خطى حثيثة هى ما شهدتها عملية إعادة هيكلة الأمن والجيش خلال الأيام والأسابيع الماضية.. تأتي ذلك استيعاباً كاملاً لهذه العملية كإحدى أبرز الضرورات الوطنية لاستعادة الدولة هيبتها وحفظ كرامة مواطنيها.. إضافة لأهميتها في الصراع ضد تنظيم القاعدة، كما تأتي استيعاباً لهدف من أهداف الثورة الشبابية السلمية التي اندلعت في ال(11) من فبراير من العام المنصرم. ففي جانب إعادة تنظيم وهيكلة وزارة الداخلية كان فريق إعادة تنظيم وهيكلة وزارة الداخلية برئاسة عضو اللجنة العسكرية رئيس الفريق اللواء الدكتور رياض عبدالحبيب القرشي على موعد للالتقاء بفريق من خبراء الاتحاد الأوروبي برئاسة الخبير جوناثان مكايفر بصنعاء، بحثوا خلاله جملة من الإجراءات التي شرع بها فريق إعادة تنظيم وهيكلة وزارة الداخلية والفرق الفنية التابعة لها في تنفيذها, والإجراءات التي اتخذت خلال الفترة الماضية في عملية جمع المعلومات والبيانات من مختلف محافظات ومديريات الجمهورية؛ لإعادة تبويبها وتصنيفها بشكل عملي ومهني في قاعدة بيانات صحيحة وسليمة تخدم عملية الأمن والاستقرار. نقاط ضعف وقوة في الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية هي التي تم بحثها, إضافة لإجراءات العملية لإنجاز الخطة الاستراتيجية ضمن الخطة المزمنة لبرنامج عمل الفريق وإقرار ما أنجزه الفريق حول السياسة الأمنية ودورها في تمكين الفريق من الوصول إلى إعادة تنظيم وهيكلة الوزارة بفروعها المختلفة وفق أسس علمية ومهنية. أما في مجال الجيش فإن جهوداً أوضح هي التي يمكن ملاحظتها والشعور بها؛ حيث كانت حزمة قرارات وُصفت بالثورية هي ما أصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي؛ اقتطع بموجبها ألوية كاملة من الحرس الجمهوري، وأخرى تابعة للفرقة الأولى مدرع، ما يحد من القوة العسكرية لكلا الطرفين. وهي القرارات التي نصت على تشكيل كيان جديد هو «الحماية الرئاسية»، على أن تتشكل هذه القوة من اللواء 314 التابع للفرقة الأولى مدرع، ومن اللواء الأول والثاني والثالث في الحرس الجمهوري. وبحسب القرار الرئاسي، ستتبع الألوية التي تم فصلها عملياتياً رئاسة الجمهورية، وتتمتع باستقلالية إدارية ومالية، على أن «تفصل جميع عهد الألوية المذكورة من حساب الفرقة الأولى مدرع والحرس الجمهوري، وتفتح لكل منها سجلات حساب مستقلة، وتعامل في كافة جوانب التأمينات كوحدات أم بحسب النظام الإداري الثابت». وفي السياق نفسه، أصدر الرئيس اليمني قرارات أخرى قضت بإلحاق ألوية من الفرقة الأولى مدرع والحرس الجمهوري إلى قيادة المناطق العسكرية العاملة فيها «على طريق إعادة هيكلة القوات المسلحة وتشكيلها بما يخدم توحيد قرار مسرح العمليات العسكرية». فعلى سبيل المثال، يلحق اللواء 119 مشاة التابع للفرقة الأولى مدرع، بقيادة المنطقة العسكرية الجنوبية، وهي المنطقة التي يعمل فيها هذا اللواء.. وكذلك يلحق اللواء 22 في الحرس الجمهوري بقيادة المنطقة العسكرية الجنوبية. وشملت هذه القرارات سبعة ألوية على أن تتبع «قيادة المناطق العسكرية» العاملة فيها «عملياتياً وتتمتع كل منها باستقلالية إدارية ومالية أسوة بالألوية في المناطق العسكرية».. وفي الوقت الذي لقيت فيه هذه القرارات تأييداً وترحيباً شعبياً واسعين، فإن مطالب أخرى لاتزال تطالب الفئات الشبابية والشعبية بتحقيقها ممثلة بإقالة بقية أفراد عائلة الرئيس السابق، وأن يكون اختيار المناصب في هذه المؤسسة الهامة حسب معايير الكفاءة والقدرة لا حسب الانتماء الحزبي أو العائلي أو الولاء الشخصي، وإعادة هيكلة الجيش والأمن، وبما يحقق أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية، وبما يضمن ارتقاء سهام الجيش لما يخدم حماية الوطن وسلامة أبناء الشعب، وذلك من خلال دمج الوحدات المتجانسة والاستغناء عن الأجهزة العبثية التي لا توجد مهام حقيقية لها في تحقيق الأمن والاستقرار، وإخراج الجيش من المدن وإعادة نشر مواقعه بما يخدم هدف حماية اليمن والدفاع عنها، وكذا حظر تدخل الجيش والأمن في العملية الانتخابية، ووضع شروط لتعيين القيادات العسكرية والأمنية، منها ألاّ يكون قد تلطخت يداه بدماء أبناء الشعب اليمني.. وكذا إعاده دمج قوات الأمن المركزي والأمن العام والنجدة تحت قيادة واحدة وبتحديد نوع أسلحتهم وطبيعة مهامهم، وتفعيل دور الاستخبارات، فيجب عدم تهميشها كما كان سابقاً، وأن تكون «دائرة الاستخبارات العسكرية متواجدة في جميع الوحدات العسكرية لممارسه مهامها»، وأن يتم تحديد طبيعة ونوع عمل جهاز «الأمن القومي» أو يتم دمجه مع جهاز الأمن السياسي، وذلك بما يخدم اليمن تحت قيادة وزارة الداخلية.. كل تلك الخطوات الهامة من شأنها أن ترتقي بمستوى المؤسستين العسكرية والأمنية، وتعيد بنائها على أسس علمية وحديثة تواكب أحدث الجيوش العالمية تطوراً ورقياً. كما من شأن التحديث والتطوير أن يضمن للشعب وجود مؤسسة قوية؛ تسهر على حمايته وتذود عن مكتسباته، وتقف جنباً إلى جنب مع حلم الشعب وتطلعاته في بناء الدولة المدنية الحديثة.