حياة فلذات الأكباد غالية وصونهم من الأمراض الفتاكة طالما كان ذلك ممكناً مسؤوليتنا أمام المولى جل وعلا، ولا قبول لأي عذر للمتخاذلين الحارمين أطفالهم من التحصين الروتيني الذي يعد الأساس والأصل في حماية ووقاية الأطفال من الإصابة، لا نقول بمرض واحد أو اثنين وإنما بتسعة أمراض بشعة فتاكة.. فالتحصين عملية حيوية الهدف منها حصول الجسم على مناعة دائمة أو مؤقتة ضد أمراض معينة ونعني به أن نحمي أنفسنا من الإصابة بالبكتيريا أو الفيروسات المسببة لكثير من الأمراض أو ما يعرف اليوم بأمراض الطفولة القاتلة. وليس فقط ما يصيب الطفل مباشرة، ولكن أيضاً مايصيب الأم وينتقل إليها وإلى وليدها عن طريق الولادة غير النظيفة كمرض الكزاز. إذ إن تحصين النساء في الفئة العمرية من (15 45 عاماً) ضد مرض الكزاز الذي يقي بإذن الله تعالى من إصابة الطفل عند الولادة بمرض الكزاز الوليد طوال شهرين على ولادته، إلى جانب حماية الأم من الإصابة بهذا المرض طوال حياتها الإنجابية. ولا يسبب المرض على الإطلاق وإنما يؤثر مناعياً في الإنسان بصورة إيجابية لا تؤدي إلى أي أمراض. غير أن عملية التحصين ضد مرض الكزاز الوليد مثلاً قد تترافق ببعض الأعراض الجانبية، كارتفاع في درجة حرارة الجسم، وهذا يدل على تفاعل الجسم مع اللقاح، ولا يدل مطلقاً على وجود مشكلة حتى بالنسبة للمرأة الحامل، فهو مأمون تماماً، حتى أنه يوصي بأخذ الحامل جرعتين من هذا اللقاح.. كما ليس فيه مشكلة في الثلاثة الأشهر الأولى من الحمل، إلا أنه لا يوصي بهذا حتى لا يظن البعض إذا ارتبط الحمل بمشكلات معينة بأن اللقاح السبب في وقوعها، وبذلك نبرىء ساحة اللقاح بشكل استباقي.. وبالنسبة للمواطنين الذي يتخلفون عن الذهاب إلى التحصين أو لا يذهبون بأطفالهم لتحصينهم ضد أمراض الطفولة القاتلة، أقول لهم إن العملية واجبة أخلاقياً ومهنياً وأنها سليمة صحياً ومجربة. إذن لا داعي للتخوف من الأعراض الجانبية التي ترافق هذا التحصين، لأنها استجابة وتفاعل إيجابي للجسم مع اللقاح، فقد يحدث أحياناً ألم في الذراع بسبب الحقنة نفسها، لذلك يتم تحصين النساء ضد الكزاز المستهدفات في الفئة العمرية من “1545عاماً” في الذراع الأيسر وليس الذراع الأيمن إلا إذا كانت المرأة أساساً تستخدم ذراعها الأيسر في الكتابة أو العمل، فالذراع الذي لا يستخدم عادة هو الذي يتم فيه التحصين، ولأنه قد يسبب خدراً بسيطاً لبضع ساعات، لكنه لا يسبب أبداً أعراضاً دائمة. وبحسب جدول التحصين الروتيني للطفولة فإن أولى الجرعات التي يتلقاها الطفل بعد الولادة لقاح السل مع اللقاح المضاد لفيروس شلل الأطفال “جرعة تنشيطية” ثم عند عمر شهر ونصف، وشهرين ونصف، وثلاثة أشهر ونصف على التوالي لابد أن يأخذ الطفل خلال هذه الفترات ثلاث جرعات من لقاحات “الخماسي وشلل الأطفال والمكورات الرئوية”. واللقاح الخماسي بدوره يقي بمشيئة الله من خمسة أمراض قاتلة وهي “الكزاز الوليد الخناق السعال الديكي التهاب الكبد البائي المستدمية النزلية ب”. بعدها عند عمر تسعة أشهر لابد أن يحصل على الجرعة الأولى من اللقاح ضد الحصبة، ثم في عمر سنة ونصف يعطى جرعة ثانية من هذا اللقاح، وكلتا الجرعتين تعطيان للطفل بالتزامن مع إعطائه جرعتين من فيتامين “أ” وبهذا الشكل تستكمل جرعات التحصين الروتيني ضد أمراض الطفولة القاتلة. كما تم دمج اللقاح التاسع المضاد للمكورات الرئوية ضمن التطعيمات الروتينية، والذي يعمل على التخفيف من وفيات الأطفال الناتجة عن الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي. إن ما يوجه التحصين من عقبات منبعه اللامبالاة من قبل بعض الأهل الذين لا يحصنون أطفالهم دون العام والنصف من العمر مطلقاً بالجرعات الروتينية أو يكتفون بجرعتين منه أو ثلاث، وهذا لاشك قصور كبير ينم عدم الحرص على صون فلذات الأكباد إذ لابد من تحصين الطفل بكامل جرعات الوقائية.. وإذا ما تأخرت الجرعات عن موعدها، فلا مشكلة تستدعي معاودة التحصين من جديد، المهم ألا تتأخر كثيراً، والأولى والأفضل حصول الطفل على جرعات التطعيم في مواعيدها.