لا يستطيع احد ان يجادل بان موقف القرآن من حقوق الانسان هو موقف استرضائي او مؤقت. فالقرآن قد حسم هذا الامر بآيات محكمة و قبل اكثر من اربعة عشر قرنا. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (47) إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً (51) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58). في هذه الآيات ينتقد القرآن بعض اليهود الذين يزكون انفسهم فيحللون و يحرمون وفقا لأهوائهم و مصالحهم الأنانية. و لذلك فإنهم يتظاهرون بالتدين و بالقبول بالطاعة لله و هم ينوون مخالفة ذلك ويستفسرون عن بعض الامور و هم لا ينوون حتى مناقشة ما يرد على استفساراتهم. انها العبثية بأقصى معانيها و التضليل بأسواء ما يمكن ان يكون. و لذلك فإنهم لا يترددون في الكذب على الله و على خلقه. و من ثم فإنه لا قيمة لما يقبلون به و لا لما يرفضونه لانهم ببساطة لا يتثملون لذلك. انهم فقط يقبلون بالجبت اي الكذب و الطاغوت الاكراه. فإن استطاعوا ان يكذبوا فإنهم يتنكرون لكل ما يتفق عليه معنهم و عندما يتمكنون فإنهم يتنكرون لكل ما وعدوا به حتى تلك الوعود التي اقسموا عليها. فهدفهم الوحيد هو السيطرة على العالم و حرمان غيرهم من اي حقوق. فاذا ما حكموا غيرهم فإنهم يحرمون من يحكمون من ابسط الحقوق اي إنهم لن يعطوهم حتى النقير اي ادنى حق من حقوقهم. و اذا لم يحكموا فإنهم يحسدون الناس على ابسط الامور فيعملون على التآمر عليهم و التخريب ضدهم بدون اي اسبب الا انهم لا يستطيعون ان يروا غيرهم مثلهم ناهيك ان يكون افضل منهم. و من اجل ان لا يسيطر على العالم مثل هؤلاء فإن الله وجها أمرا للناس كل الناس هو قوله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات اي الحقوق الى اصحابها بغض النظر ان كانوا مثلكم اي من نفس قوميتكم او يدينون بدينكم او يتشابهون معكم في اللون او يتكلمون لغتكم او يعيشون بينكم او لا يعيشون بينكم و سواء كان بينكم و بينهم او لم يكن بينكم وبينهم ميثاق و سواء بادلوكم نفس الحقوق او لم يبادلوكم. فالله يأمركم ان تعطوا الناس حقوقهم بدون اي شروط او انتقاص او مساومة من اي نوع كان. ما من شك بان موقف القرآن من حقوق الناس هذا اقوى حتى من الموقف الذي تم اعتماده في عام 1976 تحت عنوان الاعلان العالمي لحقوق الانسان. فهذا الاعلان لم يستطيع ان يوصل رسالة للناس حول حقوق الانسان كالرسالة التي تضمنتها هذه الآيات. انها قوية جدا بما يفوق ما ورد من ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الانسان. انها شاملة اكثر بكثير مما ورد من حقوق في المواد العديدة التي احتواها الاعلان العالمي لحقوق الانسان. ان استخدام إن التوكيدية و اتباعها الله ثم بالأمر اي يأمركم لم يترك اي مجال للشك او التسويف او التبرير لعدم تنفيذ ذلك. و لا شك ان ذلك اقوى مما ورد في ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الانسان من عبارات تدل على اهمية القبول و العمل بما ورد فيه من حقوق. فاذا كان الله يامر بتأدية هذه الحقوق فإن ذلك يقطع الطريق على كل من يحاول ان يمنع اصحاب هذه الحقوق منها او يتنقص منها من ذلك. ذلك ان اكبر مبرر قد يستخدمه مثل هؤلاء هو ان حق الله مقدم على حقوق هؤلاء. فاذا كان نفسه قد امر بتأدية هذه الحقوق فإنه لا ينبغي استخدم مثل هذه المبررات و اذا ما تم استخدامها من قبل البعض فإنها مردودة عليهم لان الله قد امر و لا يحق لاحد غيره ان يمنعه باسمه. و من يفعل ذلك فإنه يكون قد افترا على الله كذبا و اثما مبينا. و ذلك فإن لفظ ان تؤدوا الامانات الى اهلها اقوى من عبارات احترام و تقدير هذه الحقوق. فالتأدية تعني التنفيذ الفوري للحقوق التي هي للانسان و النابعة من طبيعته مما اعطاه الله. و لا شك ان ذلك اقوى من الاعتراف و احترام حقوق الانسان كما ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان. فالاعتراف يعني انه من الممكن ان بعض الدول لا تعترف. فمن حقها الاعتراف و عدم الاعتراف. لكن التأدية تعني ان ما على هذه الدول سوى التنفيذ و التنفيذ فقط. ان استخدام الآية لفظ الامانات مهم جدا. فمن ناحية انه جعلها مفتوحة لأي حقوق قد تستجد. و ثانيا فإن كونها امانات يعطيها دافعا و حافزا اخلاقيا بالاضافة الى الدافع الدين. و ذلك فإن الدوافع القانونية ما هي الا مكملة لهذه الدوافع. فالقانون فيما يخص الحقوق لا ينشئها و انما يؤكدها. و الدليل على ذلك ان القانون فقط يركز على بعض الحقوق و لا يمكن ان يستوعبها. و هذا ما حدث فعلا في التحضير للإعلان العالمي لحقوق الانسان. و من اهم الموضوعات التي حظيت بأكبر حيز النقاش الاجابة على سؤال التكيف القانوني لهذه الحقوق. اي هل يتم من خلال ميثاق مثل ميثاق الاممالمتحدة ام ان ذلك لن يكون له قوة إلزامية و اخلاقية كافية. و في نهاية المطاف تم الاتفاق على الاعلان بدلا من المعاهدة او الميثاق. و من وجهة نظري فإن الاعلان من حيث قوته الاخلاقية و القانونية لا يرقى الى ما ورد في الآية. و مما يؤكد ذلك ان الآية نصت على تأدية الحقوق الى اهلها. و هذا يعني انه من حيث المبدا فإن اصحاب الحقوق لا يقع على عاتقهم المطالبة بها. فقد لا يكون قادرين على ذلك و خصوصا عندما يكونون من الفئات المهمشة او المستضعفة. بل ان على الجميع ان يؤدوا هذه الامانات اهلها سواء طالب اهلها بها ام لا. و لا شك ان لهذه النقطة دلالات كبيرة. و يتضح ذلك من التطورات التي حدثت في هذا الجانب منذ صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان و الى الان. فقط تم تطبيق هذه الحقوق على ارض الواقع في بعض المجتمعات و على بعض الفئات. فالمجتمعات المتخلفة رغم موافقتها على هذا الاعلان فإنها لم تفع شيئا في الجانب على ارض الواقع. و مما يؤسف له ان الدول العربية و الاسلامية من ضمن هذه الدولة بحجة ان هذه الحقوق تتعارض مع الشريعة الاسلامية و كان الشريعة الاسلامية اكبر من الله. فالله قد امر و لا يحق لاحد ان يتحجج بالله. لكن في حقيقة الامر فإن السلطات المتنفذة هي التي لا تقبل بذلك. و كان عليها ان تقول ذلك صراحة لا ان تقترف الى جانب ظلم اصحاب الحقوق اقتراف الكذب على الله. لم يقرا هؤلاء هذه الآية؟ فالله يامر و الله يوعظ و الله يحث و الله يراقب. فاذا كان هؤلاء يحبون الله و يحرصون على ارضائه لبادروا الى تبني الحقوق قبل ان يتبنى ذلك الغرب. و اذ لم يفعلوا ذلك فقد كان عليهم ان يكونوا اول المنفذين لان ذلك يرضي الله و يرضي الخيرين من الناس. و من الملفت للانتباه ان اية الامانات ( الحقوق) قد ربطت بينها و بين العدل. فمن ناحية فإن هذا الربط مع الفصل قد يدل على ان هناك تطابقا و اختلافا بين الامانات اي الحقوق و العدل. فاذا كانا شيئا واحدا فلا داعي لاستخدام اللفظين معا في اية واحدة. فالأمانات هي حقوق طبيعية من حيث المبدا و هي موجودة قبل العدل و بالتالي فإن عدم تحقق العدل لا يلغيها او ينتقص منها. و من ناحية اخرى فإن العدل يساعد و بدون شك بتمكين اصحاب الحقوق منها. و من الملاحظ ان اذ الشرطية قد سبقت الحكم بالعدل و لم تسبق الامر بتأدية الامانات. و لا شك ان لذلك دلالات كثيرة و كبيرة منها. ان العدل رغم انه مطلب انساني قد يتحقق و قد لا يتحقق. و بالتالي فإن تحقق العدل فإنه لا بد و ان يرتكز على الامانات و ان لا يتجاوزها اي يعرقل منها او يحد منها تحت اي مبرر كان. و من الغريب بالأمر ان التاريخ البشري قد شهد على تجارب انسانية كثيرة تم فيها تجاوز الحقوق باسم العدل. و لعل من ابرز الامثلة على ذلك العبودية و ما ارتبط بها من قوانين و محاكم و عقوبات و كل ذلك باسم العدل من وجهة نظر السيد لا من وجهة نظر العبيد او من وجهة النظر الانسانية. و نفس الامر ربما ينطبق على ما يتعلق بالمكية و القوانين و الانظمة التي ترافقت معا و ما ترتب على ذلك من قيام مؤسسات السوق و بعض العلاقات الاقتصادية. و يمكن ان ننبه كذلك ان العدل ذاته قد ارتبط بالحكم اي و اذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل. فنهاك ربط بين الحكم و بين الناس و بين العدل. فالحكم هنا قد يكون مرتبط بالسلطة السياسية و قد لا يكون كذلك. فقد يتم ممارسته خارج المؤسسات السياسية مثل التحكيم او داخل الاسرة مثل الفصل في الخلافات بين الاولاد او في اطار القبيلة او حتى في اطار العلاقات الدينية و المؤسسات الدينية. لكن الربط بين الناس و الحكم و العدل يدل على العدل مفهوم انساني لا يتغير بتغير الدين او العرق او القومية او الثقافية او اي اعتبار اخرى. و لذلك فإنه يعد اساس للتعامل البشري العابر للحدود و للتمايزات المختلفة. و على هذا الاساس فإنه لا ينبغي ان تحول هذه التمايزرات و بين التفاوت في العدل لأي سبب كان. و على هذا الاساس فان هناك مجالات للتعاون بين جميع البشر حول تحقيق العدل حتى و ان اختلفت انظمتهم السياسية او الاجتماعية او الثقافية او الممارسات الدينية. و على هذا الاساس يمكن تبرير ما اطلق عليه في العصر الحديث بالقانون الدولي الانساني او فيما يحدث حاليا من توحيد التعاملات فيما يخص عالمية الحقوق الانسانية و علوها على القوانين و الاعتبارات المحلية. و في هذا السياق فإنه يمكن القول بأن القرآن قد احتوى على سابقة في هذا المضمار و التي لم يكن لها ما يبررها حال نزوله لا من حيث الواقع و لا من حيث التصور. و من المؤكد ان ذلك مثال على اعجاز القرآن وعلى كونه منزلاً من الله الذي يعلم السر في السموات و الارض. لم يكتف القرآن بهذه الاشارة المهمة لذلك بل انه قد احتوى على آيات توضح المجالات التي تحتم وجود العدل من اجل استقامة الحياة البشرية و كذلك المستويات التي يجب فيها مراعة العدل. و قد اوضح القرآن بما لا يدع اي مجال للشك ان الدين اي دين يجب ان يتوافق مع العدل بالمفهوم العام لا مع العدل الخاص له. و كذلك فإن الرجال العظماء مثل الانبياع و المصلحين يجب عليهم ان يتحروا العدل و ان يحاسبوا من قبل الاخرين قبل ان يحاسبوا من قبل الله حول مدى التزامهم و امرهم و دعوتهم ووعظهم بالعدل. «ان الله يامر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. « وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم. فلذلك فادع واستقم كما امرت ولا تتبع اهواءهم وقل آمنت بما انزل الله من كتاب وآمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا اعمالنا ولكم اعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا واليه المصير». فالعدل مهم في المجال الاقتصادي. «يا أيها الذين آمنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب ان يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها او ضعيفا او لا يستطيع ان يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى ولا يأب الشهداء اذا ما دعوا ولا تساموا ان تكتبوه صغيرا او كبيرا الى اجله ذلكم اقسط عند الله واقوم للشهادة وادنى الا ترتابوا الا ان تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح الا تكتبوها واشهدوا اذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وان تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم». و العدل كذلك مهم على مستوى الافراد و الجماعيات. «وضرب الله مثلا رجلين احدهما ابكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه اينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يامر بالعدل وهو على صراط مستقيم». فاذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم واقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الاخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا». و العدل مهم بين الناس مهما كانت مستوياتهم و ظروفهم. «يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم اذا حضر احدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم او اخران من غيركم ان انتم ضربتم في الارض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله ان ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله انا اذا لمن الاثمين». «ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن حتى يبلغ اشده واوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا الا وسعها واذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله اوفوا ذلكم وصآكم به لعلكم تذكرون». و العدل مهم و مطلوب حتى بين المؤمنين. «وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله فإن فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين». «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين ان يكن غنيا او فقيرا فالله اولى بهما فلا تتبعوا الهوى ان تعدلوا وان تلووا او تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا». «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنان قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون». لقد لخص القرآن حقوق الانسان كلها ووضعها تحت ثلاثة عناوين رئيسية هي حق الحياة اي حماية النفس و حق العيش الكريم اي حق حماية المال و حق الكرامة اي حق حماية العرض. و من هذه الأمهات الثالث يمكن ارجاع كل حقوق الانسان منذ ان خلق الله ادم و الى ان يرث الله الارض و ما عليها. و لا اعتقد ان اي كتاب ديني او فلسفي او حقوقي اي قانوني قد سبق القرآن الى مثل هذا التلخيص الشامل الذي يتوائم مع كل الاماكن و الازمنة. ان ذلك بحق احد معجزات القرآن. انه فعلا و بحق تنزيل من رب العالمين الذي يعلم السر في السموات و الارض. الا يعلم من خلق هو اللطيف الخبير. انه يعلم و بدون اي شك او ريب. فمن يحلل الاعلان العالمي لحقوق الانسان فسئجد ان كل ما تضمنه من حقوق هي في حقيقة الامر مشتقة من هذه الامهات الثلاث. والاكثر اهمية هو ان هذه الامهات الثلاث التي جاء بها القرآن تتضمن هذه الحقوق الواردة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان و اكثر منها. و بالتالي فإنها لا تتناقض مع هذه الحقوق و في نفس الوقت فإنها يمكن ان تؤسس لحقوق جديدة و ذلك بخلاف الاعلان العالمي و الذي هو محدود فقط بما احتواه من حقوق و لا غير. فاعلان العالمي قد احتوى على اربع حريات هي حرية التعبير و حرية التجمع و الحرية من الخوف و الحرية من عدم تمكين الانسان من تلبية احتياجاته. لكنه في نفس الوقت لم يضع عملية توفير و حماية هذه الحريات بيد الدول. و كما هو معروف فإن الدول هي المنتهكة الاساسية لهذه الحريات و بالتالي فإن هناك تناقضاً في ذلك. فكيف يمكن ان يكون المنتهك هو الحامي؟ فأما القرآن فإنه وضع هذه الحريات تحت حرية الاختيار. و لا شك ان حرية الاختيار تبدا من اختيار الدين و تنتهي في حرية اختيار الموطن و نظام الحكم. و على هذا الاساس فإن الانسان صاحب الحقوق هو الذي يحمي حقوقه و ذلك من خلال تمكينه من ذلك. و ما من شك من ان حماية النفس اي حماية الحياة هو الضمان الاول لحماية و تمكين الانسان من كل هذه الحريات الاربع و اي حريات اخرى. فالواقع في هذه الحالة هو الذي يحدد هذه الحريات بشرط ان لا يكون من ضمن الحريات حرية القتل او التعذيب أو اي تقيد اخر يهدد الحياة. و لعل من اهم ذلك هو الفقر المهدد للحياة و لكل انواع الحقوق المرتبطة بها. و على هذا الاساس فإن القرآن كان اشمل و ادق في تصنيف الحقوق الانسانية على اساس حماية النفس و المال و العرض. فلا قيمة لحقوق الانسان الأخرى التي وردت في الاعلان العالمي لحقوق الانسان مثل حق الكرامة و حق الحرية و حق المساوة و حق الاخوة. فهذه الحقوق يكون لها معنى اذا تحقق أولا حق حماية النفس المتضمن عدم الاقرار او السماح لأي انسان ان يعاني من الفقر. فاذا ما عانى اي انسان من ذلك فإنه بحكم الواقع فلن يستطيع ان يمكن من الحقوق على ارض الواقع حتى لو كان القانون يعترف بها لأنه ببساطة لن يكون قادراً على التمكن منها بنفسه. الا ترى ان العبودية الناتجة من الفقر لا زالت قائمة و بأشكال متعددة حتى اليوم اي بعد ما يقرب من اربعين عاما على اصدار الاعلان العالمي لحقوق الانسان. انها ستظل كذلك في المستقبل ما لم يتم اعتبار الفقر مهددا للحياة. و هذا على الاساس فإن حماية المال هو في الحقيقة نابع من اهمية ذلك للحياة. وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) . واذ اخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون انفسكم من دياركم ثم اقررتم وانتم تشهدون. «ثم انتم هؤلاء تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم والعدوان وان ياتوكم اسارى تفادوهم وهو محرم عليكم اخراجهم افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون. ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون الا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف اليكم وانتم لا تظلمون. يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما». «قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا ولا تقتلوا اولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ذلكم وصآكم به لعلكم تعقلون». ففي هذا الآيات يربط الله بين حق حماية النفس و حماية المال. و الآيات التالية تؤكد ذلك. ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون. وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3) وَآتُواْ النِّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (4) وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5) وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6). يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30). و بالمثل فإن حماية العرض هو نابع من حقي حماية الحياة وحق حماية المال. فمن لا يقدر حق الحياة لن يقدر حق حماية لعرض. و في نفس الوقت فإن من يحاول انتهاك عروض الآخرين فإنه لا بد و ان يعمل اولا على اهدار حق الحياة و حق حماية المال و كل الحقوق المرتبطة به. فقط يكون للحقوق السياسية و الحضاري معنى عندما يتم احترام الامهات الثالثة للحقوق اي حق حماية الحياة و المال و العرض. و نفس الشيء ينطبق على الحقوق الاجتماعية او اي حقوق اخرى . ان حق الحياة لا يعني حق ما قبل الحياة و لكنه يعني حق الحياة الكريمة. الله تعالى وحده هو الذي يهب الحياة. فلم يختر احد ان يكون حيا و لم يختر احد زمان حياته و لا مكان حياته و لا حتى والديه. فكل هذا الامر يحددها الله تعالى. و على هذا الاساس فإن حق الحياة يبدأ من نقطة بداية الحياة. و هنا ينبغي ان ننبه ان هذه النقطة لا زالت محل خلاف بين الامم و الحضارات. فمنه من يعتبر هذه النقطة تبدأ من لحظة الولادة. و منه من يعتقد انها تبدأ من لحظة كمال التكون في الرحم و منها من يعتبرها من لحظة التخصيب. و من وجهة نظري ان هذه الحظة تبدأ من لحظة الارتباط بين الزوجين. و الدليل على ذلك ان القرآن قد نظم حقوق المولودين من قبل ان يولدوا اي من لحظة الارتباط بين الزوجين. اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9). «وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا». «هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما اثقلت دعوا الله ربهما لئن اتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين». «والله جعل لكم من انفسكم ازواجا وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أ فبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون. والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما». «ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون». «والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم ازواجا وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره الا في كتاب ان ذلك على الله يسير». «خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وانزل لكم من الانعام ثمانية ازواج يخلقكم في بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا اله الا هو فإني تصرفون». «فاطر السماوات والارض جعل لكم من انفسكم ازواجا ومن الانعام ازواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير». وانه خلق الزوجين الذكر والانثى. و اذا كانت نقطة بداية الحياة يحددها الله تعالى فإن لحظة انتهائها يحددها الله تعالى كذلك. «كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون». «تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب. »وما كان لنفس ان تموت الا بأذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الاخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين». «ان الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون». «قل من يرزقكم من السماء والارض امن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل افلا تتقون». «يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الارض بعد موتها وكذلك تخرجون». «الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون». «ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت ان الله عليم خبير». اذن فحق الحياة وفقا للمفهوم القرآني ينصرف الى الفترة الزمنية التي تفصل نقطة بدء الحياة و نقطة نهايتها. ففي هذه الفترة فإن الانسان لا يعطى حقه في ان يعيش كما ينبغي له ان يعيش. و ينتج ذلك نتيجة للعلاقات التي تربط بينه و بين غيره من الناس. اذ لو كان بإمكان الانسان ان يعيش منفردا لما كان لحق الحياة بهذا المعنى ان يكون محل نقاش و جدال و تنظيم. فالحياة بهذا المعنى كما وردت في القرآن هي ضرورية لترقي الانسان في مجال الكمالات. و بلغة ادق من خلال التوصيف القرآني ان الحياة ينبغي ان تكون فرصة للمعارج في درجات الكمالات الانسانية. «فهديناه النجدين و نفس و ما سواها فألهماها فجورها و تقواها». «من الله ذي المعارج تعرج اليه الملائكة و الروح في يوم كان مقداره خمسين الف سنة».« ان رؤساء الملائكة و على رأسهم جبريل عليه السلام ترقوا في المعارج حتى وصلوا الى الرتب التي هم عليها عبر فترة زمنية تصل الى ما يقارب خمسين الف سنة مما نعد. و لذلك فإن الانسان ينبغي يستغل عمره للترقي في الكمالات الانسانية. هذا الترقي هو الذي يبرر حقوق الانسان و منها يمكن ان تشتق كل الحقوق المرتبطة بهذا الحق من العيش الكريم و التمكين من التجربة و الخطأ و تحديد مستقبله. و ما من شك من ان تحديد مستقبله النهائي قبل ان يغادر الحياة اهم من اي شيء اخر. و لذلك كان حق الانسان في اختيار الدين الذي يرغب به و حقوقه في ممارسة عباداته اهم حتى من حقه في الغذاء و الملبس و المسكن و كل الامور الاخرى. بل انه يمكن القول بان كل حقوق الانسان كتلك التي وردت في الاعلان العالمي لحقوق الانسان و غيرها من الحقوق تنبع من هذا الحق. فإذا كان الانسان لا يهتم بما سيحدث له بعد الموت فإنه بطبيعة الحال سوف لن يهتم من اتى الى هذه الحياة. و في هذه الحياة فإن تصوره للحياة التي يعيشها في هذه الحياة الدنيا ستختلف و من ثم سيختلف مفهوم و طبيعة الحقوق الانسانية. و هذا ما حدث لمن لا يهتم بالحياة الاخرة او ينكرها. فبالنسبة له فإن حقه في الحياة ينحصر في ان يطلق هواه ليفعل ما يريد. و لا شك ان ذلك غير ممكن لأن اهواء الناس تتناقض و تتقاطع في العديد من الامور. و لا شك ان ذلك