عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    عبدالملك الحوثي يكلف هذا القيادي بملاحقة قيادات حزب المؤتمر بصنعاء ومداهمة مقراتهم وما فعله الأخير كان صادما!    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    الكشف عن ترتيبات أمريكية مؤلمة للحكومة الشرعية وقاسية على القضية الجنوبية    محمد علي الحوثي: "غادري يا ميسون فهو الأفضل لش".. بمن يتغزل "الطبل"؟    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    نجل قيادي حوثي يعتدي على مواطن في إب ويحاول ابتزازه    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    تطور مفاجئ.. فريق سعودي يقدم عرضا ضخما لضم مبابي    مليشيا الحوثي تواصل اختطاف خبيرين تربويين والحكومة تندد    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ما معنى الانفصال:    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشهيد إسماعيل صالح المعمري
نشر في الجمهورية يوم 18 - 03 - 2012

أول شهيد سقط إثر إصابة قناصة في مؤخرة الجمجمة يوم الجمعة الموافق 18/3/2011م في الهجوم الوحشي الذي خلف أكثر من 46 شهيداً و 200 جريح..
وكان له الحظ والنصيب في الشهادة .. ربي يرحمه ويرحم جميع الشهداء ويجعل مثواهم الفردوس الأعلى.
ولد وترعرع في قريته (بني سعيد) سيران الغربي الأهنوم مديرية شهارة محافظة عمران الشامخة، يبلغ من العمر 20 سنة..درس حتى الصف الثاني الثانوي ، ثم التحق ب«الأمن المركزي» في محافظة صعدة بالتحديد المزراق.
رثاء
أبكي...وهل يشفي البكاء غليلا وقد انتوى عنا الحبيب رحيلا
أبكي...وليس من البكاء بد وإن كان المصاب على القلوب جليلا
أبكي …على غصن نما في روضة للحق أذبله المنون ذبولا
أبكي...على نجم أنار ضياؤه دهرا وأسرع للمغيب أفولا
أبكي …فتى فوق الثريا نفسه يلقى الممات ولايعيش ذليلا
أبكي...فتى صلباً تكاد تخاله عمرا يخيف ولا يخاف قبيلا
أبكي...فتى إن ثار للحق انتضى عزماً يفل الصارم المسلولا
أبكي... فتى كان الجميع يعده رجلاً وإن كان الرجال قليلا
صعب علينا أن نرى بدراً هوى ونرى التراب على سناه مهيلا
صعب بأن نجد الذي حمل الهدى أمسى على أعناقنا محمولا
صعب علينا أن يباعد بيننا هذا التراب فلا نراه طويلا
يا من ضربت لنا المثال مضحياً وأريتنا صور الجهاد الأولى
فحييت في ظل العقيدة ثابتاً وأبيت إلا أن تموت أصيلا
قد كان آخر ما نطقت بذكره «الله أكبر» رتلت ترتيلا
ألقوك في ظلم السجون وظلمها فأضأت في ظلماتها قنديلا
وصبرت صبر الأنبياء كأنما تلقى ثباتك من يدي جبريلا
يا مؤمناً كانت حياتك قدوة ستظل روحك في الطريق دليلا
نم يازكي الدين إنك خالدٌ ماكان ذكرك يا أخي ليزولا
نم ياشهيد الحق مسروراً فقد كان المنام عليك قبل ثقيلا
وأنعم بلقياك الرسول محمدا وبوجه ربك راضياً مقبولا
وإذا لقيت أمامك البنا فلا تنسى السلام عليه والتقبيلا
أبلغه أن جنوده بعرينه لن يتركوه وإن لقوا عزريلا
الشهيد عادل حسين موسى الحميقاني
ليس سوى العطر والمصحف والسواك والقلم وبروشرات ثورية، وشيء من نقود، كانت معه أثناء استشهاده، لا تزال زوجة الشهيد تحتفظ به في متحف شقتهم الرائعة في حي القادسية بصنعاء، والكثير من الحب والحزن معاً..
من مديرية الزاهر بمحافظة البيضاء، وتحديداً قرية الغيلمة عزلة الناصفة, جاء عادل حسين موسى الحميقاني في العام 1971م، وفيها تلقى تعليمه الإبتدائي وحصل على الثانوية عام 1990م.. ليلتحق بقطاع التعليم في مكتب التربية بأمانة العاصمة1991م..
وفي وقت متأخر من الشوق، حصل عادل على البكالوريوس في إدارة الأعمال من كلية التجارة بجامعة صنعاء عام 2007م، وغادر الحياة وهو لايزال في سلك التربية والتعليم، مدرساً في مدرسة حكومية ومديراً لحسابات إحدى مدرستين أهليتين يمتلك الشهيد عادل الحميقاني جزءاً من أسهمهما..
على درجة كبيرة من الخلق، وكرم النفس وحب الخير ونبذ التعصب، كان الحميقاني الشهيد يمتاز بقدرته الفائقة على الجمع بين المرح والهدوء، والتحمس للتغيير، بالإضافة إلى كونه صاحب علاقات اجتماعية واسعة.
شوقه إلى دولة المؤسسات، والحكم الرشيد دفعه منذ البدء للالتحاق بساحة التغيير،إذ كان من أول المبادرين إلى الاعتصام, يذهب صباحاً إلى الساحة ويعود مساء إلى بيته..
الخميس 17 مارس 2011م قام هو وزوجته بتوزيع مواد غذائية على المعتصمين بقيمة عشرين ألف ريال،إذ كان بين الفينة والأخرى يحمل معه مايزود به الشباب من مال أو طعام..
الجمعة 18 مارس ودع زوجته وداعاً حاراً، ثم خرج من بيته صبيحة ذلك اليوم، لكنه سرعان ماعاد بسيارته إلى بيته، ليدخل مع زوجته فيما يشبه الوداع الأخير، واللحظة التي لا تعود..
انطلق بعدها إلى الساحة برفقة أحد أصدقائه, ودخلا في حوار ثوري، استنكر فيه عادل بقاء اليمن على سالف عهدها واستسلامها لوضعها..ثم صلى وصديقه جنباً إلى جنب أمام بنك الإنشاء والتعمير..بعد أداء صلاة الجمعة افترقا، ولكن إلى الأبد..
اخترقت رصاصة الغدر قلب عادل المتعطش للحرية، ولاتزال زوجته الشابة الثائرة التي تزوجها قبل تسع سنوات، ترابط منذ استشهاده في ساحة التغيير، تحضر المسيرات والجمع والفعاليات والبازارات، وتتبرع بالغالي والنفيس لصالح الثورة..
تجلس هناك في المقعد المواجه لغيابه، حيث جلس يوماً مقابلاً لدهشتها،وثمة مقعد للذاكرة، مازال شاغراً بعده، وتمر عليها لحظات لم تعد تنتظر منه شيئاً؛ وإذا به يقلب فيها كل شيء..فمن يوقف نزيف الذاكرة الآن؟
الشهيد عيسى أحمد الشامي
شهيد مدجج بالأحلام
تعتقد والدة الشهيد الشاب الحافظ عيسى أحمد محمد الشامي أن ابنها لم تكن تصلح له فتاة من فتيات الدنيا، لذا فقد كانت جمعة الكرامة في الثامن عشر من مارس 2011م، هي يوم عرس للشهداء الذين سقطوا فيها، وكان عيسى أحد أولئك الميامين، وأكثرهم استعداداً وتألقاً..
يغادر الشهداء دنياهم لكنهم لايغادرون قلوبنا، يغتسلون، يتطيبون، يلبسون أحسن الثياب، ويرحلون..وحين يودعنا أحدهم (جاداً) قبل المغادرة، نبادله الوداع والتحية وحفنة من حزن..
والدة عيسى واحدة من عشرات الأمهات اللواتي طلب ابنها الشهيد منها الوداع والمسامحة، كما قالت ذلك في منصة ساحة التغيير بصنعاء..ورحل ولدها عن الدنيا غير آبه بإلحاح والدته واخواته عليه ليتزوج.
كان من أوائل المنضمين لثورة الشباب بساحة التغيير, التي تشكلت أمام ناظريه منذ الوهلة الأولى وهو يقطع المسافة من مكان سكنه في حي الزراعة إلى مكان دراسته في كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء..
لم يكن هذا الفتى الوسيم محبطاً أو يائساً ليحلم بالموت، أو يطلب الشهادة كخيار وحيد عجز عن توفير متطلبات بقائه كشاب ثائر لم يتجاوز عمره السادسة والعشرين، ونجل وزير سابق وشخصية معروفة على مستوى اليمن..
