سوء التغذية في تفاقم يوصف بأنه خطر، فوقعه وتأثيره خطير على الأطفال بدنياً وصحياً وعقلياً، ومع الأسف الكثير من أطفال اليمن يعانون نقص الغذاء، وهم يشكلون بحسب التقديرات نحو ثلث أطفال البلاد.. إنها مشكلة مساوؤها وأضرارها كبيرة توقع صحة الأطفال في أتون تدهور مستمر يتهدد حياتهم، فسؤ التغذية لا ينحصر ضرره في نحول الجسم وخور قواه، بل من شأنه أن يُضعف المناعة فتنجم عنه قابلية عالية للإصابة بعدوى الأمراض الوخيمة وعلى رأسها الحصبة. والمصابين بداء الحصبة يفاقم من أمر إصابتهم فيجعلها أكثر حدة، ليكون من السهولة بمكان دخول الطفل المصاب في صراع مع المضاعفات الخطيرة كتلك التي تسبب إعاقة مستديمة مثل الصمم أو العمى أو تلك التي تؤدي إلى الوفاة. والأجدر هنا توضيح حقيقة لقاح التحصين وما له من فوائد من هذه الناحية، فعندما يحصل الطفل على اللقاح يقوم الجسم بالعمل على إنتاج الأجسام المضادة التي بدورها توفر الحماية للطفل من الإصابة بالمرض. وهذه الأجسام المضادة: عبارة عن مادة “بروتينية”، فالجسم بطبيعة الحال يحتاج “البروتين” حتى يتمكن الجهاز المناعي من إنتاج هذه الأجسام المضادة. ولو أنه افتقر إلى مادة “البروتين” الموجودة في اللحوم والبقوليات والألبان فلن يتمكن جهاز المناعة من إنتاج تلك الأجسام المضادة. لذلك كان لتدهور الوضع المعيشي والاقتصادي للأسر اليمنية، أن انعكس سلباً على الحالة المناعية للأطفال، وأدى بدوره مع عزوف البعض عن تحصين أطفاله.. إلى ظهور داء الحصبة وانتشاره على نحو واسع. قد يقول قائل.. ما الداعي لتزويد الأطفال بفيتامين “أ” طالما تم قبل أشهر قليلة إعطاؤه لهم في الجولة الأولى لحملة التحصين ضد شلل الأطفال التي نفذت في منتصف نوفمبر من العام المنصرم؟ والإجابة دون شك نستشفها بيان ما أكده خبراء التغذية، إذ يعتبرون فوائد هذا الفيتامين لمناعة الجسم ولحياة الإنسان أساسيه لا عوض عنها بعنصر أو بفيتامين آخر ليحل بديلاً عنه، باعتباره المكون الأساسي لبطانة الأجهزة العضوية للجسم، فهو الغشاء المخاطي الذي يقوم بحماية أعضاء الجسم.. ويؤكد الأطباء المختصون على أن سوء التغذية العامل الابتدائي المسبب لضعف المناعة عند الأطفال، وأن مرض الحصبة يعتبر المسبب المباشر لنفاذ ونضوب هذا الفيتامين من مخازن الجسم. ولأنه يخفف من مضاعفات مرض الحصبة بشكل كبير.. كان للإستراتيجية حملة التحصين ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال، أن أتاحت إعطاء فيتامين “أ” الحيوي بالكيفية التي يتم إعطاؤها للأطفال في التطعيم الروتيني مع جرعتي الحصبة الأولى والثانية. وعلى كلٍ يتطلب إعطاء جرعة من فيتامين “أ” للأطفال بعد مرور “4 6أشهر” من الجرعة السابقة، في حين لا يمكن إعطاؤه لمن يقل عمره عن “6أشهر”. وبذلك يصادف موعد حملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال المقرر تنفيذ محورها الثاني من “31مارس 5أبريل 2012م” على مرور ما يزيد عن أربعة أشهر على إعطاء فيتامين “أ” خلال الجولة الأولى لحملة شلل الأطفال الفيروسي التي نفذت في منتصف نوفمبر من العام الفائت 2011م، وهذا يعني مضي الفترة المطلوبة لإعادة جرعة فيتامين “أ” الموصى بها من منظمة الصحة العالمية بالمحافظات المستهدفة في هذه الحملة الوطنية للتحصين ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال، وعددها “14” محافظة، تشمل “أمانة العاصمة، تعز، صنعاء، حضرموت الساحل، حضرموت الوادي والصحراء، الحديدة، إب، حجة، الضالع، عمران، مأرب، المهرة، ريمة، المحويت” وذلك على غرار المرحلة الأولى للحملة في “عدن، أبين، لحج، البيضاء، ذمار، شبوة، صعدة” قبل ما يقارب من أسبوعين. علماً بأن لفيتامين “أ” جرعة فموية تعطى في حملة التحصين للأطفال المستهدفين من عمر “6أشهر” وحتى ما دون “5سنوات”. قبل الختام.. أوجه نصيحة للقراء بأن تكون لهم الريادة في الدفع بوتيرة الإقبال على تحصين المستهدفين من الأطفال عموماً، بل اعتبرها رسالة أعني بها كل أب وأم، بالمقام الأول، ثم كل فرد فاعل في المجتمع، وفحواها ومقتضاها: أن التطعيم الروتيني للأطفال يُعد الأساس لحماية الطفولة باليمن من الإصابة بأمراض معدية قاتلة ومن ضمنها الحصبة. فلو كانت التغطية للمستهدفين من الأطفال بكامل جرعات التحصين الروتيني شاملة لهم، لكانت أمراض الطفولة المعدية قد اختفت أو توشك أن تزول وتختفي نهائياً، كالحال في البلدان المجاورة لليمن، مثل السعودية وسلطنة عمان ودول الخليج عموماً.. نريد إذن من الآباء والأمهات والمجتمع عموماً بأن يجدوا في السعي لتطعيم جميع الأطفال بجرعات التطعيم كاملة في مواعيدها خلال مرحلة التحصين الروتيني المُستهدفة للأطفال دون العام والنصف من العمر، وضرورة أن يدركوا أهميته في حماية الطفولة في مجتمعنا من تفشي الأمراض المعدية. كما ننشد من الجميع التعاون الخلاق في جميع المحافظات التي تُستهدف في المرحلة الثانية لحملة التحصين ضد مرضى الحصبة وشلل الأطفال في كلٍ من “أمانة العاصمة، تعز، حضرموت، الساحل، حضرموت الوادي والصحراء، صنعاء، الحديدة، إب، الضالع، عمران، حجة، المهرة، مأرب، المحويت، ريمة” خلال الفترة من “31مارس 5أبريل 2012م”، بما يمكن فرق التطعيم القيام بعملها بالشكل المطلوب، ويحقق النجاح لحملة التحصين الوطنية حتى تستطيع الحد من انتشار وباء الحصبة بتقليص حالات الإصابة وكبح مخاطر المرض وتهديداته الفادحة ولتستطيع أيضاً منع ظهور فيروس شلل الأطفال في اليمن من جديد وقطع الفرص أمام انتشاره. * المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان