عاش في مدينة ما طبيب كان يبيع طلاء أصفر له ميزة غريبة ، فمن يطلي نفسه به من الرأس وحتى أخمص القدمين يتخلص إلى الأبد من أخطار الحياة، و إصر الشعور بالذنب، وكذلك الخوف من الموت، هذا ما قاله الطبيب لعملائه وهذا ما كان يقوله لجميع سكان المدينة، ولم يكن شيء مهم بالنسبة للرجال أكثر من أن يطلوا أنفسهم على نحو لائق ولا شيء يضايقهم مثل رؤية الآخرين مطليين. وقد كان يعيش في ذات المدينة شاب طائش من عائلة معروفة وقد وصل إلى سن الرجولة ولكنه لم يكن راغبا في استخدام الطلاء، (إن غدا لناظره قريب) كان ذلك رأيه، وكان مصرا عليه وربما استمر على هذا الحال حتى وفاته، كان لدى هذا الشاب صديق من نفس عمره و ويعيش ذات الحياة تقريبا، وبينما كان يسير في الشارع العام - بدون نقطة من الطلاء على جسده - وفجأة صدمته عربة ماء فلقي حتفه بأبشع الطرق. أثرت هذه الحادثة في ذلك الشاب بشدة، ولم يستطع أن يمنع نفسه من استخدام الطلاء، وفي نفس الليلة وبحضور جميع عائلته ومع موسيقى ملائمة ، دهنه الطبيب ثلاث طبقات مع لطخة على الرأس، وقد كان الشاب يبكي بصوت عال من فرط التأثر، وقد قال الطبيب الذي أدمعت عيناه بأنه ولأول مرة يقوم بعمله على هذا النحو الكامل. وبعد شهرين من هذه الواقعة، وصل الشاب إلى الطبيب على محفة، وبمجرد أن فتح الباب صرخ الشاب“ ما معنى هذا كله؟ كان يجب أن أكون في أمان من جميع أخطار الحياة، وها أنا صدمتني ذات عربة المياه وقد كسرت ساقي”. قال الطبيب” عزيزي، إن هذا مؤسف جدا، ولكن يجب أن أشرح ما هو مفعول طلائي بالضبط، إن الساق المكسورة ما هي إلا مسألة بسيطة بالنسبة للأخطار الأسوأ، ثم إن هذه الحادثة تنتمي إلى المشاكل التي لا يستطيع الطلاء أن يعالجها، الذنب، يا صديقي العزيز اليافع، الذنب هو البؤس الأهم الذي يجب أن يخشاه الرجل الحكيم، الذنب هو الشيء الذي أريد أن أخلصك منه، فبمجرد أن تتعرض للإغواء أخبرني عن مفعول طلائي” قال الشاب “ لم أفهم حرفا مما تقول بل ويبدو ما تقوله مخيباً للآمال، ولكن لا شك أن كل هذا من أجل مصلحتي، ولكن الآن أرجو منك أن تتفضل وتعالج لي قدمي”، قال الطبيب“ إن هذا ليس من اختصاصي، ولكن إذا أخذك مرافقوك إلى الطبيب الجراح في الركن المجاور، فأنا متيقن أنه سيمنحك الراحة”. بعد ثلاث سنوات جاء الشاب يجري إلى منزل الطبيب وهو في غاية الاضطراب و صرخ قائلا“ما معنى كل هذا أيها الطبيب، كان المفروض أن أتحرر من عبودية الشعور بالذنب، ولكني قمت لتوّي بعملية تزوير و أحرقت مبنى متعمدا وكذلك ارتكبت جريمة قتل”، قال الطبيب”عزيزي، إن هذا أمر موضوع خطير جدا، اخلع ملابسك الآن” ، خلع الشاب ملابسه كلها وفحصه الطبيب من رأسه وحتى قدميه، ثم قال براحة كبيرة “لا يوجد أي مكان غير مدهون، ابتهج يا صديقي الشاب، إن حالة طلائك ممتازة وكأنه قد وضع للتو”. قال الشاب“يا إلهي الرحيم، ما هي فائدته إذن؟” قال الطبيب “إني أعي تماما إني يجب أن اشرح طبيعة عمل طلائي، إنه لا يمنع من الوقع في الذنب تماما، ولكنه بالمقابل يجعلك متخففاً من عواقبه الأليمة، وهذا قد لا يفيدك في الحياة الدنيا بل في الآخرة، إنه ليس ضد الحياة، إنه – بمعنى آخر - ضد الموت، الموت الذي لن يحدث لك، فعندما تحس باقتراب أجلك، أخبرني عن مفعول طلائي”. قال الشاب” لم أفهم هذا، بل ويبدو ما تقوله مخيباً للآمال، ولكن لا شك أن كل هذا من أجل مصلحتي، ولكن الآن أرجو منك أن تتفضل وتجعلني أتوقف عن ارتكاب الشر الذي سببته لأشخاص أبرياء” قال الطبيب: إن هذا ليس عملي،لكن إذا ذهبت إلى ركن الشارع إلى الشرطة، وسلمت نفسك أعتقد أن ذلك سيريحك كثيرا”، بعد ستة أسابيع تم استدعاء الطبيب إلى مركز المدينة قال له الشاب وهو يصرخ“ ما معنى كل هذا، إنني ملعون تماما بسبب طلائك، لقد كسرت ساقي، وارتكبت جميع الجرائم التي تخطر على بالك، وسوف يتم إعدامي غدا، لا تسعفني الكلمات لتصوير مدى خوفي”. قال الطبيب” عزيزي، إن هذا رائع، رائع فعلا، ربما إذا لم تكن قد استخدمت الطلاء فسوف تكون أكثر خوفا من الآن”.