بما أن(التيس) قرر أن ينتصر لحقوق جميع المضطهدين والمعنّفين على مستوى حياتهم المعيشية ...أخذ الورقة والقلم عوضا عن(لابتوبه الخاص) وذلك لعدم توفر(الطاقة)....كما قرر أن يصمد أمام المعوّقات التي ستحول دون وصول مذكرته التي سيحررها ويرفعها إلى (حقوق الإنسان) باليمن ....وأن يوصل رسالته إليها حتى وإن كلّفه ذلك أن يسافر بها على ظهر(حمار) لعدم توفر الوقود ...كونه يقطن بإحدى القرى البعيدة...الأهم من كل ما سبق ذكره أن مضمون مذكرته قضية إنسانية غاية في الحساسية ومن المستحيل أن يلتفت إليها وهي قضية من يسمون(بعمال النظافة) واقترح بين سطورها بعض أفكاره علّها تفيدهم في قادم الأيام وبدأ(التيس) سطور مذكرته قائلا: (إلى وزيرة حقوق الإنسان المحترمة....هنا على أرض اليمن السعيد يعيش إنسان تعيس وهو من يطلقون عليه بعامل النظافة ...فالتسمية بحد ذاتها تنتقص من آدمية هذا الإنسان....ففي اليابان كمثال: من العيب يسمى عندهم بعامل النظافة، وإنما يسمونه مهندس الصحة ....وجعلوا لهذا المخلوق حياة كريمة تليق بحساسية المهنة التي يعمل فيها ....كما أنهم يعطونه في الشهر8000 دولار فقط....وذلك تقديرا لعمله الذي يعتبرونه أصعب وأهم مجال يرتبط بصحة وحياة الإنسان...صحيح أن أصدقاءنا اليابانيين (أصحاب عيون ضيقة) لكنهم بآفاق واسعة وعظيمة ...ويعطون قيمة لحياة الإنسان أيا كان بما فيها الأعمال التي ينظر لها (العرب)باحتقار....ويضيف التيس:فأنا لاأشطح أن تمنحوا هذا الإنسان( 8000)) دولار شهريا....يكفي أن يسكن في بيت محترم ويمتلك فيه مقومات الحياة الكريمة ...لأننا نعلم جميعا أن هؤلاء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء....ويناديهم الصغير والكبير(ياصاحب القمامة) فأقترح أن يتم تغيير الصفة من عامل النظافة إلى أمير البيئة؛ لأن بيئتنا وبلدنا من دونهم ستتحول إلى مزبلة لا تطاق...ولكي نعيد إلى هؤلاء بعض آدميتهم المسلوبة....على أن تعمموا ذلك بكل وسائل الإعلام وتغيير النظرة الدونية تجاههم...وإعادة النظر فيما يتقاضون من أجرٍ زهيد لا يكفي حتى باقتناء حذاء جديد ومكنسة وطربال يقي من حرارة الشمس وبرد الشتاء...إلى هنا أكتفي بهذه السطور على أمل أن تحظى باهتمامكم....) التوقيع(التيس) وفيما كان (التيس)يطوي المذكرة التي حررها إلى جهة الاختصاص ....ذكرته (جارتنا لطيفة)بالصعوبات التي سيواجهها....وعليه ألاّ يغتر بنفسه أن مذكرته ستصل لأنها تشبه المستحيلات الثلاث عند العرب (الغول والعنقاء والخل الوفي)؛ ولأن بإمكان شخص ما أن يرسل تلك المذكرة عبر الشبكة العنكبوتية أوصحيفة أو أي وسيلة إعلامية أخرى. وأضافت (جارتنا لطيفة) عليك أيها التيس الواثق من نفسك أن تستأجر حمار عمو لطيف...لأن سيارات القرية متوقفة لعدم توفر المشتقات النفطية ....كذلك الكهرباء لاتزورنا إلا في الشهر مرة....كما ترنمت السيدة فيروز زوروني كل سنة مرة ....ولكي تتمكن من رفع مذّكرتك إلى الجهة المعنية ...عليك أن تستعد للسفر من صباح الغد...كما عليك أن تكون حريصا من حمار عمو لطيف لأنه متمرد وقد يقذفك من أي شاهق...أويهوي بك إلى مكان سحيق ...واختتمت توجيهاتها للتيس: أنصحك أن تتجنب كل هذه الصعوبات ....لكي لا تفقد حياتك في سبيل إيصال هذه المذكرة حين تسقط من على ظهر حمار عمو لطيف....كما أفضل أن تعود إلى أقرانك التيوس... وتكمل بقية حياتك في زريبتي معززا مكرما ....وتذكّر أن لهذا الإنسان ربا لن ينساه...!!.. ورمضان كريم.