ومن خلال حركة ونشاط البنك أن تكون نسبة الأرباح محددة, وبالتالي سنجد أن الأرباح في كل البنوك اليمنية تكاد تكون متقاربة إلى حد كبير , كما أنها محددة مسبقاً، ومن هنا أين الإسلامية هنا والأرباح محددة؟! فنسبة الودائع يحددها البنك المركزي بحيث يحدد أقل سقف محدد للأرباح والبنوك بعد ذلك لها الحق في أن ترفع سقف الأرباح قليلا وهذه حكاية الأرباح المرتفعة في البنوك الإسلامية!
وهنا نضع سؤالا: أين الربح والخسارة إذا كان التعامل بهذه الصورة، وإذا كان البنك المركزي هو من يضع سقفا أدنى للأرباح!؟
أتمنى في نهاية هذه المداخلة أن يكون لنا نظرية تعكس أخلاقنا كمسلمين وتتسم بالعدل الذي يشمل التعامل وفقه المسلمين وغير المسلمين, هذه النظرية تقدم بديلا عن الرأسمالية وعن الاشتراكية وهذا ما نحتاجه بالضبط.
هناك قضية هامة, وهي أننا عندما نناقش وضع البنوك نناقش الجانب السيئ , وهذا الجانب لا يمارس في الغالب في اليمن ولا ينفع “ الإقراض “ البنوك لها مهام كبيرة وخاصة وبشكل أساسي مثلاً من مهامها مكافحة الجريمة والسرقة والفساد, وغسيل الأموال كيف يحصل ذلك؟
مثلاً أي أموال تخرج من البلد لا تمر إلا عبر البنوك أو الصرافين لهم حدود معينة قد تصل في بعض الأحيان إلى ثلاثة آلاف دولار فقط, وفوق هذا المبلغ يتم التحويل عن طريق بنك وهذا نظام عالمي.
مثلاً يأتي شخص يحول بمبلغ مليون دولار, هذا الشخص أول مرة تراه, فلا هو عميل عندي ولا تاجر, في هذا اللحظة الموظف مجبر أن يطلب من أين جاء بهذا المبلغ؟ إذا قال إنه تاجر عليه أن يبين أين هي أمواله وماذا يعمل والسجل التجاري ويأتي بالوثائق والأوراق التي تثبت ذلك هنا يسمح للموظف بتحويل ذلك المبلغ.
أما في حالة أن يكون شخص مثلاً يريد تحويل مبلغ خمسة ملايين دولار نقول له من أين؟ يرد عليك ليس لك دخل عليك أن تحول فقط , هنا على الموظف أن يمتنع تماماً وإلا يتحمل مسئولية كبيرة في حالة لم يتم التأكد من أين جاء هذا المبلغ , عند هذه اللحظة تبلغ الجهات المختصة لتقوم بالواجب , ومن هنا لا يستطيع شخص أن يخرج بالمبلغ عبر المطار ولا المنافذ البحرية أو البرية لأنه سوف يحاسب ويسأل عن مصدر هذه المبالغ, وفي هذا الحالة البنك يساهم مساهمة مباشرة في الحد من الجريمة, ولكن الفساد دخل البنوك عندنا في اليمن فإذا استطعت أن تربط علاقات تقدر على صرف وتحويل ما تشاء, من المفارقات أن شخصا جاء ليحول مبلغ 500مليون دولار عبر شبكة الأمن القومي, في أحد البنوك كل الموظفين ارتعبوا وخافوا من المبلغ, وهذه قصة مشهورة, والغريب أن بيت هائل سعيد لا يقدرون على تحويل مثل هذا المبلغ, وإذا تم تحويل الفلترة الأمريكية تقوم بالتحقيق, ولكن في النهاية, يوجد شيء اسمه “فلترات عالمية “ وهناك قائمة, كما أن هناك قائمة “ الإرهاب “ فيوجد هناك قائمة “ الأوفاك” الفلترة الأمريكية, والأوروبية الفلترة العربية, فعندما ترسل مثلاً اسم “أسامة “ عندك في الجهاز يطلع لك الاسم باللون الأحمر , ما يعني أنه محظور, فأي أناس لهم علاقات بالجريمة أو بالقاعدة لا تستطيع أن تحول لهم بأي مبلغ, وهناك يمنيون كثر يحظر التعامل معهم أو تحويل أي مبلغ لهم, والقوائم هذه تحدث أسبوعياً وأنت ملزم بمتابعة كل تحديث لهذا القوائم.
مجيب الحميدي:
في البداية سوف أنطلق من الاتجاه الحنبلي, وهي الطريقة التي تقتضي إلجام العوام عن علم الكلام “يضحك ويضحك كل المشاركين في الندوة “ وقناعتي أن نلتزم بالفقه الشائع حتى يتكون بديل بفعل مؤسسة لها نظرية, ولكي يتسق الوعي من الأفضل أن يتجه الوعي إلى الفقه الأغلب عن الفقهاء حتى يتم تأسيس نظرية خاصة بنا, ولا يمنع أن تقام دراسات نقدية في مراكز متخصصة, بحيث يتم تنضيج نظرية لذلك, وأنا شخصياً عندما يكون لي سؤال في موضوع الربا أبحث له عن إجابة بين الكتب أخرج بحصيلة عشرة أسئلة ولم احصل على الإجابة للسؤال الذي دخلت به, وأنا أرى أن هناك صعوبة بالغة في هذا الموضوع, ونحتاج إلى مقارنة النصوص بالمقاصد ونعقد مقارنة شاملة, وأجد أن هناك صعوبة كذلك, وهنا بسبب أن البنوك لم تأت لحاجة في المجتمع المحلي, وهي جاءت في إطار عولمة السوق لتخدم الشركات الكبرى في أوروبا وأمريكا ما يسمى بالشركات العملاقة.
حتى فلسفة المدن وجدت وفق فلسفة رأس مالية, فستجد أن التمنية لا تشمل كل أنحاء البلاد, فهي تقوم على أن يكون هناك مركز مثلاً لمدينة تعز وآخر لصنعاء ومركز للوطن العربية, ومركز يربط بالولايات المتحدة وهكذا, وبالتالي أنا أفضل النقد الماركسي وأن يؤخذ بعين الاعتبار؛ كونه النقد الوحيد الذي استطاع أن يتحدى النظام الرأسمالي ودخل معها في حرب ما يسمى بالحرب الباردة وبشكل قوي, وإن كان قد فشل فلا يعني فشل النظرية بقدر ما كان جنوحا نحو المثالية, وبالتالي الفشل الذي منيت به الدول الاشتراكية لم يكن بسبب أنه شر محض, وإنما بسبب الجنوح الكبير نحو المثالية, لم تطبق على أرض الواقع, وبالتالي الدراسات الجديدة التي تقوم في الدول الاشتراكية حيث بدأت تعمل تشذيب للنظرية بحيث تتواءم مع الواقع وتتلاشى الانتكاسات التي تعرضت لها في السابق وهي المرحلة المثالية الكبيرة!
فهي حاولت أن تعمل خطة شاملة للعدالة, وفي الحقيقة العدالة هي مبدأ لا تقوى على أن تعمل خطة صارمة تنزل على كل الناس وهذا ما وقعت به الاشتراكية أو هذه نقطة من المثالية التي وقعت فيها, ومن هنا تهزم مثل هذه النزعة المثالية سواء من حيث المنطق أو النزعة البشرية أو الواقع بشكل عام.
ومن هنا فإن التعاملات البنكية كما أشار الأخ علاء لم تأت لاحتياجات حقيقية والسبب أننا لم نلب احتياجاتنا بأنفسنا, ومن هنا وضعت مثل هذا المعاملات تجار مرتبطون بتجارة عالمية لكي يسوقوا لهذه الشركات , ويتم القضاء على المنتج المحلي.
أما فكرة “ كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم “ فلوا نظرنا لها نظرة مقاصدية , بقاء الأموال في خزائن المنزلية للناس شيء لا معنى له , فوجودها في البنك أو السوق يعود بفوائد للصالح العام والتنمية ويصب في مصلحة البلد , أما التكدس في الخزانات تؤثر أو لن يكون له عائد على مسألة التمنية في البلد.
فهمي الفهد:
النقطة الأولى وهي عندما تحدث الأخ عبد الله القيسي عن مفهوم الربا في القرآن الكريم والذي يعرف الربا كما كان في الجاهلية, وحتى الآية القرآنية في سورة البقرة تقرنه مع البيع , فيقول الله “وأحل الله البيع وحرم الربا “ وتحذر بشدة من يتعامل بالربا حيث يقول “ فأذنوا بحرب من الله “ ومن هنا سنجد بعد آية “ لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة “ تأتي الآية التي بعدها “ وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة “ وهو ما يصطلح عليه الفقهاء “ حكم المفلس” وهنا حكم فقهي من أن المفلس لا يجوز أن تستعبده أو تضيق عليه , والعجيب أن بعدها جاء يعني الآية “ وأن تصدقوا خير لكم “ ثم تأتي بعد ذلك آية الدين التي تعد أطول آية في القرآن الكريم , ومن هنا نجد أن هذا الترابط بين الآيات كونه مرتبطا بالاستغلال للحاجة , ولو عدنا إلى موضوع البنوك فإن الأصل أنها مؤسسات اقتصادية تجمع المال من الناس للاستفادة في الصالح العام, وهذا الاستغلال السيئ للبنوك يشبه استغلال الفن فهو رسالة, ونجده اليوم يشتغل بصورة اقتصادية بيع وشراء وتدفع أكثر نعطيك أكثر , والمفترض أن تقوى هذا المؤسسات وتدرس وتنقد وتقدم لها الدراسات , ومع أن البنوك لها فوائد على الصالح العام فإنها كما أشار الإخوة أصبحت بملك الأغنياء وتشارك في طحن الفقراء.
من العجيب أن الاقتصاد الإسلامي ينافي الاستغلال البشع الذي تعكسه النظرية الرأسمالية والأعجب أن تجد البنوك تمارس ذلك الاستغلال بل لا تجد حرجا في التعامل بتلك الطريقة الرأسمالية البشعة.
عبد الله الصنعاني:
هناك مقولة رائعة مفادها “ كل حيلة حرام “ وأستطيع أن أقول إن هناك أزمة وعي مقاصدية, ومشكلة الربا تعد واحدة من عشرات المشكلات, نحن بحاجة اليوم إلى تغذية المجتمع بأخلاق إسلامية بحيث تنعكس على كل سلوكيات المجتمع , وهنا من وجهة نظرية حول ما طرحه الأخوة هي أزمة أخلاق والإشكال في التنظير والتأصيل الشرعي يظل جامدا وجزئيا, والغريب أن هذا التنظير والتأصيل في البنوك الإسلامية تناول كل شيء وغفل عن القضية الحقيقية وهي الاستغلال أصل التحريم في التعامل بالربا, وأفضل من أن أصل لمفهوم الاستغلال وشن عليه حملات شرسة هو ماركس, والأغرب اليوم أن الفقه تحول إلى فقه رأسمالي, وحتى ماركس في كتابه رأس المال, فإنه استفاد من كتاب الخراج لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة, وهذه رسالة ماجستير لطالب من البحرين تؤكد ذلك, والفكر الإسلامي لا يحمي الطبقة البرجوازية كما تفعل الرأسمالية بل يتولى يعني الإسلام بحماية “ البرولتوريا “ الطبقة الفقيرة , وهذا عكس ما تقوم به البنوك أو حتى الثقافة المنتشرة والتي لا تحمي إلا الأقوياء , والقضية أن البنوك ورؤساء المال الكبار فيه يتعاملون مع الصغار والفقراء على أنها زبائن معهم ومستهلكون, وهنا من الصعوبة علينا أن نطالبهم بأن يقوموا بحمايتنا , وهذا الحال يشبه من يطالب الأسد بأن يتولى حماية الأرنب والغزال.
أما بالنسبة للاقتصاد الإسلامي فهذا أمر غريب, الاقتصاد علم وأسلمة الاقتصاد شيء غريب وهذا نابع من ثقافة وليس من مسمى حقيقي, وبدل أن نهتم بالمسميات الإسلامية علينا أن نهتم بالجانب الأخلاقي في الموضوع, وأعتقد أن أزمة الفقه السلفي والطرح السلفي هي التي ولدت هذه التسميات وهي أسلمة الحياة من حولنا.
الدكتور محمد الحميدي أستاذ في القانون الجنائي:
في البداية أجد أن المجالس الفكرية لها فوائد كبيرة, سواء على التناول الفكري, وقضية اليوم البنوك الإسلامية جديرة بالنقاش, لأنه الربا مرتبط بالبنوك والبنوك مرتبطة بالاقتصاد والاقتصاد مرتبط بالسياسة, والاقتصاد والسياسة سمة عالمية وإقليمية ومحلية لا تستغني عنها , وقد سمعنا عن مشكلة الإجازة الأسبوعية وتحويلها من الخميس إلى السبت , وهي لاعتبارات اقتصادية والارتباط بالبنوك العالمية.