يعني في حقيقة الامر ان الانسان لا يستطيع ان يمارس اي حق لأن ممارسة البعض لهذه الحقوق يعني مصادرة حقوق الآخرين. و في هذه الحالة تكون الغلبة للقوة. فمن يملكها يستطيع ان يمارس ما يشاء و لكن ذلك يكون على حساب الآخرين. الحياة بهذا المعنى لا بد و ان تكون دائما تفاعلا بين ظالمين وهم القلة و مظلومين وهم الاغلبية. ان حياة بهذا المعنى هي عبث و عدم وجودها افضل بكثير من وجودها. هذا من ناحية و من ناحية اخرى فإن القوة لا تدوم و من يكون ظالما في وقت لا بد و ان يكون مظلوما في وقت اخرى. و بذلك تكون الحياة معاناة و تعباً لكل من يعيشها انها ببساطة تكون عبثية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. لا يمكن ان يكون للحياة اي معنى الا اذا تم ربطها بما بعد الموت. الامر الذي يحتم ربطها بما قبل الحياة. و في هذه الحالة يكون للحياة الحالية معنى و هو الترقي في مراتب الكمال. و على اساس ذلك يمكن اشتقاق حقوق الانسان و هذا ما اثبته القرآن بشكل واضح و جلي. صحيح ان بعض البشر لا يسعون او لا يستطيعون الترقي في مراتب الكمال. بل ان بعضهم يسعى الى ان يكون وضعه عند نقطة الموت اسواء من وضعه عند نقطة بداء الحياة. لكن ذلك لا يكون وضاحا الا اذا كان هناك من يترقى باختياره و سعيه و هناك من يرتد الى اسفل سافين. لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ثم رددناه اسفل سافلين. حق الانسان في ان يعيش كما يرغب هو الذي يجعل لهذا التباين معنى. و على هذا الاساس فإن حق الحياة كما ورد في القرآن ينبع من هذا التصور للحياة. و كذلك فإن الحقوق الاخرى تنبع من هذا الحق و بهذا التصور. و من الواضح ان هناك تشابها بين ما تضمنه الاعلان العالمي لحقوق الانسان من حقوق و بين ما تضمنه القرآن من حقوق. و هنا ينبغي ان نؤكد ان الاختلاف بين المفهومين هو ان القرآن قد تضمن نفس الحقوق الواردة في الاعلان العالمي و لكن بعمق اكبر و قد تضمن القرآن حقوق واعتبارات اخرى مرتبطة بها لم ترد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان. و لأن الله هو خالق الحياة فإنه لم يأذن لاحد غيره ان ينهيها الا اذا كان ذلك ضروري اي من اجل حماية الحياة فقط. «و لكم في القصاص حياة يا اولي الالباب. يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم».« من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم ان كثيرا منهم بعد ذلك في الارض لمسرفون». فوفقا للقران فإن الغاية من الدين و من العلاقات الاجتماعية و من العلاقات السياسية و من العلاقات الاقتصادية و من العلاقات الثقافية هو حماية النفس اي حماية حق الحياة. فتوحيد الله سبحانه و تعالى يمنع الظلم و لا شك ان من افظع انواع الظلم هو الشرك بالله و قتل النفس التي حرم الله الا بالحق. و يما ان قتل النفس سواء بمعناه الضيق ازهاق الحياة او بمعناه الواسع تحويل مجرى الحياة من سيرها الطبيعي الى مسارات اصطناعية قد تبقي على النفس حية لكنها تحرمها من مقتضياتها الطبيعية اي جعلها تعاني من الخوف و الحزن، امر عظيم لا تقبله النفس البشرية بسهولة فإن الشرك بالله قد يبرر ذلك بل انه قد يحظ او يامر به مباشرة. فالشرك بالله أيا كان مصدره او نوعه او حجمه هو في حقيقة الامر قتل معنوي للنفس. و ينبع ذلك من حقيقة ان النفس البشرية تنزع طبيعيا الى الارتباط بالله خالقها و وليها الحق. فالشرك اما انه يقف عائقا امام ذلك الارتباط او على اقل يحد منه. و لا شك ان ذلك يعد قتلا للنفس. و الدليل على ذلك ان الشرك بالله يؤدي حتما الى تعذيب النفس من خلال حرمانها من الغذاء الكافي او اللباس الواقي او السكن المناسب. و من ينظر الى غالبية الاديان العالمية غير الاسلام و خصوصا تلك الاديان الشركية تجعل تعذيب النفس وسيلة للتقرب للآلهة المزعومة. فالرقي الروحي عند هؤلاء لا يمكن ان يتحقق الا اذا تم