في صفحته على الفيسبوك كتب عيسى بن أحمد الشامي مخاطباً صالح: «أنت مدجج بالأسلحة ونحن مدججون بالأحلام..ولايمكنك اغتيال حلم برصاصة..ضع فاتورة الرحيل، ونحن مستعدون لدفعها من دمائنا لأجل الوطن الغالي»..
في يوم جمعة الكرامة دفع الشهداء فاتورة المحبة ليمنهم، وسكبوا من دمائهم مهراً لرحيل مصاصي دماء وطنهم، وتقدم عيسى بن أحمد الشامي حسب ما يروي أصحابه أنه قتل وهو يدرأ بجسده الرصاص المصبوب على إخوانه من البيت المشئوم لمحافظ المحويت..
وتجرع والده القاضي أحمد محمد الشامي ألم الفراق في ولده فقال:«لم أكن أعلم أنني سأصاب في أغلى هدية وهبها الله لي ولقد أخذ أمانته».. ثم نعاه بأبيات شعر جميلة ورائعة جاء فيها:
عيسى الشهيد وكل شيءٍ بعده..... لا شيء في سمعي ولا في ناظري
خفت موازين الحياة لفقده ..... فالكل أهون من رياش الطائرِ
فلتسمع الدنيا ويسمع أهلها ..... أنات قلبي واصطرام خواطري
والخطب أعظم من حكاية حادثٍ .... قد فاق إحساسي وفاق تصوري
فليرحم الرحمن سح مدامعي ...... لرصاصة كانت بفعلٍ بربري
ويكاد يجمع كل من يعرف الشهيد على أنه كان منكراً لذاته،متفانياً في خدمة الآخرين..وفي راتبه حق معلوم للسائل والمحروم، وليس فيه بند لما سميّ مجازاً «الادخار»..ولم يمنعه ذلك أن يكون أكثر الناس براً بوالدته وأخواته وأولادهن، وأكثر كرماً بأخلاقه حتى على المسيئين إليه..بل ولديه من الإنسانية ما يجعله طريح الفراش لمجرد أن أحداً أساء إلى أحد أو ظلمه.
الشهيد محمد قرموش السلالي
من أبناء مديرية الشرية آل غنيم قرية الهجر آل السلال من مواليد 1983م, والده قرموش أحمد السلالي، أحد مشايخ ووجهاء منطقة آل السلال، تزوج في 2004م, وله من الأولاد أسامة وأسماء وسمية.
تلقى تعليمه الإبتدائي والمتوسط في قريته بمنطقة آل السلال، ثم التحق لدراسة الثانوية العامة في معهد رداع العلمي إلا أنه لم يلبث هناك طويلاً،حيث قرر الالتحاق بصفوف الجيش وهو في الصف الأول الثانوي.
الشهيد السلالي من أوائل الشباب الذين خرجوا يوم الثالث من فبراير بعد انتهاء مهرجان اللقاء المشترك إلى السبعين مطالبين بإسقاط النظام..ويعد الشهيد محمد السلالي من أوائل العسكريين الذين انضموا لثورة الشباب كما أنهُ أصبحَ أول شهيدٍ من الجيش الذين أعلنوا انضمامهم للثورة.
سكن محمد قرموش السلالي مؤخراً مع والده وإخوانه في شارع بغداد, مما مكنه من حضور الاعتصام بشكل يومي حتى أستشهد يوم الجمعة 18 مارس.
لا تتخلف عنه قيم الشهامة والكرم, ويفتح صدره لكل الذين يحطون رحالهم في بيته بصنعاء..يحرص على أن يأخذ معه بعض الكعك والوجبات الغذائية الأخرى لزملائه في ساحة التغيير..يصل أرحامه بشكل مستمر.. وتميزه ابتسامته الحانية وقلبه الرحيم, وصدره الواسع ولايسمح للحقد أن يعيش لحظة بين جنبيه..
اخترقت جسدهُ ثلاث طلقات نارية استقرت إحداها وسط صدره،بينما توجهت الثانية صوب الجهةِ اليُمنى عند أسفل المعدة وأصابت الثالثة ذراعه الأيسر..وأما أخوه حسين قرموش، فقد استقرت إحدى رصاصات الغدر في ساق قدمه لينقل بعدها مباشرة إلى المستشفى.