وفي الموضوع الذي يدور حوله النقاش وقد أشار له الأخ عبد الله في البداية, وعندما يسمع بنوك إسلامية وبنوك ربوية ويتذكر الصورة الأولى للربا التي على ضوئها نزل تحريم الربا, وهي تجسد صورة شخص فقير معوز وشخص غني مستغل لفقر ذلك الرجل وقد تصل الفائدة وعدم القدرة على تسديدها إلى استعباد الشخص, وعندما نتأمل في التطبيقات اليوم نجد أن هناك لبسا فلم تعد تلك الصورة كما كانت في الجاهلية.
فنحن اليوم يوجد لدينا بنوك رسمية وبنوك إسلامية وهنا نضع سؤال هل البنوك التي تسمى ربوية تقوم بعمل هو محرم قطعاً؟ وهل البنوك الإسلامية وما تقوم به من عمل يعد حلالا 100 % .؟
أعتقد أن هناك لبسا وتداخلا وهناك أشياء مشتركة وأشياء مختلفة, وسنجد أن كتاب الميثاق الوطني في الثمانينيات لهم شروح في كل شيء السياسية والاقتصاد وهم يتحرون الدقة , غير أنهم في مجتمع يؤمن بحكم عام بأن هذا ربا , فتم تسميتها شبه الربا , من أجل التحرز . ونحن اليوم وقعنا بين مهاجم للبنوك الرسمية وبين مهاجمين للبنوك الإسلامية والمواطن البسيط يقع في حيرة من أمرة , أين الصحيح ومن على الصواب، وأين الحق من الباطل ؟
وهنا فإن كل البنوك فيها جوانب مشروعة وجوانب غير مشروعة وما يجري على البنوك الرسمية يجري على البنوك الإسلامية , فمثلاً الاستغلال يعد بشعا سواء كان في البنك التقليدي أو الإسلامي . والمفترض أن تحرم وتجرم ويدخل تحت الجرائم الاقتصادية وقانون العقوبات على المسائل الاقتصادية , وأنا أؤكد أن هناك لبساوالفروق مثلاً تعود إلى التسمية , وأتمنى أن نحاصر ونجرم الاستغلال أينما كان.
النقطة الثانية وهي التحديد المسبق للربح , فمثلاً البنوك الإسلامية لا تضمن ولا تحدد الربح وهنا من أجل أن تؤكد أنها تعاملاتها شرعية وإسلامية , وحقيقة الأمر كما أشار الأخ علاء أنها محددة مسبقاً من البنك المركزي.
أقول اليوم الدراسة الفكرية اليوم بشكل عام جيدة والدراسة للمتخصصين بشكل أعمق كذلك جيد والحرام اليوم نريد أن نعرفه بحيث نتناول تلك الصورة القديمة التي نزل على ضوئها الوعيد من الربا والاستغلال, ونريد أن نتناول الاستغلال الذي يمارس سواء من قبل البنوك أو أي تعاملات اقتصادية أخرى بحيث نعرفه بصورته اليوم .!
نادر العريقي:
هناك دراسة لعبدالله دراز فقد عمل مشابهة بين تحريم الخمر وتحريم الربا , فكما أن تحريم الخمر مر بأربع مراحل فقد حاول أن يتناول موضوع الربا على أربع مراحل , من النهي عن التعامل بالربا إلى التفريق بين الربا والزكاة , ثم التحريم عن أضعاف مضاعفة ثم أخيراً “ لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون” والشيخ القرضاوي رجح هذه الدراسة كونها قدمت في مؤتمر دولي , مع أن القراءة العلمانية كانت تعرف الربا بأنه “أضعاف مضاعفة “
الناس العاديون ينظرون إلى أن هناك فارقا ,وهي لا تخرج عن كونه نوعا من الاحتيال على أخذ نسبه أكبر من الربح ,والقرضاوي له كتاب بيع المرابحة , وفي سياقه رد على الذين يرفضون بيع المرابحة ,والغريب أنه قال أن هناك كثيرا من القضايا هي شكلية , فالفرق بين الزنا والزواج شيء شكلي وهو العقد المكتوب ومثله الربا , وهنا دائماً نقول إن باب المعاملات مبني على المقاصد فأين المقاصد هنا؟
كما أن هناك فتوى عجيبة للزرقا في كتابه الفتاوى, حيث جاء سؤال أننا نقدم قرضا ونفرض عليه فوائد , كون لدينا بنك ورواتب وإيجارات وأعمال ووو. .. الخ . فقال لا بأس بالفوائد البسيطة إذا كانت ستغطي التكاليف والرواتب وهنا نجده أنه نظر إلى مقصد وعله.
