يحدث كثيراً أن نصاب بحالة من النشوة عقب تحقيق أي انتصار يجعلنا نقفز على الواقع لنجد أنفسنا وقد أفرطنا في التفاؤل من خلال رسم أهداف لاتتناسب مع معطيات الواقع الذي نعيشه ومقومات الوصول إلى الهدف المنشود، إنها مشكلة حقيقية نلحظها غالباً في الواقع الرياضي اليمني. لست من هواة اليأس أو دعاة اللاتفاؤل بقدر ماأجد نفسي منجذباً نحو القراءات المنطقية للواقع. قبل انطلاق الدوري الكروي تناثرت تصريحات وأحاديث في كل مكان عن تحضير فريق الطليعة ليكون البطل المتوّج للمسابقة،خصوصاً بعد حديث شوقي هائل للاعبين أثناء تكريم الفريق الصاعد للتو من دوري الدرجة الثانية بهذا الخصوص وماتلاها من تصريحات صحفيه لمدرب الفريق عن بدء العمل الجاد لتحقيق هذا الهدف الذي أراده الداعم، غير أن 11جولة من المنافسات كانت كافية لجعل بعض الطلعاوية يتخلون عن هذا الحلم لينخفض سقف طموحهم إلى مستوى الحفاظ على بقاء فريقهم ضمن فرق دوري الأضواء في الوقت الذي لازال المدرب نبيل مكرم متمسكاً بفكرة إحراز اللقب حتى الآن دون أن يخبرنا كيف أو على ماذا يراهن؟!. الأكيد أن طاهش الحوبان أضاع كثيراً من النقاط التي كانت في متناول يديه بسبب أخطاء ساذجة يتحملها اللاعبون والمدرب بدرجة أساسية بعيداً عن التبريرات غير المقبولة وشماعات الحكام التي يحاول البعض أن يسوقها كمبرر للإخفاق وربطها مباشرة بداعم الفريق شوقي أحمد هائل واستقصاده من خلال الطليعة سعياً لتفخيخ علاقة الرجل مع مسئولي اتحاد الكرة. الكابتن نبيل مكرم أخبر الزميل مطر الفتيح في لقاء صحفي أجراه معه الأربعاء الفائت أن سبب بقائه مع الفريق هو وجود إدارة واعية وبيئة صحية ساعدت على النجاح والاستمرار..لست أعلم حقيقة عن أي نجاح يتحدث الكابتن وفريقه يقبع في المركز الثاني عشر على لائحة الترتيب بعد أن حصد 11 نقطة من 11 مواجهة أي أن الفريق يحصد نقطة ويضيع نقطتين في كل لقاء رغم الإدارة الواعية والبيئة الصحية ودعم مالي لامحدود لايفوت المكرم ذكره في أي حديث صحفي, وهو دعم تتمنى كثير من الفرق الحصول ولو على نصفه أو ربعه. هل أبدو متشائماً؟.. ربما سينظر لي البعض من هذه الزاوية الضيقة غير أن الحقيقة ليست كذلك إطلاقاً. إن عشقي لفارس الحالمة الأبيض ورغبتي أن يبقى سفيراً لتعز في الأضواء تستدعي التعامل مع الوضع بواقعية أكبر لوضع الأمور في سياقها الصحيح حتى لاتحدث انعكاسات وانتكاسات غير متوقعة. حسناً.. ماذا لو قرر مدرب الفريق نبيل مكرم الابتعاد عن أضواء الإعلام التي تستهويه كثيراً باعتباره أكثر مدربي فرق النخبة ظهوراً على صدر الصفحات الرياضية ولن أكون مبالغاً لو قلت أن عدد مرات ظهوره منذ قبيل انطلاق البطولة وحتى اللحظة يفوق عدد مرات ظهور مدربي الفرق مجتمعين. سأدعو مكرم أن يبتعد قليلاً عن الصحافة ويسأل نفسه :هل هو مقتنع فعلاً بتوعية اللاعبين الذين جلبهم للفريق خاصة أن تلقى ضوءاً أخضر من الداعم وإدارة النادي ب«شيك على بياض» كما سمعنا كموازنة للفريق خلال هذا الموسم وإذا مااستثنينا ثلاثة أو أربعة عناصر من التشكيلة يبدو البقية غير مؤهلين لتحقيق إنجاز بحجم بطولة الدوري إما بسبب انتهاء فترة صلاحياتهم في الملاعب أو لنقص خبرتهم في مسابقة كبيرة كبطولة الدوري العام. مامن مبرر مقنع يمكن أن يسرده لنا(بن مكرم) في جانب الإمكانات مثلاً المسألة محسومة وفي موضوع ضيق الوقت أيضاً كذلك لأن الجميع يعلم جيداً أن الطليعة كان الأبكر استعداداً والأكثر استقراراً من باقي الفرق. لابأس أن يحلم«الداعم» ونحلم معه أن يضيف الطليعة لقباً جديداً يضاف لرصيد أندية تعز المتوّجة باللقب إلى جانب الأهلي والصقر, لكن المبالغة ومطالبة اللاعبين به هذا الموسم سيبدو نوعاً من الاستخفاف بمشاعر الجماهير الحالمية وسيجعل اللاعبين واقعين تحت ضغوط نفسية شديدة, لاشك ستنعكس سلبياً على أدائهم في الملعب. المسالة تتجاوز في حقيقتها دعماً لامحدوداً وأجواء هادئة والصقر خير دليل على ذلك،رغم أنه كان أفضل حالاً مقارنة بالطليعة وكلنا يتذكر معاناته في التأقلم مع البطولة وأجوائها بعد صعوده حينما ظل يصارع لعدة مواسم من أجل الاحتفاظ بمقعده في البطولة وعدم السقوط إلى غياهب الثانية قبل أن يحقق مبتغاه في إحراز اللقب الذي لم يكن ليحقق إلا برسم منهجية واقعية واكتساب لاعبيه مزيداً من الخبرة التراكمية على مدى سنوات طويلة لإحراز لقب كبير ومهم كبطولة الدوري تربطني علاقة ود واحترام متبادل مع الكابتن نبيل مكرم الذي أقدر فيه مثابرته وطموحه أن يصنع لذاته مجداً شخصياً كمدرب وستذكره الجماهير طويلاً باعتباره مهندس صعود أندية الحالمة جميعاً إلى دوري الأضواء.. الأكيد أن هذه العلاقة الطيبة وحصري على أن تبتعد عن الشطحات لتبقى أسهمه مرتفعة في بورصة المدربين الوطنيين هما مادفعاني لكتابة هذا الموضوع الذي أدرك جيداً أنه سيجعله يراجع حساباته ويبني خططه المستقبلية بواقعية أكثر كي لايهتم بتصدير الأحلام المضللة لنا وللجماهير عموماً. [email protected]