يقين والده بأن دم ولده هو ضريبة الحرية خفف عنه هول الفاجعة، وتماسكت أمه وهي تلقي كلمة أمام الثوار بساحة التغيير بعد ثلاثة أيام من استشهاده, لتقول إنها قدمت ابنها وفلذة كبدها من أجل الحرية والقضاء على الفساد, وكذلك فعلت أم زوجته بخطابها الحماسي الذي ألهب حماسة الشباب..
الشهيد محمد محمد السليماني
أوصى بدراجته دعماً للثورة
صلى صلاة العصر إماماً في جامع قريته بميفعة عنس، محافظة ذمار، ووصل الشهيد محمد محمد علي السليماني إلى ساحة التغيير، بعد أن ودع أسرته قائلاً: «أريد الذهاب إلى صنعاء، قد أستشهد، أو أتعرض للاعتقال، فلا تحزنوا إن أصبت بأي مكروه».
حزم محمد السليماني أمتعته منطلقاً صوب ساحة التغيير، وكان هذا هو اللقاء الأخير بأسرته..ولأنه سفر شاق فقد أودع في وصيته«أن تباع دراجته النارية لصالح الثورة»!!،
محمد السليماني من مواليد 1989 ميفعة عنس محافظة ذمار، حفظ القرآن وعمره 15 عاماً (في العام 2004) وتخرج من الثانوية العامة والتحق بقسم التفسير في الكلية العليا للقرآن الكريم في أمانة العاصمة..اغتالته يد الغدر قبل أن يكمل المستوى الثاني بالكلية، التي كان أحد رموز التفوق فيها..وأي تفوق، وفي أي مجال كان ذلك النجاح..
ويقول أحد أصدقائه عنه بأنه كان يُضرب المثل به في الأخلاق العالية والصفات الحميدة..كان شخصاً متفائلاً، لا تبارح الابتسامة شفتاه..يحب التغيير، يمقت الظلم، لايرى أي مبرر، ليرزح وطنه تحت وطأة الظلم والفساد في بلده، لذلك كان من أوائل المبادرين في الالتحاق بالثورة وكان من أوائل شهدائها في جمعة الكرامة.. كان انطلاقه أسرع من دراجته النارية، لذا فقد خلفها وراءه، ورفع شعار «وعجلت إليك رب لترضى»، فبيعت بمليون ريال بالمزاد العلني في جمعة الرحيل لصالح الثورة..هو لايريد أي منفعة شخصية، وكل همه هو نجاح الثورة التي حلم بها كثيراً، فقد ضحى بنفسه ومايملك لصالح الثورة السلمية وكان من أوائل شهدائها.
الشهيد عرفات الحمزة
البيضاء تكسر الحصار
من قلعة التاريخ وأرض الخير والعطاء..من محافظة البيضاء.. يأتي ذلك القادم من مديرية الهجر.. امتداداً لأبطال، ونضال ثوار سبتمبر 1962..عرفات محمد أحمد الحمزة، سليل ثوار البيضاء، الذين أسهموا في كسر حصار السبعين يوماً.
ألقى أبناء البيضاء السلاح، ودفنوا جمر الثأر الذي عمل النظام السابق على إذكائه.. وهاهم اليوم يسهمون في ثورة سلمية قل نظيرها..
لقد أدرك الشاب الطامح عرفات الحمزة مايخطط له النظام الحاكم، لكبح جماح المد الثوري وتطويق الاعتصامات في ساحة التغيير بصنعاء..بالبلاطجة.. والقناصة..وقبل ذلك بالحواجز والجدران..
عندها قرر أن يجعل من متجره ومنزله في الحي السياسي، بصنعاء، منطلقاً للنضال، وإسهاماً في كسر الحصار على ساحة التغيير، غير آبهٍ بما قد يتعرض له من أذى ومخاطر كونه خارج نطاق الساحة..
قبل يوم واحد من استشهاد عرفات أغلق متجره، وخصص ليلته للسمر مع زوجته وأبنائه، ولعب معهم كثيراً ،كأنما يقضي معهم يوم الوداع الأخير، بحسب رواية زوجته..
استعد عرفات جيداً للحظة الخلود، في يوم جمعة الكرامة..ارتدى أجمل ثيابه، وضمخها بأجمل الطيب..ودع أمه وإخوانه،وطلب من زوجته أن تودعه وداعاً خاصاً أمامهم، لكن حياءها حال دون ذلك،ولم ينس أن يعطيهم قطعة من ملابسه للتذكار..(فانيلته الداخلية قبل أن يغادر المنزل)..بيقين من يعلم أنه لن يعود..
مضى عرفات يحث الخطى نحو ساحة التغيير، ملبياً نداء شباب الثورة..ولعلها لهفة الشوق إلى حلة الكرامة وتاج الوقار.. وفي الطريق التقى أحد أقربائه وحثه على الإسراع، بلهجة الواثق من شفاعته لسبعين من آل حمزة.
بقدر قربه من حلم الاستشهاد..جلس عرفات قرب هذا الجدار، وأنصت فؤاده لخطبة الجمعة..
انهمر الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع، وتصاعد الدخان، وحومت مروحية التشفي.. فكان ماكان من مجازر راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى..
كان نصيب عرفات رصاصة قاتلة من بندقية قناص غادر يعلو سطح منزل مجاور، أصابته في رأسه..
في موازين الأحرار يغدو الحزن مناسبة سعيدة، غنم بغرم، وطن بروح، ومثل هكذا أمر، لايمكن المساومة فيه.. إذ الأرواح لاتوزن بثمن، وهو ماعبر عنه والد الشهيد دون استغراب من اختلاط مشاعر الحزن بالفرح والافتخار..
غدت الساحة من بعده حزينة، ودمعت مقل المحبين، على فراق زميل النضال..فعاهدوه على المضي في درب، قدم لأجله مهجته على حب وحرص..وتحدث زملاؤه في الخيمة والائتلاف والحارة أن عرفات زادهم إصراراً وتطورت الأمور من بعده بل وأسسوا خيمة جديدة عليها صورة واسم الشهيد.
رحل عرفات..وفي ذمة اليمن الجديد، عهد وفاء، ومستقبل ميمون، حلم به لولده وابنته..كذلك هي روح عرفات، حين أودعها بسخاء في ذاكرة كل اليمنيين..
الشهيد عوض صالح عبدالقوي اليافعي
ينتمي إلى كل اليمن
في ساحات التغيير الثائرة..رسخ اليمنيون معاني الوحدة، وهناك تجسدت قيمها وتحققت أهدافها المباركة..
في خيمة واحدة، وتحت سقف واحد، جلس ابن صنعاء مع ابن عدن، وابن يافع مع ابن تعز، والحديدة والبيضاء..
تقاسموا رغيف الخبز والأمل معاً، يجمعهم حب الوطن وحلم الغد المشرق..الغني والفقير.. الشاب والشيخ..
لافرق بين تلك الوجوه، فجميعهم عاش الخوف والقهر أكثر من ثلاثة عقود، هي فترة حكم علي صالح ونظامه..
أما عوض اليافعي الشاب الذي لم يتجاوز العشرين عاماً، فقد عرف بين أهله ومحبيه بالإبداع والطموح والطيبة والتسامح.
وأحد شباب ثورة التغيير في اليمن الذين تميزوا بنبل القيم ودماثة الخلق وبساطة التعامل.
أنجز عوض اليافعي في عشرين عاماً، سيرة ذاتية اختصرت كل الدروب، على أكثر من صعيد إبداعي،
هذا قبسٌ من جذوتها الشبابية، ميداليات وجوائز، شهادات ووثائق، مهارات ومواهب، ألق وعطاء في نوادي صنعاء ومساجدها،وفي قلوب أهله ومحبيه سيّر، لاتتسع لها الأوراق، ولاتفي بحقها الكلمات.
ولمكانته تلك.. فقد كان يخفي على أهله تعلقه بساحة التغيير وشغفه بها، خشية إقلاق والده المهاجر، وأمه وشقيقاته وأخيه الأصغر خالد.
في صدر عوض الشهيد عاشت اليمن نبض قلب، وخارطة وطن، يأبى أن يستكين..
وبفخر واعتزاز تحدث والده الذي كان مغترباً في الولايات المتحدة الأمريكية حين قرأ خبر استشهاد عوض عبر الإنترنت، ضمن شهداء جمعة الكرامة..
عاد بعدها إلى الوطن في العشرين من مارس 2011، أي بعد ثلاثة أيام من جمعة الكرامة، عاد ليقلب صفحات السنين، وألبوم الذكريات مع ولده عوض الذي شيّع إلى مقبرة الشهداء، فيما كان والده لايزال في الجو..