أعتقد أن المشكلة وقعت حينما تحولت الحركة الإسلامية “ الإخوان المسلمين “ حينما تحولت من الفكر إلى العمل الحركي , وخاصة أن مؤسس الجماعة حسن البنا حاول أن يجمع كل الفرقاء ولذلك لم يتبن فقها معينا وحاول أن يبتعد بالجماعة عن الخوض في مثل هذه الأمور وخاصة في بداية البناء أو التأسيس حتى لا تتفرق الجماعة , والفكر التجديد هنا بقي معزول , وخاض في هذه القضايا بعد أن وجد الساحة فارغة هو الفكر السلفي وناقش هذه القضايا ومثلوا البوابة الوحيدة للحديث عن هذه القضايا الهامة في حياة الناس في جانب المعاملات , وبالتالي الذي حصل أن الذي جاء بعدهم لم يعد أمامه سوى القراءة لما هو موجود فقط .
وأعتقد أن فكر التجديد الذي أنطلق مع الإمام محمد عبده والذي كان له حديث وآراء حول التأمين وبطاقة البريد والتي فيها بعض الفوائد , وقال لا بأس , وقال أنها من مصلحة الفقير , كما أن حسن البنا نفسه هو أمتداد لهذه المدرسة التجديدية , وهنا نقول أن حسن البنا شغل الناس بالدعوة والحركة ومكافحة الاستعمار عن الدخول في مثل هذه القضايا على أهميتها طبعاً , وفي مقولة لعمر بن الخطاب يقول “ مات رسول الله ولم يدع لنا في الربا قولاً شافيها “ والسؤال يعني أن هناك حيرة حقيقية في موضوع الربا وقضايا لم تحسم , وابن كثير يقول “تسعة عشر من الربا ما زال من المشتبهات “ وهنا ليست مسألة محسومة بالتحريم, وهي “بعسسة فقهية “.
القضية الأهم هي أن أغلب أحاديث المعاملات غير صحيحة , وهذا كلام خطير ، بحيث إننا لو قمنا بعمل مراجعة , فإننا سوف نخرج نتائج كثيرة ليس أقلها أن الكثير غير متفق على صحته , ومنها ما هو غير صحيح أصلاً , ثم أن المعاملات التي تسمى إسلامية من سماها معاملات إسلامية , والصحيح أن كل المعاملات كانت جاهلية والإسلام جاء ليلغي المعاملات التي فيها ظلم للناس وأبقى المعاملات الأخرى التي تخلو من الظلم, وفيها تيسير لأمور الناس, ومن هنا كيف حكم عليها البعض بأنها معاملات إسلامية, وهي في حقيقة الأمر معاملات عادية, فلا يوجد فقه معاملات خال من القصور ولا يمكن أن نقول أنها معاملات إسلامية , وهنا يضع السؤال الكبير هل لنا نظرية إسلامية .؟
يمكن للمسلمين مثلاً أن يتبنوا أي نظرية ويضعوا لها محددات , وتحاط بشيء من القيم مثل منع الاحتكار – الظلم – لا استغلال – لا خداع -....الخ .
أما القول بأن هناك نظرية إسلامية , فأين هذه النظرية وأين مكان التعامل فيها .؟
على الشريف:
فيما يخص الاقتصاد الإسلامي , يوجد كهنوت في الاقتصاد , كما يوجد كهنوت مرتبط بالسياسة , بنك إسلامي .! ما جدوى أن يكون بنك إسلامي وسط صنعاء , إلا استغلال التدين على طريقة الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل , وأقول بنك إسلامي ومستشفى إسلامي وعمارة لا إله إلا الله , ولا يمنع أن هذه العمارة تحصد أرواح المدنيين, والفقيه عندنا في حالة غيبوبة أو اغتراب يجتر التاريخ ,مثل المعلبات , يقرأ في بطون الكتب وينزل هكذا للناس مباشرة وكأنه دين منزل والاعتراض على هذا الفعل يعد اعتراضا على الدين نفسه .!
الكمية الكبيرة من التركة للفكر الإسلامي هو نتاج تفاعل واقتباس بين العقل الإسلامي والنص المقدس والحضارات المجاورة أو التي تفاعل معها , ونستطيع أن نقول أنه تفاعل بين العقل والنقل والنص , وهي عملية مستمرة لم تكن خاص بفترة دون أخرى , وهي عملية تراكمية تنقلك إلى بئيه تراكم معرفي وثقافي وفكري , وبالتالي لا تستطيع أن تشكل نظرية متكاملة من خلال هذا التراث خاصة بالاقتصاد الإسلامي , وهذه البنوك هي لا معنى لها فلا تصب في الصالح الإسلامي ولا تقدم رؤية باسم الإسلام بل جاءت لزيادة الهواة بين الأغنياء والفقراء وواقعها يؤكد ذلك ولا ينفيه.
عصام القيسي:
على هامش الندوة الرائعة, الملاحظ أن العلوم العربية وهي علوم التراث كلها, وحتى العلوم الحديثة مثل علم الاقتصاد, كانت ردود أفعال لمواقف الغير “ الآخر “ ولم تكن استجابة لظروف طبيعية , فمثلاً النحو لو كان استجابة لظروف طبيعية سوف يكون نحو مختلف عن هذا النحو الذي بين أيدينا!
ولكنه كان عبارة عن استجابة لرد فعل للأعاجم الذين لا يحسنون نطق العربية , أو الصوت العربي , فجاء يقوم اللسان الأعجمي ولا يقعد من العلم نفسه , ولذلك ما زلنا نعاني من أثر ذلك الخطأ الاستراتيجي في بناء علم النحو حتى اليوم , ولما جاء العلماء المعاصرون الكبار ليطرحوا موضوع النحو اليوم قالوا لا بد من حذف نصف النحو على الأقل الموجود اليوم . !
يوجد فصل عنصري بين علوم العربية كلها , بين النحو وعلم البلاغة وعلم المعجم ووو.. الخ , ثم أنا عندنا علوم معدومة عندنا تماماً , مثل علم المعجم الذي ينعدم تماماً , مثل علم المعجم وعلم المعاني وعلم النحو.
في موضوع الاقتصاد, فكرة الاقتصاد الإسلامي ليست استجابة للنظرية الاقتصادية الموجودة اليوم, ينبغي أن تكون استجابة طبيعية للظروف العالمية الإسلامية الموجودة , وفي هذه الحالة الابتكار أمر مطروح , بحيث نقول هل هناك فكرة البنوك صالحة للعمل الاقتصادي .!
لماذا لا نفكر بابتكار دورة دموية جديدة في العمل الاقتصادي , فكرة دموية للاقتصاد بشكل عام والبنك يدخل تحت هذه الدورة الدموية , والابتكار يفترض أن يكون واحدة من الهموم في الطرح الإسلامي إذا صح أن نسمي ذلك في مجال الاقتصاد.
وهنا ما ذكره الأخ نادر العريقي ,حول المبادئ والقيم الحافة للسلوك الإسلامي في أي مجال .
الأشكولة الثانية: وهي ظريفة جداً , فأنا قلت في الندوة السابقة أني ضد وظيفة المفتي تماماً , فهي وظيفة خاطئة من الأساس , وموضوع الاقتصاد يفضح المفتي تماماً , بل هذه المسالة بالتحديد تفضحه , فكي تكون مفتي عليك أن تستوعب مسائل الاقتصاد في كل مناحيه وجوانبه أضف إلى استيعاب كل مسائل الإسلام في هذا الموضوع ..! ومن أين له ذلك .!
ربما يحتاج صاحبنا المفتي أن يقضي كل حياته في الاقتصاد حتى يفهم الاقتصاد , وهنا مسالة المفتي يسقط بالضربة القاضية في هذه الزاوية تحديداً .
وهنا ليس إلا تغيب وظيفة المفتي تماماً , وهذا التغيب له معنى دقيق يفهمه اليمنيين وهو “ البعسسة في التفاصيل “ وهنا ندرك أن ما سكته عنه النص فهو من المساحة التي يعلب فيها الإنسان كما يشاء , فلا أثم عليه , وهنا نقول لماذا عندما يسكت النص ينطق الفقيه .!!
تحت أي حق ينطق بعد أن سكت النص .؟ من الذي فوضه بعد أن سكت الوحي , لكن إذا قلت أن علينا أن نستنبط نظريات عامة على ضوء الأصول والقواعد الإسلامية فلا بأس وهذا كلام معقول , فالإسلام ليس هذا الشكل المتخشب , وفي النهاية يهمه مقاصد معينه , ويهمه علل معينه , وهنا نبني على ضوء مقاصده وعلله بحسب النظرية التي لم يتفق عليها , وهنا هل نبهي على ضوء العلل أم على ضوء المقاصد , أولاً نتفق على طريقة الاستنباط والاستخراج من داخل النصوص الدينية , وبعدين نتأمل في مناهجنا .!
وهنا سوف تختفي وظيفة المفتي عندما يشعر المسلم نفسه أن الإسلام بعمومياته يأبي الاستغلال والظلم , وهنا سوف تحدثه نفسه ليعرف هل هذه المعاملة فيها استغلال أم ظلم أم غش وغيره وهنا سوف يتجنبها مباشرة . وإذا رفض الاجتناب لها فهو يقترف الإثم الطبيعي , وفي النهاية لا نحتاج إلى فقيه كل ساعة نتصل له للفتوى حول موضوع نكتشف بأنه أجهل من الجهل .!
عبد القوي حسان:
شكل هذه البنوك يدغدغ عواطف الناس, وعندما بدأ الناس يعوا , بدأ الإسلاميون يقعدون لعملهم هذا , وهنا مسالة المرابحة في البنوك الإسلامية هي جاءت من حديث “ نهى رسول الله عن بيعتين في بيعة “ عندك سيارة تريد أن تبيعها وأنا بحاجة إلى سيارة نتفق معك على كل شيء , ثم أذهب إلى البنك يأتي ليشتري السيارة منك ويبيعها لي ويأخذ نسبه جراء هذا الشراء , هنا قالوا إنها بيعتان في بيعة واحدة , وهنا جاء طرف آخر حرم العملية بحكم أن الحديث ضعيف , وهنا استغربت من الشيخ القرضاوي كيف عاد ليبرر حين قال إن البنك أمر بالشراء وليس مشتريا , وهذا الكلام الغرض منه أن تبقى بيعة واحدة وليس بيعتين .!
وهنا شيء مضحك في مثل هذه التفاصيل. والنقطة الثانية في عملية تأسيس البنوك هنا في اليمن, طبعاً كان هناك البنك الإسلامي كونه أول بنك إسلامي في اليمن وكان كل التجار الكبار يتعاملون معه , واتفقوا على هذه اللافتة وهي بنك إسلامي , والذي حصل في الأخير أن جزءا من هؤلاء ذهبوا وأسسوا بنكا خاصا تحت مسمى إسلامي خاص بهم , فقابلهم فريق ثان اشتط غضباً من هذا التصرف فخرج من تحت البنك الإسلامي وذهب ليؤسس له بنكا تحت مسمى إسلامي آخر , والمضحك أن أصحاب فكرة البنك الأخير انقسموا نصفين فخرج النصف الثاني وقال لن أبقى مرتهن لكم وخرج ليؤسس بنكا خاصا بهم تحت مسمى إسلامي .!!
وهنا عندنا ثلاثة إلى أربعة بنوك إسلامية لم تكن حاجة الناس تقتضي إنشاءها بقدر ما كانت صراح مصالح بين الشركاء الكبار في البنك الإسلامي , وهذا باختصار هو الاقتصاد الإسلامي .!
وفي القضية الأخرى مثل ما قال عبد الإله بلقزيز حين قال “ نحن بحاجة إلى فكر يجمع الفكر الإسلامي مع الفكر القومي مع الفكر الماركسي الذي قدم نظرية اقتصادية إنسانية “ وهذا كلام عبد الإلة بلقزيز .
محسن الأغبري:
المشكلة التي نناقشها اليوم هي جزء من مشكلة فكرية, فلا ينبغي أن نبتعد عن المشاكل في الفكر الإسلامي بشكل عام, وأحد تجلياتها مفهوم الربا , ولما نأتي نؤسس لفكر سليم سوف تكون التبعات لتأسيس هذا الفكر السليم هو إنشاء معاملات اقتصادية سليمة , تلبي حاجة الناس بالكامل وتغلب حاجة الفرد الغني والفقير في وقت واحد , لكن عندما تكون هناك مشكلات فكرية لم تحسم بعد ولم يتم الاتفاق عليها مثل مثلاً مصطلح الربا , مثلاً الفائدة كيف نعرفها ومتى تكون حراما ومتى تكون حلال من خلال دراسات قرآنيه , عندنا ذلك سوف ينشأ لنا ما هي القضايا التي نحتاجها من القضايا التي لا نحتاجها , بالغرب عندما أوجدوا هذه البنوك كانت وليدة حاجة لديهم , بخلاف ما حصل عندنا , كان هناك عندهم في الغرب أوراق مالية تذهب وتأتي والبنك عمل على تقنين التعامل مع هذه الأوراق تحت إشراف السلطات هناك , وبالتالي عمل على تسهيل العملية الاقتصادية , وهنا هل وصلنا إلى مرحلة مقاطعة البنوك الغربية وتأسيس بنوك إسلامية بديلة لها رؤية إسلامية مختلفة تماماً وتعكس نظرية إسلامية .؟!
فيكون لنا بنك دولي إسلامي يعمل كبديل للبنك الدولي، فيكون لنا قواعد خاصة بنا تختلف عن التعامل مع البنوك الأخرى , من كلام الإخوة , يتضح لنا بجلاء أن البنوك الإسلامية هي نفس البنوك التقليدية مع اختلاف طفيف في الديكور ليس أكثر والمسميات وحتى الفارق في المعاملة لا تخرج عن كونه حيله تتفق في المحصلة الكبرى مع ما يمارسه البنك التقليدي.
فهد سلطان:
بعض الإخوة طرح سؤالا عن جدوى مثل هذه الندوات في مثل هذا المرحلة, ونحن نقول إن هناك قضايا كثيرة في الفكر الإسلامي من كثرة ممارسة الإرهاب الفكري عليها وإنها قضايا مجمع عليها ولا يجوز نقضها وما نقوم به اليوم في هذه الندوة هو توضيح رأي آخر عيب كثيراً أو مورس عليه نوع من الإرهاب من أجل إسكاته, كما أن الانشغال بقضايا كبرى لا يعني أن نتناول قضايا أخرى تصب في المحصلة النهائية في الصالح العام الذي يخدم الجميع.
النقطة الثانية, وهي غريبة وعجيبة أن نعرف بوضوح لا يترك مجالا للشك أن الإسلام جاء يستهدف وينتصر للفقراء وجاء يرسي قيم العدالة والحرية والمساواة الغرض منه إعادة التوازن داخل المجتمع , فنجد البنوك الإسلامية اليوم تعمل عكس الإسلام تماماً وهذا ليس افتراء فقد تكلم الإخوة بكلام أكثر من الذي كان عندنا وعرفنا حقائق أكثر. النقطة الثالثة, أن بناء المجتمع في أي حضارة مرهون بازدهار وتوسع الطبقة المتوسطة وهذا عين ما أدركته الدول الأوروبية بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية, فعملت على توسيع هذا الطبقة كونها الطبقة الطموحة وهي التي يرتكز عليها محور التنمية والنهضة في البلد كون الطبقة الصغرى والطبقة العلينا لا تقيم حضارة ولا ينتظر منها ذلك كونها تفتقد افتقادا كاملا لبناء النهضة, وبتأمل بسيط اليوم للمشاريع الإسلامية في الوطن العربي وفي اليمن بوجه خاص من جامعات خاصة وجمعيات وبنوك ومستشفيات وأشياء أخرى ستجد أنها تكرس التملك في يد أشخاص محددين فالإسلام يستهدف الفقراء ومشاريعنا الإسلامية تستهدف الأغنياء, في البنوك.. الفقير لا يجد ضامنا لفتح عمل تجاري بسيط يكفل له حياة كريمة والغني أمامه.
بمعنى أنها لا تستهدف الطبقة الوسطى وتعمل على توسيعها بقدر ما عززت مبدأ الاستغلال وتقوية الطبقة العليا وتوسيعها وبالتالي لا يمكن أن تقيم نهضة وهذا هو الغريب في أن تسمى معاملاتها إسلامية.
فعمر بن الخطاب كان يكافح أن تتكدس الأموال لدى فئة من الناس ومشاريعها الإسلامية اليوم تكدسها بنظام دقيق في يد الأغنياء وتحارب وتكافح الفقراء بأسلوب لا يفهم منه إلا أنها تعمل ضد الدين صراحة, فالقرآن يقول الاتجاه شرقاً وهي تقول الاتجاه غرباً وهكذا .
النقطة الأخيرة، وهي عندي من المضحكات في مسألة الربا أن تجد فقيها يشبعك تنظيرا حول الفائدة والفوائد وعنده تفاصيل ولن تجد جملة أو كلمة حول الاستغلال, فما فيه نفع أو فائدة للناس هذه عنده علينا أن نكافح تلك الفائدة لماذا لأن حديثا يقول ذلك. أما مقصد أساسي حاربه الإسلام وهو الاستغلال فصاحبنا لا يعرف منه شيئا بل إن صاحبنا الفقيه بعمله هذا يمارس الاستغلال بأبشع صوره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.