تعذيب النفس الى درجة تجعلها غير قادرة على الاستمتاع بطيبات الحياة. و من لا يصدق ذلك فما عليه الا ان ينظر حتى ولو نظرة سريعة على اسس و مقومات هذه الاديان فسيجد ان اول اساس لها هو عدم تمكين النفس من الحصول على القدر المعقول من متطلبات استقرارها و طمأنينتها. و الاكثر استغرابا من ذلك ان هذه الاديان تحرم النفس البشرية من حقها في التمتع بطبيبات الحياة و تحثها في نفس الوقت على التخلي بما لديها من سلع او اموال للآلهة المزعومة. و هنا يظهر التناقض العجيب فاذا كان البشر في الاساس يبررون تدينهم بضعفهم و احتياجهم لهذه القوى الكبيرة فإن البشر في نفس الوقت هم الذي يضحون من اجلها. انه لتناقض كبيرة يشير الى اي مدى يمكن ان يغيب العقل و المنطق الانساني. و من اجل ذلك فإن القرآن قد اعلنها مدوية ان الله الاله الحق الذي خلق الكون و الانسان لم يطلب من الانسان الرزق. فالانسان في حقيقة الامر هو الذي يطلب من الله الرزق. و لا شك ان ذلك يجب ان يكون معيارا واضحا للتفرقة بين الاله الحق و الدين الحق و الالهة الباطلة و الاديان الباطلة. لم يكتفي القرآن بذلك فإنه قد حرم الشرك و حرم قتل النفس في اية واحدة و في آيات منفردة. قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وصآكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151). لم يكتفي القرآن بذلك فإنه قد فصل ووضح الاليات و الطرق التي يؤدي فيها الشرك الى قتل النفس التي حرم الله. وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) وَقَالُواْ هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاء عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (140) سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150). الله سبحانه و تعالى يطعم و لا يطعم لكنهم من اجل تبرير احتياج آلهتهم او من هم حول الهتهم للطعام فقالوا اننا نقدم الطعام الى الله و الى آلهتنا. لكن القرآن قد دحض ادعائهم هذا على اعتبار أنه كذب و تضليل مقيت. فما ادعوه انه لله فلا يصل الى الله لعلمهم ان الله لا يحتاج الى ذلك بل انه باعترافهم يصل الى شركائهم. و بذلك فإنه قد افتروا على الله الكذب الواضح. و كانت النتيجة الواضحة لذلك هو حرمانهم لاحتياجات اطفالهم و تقديم المنتفعين من الهتهم عليهم. و على الرغم من المنتفعين من شركهم يعلمون هذه الحقيقة فإنهم لا يتوانون عن حثهم على تقديم المزيد من السلع التي يحتاجها هؤلاء و اطفالهم الى آلهتهم اي الى انفسهم. و رغم ذلك فإن المشركين لم يعقلوا و لم يسألوا انفسهم لماذا يقومون بذلك مع انهم قد اوهمهم المتنفذون ان هذه الآلهة هي التي ترزقهم. فاذا كانت قادرة على ذلك فلماذا لا ترزق نفسها او من يقوم بخدمتها بدلا من منافستها للضعفاء من اتباعاها؟ ان هذه الخدعة لم تنطل فقط على مشركي العرب بل انها قد استخدمت في تبرير تحريف ديانة كبيرة في التاريخ البشري اي الدين اليهودي. وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146) فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147). فقد حرموا على انفسهم وفقا لأهوائهم و اتهموا الله سبحانه و تعالى بذلك. و بذلك فإنهم قد ارتكبوا اثما كبيرا. فهم يعرفون الله و يقرون به ومع ذلك يمارسون الكذب عليه. فالله سبحانه و تعالى ما خلق الحياة الا من اجل ان تستمتع بما سخر لها. وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (142) ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (145). فالله قد خلق الحياة و هو يعلم احتياجاتها الحقوقية و قد وفر لها ما تحتاج بل ما يزيد على ذلك. و بالتالي فإنه لا مبرر لانتهاك حق الانسان في الحياة بمعناها الواسع تحت اي تبرير حتى لو كان هذا التبرير يرتدي عباءة الدين و التدين. وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94). يتبع