إنه يرى في هذا الحدث الكبير منعطفاً هاماً في مسار الثورة، التي نجحت وآتت أكلها،غير أن الحزن لم يمنعه من تهنئة آباء الشهداء..زملاء الجرح والألم.. وإيصاء شباب الساحة بالثبات..
شقيقات عوض الثلاث، وأمه المكلومة، وخالد الأخ الأصغر.. الجميع فقدوا عوضهم الذي كان ربان السفينة في خضم الحياة.
وفيما لم تستطع شقيقته الكبرى «نوف» الحديث عن أخيها، تحدثت أمه الثكلى حديثاً يشق عنان السماء.. ودعت على قتلة الشباب دعاء يشيب له الولدان سيما عند مشاهدتها التلفاز ساعة المجزرة، قبل أن تعرف أن ولدها أحد أولئك الشباب.
إذن فقد كان عوض هو رجل البيت الأول منذ دفعت الظروف والده للاغتراب في قارة بعيدة..لم تصرفه حداثة سنه، وميوله إلى المرح ولعب كرة القدم ومشاركاته في ألعاب أخرى، عن عشق الساحات، وحين أستشهد عوض كانت في جيبه بطاقة صرف الكترونية، فيها 12 ألف دولار أمريكي، لأن يافع لا تربي أبناءها على الترف بعيداً عن مواطن الشرف والكرامة..
كان الشهيد عوض اليافعي ينتمي إلى كل الناس وكل اليمن وليس قرية الريو في مديرية الحد بيافع النبل والشموخ..هناك ولد..وهنا في قلبه، كان اليمن يولد كل شمس وصباح جديد..
خرج عوض من أجل التغيير..كانت تبكيه مناظر البؤس والفقر التي يشاهدها كل يوم..ولقد أحيا باستشهاده عزم أصدقائه وزملائه ومحبيه..أما الذين عرفوا الشهيد عوض اليافعي في ساحة التغيير فلم يدر في خلدهم أن هذا الشاب الثائر، الذي قاسمهم تعب الحلم وهجير الخيام، هو ذاته القادم من أحد أرقى أحياء صنعاء، ومن بيت دافئ كريم فيه كل وسائل الراحة والرفاهية..لكنها نفس الحر..وأشواق الشهادة.. وجاذبية عليين.
في مقام الشهيد جمال الشرعبي
بقلم طلال جامل
هذا الشاب الذي عرفته ، قاسمني بعض من محاولاتنا ونحن نرسم ملامح هذا الوطن المثخن بالجراحات ، ونحن نحاول إخراج وطن آخر يحتضن أبناءه، وطن حلمنا جميعاً أن نعيش فيه شرفاء ، كرماء ، نعطيه من دمنا و يعطينا دفئه الذي سرق منه منذ زمن بعيد.
جمال أذكر حديثك لليلة الخميس عندما قلت لك لاتذهب إلى المنزل أريدك..قلت لي: أنا صائم قلتها بصوت خافت ، لا تريد أن يعرف أحد بصومك ، وعندما أصريت عليك قبلت ذلك ، وذهبت تتحسس في المكان لتجد مايسد رمقك فوجدت قليل من الكعك في إحدى زوايا المكان ، ثم خرجنا معاً لكي توصلني حتى نهاية الساحة وفي طريقنا وسط المخيم تحدثنا عن مستقبل هذا الوطن وحدثتني عن يوم الخميس الماضي عندما اقتحمت قوات الأمن المعتصمين بالقنابل وخراطيم المياه الذي سقط فيه العديد من الجرحى والشهداء قلت حينها إنك سقط مغشياً عليك فسمعنا اأحد المارة وقال لك: أنت (سمين) لا تتعب الناس في حملك ضحكنا معاً ولم أكن أدرك تلك اللحظة أن هذه المرة سيحملك الله إلى جواره.
تركتك على مشارف شارع العدل لتعود أنت إلى الساحة لتكمل ماجئت من أجله تحمل في يديك كاميرا صغيرة بحجمها عملاقة بفعلها ترصد من خلالها تفاصيل ذلك الوجه القبيح للسلطة.
جمال:أيها الشهيد أذكر كلامك وحماسك وتهديدك للمعارضة إذا تراجعت أو فاوضت في هذه المرحلة،أقدر ذلك العنفوان منك واأقدر تضحياتك فأنت من صدق الله فاختارك شهيداً من بيننا،قالها خطيب الجمعة قبل استشهادك بنصف ساعة أن الله ينظر إلى الملايين فيختار منهم الشهداء فكنت منهم«هنيئاً لك هذا الاصطفاء».
