إذا قام الإنسان بعمل استهدف شيئاً واحداً منه. أما إذا أمرنا الله سبحانه وتعالى بأمرٍ، فيجب أن نعلم علم اليقين، أنه لا حدود للخير من وراء هذا العمل. فإذا كان الصوم من أجل تطهير النفس، والسمو بها، وتقوية الإرادة فيها، ومن أجل تعريفها بنعم الله عزَّ وجل، ومن أجل وقايتها من كل سوء، ومن أجل بلوغ مرتبة التقوى، فإن للصيام أهدافاً أخرى تعود على هذا الجسد. كلكم يعلم أن قوام هذا الجسد الطعام والشراب. وأن الطعام والشراب إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده. والمعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء. وكم من مرضٍ زال في شهر الصيام، لماذا ؟ لأن الإنسان إذا امتنع عن الطعام والشراب تُسْتَهْلَكَ هذه التعفُّنات وهذه البقايا في أطراف الأمعاء، فالصيام استجمامٌ وراحةٌ لكل أجهزة الجسم. أيها الإخوة الأكارم: لا يزال الطب يؤكِّد في كل حين أهدافاً، أو فوائد للصيام، لم يكن يعرفها من قبل. كلما زاد العلم ازدادت كشوفه، وعرفنا من خلال معطياته أن للصيام فوائد تعود على الجسد. أمراضٌ كثيرة ؛ أمراضٌ متعلقةٌ بالأوعية، أمراضٌ متعلقةٌ بالضغط، أمراضٌ متعلقةٌ بالسكر، أمراضٌ متعلقةٌ بنواحٍ شتَّى، ربما شفيت في رمضان أو خفَّت حدتها. ربما استعاد الجسم بعض صحته. لهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ ))