في رمضان يمكنك أن ترى فصول السنة الأربعة متجسدة في يوم رمضاني واحد . بعد صلاة الفجر بدقائق معدودة يبتدئ فصل الشتاء فإذا الجمود سيد الموقف والصقيع يبسط نفوذه على الأحياء والجمادات فترى الحركة خفيفة وشبه مقيدة ولذلك ليس غريباً أن نرى السواد الأعظم من الناس يخلدون إلى الهجوع والنوم حتى تلوح في الأفق تباشير فصل جديد ، يمتد هذا الفصل من الوقت المشار إليه قبلاً حتى أذان الظهر . ما إن ينهي المصلون صلاة الظهر حتى يكون فصل الشتاء قد ودع وغادرهم معلناً حلول فصل جديد وهو فصل الصيف الذي يتسم بارتفاع فظيع لدرجات الحارة وفي هذا الفصل تحديداً نلحظ نشاطاً محدوداً في الحركة يقتصر على أصحاب المحال التجارية والباعة وسائقي الحافلات وسيارات الأجرة والسابقين من (المقاوتة) والحق أن هذا الفصل يعتبر أقسى فصول اليوم الرمضاني على الصائم . عند أذان العصر تماماً يكون فصل الصيف قد لفظ أنفاسه وبدأ بعده فصل آخر هو فصل الخريف والذي يمتد حتى أذان المغرب وفي هذا الفصل يبدو أكثر شاعرية وخصوصاً عند انهمار قطرات المطر التي تضفي على الناس والمكان مناظر مفعمة بالحيوية والنشاط ورغم أن المطر قد يعيق الحركة التي لا بد للصائم من القيام بها في مثل هذا الوقت وقضاء بعض حاجاته وأنه قد يعيق أيضاً حركة البيع والشراء لأصحاب البسطات والباعة المتجولين لكن الكل يشعر بالسعادة والاستمتاع . يؤذن المؤذن وهو فصل الربيع ليكون الصائمون على موعد مع الفصل الرابع والأخير وهو فصل الربيع وفيه تتفتح براعم البشاشة في الوجوه وتظهر أزهار الابتسامات في محيا الصائمين حتى الجو يلبس حلة من الأنس والبهاء مترفة النشوة وبهذا يجد المرء أنه قد عاش فصول السنة الأربعة في يوم رمضاني واحد لله درك يا رمضان ما أجملك وما إغزر أسرارك . سواك : الطريق إلى القلب ليس بعيداً إذا شئت أن تأتي قلبي فقط قل لروحك أن تتبسم .