جمال.. أيها الحي فينا ، مازلت أذكر سؤالك الذي طرحته علينا بأننا سنكون شهداء ، لم أدرك حينها بعد كلامك لم أكن حينها أدرك عمق كلامك ، الآن فقط أدركته،أدركت كيف ينسج الشهداء نهايتهم كيف يرسم الشهداء من دمهم ولحومهم ثوب جديد لهذا الوطن الجريح؟.
لن أنسى ماحييت ماحملتنا من أمانة،لن أنسى جسدك المسجى في المستشفى الميداني داخل المسجد وعلى صدرك المصحف وأنت مخضب بتراب الوطن، بلون الدم،بلون الأرض،بلون السماء،بلون الشهداء.
نم أيها الشهيد..فمن جسدك الطاهر أنت وإخوانك سيلد هذا الوطن الجديد الذي انتظرناه..عله يكون قريبا.
الشهيد محمد يحيى العزب
بين العام 1987 ويوم جمعة الكرامة في الثامن عشر من مارس 2011م، تمتد قصة هذا الفارس الذي امتطى صهوة التغيير، بعد أن صلى جمعة الكرامة في ساحة التغيير بصنعاء، ملوحاً بوداع كريم عزيز خالد، ومؤذناً برحيل أبدي لطغيان هو أحد مسامير نعشه الأخير..
في قرية الهجر من محافظة المحويت ترعرع في صبا الشاهد والشهيد محمد العزب، وبفضل من الله نال حظه من الرعاية والعناية الأبوية، حتى اجتمع له من العلم والفضل ما جعله شامة بين أترابه وأقرانه..
في مدرسة النور بالدواعر تلقى محمد العزب تعليمه الأساسي قبل أن تتحول أشواقه إلى مدرسة الفوز المركزية حيث أكمل تعليمه الثانوي، وتفصله ثلاثة أشهر عن التخرج من المعهد العالي للعلوم الصحية..
لقد استطاعت همة محمد التواقة إلى مراقي المجد ومعالي الأمور أن تكسبه تميزاً فذاً وتقى صادقاً، تدخله قلوب الناس دون إذن أصحابها..فقد كان صاحب رصيد قيمي أخلاقي لاتطيش به البورصات ولاتغير نقاءه السنوات..
إنه محمد محمد يحيى العزب أحد أعضاء لجان النظام بساحة التغيير بصنعاء، رابع أربعة إخوة ثوار قدموا من محافظة المحويت مع الخال وأبناء العمومة، لقول كلمة حق عند سلطان جائر..
إنه الشاب الذي لم تمنعه إمامة المحراب، من التصدر إذا انهالت على الصدور الحراب..
عاد الخميس إلى ساحة صموده بصنعاء، بعد وداع حميمي لافت تمازجت فيه القبلات بالدعوات، وخالص الوصايا بصدق النوايا..
لذا فقد ظل درعاً لإخوانه الثوار، ينافح بهم ومعهم عن معتصم الثورة، كلما داهمته أذرع النظام الخادعة الماكرة، ولسان حاله يقول:
إذا القوم قالوا من فتى؟ خلت أنني عنيت فلم أبخل ولم أتردد..وبعد حياة حافلة بالرضا والعطاء، وبعشرات المواقف الشجاعة والنادرة في ساحة الرباط والمصابرة، شاءت أقدار السماء، أن يكون محمد العزب واحد من عشرات الشهداء، الذي كتب لهم عند ربهم أعالي المراتب والمناقب..فعقب طلق ناري سكن عنقه يوم الكرامة، صعدت روحه إلى بارئها ليسكنها جنات النعيم..رحل الشهيد عن ستة إخوة وثلاث أخوات، وعن والدين صالحين صابرين، جمعهما اشتياق الفراق قبل ستة أيام من جمعة الكرامة..وبذات الابتسامة التي ملأت حياته وحياة من حوله ودع الجميع مطلقاً لروحه عنان الخلود، لتسرح في نعيم الله الأبدي..
ضمن عشرات الشهداء استقبلتهم ساحة التغيير بصنعاء للصلاة عليهم وتوديعهم، عاد الشهيد العزب في موكب جنائزي مهيب إلى حيث بدأ إلى مسقط رأسه في قرية الهجرة من محافظة المحويت، وعلى غير العادة في استقبال المصاب..نعم..هكذا كان الحال، في يوم عرس الشهيد العزب الذي لم يبق من عزوبيته غير اللقب..!..
الشهيد مجاهد عبد الحق عبد الدايم القاضي
اسمه عنوان سيرته
من ساحة التغيير كان معراجه في رحاب الملكوت.. ومن مستشفى العلوم ارتقت روحه إلى جوار القيوم، وكانت جمعة الثامن عشر من مارس 2011، له عيداً وحلة كرامة.. ففيها، فاز بجائزة: «بل أحياء عند ربهم يرزقون».. مجاهد عبد الحق عبد الدائم القاضي، إلى المعالي تفانى، بكتاب ربه..وكان الشاب الحافظ مجاهد من أوائل المعتصمين الذين خيموا في ساحة التغيير بصنعاء، منتفضين ورافضين للواقع البائس الذي يعيشونه، جاعلين من أنفسهم مثالا للتغيير المنشود..صوتاً للمعروف مفاتيح للخير، طلاباً للعدالة، ونموذجاً للتفوق.. روحه مفعمة بأشواق الحرية، وحركته تمثلٌ لطبائع الأحرار، وبصوته تغنى وأنشد: إذا الشعب يوما أراد الحياة، فصار هذا التسجيل الذي يحتفظ به أصدقاؤه ومحبوه نغمة، يتبادلها الأحبة والأصدقاء من بعده عبر الأثير على امتداد الوطن.
جنّد مجاهد نفسه في خدمة أهداف الثورة، واستفرغ جهده في سبيل النجاح لمشروع الحياة الذي خرج من أجله الثوار إلى ساحات وميادين الحرية.. لحظة تضع قدمك على عتبة منزل الشيخ الدكتور عبد الحق عبد الدايم القاضي، تسكنك الدهشة، ويستوطنك الإكبار، وتوقض روحك إشعاعات الذكر الحكيم، وتملأ كيانك بعبق الخلود.. فمن حجرات هذا البيت تخرج عدد من أبنائه وبناته حفاظاً تتوفر فيهم شروط وصفات صنّاع الحياة المنتجة..وهنا كان يقطن مجاهد مع هذه الكوكبة من حفّاظ ومعلمي كتاب الله، الأب والأم وعدد من الأبناء والبنات.. أتم حفظ القرآن عام 2002م، وهو في الثالثة عشرة من عمره، وأجيز في القراءآت السبع المتواترة عام 2007، من مركز الإقراء بالسند في صنعاء..وشارك في عدد من البرامج والمسابقات القرآنية وأحرز فيها مراكز متقدمة.
قبل أيام من جمعة الكرامة، زاد تعلقه بالقرآن.. وشغفه بألبوم أطياف الاستشهاد..وتقاسم الشهيد مع خيمته فضيلة الإخبات والخشوع لآيات القرآن الكريم، وأذكى في نفوس أصدقائه ونزلاء خيمته جذوة الإيمان ونقش معهم خارطة يمن العزة والكرامة.. وحين بدأ الهجوم على الثوار، عقب صلاة جمعة الكرامة في الثامن عشر، انطلق مجاهد صوب المقدمة، وعند الجدار استهدفته رصاصة قنّاص غادرة في رأسه..نقل على إثرها إلى المستشفى..
وإلى مكة طار الخبر..وفي الحرم نعى الشيخ الدكتور عبدالحق القاضي فلذة كبده، وشيّع روحه إلى جوار ربه الكريم.. ودعا هناك دعاء حاراً، يحتسب فيه ولده ويدعو على قاتليه بالحرق والهلاك.. وفي ساحة التغيير بصنعاء أمَّ مئات الآلاف مودعاً ولده الشهيد مجاهد وبقية إخوانه من شهداء جمعة الكرامة، بكلمات ذرفت منها العيون، واستقر صداها في شغاف القلوب.
22 عاماً.. عمر الشهيد مجاهد، هي صفحات ألقٍ عامرة بالفضيلة والهمة والنجاح.. وقد حرص أصدقاؤه ومحبوه على تسمية حارتهم في حي الأندلس بصنعاء، باسم الشهيد مجاهد القاضي.. وإنه لمن حسن طالعِهِ وعاجل بشراه، أن يكون اسمه عنواناً لسيرته.. مجاهد وشهيد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.